تجدّد: إنهاء الحرب الحل الوحيد لوقف شلال الدم وللحزب نقول كفى
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
عقدت كتلة "تجدد" مؤتمرا صحافيا قبل ظهر اليوم ناقشت في خلاله التطورات في ظل الظروف الراهنة في لبنان والمنطقة، في مقرها في سن الفيل . بعد ذلك تلا النائب ميشال معوض البيان الاتي: "باسمي وباسم زملائي وشركائي في كتلة تجدد، اللواء أشرف ريفي والنائب فؤاد مخزومي، وفي هذه اللحظة الحاسمة والمصيرية من تاريخ لبنان، أتوجه إلى كل اللبنانيات واللبنانيين، من كل الانتماءات والمشارب الطائفية والسياسية والاجتماعية والفكرية (لأنو شو ما كانت خلافاتنا بتبقى حقيقة ثابتة .
وقال:"حرب حصدت أكثر من ٥٠٠٠ جريح، حرب حرقت الأرزاق ودمرت القرى والمدن، حرب هجرت أهلنا من الجنوب والبقاع وشردتهم وذلتهم، حرب هددت العام الدراسي، حرب دمرت الاقتصاد اللبناني وكبدته مليارات الدولارات، في وقت اللبنانيون من دون كهرباء والمودعون سرقت أموالهم، (والعسكري عم نشحدلو ١٠٠ دولار بالشهر من دول العالم والاستاذ والقاضي وموظفي القطاع العام طار تقاعدهم وعم نفتش بالسراج والفتيلة تنلاقي ٥ ملايين دولار بالموازنة للجامعة اللبنانية). حرب تكرار المآسي والخيبات وفقدان الأمل. حرب تدور على وقع تعطيل المؤسسات الدستورية، بغياب وتغييب رئاسة الجمهورية وفي ظل حكومة مستقيلة من مسؤولياتها الوطنية، أصبحت وظيفتها الوحيدة أن تكون الصدى لمشروع حزب الله في الداخل وفي المحافل الدولية، حرب تدور على وقع مجلس نيابي مقفل بقرار من رئيسه، مقفل حتى في وجه مناقشة ما يتعرض له لبنان من عدوان ومخاطر وجودية، حرب قررها حزب الله وجرنا إليها وهو مصر على السير بطريق الانتحار الذي ينحر كل لبنان. (على وقع قد ما بدكن شعارات):
- قوة الردع وتوازن الرعب؟ أين هو هذا الردع؟ أين هو...
- إفشال أهداف إسرائيل؟ في حين أن هدفنا وقف إراقة الدماء وإعادة أهالي الجنوب والبقاع إلى قراهم آمنين، لا أن نتغنى بنزوح المستوطنين الاسرائيليين.
- إسناد غزة؟ كلنا داعمون للقضية الفلسطينية، فلا يزايدن علينا أحد ولكن فليفسروا لنا أين دعم غزة التي لم يبق منها شيء، وهل طريق غزة تمر بتدمير لبنان؟ ولماذا يدفع لبنان الثمن وحيدا ودائما، فبالنسبة لأي وطني لبناني يجب أن يبقى لبنان أولا، تماما كما إيران اولا الايرانيين، والعراق اولا للعراقيين، وسوريا اولا للسوريين، والاردن اولا للاردنيين، ومصر اولا للمصريين".
أضاف:"أصبح من الواضح أن هذه الشعارات كلها شعارات كاذبة وان هذه الحرب هي حرب الاستثمار الممانع بأشلاء اللبنانيين لتحسين ظروف ايران في مفاوضاتها ومحاصصاتها المستمرة على حسابنا. امام كل هذه التطورات الخطيرة، وفي وقت شعبنا يموت ولبنان يتمزق، هل مسموح ان نكتفي مثل ما يريد البعض، بالسكوت والتضامن الانساني؟ تضامننا الانساني كلبنانيين خارج النقاش والمزايدة. هو فعل ايمان بالعيش معا، نترجمه كل يوم الى افعال مثل الكثير من اللبنانيين عبر مؤسساتنا وعملنا من دون تمنين ولا تبخير. هنا اسمحوا لي أن اقول، حذارِ! من تسلل السلاح والمقاتلين بين النازحين! ما يشكل خطرا دائما على المجتمعات المضيفة وحذارِ من انفلات ممارسات التعدي من بعض الشبيحة على املاك الناس واحتلالها. الحكومة والجيش مطالبان باتخاذ اجراءات فورية وحاسمة (لانو هيدا بياخدنا على غير محل) التضامن الانساني واجب وفعل ايمان انما وحده لن يوقف عداد الموت والدمار والنزوح والهجرة. امام كل هذه التطورات هل هو مسموح ان نكتفي مثل ما يفعل البعض بتعداد الجرائم التي تمارسها اسرائيل في لبنان وفي غزة امام العالم اجمع؟ هذه الحقيقة نعرفها منذ زمن وهذا التعداد على اهميته لن يوقف عداد الموت والدمار".
تابع:"هناك حل واحد لوقف شلال الدم ومنع انحلال لبنان الوطن والدولة والقضية: وقف الحرب فورا قبل فوات الاوان. وهذا يتطلب:
اولا: يلي رافضين الحرب من قوى نيابية وغير نيابية يجتمعوا ويرفعوا صوتن ويقولوها بوضوح، لا مكان في هذه الظروف للحسابات السلطوية الضيقة وللوسطية المزيفة! الساكت يتحمل بسكوته مسؤولية الدم والدمار وانهاء لبنان.
ثانيا: مد اليد لتضامن وطني غير مصطنع لا يستثني احدا حماية للبنان واللبنانيين، نمد اليد، يد الشجعان باسم الذين استشهدوا من اجل لبنان الوطن والدولة وباسم الذين لم يقتلوا بعد! والمتمسكين بالحياة وبالعيش بكرامة وبعزة واستقرار وطمأنينة على هذه الارض. اليد ممدودة للتضامن الوطني الذي هو تضامن حول الوطن يعني حول لبنان واولوية المصلحة اللبنانية. يدنا ليست ممدودة للالتحاق بمشروع حزب الله الانتحاري، وليست ممدودة للذهاب الى الموت والدمار، وليست ممدودة لتحويل لبنان ارض صراع بين ايران واسرائيل، وليست ممدودة لتكرار تجربة ال ٢٠٠٦ وما تبعها من انقلاب على الدولة واغتيالات واجتياح دموي للآمنين في بيروت والجبل. يدنا ممدودة للتضامن وليس للاذعان".
أضاف:"لقاء اللبنانيين يكون بين متساوين في منتصف الطريق على قاعدة العودة الى لبنان وحمايته والعودة الى مشروع الدولة، فقد برهنت الاحداث وسقوط الشعارات والاوهام انها تشكل قوة لبنان (لبنان قوي بدولته) وانها وحدها تحمي كل اللبنانيين . من هذا المنطلق المطلوب الآن لوقف المأساة:
اولا: وقف الحرب فورا والاستفادة من الضغط الدولي على اسرائيل. وقف اطلاق النار قبل ان نصبح لوحدنا بالكامل وهذا يتطلب عمليا وضع حد لربط لبنان بحماس. خدمة للمشروع الايراني وفصل لبنان عن اي محور اقليمي
ثانيا: التطبيق الشامل للقرار ١٧٠١ بكل مندرجاته وهذا يعني:
- وقف الاعمال الحربية على جانبي الحدود
- اعلان حالة الطوارئ في كل لبنان ونشر الجيش في الجنوب بمساندة قوات اليونيفيل وعلى كامل الاراضي اللبنانية
- تسليم الجيش وضبط كل الحدود والمعابر وتطبيق القرار ١٦٨٠
- حصر السلاح والقرار الاستراتيجي بالدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية تطبيقا للطائف وللقرار ١٥٥٩.
ثالثا: هذا يتطلب ايضا اعادة تكوين السلطة لمواكبة المسار الانقاذي بدءا من انتخاب رئيسا للجمهورية، من هنا نطالب الرئيس نبيه بري بفتح المجلس فورا امام انتخاب الرئيس بجلسة مفتوحة بدورات متتالية والكف عن تعطيل النصاب. ومن ثم تشكيل حكومة اولويتها استعادة السيادة والاستقرار والشروع بالاصلاح واطلاق عجلة الاقتصاد".
ختم: "الى حزب الله نقول: كفى، كفانا رهانات وكفانا مغامرات، كفانا شعارات مدمرة، وانكارا للحقائق، كفانا تخوين واستكبار وانقسام وكراهية (لبنان وحدو بيحمينا كلنا والدولة وحدها بتحمينا كلنا). جرنا الى الانتحار الجماعي ليس بطولة بل البطولة والشجاعة الاعتراف بالخطأ وتصحيحه. كل قطرة دم لبنانية اغلى من كل هذه الرهانات. لبنان ينتظرنا حان الوقت ان نتلاقى كلنا تحت سقف دولته ودستوره وأرزته قبل فوات الأوان".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذه الحرب حزب الله
إقرأ أيضاً:
السودان وجنوب السودان: حتاما نساري “الدم” في الظلم (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
كانت دولة جنوب السودان كإقليم في السودان معملاً كبيراً لنظرية العرق النقدية في الحرب السودانية، وأهاج أهلها خبر قتل جماعة من مواطنيها العالقين في السودان منذ الانفصال في 2011 بتهمة الارتزاق مع "الدعم السريع" واستنكرته حكومتهم.
ربما لم تكن عبارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطاب تنصيبه عن تصفية الليبرالية في المجتمع والدولة في قوة عبارة الرئيس رونالد ريغان، "مستر غورباتشوف اهدم هذا الحائط" التي انطوت بها خيم النظم الشيوعية. ولكن هدم ترمب بعبارته أعمدة العقيدة الليبرالية بلا مواربة. فقال إنه سينهي إشاعة الهندسة الاجتماعية للعرق والجندر في شأنهم العام والخاص. وسيقيم مجتمعاً كفيف البصر حيال اللون وقائماً على مكافأة من أحسن صنعاً. وعليه ستقوم سياسة الدولة على أن هناك نوعين من البشر ذكراً وأنثى.
حديث ترمب هذا يمثل طياً لخيم الليبراليين، أي لنظرياتهم في الهوية والشوكة مثل "الهويات المتقاطعة" (1989)، و"الووك" (2014)، وأشهرها "نظرية العرق النقدية" (آخر السبعينيات أوائل الثمانينيات). وجميعها تلتقي في الاعتراف بالفوارق العرقية سليلة التاريخ الأميركي التي لا تزال قائمة حتى بنهوض حركة الحقوق المدنية للسود الأميركيين. والأخيرة هي النظرية التي تقول إن العرقية ليست نتاج حزازة شخصية للفرد في جماعة ما ضد جماعة أخرى، بل هي ضغينة متوطنة في النظام القانوني والشوكة السياسية والثقافية.
وتريد هذه النظريات الكشف عن هذه المنطويات في التاريخ والواقع لتوضيح كيف تنظلم جماعات من الناس من هذه العرقية بقصد إنهاء آثارها الضارة وبناء عالم عادل وصحي للجميع. وامتد أثر النظرية ليشمل النساء والمثليين. وهي عند المحافظين نظريات هدامة مبالغة تدس بين القوم وتنبش التاريخ لتخجل به قوماً حيال قوم. وتتحول إلى شرطي يتعقب العبارة وصحتها السياسية. ووصف ترمب النظام الأميركي بأنه المكافئ لمن أحسن عملاً من أين جاء مما أراد به الكف عن التوسل بهذه الهويات الأصاغر في مثل التمييز الإيجابي للإحسان، فالإحسان في أميركا لمن أحسن عملاً بلا نظر لعرقه أو نوعه.
لم يجف مداد كلمة ترمب التي هدم فيها أعمدة الليبرالية حتى دخلت دولة جنوب السودان التي كانت كإقليم في السودان معملاً كبيراً لنظرية العرق النقدية في الحرب السودانية. فقد أهاج أهلها خبر قتل جماعة من مواطنيها العالقين في السودان منذ الانفصال في 2011 بتهمة الارتزاق مع "الدعم السريع"، واستنكرته حكومتهم. وساد بين الليبراليين في الشمال، ممن ينتسبون إلى تنسيقية القوى الديمقراطية والتقدمية "تقدم"، أو من حولها، خطاب بدا أنه لم يتصالح بعد مع حقيقة أن السودان صار سودانين اثنين. فظلوا يسمون قرار اعتزال الجنوب للسودان "انفصالاً"، وهي الكلمة البغيضة في القاموس السياسي منذ عهد الاستعمار الذي أدار جنوب السودان بمعزل عن بقية القطر تمهيداً لضمه إلى شرق أفريقيا بما عرف بـ"سياسة المناطق المقفولة". ولا يجد مواطنو جنوب السودان حرجاً في تسمية ما هم فيه "استقلالاً" يعدونه فخراً، ناهيك باستهجان بعضهم أن يوصف استقلالهم هذا بغير ما أرادوا له أن يسمى.
وبينما أحسن هذا الخطاب السوداني الليبرالي حقاً في شجب مقاتل تلك الجماعة الجنوب سودانية، إلا أنه استنكر إخضاع النظر إليها في واقع في الحرب التي نهضت الشواهد على توظيف لمواطني جنوب السودان العالقين وغير العالقين في الحرب إلى جانب "الدعم السريع". فتداولت الوسائط منذ أشهر فيديو لخطيب منهم، بدا كمقاول أنفار، بين جماعة غزيرة من مواطني جنوب السودان يطابق بين "الدعم السريع" وعقيدة السودان الجديد التي كانت عنوان الحركة الشعبية لتحرير السودان ضد دولة 1956، بل أنهى حديثه بـ"دعم سريع وي وي" وهي مما كانت تختم به حشود الحركة الشعبية.
من أفدح ما وقع في هذه المواجهة السودانية - الجنوب سودانية هو استباحة دم السودانيين في جنوب السودان ومالهم في الشغب الذي جرى، بعد سماع مواطني جنوب السودان خبر قتل بعض مواطنيهم في الجار الشمالي. وبدا من عبارات لبعض السودانيين الجنوبيين في الشغب وكأنهم يصفون ما زال حساباً قديماً ضد أبناء الشمال-السودان حين كان البلد واحداً. فكأن مقتل جماعة منهم في سياق الحرب، بغض النظر عن سببه، هو نسخة أخيرة لمقاتلهم في الشمال منذ استقلاله. وينسون هنا أنهم صاروا بلداً مستقلاً بإرادتهم وعزائمهم سواء في ميدان السياسة والحرب ومن فوق حق تقرير المصير، ذؤابة الحرية، في 2011.
وما حال دونهم والتفكير في السودان كدولة مستقلة، حتى لو أخطأت في حق بعض مواطنيهم، هي ثقافة المظلمة التي نشأوا عليها تذيعها الصفوة الليبرالية الشمالية. ونواصل.
ibrahima@missouri.edu