كلمة وزير السياحة بمناسبة الاحتفال بيوم السياحة العالمي
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
يحتفل العالم، يوم 27 سبتمبر من كل عام، بيوم السياحة العالمي الذي يُسلط الضوء على أهمية السياحة وقيمها المختلفة التنموية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
وإن الاحتفال هذا العام له طابع خاص، حيث ينطلق تحت شعار "السياحة والسلام"؛ فالسياحة تلعب دوراً حيوياً في تعزيز السلام والاستقرار العالمي، فهي أحد أهم أدوات القوة الناعمة التي تساهم في التواصل والتقارب بين الشعوب، ونشر ثقافة الحوار والتفاهم بين الثقافات المختلفة للمجتمع الدولي، كما أنها تعمل على بناء الثقة والاحترام وتضع أسس قوية للتعاون نحو النمو الشامل والازدهار ما ينطوي على الضمانات الأكثر أماناً ضد الصراعات.
ولعل هذا الشعار يُذكرنا بأحد أبرز الأحداث في مصر القديمة، وهو توقيع الملك رمسيس الثاني لأول معاهدة سلام موثقة في العالم مع الحيثيين بعد معركة قادش، مما يعكس رؤية المصريين منذ أقدم العصور في تحقيق الاستقرار والسلام.
إن تحقيق مستقبل واعد للسياحة يتطلب تكثيف الجهود لجعل هذا القطاع وسيلة للتواصل الإنساني وحل النزاعات، فصناعة السياحة قائمة على حرية وامن وسلامة الانتقال والتنقل وهذا يتطلب السعى الدائم لتحقيق السلام والأمن على مستوى العالم وليس فقط فى اجزاء معينة منه، بالإضافة إلى كونه منصة لاستشراف المستقبل.
إن استراتيجية عمل الوزارة خلال المرحلة القادمة ستركز بشكل أساسي على إبراز تنوع الأنماط السياحية المستهدفة الذي يتميز به المقصد السياحي المصري والعمل على تطوير كل نمط سياحي على حدة حتى يكون المقصد السياحي المصري الأول في العالم من حيث تنوع الأنماط والمنتجات السياحية، وذلك بالنظر لما تمتلكه من كنوز أثرية وتاريخية زاخرة، فضلاً عن المقومات والإمكانات الطبيعية التي تجذب السائحين من مختلف أنحاء العالم، بجانب التركيز على تنويع الأسواق السياحية المستهدفة بما يساهم في تحقيق الأمن الاقتصادي السياحي، واستدامة النشاط السياحي والأثري بمنظور شمولي لجميع أوجه الاستدامة ولاسيما مع تنامي اتجاه تفضيل المقاصد التي تهتم بالحفاظ على البيئة عالمياً، فضلا عن الجهود الخاصة بدعم وتحسين وتعزيز مناخ الاستثمار السياحي، ووضع الخطط والرؤى التي من شأنها تنمية الموارد البشرية وبناء القدرات بهذا القطاع الحيوي، هذا إلى جانب ما يتعلق بالرقابة والحوكمة لمختلف منظومات العمل بقطاع السياحة والآثار.
كما تستهدف الاستراتيجية التخطيط للتسويق السياحي بفكر اقتصادي يراعي موسمية حركة السياحة، كما تسعى الوزارة حالياً إلى تقديم صورة معاصرة وأكثر حداثة عن مصر من خلال خلق محتوى غير نمطي وجديد للمقاصد السياحية المختلفة، بالإضافة إلى تحديث آليات الترويج السياحي والاستعانة بشكل أكبر على التسويق السياحي الإلكتروني ولاسيما منصات التواصل الاجتماعي المختلفة كأحد أهم هذه الآليات الترويجية الحديثة على مستوى العالم، هذا بالإضافة إلى التعاون مع الجهات المعنية لتوفير الطاقة الجوية الناقلة إلى مصر، إلى جانب التوسع في عقد الشراكات مع القطاع الخاص لتقديم وتشغيل الخدمات بالمواقع الأثرية والمتاحف.
وانتهز هذه الفرصة للتأكيد على ما توليه الدولة المصرية من اهتمام غير مسبوق لقطاع السياحة والآثار في مصر، وما تقدمه من دعم ومساندة لتعزيز المكانة الرائدة لمصر دولياً في الأسواق السياحية، والحفاظ على تراث مصر الحضاري الفريد، ودفع قطاع السياحة إلى آفاق أرحب، بما يسهم في تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة، والعمل على إتاحة المزيد من التيسيرات التي من شأنها أن تسهم في تحقيق الأهداف المرجوة من هذا القطاع الواعد.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
بمناسبة طرح عملة ترامب كوين
بمناسبة طرح عملة "ترامب كوين".. إلى متى نظل مأسورين للفكر الأجنبي؟ ولا يستفاد من مقترحات علماء المسلمين؟ وإلى متى سيظل عالمنا الإسلامي حقلاً للتجارب وثرواتنا نهباً للغير ؟
عندما ظهرت "بتكوين" وانتشرت كتبت بحثاً علميا عام2016 م، ثم أصبح كتاباً فيما بعد نشر في دار النداء باسطنبول تطرقت فيه إلى دراسة تحليلية لـ "بتكوين" هل هي عملة؟ أم سلعة؟ أو غير ذلك، فتوصلت إلى أن شروط العملة في الشريعة، وحتى القانون غير متوافرة فيها، وأنها ليست سلعة حسب المصطلح الإسلامي لأن منافعها محصورة في المضاربات فيها، وليست لها منفعة مقصودة . لذلك أصدرت فتواى في برنامجي (فقه المال) بالجزيرة المباشر ـ بأنها محرمة تحريم الوسائل وليست تحريم المقاصد. ولكني دعوت إلى العناية بهذه التقنية الرقمية المشفرة والسلاسل الخوارزمية (بلوك تشين)، لأن لها مستقبلاً عظيماً، ومهماً ومؤثراً .
ثم اقترحت ستة مقترحات علمية قابلة للتنفيذ من أهمها:
1 ـ جولدن كوين ـ بأن تُصدر عملة رقمية مشفرة معتمدة على الذهب فعندئذ تكتسب خاصيتين عظيمتين هما: خاصية الذهب (الملجأ عند الأزمات الاقتصادية)، وخاصية الرقمية المشفرة والتقنية العالية.
2 ـ جولدن كوم كوين أقصد به أن يكون إصدار العملة الرقمية المشفرة معتمدة على 49% من الذهب و51% من السلع والخدمات، وتدخل فيها جهود القائمين بالتعدين، فتحسب أموالاً، فهذا في نظري أفضل لأن العملة في هذه الحالة لا تحتاج إلى شرط التقابض الفوري، والتماثل المشروطين في الذهب.
إن الواجب على دولنا الاتجاه نحو احتواء عملات رقمية مشفرة بضوابط شرعية وقانونية واقتصادية، لحماية ثرواتنا القومية، أو ضمان شركة بل لحماية المستثمرين في العالم، وتقديم شيء نافع له وجود فعلي، وضمان دولي، واعتراف من البنوك المركزية وأن لا يقف سعرها على المضاربات، والحماس الشعوبي ودعم سوشيال ميديا.3 ـ أن تصدرها الدولة كعملة ثانوية تربطها بأحد منتجاتها الأساسية مثل الغاز، فنسمي غاز كوين، أو بالبترول: بتروكوين، أو نحوها، وبالتالي فإنها تمثل البترول مع التقنيات، وعندئذ تصبح سلعة نافعة من أكثر من وجه.
4 ـ أن تؤسس شركة مساهمة على أساس السلع والخدمات مع التقنيات الرقمية المشفرة وتعدّن أسهمهما رقمياً مشفرة، وهي تمثل الموجودات عندئذ، وهكذا اقترحنا عدة مقترحات أخرى منذ 1916 م ولكن مع الأسف الشديد لم تأخذ بها دولنا الإسلامية والعربية، ولو طبقنا أحد هذه المقترحات لقدمنا للمستثمرين في العالم الإسلامي، بل في العالم الأجمع خدمة استثمارية عظيمة تحمي أموالهم، وتحقق لهم أرباحاً هائلة.
فلننظر الآن إلى العملة الرقمية المشفرة التي أطلقها الرئيس الجديد لأمريكا: (ترامب) "عملة الميم" برمز (s ترامب) وعملة زوجته ميلانا ترامب في أول يوم له بالرئاسة الأمريكية 2025/1/20م حيث وصلت قيمتها في اليوم نفسه إلى أكثر من عشرة مليارات دولار في السوق، في حين أنها لم تكلف صاحبها إلاّ مبلغاً بسيطا، فقد طرحت بأقل من عشرة دولارات، ثم تجاوزت في يوم 2025/1/20م إلى (59، 74) دولاراً، ثم انخفضت إلى 30 دولاراً في وقت متأخر من اليوم نفسه. وهي ليست عملة لأنها لم تصدرها الدولة، وليس ترامب أو زوجته ضامناً، وإنما هي عملة خاصة بالمضاربات وليست لها منافع أخرى حالها حال بتكوين.
حكم عملة ترامب وزوجته
فهذه العملة هي مثل عملة (البتكوين) وبالتالي فهي غير مشروعة، بل محرمة تحريم الوسائل، لأنها ليست عملة في حقيقتها، وليست سلعة تنفع الناس، ولا خدمة تحقق إحدى الخدمات المشروعة وأن قيمتها مرتبطة بصاحبها، وأن سعرها الذي تضاعف بشكل جنوني مرتبط بالحماس الشعوبي للناس، ودعم مواقع التواصل الاجتماعي وعمالقته لها.
إن معظم الخبراء الاقتصاديين لا يزالون يحذرون من المخاطر العالية للبتكوين، وأنها لن تكون العملة المستقبلية، أو الوسيلة الأفضل لتحقيق الأرباح، (الجزيرة نِت تحديث 2025/1/12 م) بل إن الخبراء حذروا أيضا من عملة ترامب وزوجته، المشفرتين، حيث قالوا: إنهما سيلحقان ضررا أكثر من نفعها، حتى سموها آفة يجب التخلص منها .
التحذير من دولنا لا يكفي
إن معظم الدول العربية بما فيها الدول الخليجية تحذر من مخاطر البتكوين الاقتصادية، حيث لا تحقق أي تنمية، بل تذهب العملة الصعبة إلى خارج هذه الدول في الوقت الذي هي بأمس الحاجة إليها، والمخاطر الأمنية من حيث نقل الأموال من خلالها إلى الإرهابيين، وتمويل الانقلابات والاضطرابات، بالإضافة إلى ماسبق استعمالها في غسيل الأموال، فهذا كله صحيح لكنه لا يكفي، فالعالم مقبل بشدة على هذه العملات لعدم وجود بدائل أفضل، ولذلك فإن منهج الإسلام هوتقديم البديل قبل التحريم، فقال تعالى (وأحل الله البيع ) ثم قال: ( وحرّم الربا).
المطلوب خطوات عملية لعملات رقمية مشفرة حقيق
إن الواجب على دولنا الاتجاه نحو احتواء عملات رقمية مشفرة بضوابط شرعية وقانونية واقتصادية، لحماية ثرواتنا القومية، أو ضمان شركة بل لحماية المستثمرين في العالم، وتقديم شيء نافع له وجود فعلي، وضمان دولي، واعتراف من البنوك المركزية وأن لا يقف سعرها على المضاربات، والحماس الشعوبي ودعم سوشيال ميديا.
يجب اتخاذ خطوات عملية لإنقاذ شعوبنا ومستثمرينا، بل العالم وفقاً لمنهاج الشريعة الإسلامية القائم على الملكية والتنمية والحقائق وليس مجرد مضاربات لا يستفيد منها إلا هؤلاء المضاربون (الحيتان) .فمثلاً فإن البتكوين التي كلفت واحدة منها صاحبها أقل من 30 بينساً تجاوز سعرها اليوم حافر 100 مائة ألف دولار، ويمكن أن تصل إلى 150 ألف، وإذا نزلت إلى 50 ألف ـ مثلاً ـ فلننظر: كم خسر العالم؟ وكم خسرت ثروتنا؟
ولننظر أيضاً أن المليارديرات أصحاب العملات المشفرة، والمصدرين لها دعموا ترامب، وهو بدوره وعد بتبني هذه العملات وجعل أمريكا (عاصمة العملات المشفرة) ولذلك بمجرد فوزه ارتفعت أسعارها بواحد تريلون دولار، ويكفي أن أشير أن عملة ماسك: (قرهما غيكوين) ارتفعت بنسبة 333,1% .
واليوم تجاوزت قيمة العملات ثلاثة تريلونات، وهي عبارة عن أرقام مشفرة فقط بلغت إليها بالمضاربات، ودعم سوشيال ميديا لها، ولو أصابها هزة اقتصادية فكم يخسر العالم، ومنه عالمنا العربي والإسلامي؟ وللعالم سوابق ففي عام 2022م بلغت قيمة البيتكوين الواحدة إلى 68 ألف دولار، ثم انخفضت إلى 17 ألف دولار، فلننظر كم كانت الخسائرمؤلمة، فالحيتان الكبار هم قادرون على التلاعب بها لسحب أموال صغار المستثمرين، أو متوسطيهم إلى أموالهم الضخمة، فهم يشترون برخص، ثم يشترون ويضاربون بها، فترتفع قيمتها ثم يبيعون كمية كبيرة منها، وهكذا فنحن اليوم في عالم المقامرة والمغامرة.
وهل استفاد الفقراء حتى في هذه الدول من التريلونات الثلاثة (قيمة العملات المشفرة)؟ وهل استفادت الدول الفقيرة منها؟ وهل تحقق للعالم أي رخاء بهذه التريلونات؟ في حين لو صرفت في التنمية كم تحقق للعالم من الرخا والتقدم والنماء؟
لذلك يجب اتخاذ خطوات عملية لإنقاذ شعوبنا ومستثمرينا، بل العالم وفقاً لمنهاج الشريعة الإسلامية القائم على الملكية والتنمية والحقائق وليس مجرد مضاربات لا يستفيد منها إلا هؤلاء المضاربون (الحيتان) .
ولدينا الحمد لله أكثر من ستة مقترحات قابلة للتطبيق، وليس عندنا مشكلة من عقد ورش عمل تجمع بين خبراء الاقتصاد، والقانون، والبنوك المركزية للوصول إلى ما ينفع الناس، بل إلى ما يُنقذ الناس، فالعالم يواجه تحديات كبرى أمام جشع الحيتان والهوامير المالية. ولا يمكن النجاة إلا باقتصاد قائم على الإيمان والأخلاق، والعدل والرحمة والإحسان.
*رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين