المواقف الإيرانية تثير التساؤلات.. كيف يتلقفها حزب الله؟!
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
صحيح أنّ "حزب الله" يحرص على تأكيد قدرته على الصمود في وجه العدوان الإسرائيلي على لبنان، والاستمرار في المقاومة من دون كلَل، من خلال العمليات المكثّفة والنوعية التي يزيد من جرعتها، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ الضربات التي تعرّض إليها منذ مجزرتي أجهزة الاتصال، وصولاً إلى الاغتيالات التي باتت تتكرّر في الضاحية الجنوبية لبيروت، مرورًا بمختلف محطات الحرب الحالية، كانت "الأقسى" عليه ربما خلال مسيرته الطويلة.
من هنا، ولأنّ "حزب الله" يدفع في هذه الحرب "فاتورة ثقيلة"، بسبب إصراره على "إسناد" الشعب الفلسطيني المُحاصَر في قطاع غزة، اتجهت الأنظار سريعًا إلى "الإسناد" الذي كان يتوقعه من الحلفاء والأصدقاء، وخصوصًا من جانب الجمهورية الإسلامية في إيران، التي لطالما نادت مع الحزب بتطبيق نظرية "وحدة الساحات"، فإذا بمواقف كبار قادتها ومسؤوليها تأتي "ملتبسة" برأي البعض، وكأنّها آثرت الاكتفاء بالمراقبة، حتى إشعار آخر.
وعلى الرغم من أنّ أيّ مواقف "نافرة" لم تصدر عن الجانب الإيراني في هذا الصدد، إلا أنّ ذلك لم يمنع من انتشار "فرضيات" تباين مع "حزب الله"، حتى إنّ بعض التسريبات أشارت إلى أنّ الأخير طلب من طهران التدخّل، أو بالحدّ الأدنى تنفيذ وعيدها بالردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ولكنّها رفضت ذلك، فما مدى صحّة مثل هذه الانطباعات، وكيف يتلقّف "حزب الله" عمليًا المواقف الإيرانية من الحرب؟!
المواقف الإيرانية "الملتبسة"
لا يتردّد خصوم "حزب الله" في الاستنتاج بأنّ إيران "تخلّت عنه"، وتركته يواجه الحرب الإسرائيلية عليه وحيدًا، بعدما كانت السبب فيها، حين دفعته للانخراط في "جبهة الإسناد" بالوكالة عنها، وفق ما يقول هؤلاء، وذلك من أجل تحقيق مكاسب "شعبوية" مرتبطة بدعمها للقضية الفلسطينية، بل إنّ بعض خصوم الحزب يذهبون أبعد من ذلك، ليقولوا إنّ طهران "باعته"، إذ تحاول اليوم أن تبرم "صفقة نووية" على حسابه، بشكل أو بآخر.
ومع أنّ مثل هذه الاستنتاجات قد تنطوي على الكثير من المبالغات، ما يُفقِدها الدقّة المطلوبة، وفقًا للعارفين، فإنّ أصحابها يلفتون إلى أنّها تستند إلى مواقف إيرانية رسمية أقلّ ما يقال فيها إنّها "ملتبسة"، لعلّ أبرزها ما صدر عن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في خضمّ التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق ضدّ "حزب الله"، حين قال إنّ بلاده مستعدة لبدء مفاوضات نووية، "إذا كانت الأطراف الأخرى راغبة في ذلك"، على حدّ تعبيره.
ولعلّ ما صدر بعد ذلك عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان نفسه يندرج في الخانة "الملتبسة" نفسها، بحسب أصحاب هذا الرأي، سواء لجهة قوله في تصريحات تلفزيونية إنّ "حزب الله" ليس قادرًا على مواجهة العدو الإسرائيلي "بمفرده"، أو حتى على خلفيّة ما نُسِب إليه عن "استعداد لخفض التوترات مع إسرائيل، إذا رأت التزامًا مماثلاً من الجانب الآخر"، وهو ما يناقض في مكان ما، جوهر الخطاب الإيراني التاريخي، بل جوهر الصراع إن صحّ التعبير.
موقف "حزب الله"
أبعد من كلّ ما سبق، ثمّة من يقول إنّ رهان "حزب الله" على إيران خاب، بعدما كان ينتظر منها إسنادًا حقيقيًا على أرض المعركة، خصوصًا بعد الضربات القاسية التي تعرّض لها، ففوجئ بعدم تجاوب القيادة في طهران، ولا سيما أنّ تكرار المسؤولين الإيرانيين التهديد بالردّ على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، مع ثابتة "الزمان والمكان المناسبَين"، لم يعد مستفزًا لخصومها فحسب، بل للحزب الذي بات يسأل عمّا إذا كان هناك من توقيت أفضل من التوقيت الحالي.
صحيح أنّ توقّع استنتاج من هذا النوع مُستبعَد من جانب "حزب الله"، أقلّه بصورة رسمية، إلا أنّ الدائرين في فلك الحزب يعتبرون أنّ الترويج لمثل هذا الكلام لا يخدم المعركة الحالية، بل على العكس من ذلك، هو يقدّم "هدية مجانية" للعدو بشكل أو بآخر، ويؤكدون أنّ العلاقة بين الجانبين في أحسن أحوالها، علمًا أنّ الحزب لم يطلب أساسًا من إيران التدخّل في الحرب، وهو يعرف أنّه لو فعل، لما تأخّر المعنيّون في طهران عن تلبية النداء.
يشير الدائرون في فلك "حزب الله" إلى أنّ الحزب لم يستخدم كلّ إمكاناته وقدراته، حتى يطلب "الإسناد" من الآخرين، وهو لا يزال يتعامل مع التصعيد الحاليّ على أنّه "مضبوط" إلى حدّ ما، بمعنى أنّه لم يصل بعد لمستوى الحرب الشاملة أو الواسعة، التي سبق أن قال إنّه سيتحرّر معها من كل الضوابط والقيود التي تكبّله، وهو انطلاقًا من ذلك، يجد نفسه "متناغمًا" مع الموقف الإيراني، خلافًا لكلّ ما يُحكى ويروّج عن تناقض أو تباين وما إلى ذلك.
يجد خصوم "حزب الله" في مواقف إيران التي يصفوها بـ"الملتبسة" ضالتهم، لممارسة "الشماتة" إن جاز التعبير، والقول إنّ الحزب تُرِك يحارب وحيدًا، من دون مؤازرة ولا من يحزنون. لكن في المقابل، ثمّة من يقول إنّ إيران "تحمي" الحزب بعدم تحويلها الصراع إلى حرب إقليمية شاملة لن تكون في صالح أحد من الأطراف، ولا سيما أنّ تبعات الانخراط المباشر في الحرب يجب أن تُدرَس بعناية، بعيدًا عن التفكير العاطفي الذي لا يقدّم ولا يؤخّر... المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يردّ حزب الله على الخروقات الإسرائيليّة؟
خلافاً لما قام به "حزب الله" في 2 كانون الأوّل، بعدما استهدف موقع رويسات العلم التابع للجيش الإسرائيلي في تلال كفرشوبا المحتلة، ردّاً على استمرار العدوّ بخرق إتّفاق وقف إطلاق النار، لم يعدّ "الحزب" يردّ على إنتهاكات إسرائيل المتزايدة.
وتعليقاً على هذا الأمر، يُشير مرجع عسكريّ مُطّلع على مُفاوضات وقف إطلاق النار إلى أنّ "حزب الله" يترقّب ما ستقوم به اللجنة المُكلفة مُراقبة الإتّفاق، وهو لن يُعطي ذريعة للعدوّ لاستئناف حربه على لبنان.
ويعتبر المرجع عينه أنّ "الحزب" يُريد أنّ تمرّ مهلة الـ60 يوماً بسلام، وأنّ تنسحب إسرائيل من البلدات الجنوبيّة التي تتوغل فيها. المصدر: خاص "لبنان 24"