رئيس التجمع السياحي بالقدس: السياحة منهكة وإجراءات وأدِها مستمرة
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
القدس المحتلة- تعتبر السياحة إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد في مدينة القدس المحتلة، وأنعش الشق الديني منها المدينة على مر العقود، لكن مع تذبذب الأوضاع الأمنية وتدهورها في كثير من الأحيان يتعرض هذا القطاع لانتكاسات متكررة كانت وما تزال لها تداعيات كارثية على كافة التخصصات المرتبطة بالسياحة.
وبمناسبة اليوم الدولي للسياحة الذي أقرته منظمة السياحة العالمية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979، واختير 27 سبتمبر/أيلول للاحتفال بهذه المناسبة سنويا، توجهت الجزيرة نت إلى رئيس التجمع السياحي المقدسي رائد سعادة، لتفتح ملف السياحة بالمدينة.
وتحت شعار "السياحة والسلام"، يسلط يوم السياحة العالمي لعام 2024، الضوء على الدور الحيوي لهذا القطاع في تعزيز السلام والتفاهم بين الأمم والثقافات وفي دعم عمليات المصالحة وفقا للموقع الإلكتروني للأمم المتحدة.
وفيما يلي نص الحوار مع رئيس التجمع:
سعادة: القدرة الاستيعابية لفنادق القدس انخفضت إلى أكثر من النصف بعد حرب 1967 (الجزيرة) بداية إلى أي مدى تعتبر السياحة ركيزة أساسية للاقتصاد في القدس المحتلة؟بالتأكيد تعد السياحة ركيزة أساسية لاقتصاد المدينة، وذلك بناء على موروثها الثقافي الملموس وغير الملموس، والرمزية الدينية التي اعتمدت السياحة عليها منذ القدم.
القدس تروي للسائح قصة حضارية تاريخية غنية بالثقافات والديانات والإثنيات، وبالتالي فإن المقدسيين استثمروا في هذا القطاع بشكل تلقائي لكنهم ركزوا على الجانب الديني ولم يستثمروا بالسياحة الثقافية التي تعتبر كنزا آخرا موازيا للسياحة الدينية.
على ماذا اعتمدت السياحة في القدس قديما، فبالإضافة إلى أن المدينة جاذبة هل كانت الحرف اليدوية على سبيل المثال عامل جذب للسياحة الداخلية والخارجية، وما تلك الحرف؟كانت القدس تشتهر بـ13 حرفة يدوية، لكنها برزت بسبب حاجة الناس إليها وليس لأن المدينة تعتمد على السياحة.
كان الحرفيون ينتجون الأدوات المطلوبة في بيوت المقدسيين كالنحاس والسجاد والزجاج والجلد والفرش العربي والصابون وغيرها، وكان الفلسطينيون يقصدون المدينة من المحافظات الأخرى لشراء هذه المنتجات اليدوية.
لكن مع تغير متطلبات السوق اضطر الحرفيون لتغيير تخصصاتهم، ثم باتوا يستوردون البضائع الجاهزة وهكذا اندثرت الحرف، لأن التنافس في السوق اقتصر على الأسعار وليس على الميزة التي يتمتع بها المنتج وهي أنه صنع في القدس وبأيد فلسطينية.
حضور فلسطينيي 48 أكثر محرك لأسواق القدس القديمة خاصة في شهر رمضان (الجزيرة) إلى أي مدى شجع الحراك السياحي المقدسيين على الاستثمار في بناء فنادق ومرفقات ومطاعم في المدينة؟لا شك أن الناس حاولت الاستثمار وبنت الفنادق لكن بعد حرب عام 1967 التي احتلت فيها إسرائيل شرقي القدس بُني فندق واحد جديد فقط وهو فندق "الدّار".
لم تسمح إسرائيل بالتوسع العمراني في القدس، وصادرت الكثير من الأراضي، وما تبقى منها كان من الصعب على المقدسي إثبات ملكيته له، لأنها غير مسجلة في سجلّ الأراضي (الطابو).
وإذا ما أثبت المقدسي حقه في الملكية فإنه سيجد صعوبة في استصدار رخصة لبناء فندق ثم في تكاليف هذه الرخصة ولاحقا تكاليف البناء.
وبالتالي فإن القدرة الاستيعابية لفنادق القدس انخفضت إلى أكثر من النصف بعد حرب النكسة، إذ كان يوجد لدينا 4 آلاف غرفة فندقية موزعة على نحو 40 فندقا، واليوم يوجد لدينا 1200 غرفة فقط موزعة على 24 فندقا، وهذا العدد لا يشمل الأنزال السياحية التابعة للكنائس.
ومقابل هذا الرقم المتواضع فإن الفنادق الإسرائيلية في شقي المدينة الشرقي والغربي تضم 9 آلاف غرفة موزعة على عشرات الفنادق، رغم أن عددها لم يتجاوز ألف غرفة قبل عام 1967.
عدد المطاعم تضاءل أيضا في محيط البلدة القديمة بعد سماح إسرائيل للمقدسيين بالاستثمار والبناء في ضواحي المدينة، وهرب هؤلاء من الإجراءات التعسفية بالإضافة للانتكاسات السياحية التي كانت تعصف دائما بالعتيقة ومحيطها.
دعوات لتوسيع السياحة في القدس إلى ما هو أبعد من السياحة الدينية (الجزيرة) دعنا نركز أكثر على هذا العام المفصلي.. لو نقارن بين السياحة في القدس قبل عام 1967 وبعده؟لم تغلق الفنادق أبوابها بُعيد انتهاء الحرب لكنها أُغلقت بسبب الخسائر التراكمية والمباشرة الناتجة عن مجموعة من الإجراءات الإسرائيلية، فعلى سبيل المثال لا توجد مواقف للمركبات في القدس، ولا يسمح للحافلات التي تقل السياح بالتوقف أمام الفنادق لإنزال زوار المدينة وحقائبهم، ويُخالف كل من يفعل ذلك.
ليس هذا فحسب بل إن كل حرب اندلعت مثل حرب الخليج الأولى والثانية، والحروب على لبنان وغزة والانتفاضتين الأولى والثانية والهبّات الشعبية في القدس وجائحة كورونا والحرب الحالية كل ذلك أصاب السياحة في مقتل.
أما عام 2000 فقد كان مفصليا لأن اقتحام أرييل شارون للأقصى تزامن مع مجموعة من الممارسات الإسرائيلية التي تم اتّباعها في المدينة بعد اتفاقية أوسلو، كفصل الضفة الغربية عن القدس، وبناء الجدار العازل لاحقا وتطويق المدينة وقطع السياحة الداخلية عنها.
أذكر قديما أن أهالي الضفة الغربية كانوا يقيمون أفراحهم في القدس، وكانت المدينة تنتعش أيضا بما يطلق عليها سياحة المؤتمرات والاجتماعات القادمة من الضفة أيضا لكن كل ذلك انقطع بسبب الحواجز العسكرية والجدار العازل.
كيف كنتم تتعاملون وما زلتم مع كل هذه التحديات والانتكاسات؟الانتكاسات زرعت البذرة لضرورة التفكير بتغيير طبيعة السياحة وضرورة التفكير بالحفاظ على الموروث الثقافي الفلسطيني والهوية الفلسطينية دون أن تكون السياحة عبارة عن تقديم خدمات فقط دون عمق معين.
شعرنا بضرورة أن يكون للسياحة في القدس دور أعمق بالتركيز على القدرة التنافسية لأنه لا مثيل لمدينة القدس في العالم أجمع.
لولا السياحة الإسلامية التي تطورت بعد عام 2000 لبقي في القدس الآن 5 فنادق لا أكثر، لكن يجب أن نطور السياحة الثقافية لتوسيع إمكانيات السياحة المحلية أمام كل فلسطيني يمكنه الوصول.
نريد أن يتعرف كل شخص على القدس بشكل أعمق.. الأبنية والمطلات وفن الطهي والمراكز الثقافية والمسرح والمعالم. ولحسن الحظ فإن مدينتنا غنية بكل ذلك.
لابد من الاستثمار وتحويل بعض المناطق إلى مناطق سياحية جاذبة كسوق القطانين مثلا الذي يعتبر أحد الممرات المؤدية للمسجد الأقصى، ولابد من الاستفادة من المساحات المتوفرة لدينا سواء تلك التابعة للمدارس أو الأديرة أو المساجد.
وفود يهودية أوروبية تتجول بالأقصى ضمن السياحة بالقدس المحتلة (الجزيرة-أرشيف) وما الذي يعيق تحقيق ذلك؟عدم القدرة الفلسطينية على التفكير بشكل وحدوي وباتجاه معين، ومن يساهم في تشتيت ذلك هو طبيعة التمويل لأن المؤسسات التي تستثمر بالموروث الثقافي والشباب غير ربحية، وتعتمد على التمويل فقط وهذا يجعل المؤسسات تدور حول نفسها دون تقدم.
الجميع لديه برامج وأنشطة وينفذها باستمرار، لكن كم استطعنا أن نأخذ القدس إلى الأمام من خلال هذه البرامج منذ عام 1990 حتى الآن؟ لا بل إننا شهدنا تراجعا في بعض المساحات ولذلك يجب أن يكون هناك تنسيق بين المؤسسات.
وهل هذا أحد الأسباب التي دفعتكم لتأسيس التجمع السياحي المقدسي؟صحيح، بدأنا التفكير بتأسيسه عام 2005 وأردنا أن يضم كافة المؤسسات التي تتقاطع مع السياحة من مؤسسات ثقافية ودينية وغيرها، لكن بعض الناس شعروا أن التجمع سيتنافس مع وجودهم، وبالتالي تراجعنا وقررنا أن يستثمر التجمع السياحي في الموروث الثقافي الملموس وغير الملموس من خلال أسس السياحة المجتمعية، فقلنا إن السياحة ليست ملكا للسياحيين بل للمجتمع بأكمله.
ومن خلال هذه المقولة بدأنا نستثمر ونعمل مع فئات مختلفة وهذا الفكر انتشر في بعض المؤسسات التي بدأت تستثمر بهذا الجانب.
مشكلتنا الأساسية التمويل، لأنه لا يمكننا الاستمرار في تحقيق الأهداف الإستراتيجية إذا لم يكن هناك تمويل مستمر، وبمجرد اندلاع أي حرب فإن التمويل المرصود للتنمية يتحول فورا للإغاثة، وهكذا بات القارب يتأرجح والبعض يسقط منه والآخر يتخبط.. وهذا هو حال السياحة.
تواجهون أيضا معضلة زرع الرواية الإسرائيلية المشوهة في عقول السياح عن الأماكن في القدس، كيف تواجهون ذلك؟
نحن ضعفاء أمام هذه الرواية لعدة أسباب أولها أنه لا يوجد تمويل ولا تنظيم ولا مظلة لنا، وحاولنا أن يكون لنا مظلة للقطاع السياحي ونسجلها في القانون الإسرائيلي لنحمي البرنامج لكن الإسرائيليين رفضوا واعتبروا أن هذه المظلة هي ذراع للسلطة الفلسطينية في المدينة.
مشكلة أخرى نواجهها هي أنه بمجرد كتابة المسجد الأقصى في أي محرك بحث على الإنترنت، قد نجد 20 موقعا إلكترونيا إسرائيليا تتحدث عن جماليات المكان وتاريخه من منظور إسرائيلي، ونجد بالمقابل 10 مواقع فلسطينية أو عربية تُدرج أخبار اقتحامات المستوطنين للمسجد والمشكلات التي ترافق اقتحامهم، وبالتالي الصورة التي نُصدّرها للعالم هي غالبا السلبية بينما تُدرج المواقع الإسرائيلية المعلومة الجاذبة.
الاقتحامات والمشاكل والتحديات مهمة لكن إيصال المعلومات التاريخية الجاذبة في مرحلة معينة مهم أيضا ويجب عدم الخلط بينهما.
نستقبل في القدس سياحا يندرجون تحت مظلة السياحة السياسية أو التضامنية، ويريد هؤلاء رؤية المستوطنات والجدار العازل والمخيمات والحواجز العسكرية، لكن السائح العادي لا يريد أن يرى كل ذلك بل يريد أن يسمع عن التاريخ والحضارة ويرى الجماليات وقبل كل ذلك أن يشعر بالأمان.
نريد أن نُعرّف السياح على ثقافتنا وفن أكلاتنا وقصصنا وقصص أجدادنا وإبداعات أبنائنا، لكن كل ذلك يحتاج لتضافر الجهود وللتمويل ولتمرير كنوز القدس إلى الجيل الناشئ من خلال برامج معينة في المدارس.
الوجود الإسرائيلي هو وجود احتلالي والرواية هدفها تمرير وتوزيع أفكار ورسائل معينة من خلال الأدلّاء السياحيين، ونحن لا نقوى على تغيير هذه الرواية بشكل مباشر، لكننا نصطحب السياح إلى مقر الجالية الأفريقية في البلدة القديمة مثلا ونطلب من أبناء الجالية أن يتكلموا عن الواقع ونتركهم يمررون ما يريدون.
في اليوم العالمي للسياحة، كيف يمكن النهوض بهذا القطاع في المدينة المقدسة؟
الأمر يتطلب جهودًا تنسيقية حقيقية وجادة، وهذه الجهود يجب أن تكون مدعومة من صناع القرار خاصة المرتبطين بالتمويل، ودون ذلك سنبقى في دوامة تشتيتٍ نتائجها واضحة منذ تسعينيات القرن الماضي حتى اليوم، وكل جهودنا تأثيرها بطيء.
لننجح يجب أن نعمل بشكل مشترك ونبحث عن فعاليات تجذب أهالي المدينة أنفسهم، كفعالية إضاءة فانوس رمضان بالبلدة القديمة كل عام، وإضاءة شجرة الميلاد، بالإضافة للاستثمار في مقاصد سياحية إما أسواق جاذبة أو شوارع فيها معالم أو مساحات فارغة ومنازل عريقة، ويتزامن إطلاق هذه الفعاليات والأنشطة مع تسويق قوي بعد البحث وإحكام تمرير الرواية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القدس المحتلة السیاحة فی فی المدینة هذا القطاع فی القدس من خلال کل ذلک یجب أن
إقرأ أيضاً:
رئيس لجنة شؤون الأسرى لـ “الثورة نت”: مستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها برعاية الامم المتحدة دون قيد أو شرط
المرتضى: الطرف الآخر يستخدم ملف الأسرى ورقة ابتزاز سياسي بعيداً عن الجانب الإنساني المرتضى: محمد قحطان ذريعة يستخدمها الطرف الآخر للتنصل عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه والالتزام به المرتضى: تم تحرير أكثر من 6500 من أسرانا منهم 1350 في صفقتي تبادل عبر الامم المتحدة المرتضى: حريصون على تفعيل دور الوساطات المحلية لكن الجانب السعودي يمنع تنفيذ اي صفقة يتم الاتفاق عليها المرتضى: مؤخراً تم ارسال وسطاء محليين الى مأرب في محاولة منا لتقريب وجهات النظر وحل الاشكاليات فيما بيننا وحزب الاصلاح المرتضى: للأسف قيادة حزب الاصلاح رفضت كل المقترحات والحلول التي تقدم بها الوسطاء المرتضى: حزب الإصلاح يعطل دور الوسطاء المحللين بعد نجاحهم في تحرير مئات الأسرى من الطرفين المرتضى: نعلن الجاهزية والاستعداد للدخول في صفقة شاملة تشمل جميع الأسرى من كل الاطراف وبلا استثناءالثورة نت../ خاص
قال رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الاسرى الأستاذ عبدالقادر المرتضى، إن ملف الاسرى يحظى باهتمام كبير جداً من قبل القيادة الثورة والقيادة السياسية وهناك متابعة مستمرة لعملنا من قبل قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ورئيس المجلس السياسي الأعلى الرئيس مهدي المشاط وقيادة وزارة الدفاع نظراً لأهمية هذا الملف وبُعده الإنساني والاجتماعي.
وأكد المرتضى في حوار خاص مع موقع ” الثورة نت” أن المفاوضات جارية بشكل مستمر من خلال التواصل واللقاءات المباشرة مع مكتب المبعوث الأممي، إلا أنه لم يحصل أي تقدم في المفاوضات منذ جولة الأخيرة للمفاوضات في مسقط في يوليو الماضي، نظراً للتعنت من قبل طرف العدوان ومرتزقته في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوقع عليها برعاية الامم المتحدة ورفضهم لكل المقترحات والحلول التي تُقدم سواءً من قبل الامم المتحدة او من قبل الوسطاء المحليين الذين نقوم بإرسالهم بين الحين والآخر الى مأرب.
وفيما يلي نص الحوار:
• لم تكل القيادة الثورية والسياسية عن السعي لتخفيف معاناة الشعب خاصة في ملف الاسرى حيث سعت خلال السنوات الماضية لإنجاح عمليات تبادل الاسرى رغم التعنت من قبل الطرف الآخر؟ ومن خلال عملكم على هذا الملف الإنساني، الى اين وصلت المفاوضات وما التقدم الذي تم احرازه في هذا الملف؟
اولاً نشكر موقع الثورة نت وصحيفة الثورة على اتاحة الفرصة للحديث عن ملف الأسرى هذا الملف الإنساني الهام والذي يهم الآلاف من الأسر اليمنية، طبعا هذا الملف يحظى باهتمام كبير جداً من قبل القيادة الثورة والقيادة السياسية وهناك متابعة مستمرة لعملنا من قبل قائد الثورة يحفظه الله ورئيس المجلس السياسي الأعلى الرئيس مهدي المشاط وقيادة وزارة الدفاع نظراً لأهمية هذا الملف وبعده الإنساني والاجتماعي.
المفاوضات في هذا الملف جارية بشكل مستمر من خلال التواصل واللقاءات المباشرة مع مكتب المبعوث الأممي إلا أنه لم يحصل اي تقدم في المفاوضات منذ جولة مسقط الاخير في شهر يوليو من العام الحالي وذلك نظراً للتعنت الحاصل من قبل طرف العدوان ومرتزقته في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوقع عليها برعاية الامم المتحدة ورفضهم لكل المقترحات والحلول التي تقدم سواءً من قبل الامم المتحدة او من قبل الوسطاء المحليين الذي نقوم بإرسالهم بين الحين والاخر إلى مأرب ولكن نحن لم نيأس فلا زلنا على تواصل مستمر بالأمم المتحدة ومع الطرف الآخر عبر الوسطاء في محاولة منا لإحراز أي تقدم من شأنه التخفيف من معاناة الاسرى واهاليهم من الطرفين.
• كيف تتعاملون مع هذا الملف، لأهميته وحساسيته، وهو ملف إنساني بالدرجة الأولى؟
كما قلت بأن هذا الملف ملف انساني ونحن نتعامل معه من هذا المنطلق سواء ما يتعلق بالتعامل مع الاسرى الموجودين معنا من الطرف الآخر او ما يتعلق بالمفاوضات على هذا الملف، نحن نعمل بكل ما نستطيع على ان يبقى هذا الملف ملفا انسانيا بعيدا عن الحسابات السياسية والامنية والعسكرية ونحن منذ بداية العدوان نتعامل مع هذا الملف على هذا الأساس ولهذا أبرمنا المئات من صفقات التبادل تحرر فيها بعون الله آلاف الاسرى من الطرفين وكان ذلك اثناء التصعيد العسكري من قبل قوى العدوان ومرتزقته.
معوقات تنفيذ الاتفاقات
• ما أبرز معوقات تنفيذ الاتفاق بناء على قاعدة «الكل مقابل الكل» الذي أقرته مفاوضات ستوكهولم حتى اليوم بعد كل هذه السنوات؟
طبعا إتفاق الكل مقابل الكل هو المبدأ الذي نؤمن به والذي نسعى اليه منذ اول مفاوضات من قبل الامم المتحدة وهو الحل الانسب والافضل لهذا الملف الانساني وهو ايضا ما تم الاتفاق عليه في مفاوضات السويد نهاية العام 2018 إلا أنه اثناء تنفيذ الاتفاق اصطدم بالكثير من العوائق التي حالت دون تنفيذه ومن ابرز هذه العوائق ان الطرف الآخر عبارة عن مجموعة من الاطراف والاجنحة المتفاوتة والمختلفة لم نستطع الوصول معهم الى صيغة للاتفاق حول آليات التنفيذ كون كل طرف من هذه الاطراف لديه رؤية ومطالب تختلف عن رؤية ومطالب الاطراف الاخرى، كما انه لا يوجد لديهم قيادة واحدة تمثل جميع الاطراف في طاولة المفاوضات والفريق الذي نتفاوض معه هو لا يمثل جميع الاجنحة الموجودة في الميدان مما أعاق تنفيذ اتفاق الكل مقابل الكل بشكل كبير جداً، لكن بالنسبة لنا نحن طرف واحد ولدينا كامل الصلاحية في تنفيذ اتفاق الكل مقابل الكل وليس لدينا اي معوقات او اشكاليات تمنعنا من ذلك، أضف الى ذلك أن الاطراف الاخرى تتعمد وبشكل مستمر اخفاء المئات من اسرانا ورفض الكشف والافصاح عن مصيرهم.
• كيف يمكن تجاوز إشكالية التعامل مع ملف الأسرى كورقة ضغط سياسية والتعامل معها من جانب إنساني؟
كما أوضحت سابقا ان هذا الملف ملف انساني ونحن منذ البداية نتعامل معه على هذا الاساس لكن للأسف بالنسبة للطرف الآخر يتعامل معه تعاملاً سياسياً بحتاً، ويستخدمه كورقة ابتزاز سياسي بعيدا عن الجانب الانساني سواء فيما يتعلق بتعاملهم مع الأسرى داخل سجونهم وما يمارسونه من اشكال التعذيب ضد أسرانا، او فيما يتعلق بتعاملهم مع المفاوضات التي يتعمدون فيها افشال عشرات الاتفاقيات المحلية والدولية لأسباب سياسية بحتة، وبلا مراعاة للحالة الانسانية التي يعيشها الاسرى وأهاليهم من كلا الطرفين، ونحن نعتبر هذا التصرف لا أخلاقي ولا انساني ولا قيمي ولا ديني لان ملف الاسرى يجب ان يتجرد فيه كل طرف عن كل الحسابات السياسية والعسكرية والامنية وان يراعى فيه البعد الانساني بشكل كامل.
التفاوض مع عدة أطراف
• ما تأثير تعدد السلطات في طرف حكومة المرتزقة في هذا الصدد؟
بكل تأكيد ان تعدد الاطراف هي الاشكالية الاكبر التي نواجهها اثناء المفاوضات ونضطر في كل جولة الى التفاوض مع عدة أطراف يختلفون على كل شيء حتى في من يرأس فريقهم، فهم الى الآن لم يتفقوا على شخص او على رئيس لفريق التفاوض الذي يمثلهم، وإن حصل اتفاق نواجه اشكالية في التنفيذ على الواقع، لان كل طرف منهم لديه وجهة نظر مختلفة عن الآخر ولديه مطالب تختلف عن مطالب الطرف الآخر.
• ثمة إصرار من قبل المرتزقة على بقاء ملف الاسرى مفتوحاً واستمرار استخدامه كورقة ضغط ومساومة سياسية، على الرغم من أنها مسألة إنسانية بحتة؟ برأيك لماذا هذا التعنت من قبل الطرف الآخر؟
في الواقع أن حكومة المرتزقة لا تمتلك القرار الذي تستطيع من خلاله تنفيذ كل الاتفاقيات وانهاء هذا الملف الانساني، إذ ان الجانب السعودي يتحكم في كل القرارات في هذا الملف وما الجمود الحاصل في ملف الاسرى منذ الجولة الأخيرة في مسقط إلا بسبب الرفض السعودي لتنفيذ الاتفاقيات التي تمت بيننا وبين اطراف المرتزقة برعاية الامم المتحدة، لان هذه الاتفاقيات لم تشمل أسرى سعوديين، ولهذا صدرت الأوامر السعودية للمرتزقة بمنع تنفيذ اي من هذه الاتفاقيات بالإضافة الى منعهم المسبق من تنفيذ اي صفقات تبادل تمت بوساطات محلية وفي هذا الصدد قاموا بإيقاف وإلغاء عشرات الصفقات التي تم التوافق عليها بوساطات محلية.
مستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات
• في المقابل هناك من قد يقول أنكم كذلك تستغلُّون هذا الملف سياسياً.. ما رَدُّكم على ذلك؟
نحن نعتبر أن استخدام هذا الملف للابتزاز السياسي جريمة بحق الأسرى وبحق الإنسانية ولا يمكن أن نستخدم هذا الملف للابتزاز السياسي، لأننا نعتبر أن اسرانا امانة في اعناقنا واي استغلال سياسي لهذا الملف هو يعتبر خيانة للأسرى وأهاليهم وخيانة لدماء الشهداء.
ولهذا نحن نعلن عبر صحيفتكم أننا جاهزون ومستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها برعاية الامم المتحدة دون قيد او شرط، كما نعلن جاهزيتنا واستعدادنا الدخول في صفقة شاملة تشمل جميع الأسرى من كل الاطراف وبلا استثناء، كما ندعو المشايخ والشخصيات الاجتماعية ممن لديهم القدرة في العمل كوسطاء محليين، إلى التحرك في هذا الملف ونحن سوف نكون لهم عوننا وسندا لأننا حريصون جدا على انهاء هذا الملف الانساني وإنهاء معاناة الاسرى بأي طريقة.
ومما يدلل على أننا لا نستغل هذا الملف الانساني سياسياً هي المبادرات الأحادية المتتالية التي نقوم من خلالها بأطلاق المئات من أسرى الطرف الآخر بدون أي مقابل، وهي تعتبر رسائل سلام إيجابية كان المفترض أن يستقبلها الطرف الآخر برد مماثل، لأن ذلك من شأنه تعزيز الثقة وتقريب وجهات النظر، لكن للأسف مع كل مبادرة نقوم بتنفيذها يقابلها الطرف الآخر بموقف سلبي ينبئ عن توجه سيء من قبلهم تجاه هذا الملف.
ذرائع للتنصل عن تنفيذ الاتفاق
• في آخر جولة تفاوض في مسقط كنتم على وشك إتمامِ صفقة تبادل للأسرى. لماذا لم تنجح هذه الجولة؟ وما هي أبرز نقاط الاتفاق والاختلاف؟
في الحقيقة كان الطرف الآخر قبل الجولة يتحجج بأنه لا يستطع تنفيذ ما تم التوافق عليه مسبقاً كون الاتفاق لم يشمل محمد قحطان، ولهذا كنا حريصين على اسقاط اي عذر لهم، فوافقنا على ان يكون محمد قحطان ضمن هذه الصفقة لكن للأسف تفاجأنا أن موضوع محمد قحطان ليس إلا شماعة وذريعة يستخدمونها للتنصل عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه والالتزام به، وظهرت مطالب اخرى لم تكن ضمن الاتفاق، من ابرزها مطالبة السعودية بضم جميع الاسرى السعوديين بما فيهم الطيارين الى هذه الصفقة، ورغم ذلك لم يكن لدينا أي مانع من ضمهم شريطة ان يضم الاتفاق الاسرى الفلسطينيين من حركة حماس المعتقلين في السعودية منذ سنوات، لكن الطرف السعودي رفض ذلك.
كما كان من ضمن الاسباب ما تم ابلاغنا به من قبل الجانب السعودي ان هناك ضغوطات أمريكية عليهم لوقف اي تقدم في اي ملف من الملفات المتعلقة بالعدوان على اليمن. بالإضافة الى الاختلاف الكبير الذي وقع بين اطراف المرتزقة والذي أدى الى توجيه الاتهامات بالخيانة الى فريقهم المفاوض من قبل قيادات حزب الاصلاح حتى بمن فيهم رئيس حزب الاصلاح محمد اليدومي والذي قام بنشر بيان تخوين على حسابه بمنصة أكس.
مسألة صعبة
• كيف تستطيعون التفاوض مع أكثر من ممثل في نفس الوقت.. أليس من الصعب التوافقُ مع كُـل الأطراف على طاولة واحدة؟
حقيقة هذا الموضوع يعد مسألة صعبة ونحن نعاني من هذا معاناة كبيرة جدا، ولكن لأننا حريصون على أسرانا وتحريرهم وانهاء معاناتهم، نضطر الى التفاوض معهم بهذا الشكل، والطريقة التي نتفاوض بها هي التفاوض مع كل طرف على حدة حتى في الجولة الواحدة التي برعاية الأمم المتحدة، كون التفاوض معهم مجتمعين يؤدي الى خلافات وانقسامات داخلية بينهم تؤدي في كثير من الاحيان الى افشال جولات التفاوض.
دور أممي جيد
• ماذا عن موقف الأمم المتحدة في المفاوضات الأخيرة وهل مارست الضغط على الطرف الآخر لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه؟
الأمم المتحدة تقوم بدور جيد في تقريب وجهات النظر وصياغة الاتفاقيات كونها وسيط إلا انها لا تملك اي وسائل للضغط على اي طرف يتعنت ويرفض ويعرقل تنفيذ الاتفاقيات ولهذا نحن لا نعول عليها كثيرا في هذا المجال.
• كيف تقيمون دور المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في اليمن تجاه ملف الأسرى؟
للأسف الشديد جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في اليمن لم تقم بأي دور يذكر في ملف الاسرى لا من ناحية تخفيف معاناة الاسرى وفضح الاطراف التي تقوم بارتكاب الجرائم والانتهاكات اللا إنسانية تجاه الاسرى رغم اننا ومنذ بداية العدوان نرفع لهم بملفات متكاملة عن كل الجرائم التي مارسها مرتزقة العدوان بحق الاسرى سواءً كانت اعدامات وتصفيات ميدانية او ما يرتكبونه من انتهاكات وتعذيب داخل سجوهم.
دور إيجابي للصليب الأحمر
• ماذا عن دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في هذا الموضوع؟
بالنسبة للصليب الاحمر يقوم بدور إيجابي وجيد منذ بداية العدوان وحتى الآن، حيث تقوم اللجنة وبشكل مستمر بزيارة الاسرى داخل السجون لدينا، وتحاول اجراء الزيارات للأسرى في سجون الطرف الآخر، وهناك من يسمح لهم بزيارة السجون والاطلاع على احوال الاسرى وتطمين أهاليهم، لكن هناك من يمنع ويرفض إجراء مثل هذه الزيارات كماهو الحال في مأرب، إذ أن حزب الاصلاح ومن عشر سنوات لم يسمح للجنة الدولية للصليب الاحمر بزيارة أي سجن من السجون التي يديرها في مأرب، كما ان للجنة الدولية للصليب الأحمر دوراً كبيراً في ملف المفاوضات فهي شريك اساسي مع الأمم المتحدة في كل جولة من جولات المفاوضات وهي من تقوم بتقديم الدعم اللوجستي لتنفيذ أي اتفاق على صفقة تبادل، وقد قامت بدور جيد في دعم وتنفيذ الصفقتين اللتين تمتا عبر الامم المتحدة في الاعوام الماضية، وهي مشكورة على ذلك.
تحرير أكثر من 6500 أسير
• ماذا عن عدد الأسرى الذين تم الافراج عنه خلال صفقات التبادل؟
منذ بداية العدوان حرصنا على العمل بكل الطرق والوسائل لتحرير أسرانا من سجون العدو سواءً عبر الامم المتحدة او عبر المفاوضات والتفاهمات المحلية وبعون الله وتوفيقه تم الى الآن تحرير أكثر من 6500 أسير من اسرانا منهم 1350 أسيراً في صفقتي تبادل عبر الامم المتحدة والبقية تم تحريرهم في صفقات عبر التفاهمات والاتفاقيات المحلية.
حلحلة الإشكاليات
• هل تتوقع انعقاد جولة مفاوضات قادمة خلال الفترة القادمة؟
نحن على تواصل مستمر مع الامم المتحدة منذ انتهاء جولة المفاوضات الاخيرة في مسقط في محاولة لحلحلة كل الاشكاليات والعوائق التي تحول دون تنفيذ ما تم التوافق عليه، وهناك جهود جيدة تبذل من قبل الأمم المتحدة ومقترحات يتم طرحها بين الحين والآخر لتقريب وجهات النظر، ومع انها وللأسف الشديد تصطدم بتعنت الطرف الآخر، إلا اننا لم نيأس ولا زلنا نحاول وبكل الطرق ان نصل الى اتفاق لحلحلة كل هذه الإشكاليات، وفي حال استطعنا تجاوز الاشكاليات والعوائق التي يختلقها طرف العدوان ومرتزقته، فإن الامم المتحدة ستدعو إلى عقد جولة مفاوضات جديدة يتم التوافق فيها على آلية تنفيذ للاتفاقيات السابقة، ونحن حريصون على ان تكون اي جولة مقبلة حاسمة في هذا الموضوع بإذن الله.
رفض وتعنت حزب الاصلاح
• ماذا عن الوساطات المحلية ألا يمكن ان يكون لها دورا ايجابيا في هذا الوقت خاصة أنه كان لها دور في السنوات الماضية؟
بكل تأكيد أن الوساطات المحلية لها دور ايجابي وكبير في هذا الجانب وقد اسهمت في ما مضى بإنجاح كثير من الصفقات، ونحن حريصون جداً على تفعيل دورها، لكن كما ذكرت سابقا أن هناك منعاً من الجانب السعودي لتنفيذ اي صفقات يتم الاتفاق عليها محلياً، وقبل ثلاثة اسابيع قمنا بإرسال ثلاثة من الوسطاء المحليين ممن لهم دور فاعل وبارز في هذا الجانب الى مأرب في محاولة منا لتقريب وجهات النظر وحل الاشكاليات فيما بيننا مع حزب الاصلاح لكن للأسف الشديد لم يتم التجاوب معهم مطلقاً ورفضت قيادة الاصلاح كل المقترحات والحلول التي تقدم بها الوسطاء لحل الخلافات وعاد هؤلاء الوسطاء خاليي الوفاض. ونحن نتأسف ان يتم تعطيل دور الوسطاء المحللين والتفاهمات المحلية بهذا الشكل لأنها كانت تعتبر متنفساً يتم من خلالها تحرير مئات الاسرى من الطرفين.
• هل لكم من كلمة أخيرة؟
نؤكد وكما أسلفنا بأن هذا الملف ملف انساني ويجب على جميع الاطراف التعامل معه من هذا المنطلق، وندعو قوى العدوان ومرتزقتهم الى الكف عن استخدام هذا الملف للابتزاز السياسي والكف عن اختلاق الذرائع التي تعرقل تنفيذ ما تم التوافق عليه، وندعو الامم المتحدة الى الضغط على الطرف الآخر للوفاء بالتزاماتهم وتنفيذ جميع الاتفاقيات التي تمت برعايتها، ونحن من جانبنا نؤكد استعدادنا وجهوزيتنا لتنفيذ كل الاتفاقيات دون قيد أو شرط، كما نؤكد لأهالي أسرانا بأننا سنبذل قصارى جهدنا لتحرير من تبقى منهم دون كلل او ملل ولن نألو جهدا في العمل على ذلك، والله على ما نقول شهيد.