زياد مبارك | كاتب وناشر سوداني

لا أعرف ما الذي انتابك في زيارتك الأخيرة إلى القاهرة، التي رتبنا لها معاً بالتزامن مع نشر روايتك الأخيرة (الأشوس الذي حلّقت أحلامه مثل طائرة مسيّرة)، اقترحت عليك في البداية، لمّا كانت الرواية مخطوطة أعمل على مراجعتها وتحريرها؛ أن تحضر إلى القاهرة لإشهارها في حفل تدشين بمكتبة تنمية.

وبالفعل وقعت لقرائك نسخ الرواية في تلك الأمسية، مع مجموعة كبيرة من أعمالك الأخرى التي صدرت عن دار بدوي للنشر والتوزيع، التي أشرف وكيلها بالقاهرة على اجتماعاتك مع إدارة المكتبة، وحتى ترحيلك من منزلك إلى المكتبة، وبالعكس. لنتفاجأ في اليوم التالي بأنك توجّه الشكر في صفحتك لأحد الناشرين المصريين على نجاح حفل التدشين، بينما كان زائراً مرافقاً لك لا علاقة له بما تم إنجازه من نجاحاتك الأخيرة.
لعلك لم تنس أنك أرسلت لي مسودة أولية لروايتك بعنوان (الإشيوس)، وطلبت مني مراجعتها وتحريرها، وبعد أن فرغت منها أعدتها لك بعنوانها الذي صدرت به، وأجزت الرواية بتحريري والعنوان الذي اقترحته لها للطباعة والنشر. وعند وصولك إلى القاهرة أرسلت مندوباً عني ليسلمك 400 نسخة من الكتاب في منزلك. ولم تكلف نفسك بشكر الذين أشرفوا على نجاح ندواتك بالقاهرة، وكان الجزاء هو انتقادك للناشرين السودانيين، واتهامهم بمصادرة حقوقك في الندوات التي استضافتك فيها الدور المصرية، فكان واضحاً زحفك لإرضائهم بالطعن في الناشرين السودانيين، وإطلاق فرقعات صوتية من التظلم الزائف، وأعلم أكثر من غيري أنك فعلت ذلك لحلب المزيد من المصالح، حتى لو تجاوزت الأُطر الأخلاقية التي كان يتوجب عليك الالتزام بها.
كنت أعرف من قبل –كما تعلم- أنك تبيع الكتاب الواحد من كتبك، لعدة ناشرين بصورة احتكارية في نفس الآن، وبعد أن تفرغ من حلب الجميع، تحاول حل المشاكل الناتجة من هذا التصرف بالوساطات والترضيات والكلام المنمّق، مستغلاً اسمك وشهرتك اللذين جعلا هذه المشاكل تحل خارج ساحات المحاكم. ولكن، يبدو أن شعور العظمة الذي طغى عليك في زيارتك الأخيرة للقاهرة، جنحَ بك لحالة من الوهم وعدم التمييز، وبعد أن بعت نسخ روايتك (الأشوس)، وشحنت جزءاً منها لباريس، فكرت وقدرت ثم قرصنت مئات النسخ، لتطير بها إلى جوبا، وتعقد ندوة لتوقيع النسخ المقرصنة!
أذكّرك؛ أنني في نقاشاتنا المبكرة قبل أن تصل إلى القاهرة، عندما سألتني عن توقعاتي لحفل تدشين الرواية بالقاهرة، أخبرتك أن مستحقاتك من النسخ لن تكفيك، ولكني لا أمانع أن أسلمك ما تحتاجه زيادة على مستحقاتك، لأن عودتك لأوروبا مروراً بجوبا ستكون مناسبة لحفل تدشين آخر. وهو ما لم تكن منتبهاً له، واستحسنت الفكرة، واتفقنا على ذلك.
لا أعتقد أنه من الطبيعي، لأي عاقل، أن تلجأ لقرصنة الكتاب في إحدى دور النشر المصرية من فئة دور "تحت السلم"، والأدهى أنك سلمتها الملف الإلكتروني الخاص بالنسخة الأصلية! قل لي فيم كنت تفكر حين مزقت عدة صفحات من جميع الكتب المقرصنة بيدك: صفحة البيانات الداخلية، والصفحة الأخيرة المطبوع عليها لوغو الدار الرسمية، والغلاف الخلفي؟!
هل يوجد كاتب يحترم نفسه، وطنينه عن حقوق الملكية الفكرية على الأقل، يفعل فعلتك هذه؟! هل ترى أنك احترمت تاريخك ككاتب مشهور ولديه جمهور يحترمه ويقدره؟!
المضحك في هذا البؤس، هو إجابتك للذين سألوك في ندوة جوبا، عن سبب تمزيقك لصفحتين من الكتاب، بالإضافة لغلافه الخلفي: اعترفت لهم بأنك طبعت نسخاً مقرصنة من الكتاب لتغطي مصروفاتك في جوبا! ولأجل هذا لم تعلن عن هذه الندوة بصفحتك، كما لم تعلن الدار المصرية عن طباعتها للكتاب.
وما أن علمت بأن ما فعلته في جوبا لم يعد خافياً على أحد، وتيقنت أن الموقف صار فضيحة لاسمك، وأنني كناشر للكتاب قد تحصلت على نسخ منه، وأخبرتك صراحة برفضي لاعتذارك ونيتي لاسترداد حقوقي، حتى أوغلت في وحل من الابتزاز والتهديد والرعونة، ونكلت بالعقد الذي بيننا. ولكن لم أتوقع أن يبلغ بك الجحود والاجحاف إلى تقديم شكوى لاتحاد الناشرين المصريين ضد الدار المصرية الزميلة التي تستخرج تراخيص النشر بتوكيل من الناشر لظروف حرب السودان، لتبلغ الاتحاد بأنك تفاجأت بنشر كتابك (الأشوس) من غير علمك! وتطلب مصادرة الكتاب ومنعه من التداول! بعد أن وقعته لمئات القراء في ثلاث ندوات على الأقل في القاهرة!
في الحقيقة كنت في حرج بالغ وأنا أتحدث مع مديرة الدار المصرية لشرح الموقف، بعد استدعائها للجنة فض النزاعات بالاتحاد، هذه الدار المصرية قدّمت موقفاً مشرّفاً وعظيماً بوقوفها بجانب الناشرين والمؤلفين السودانيين، وتكبدت مجهوداً كبيراً ليستمر النشر للمؤلفين السودانيين بعد توقف تراخيص النشر بالسودان منذ بدء الحرب قبل عام ونصف العام. من المؤسف أن يصدر منك هذا التصرف لتعالج جريمة ارتكبتها ويعاقب عليها قانون الملكية الفكرية، بإقحام من ليس لهم ذنب، فأنت المسؤول عن أخطائك وعليك التحلي بالشجاعة لتحمّل نتائجها. وما أسعدني بشكل خاص أن مديرة الدار قدّرت الموقف، وردّت باختصار: إنها تعرف جيداً نموذج الرجل السوداني!
وما فعلته غير ذلك يهون بجانبه كل ما فعلته سابقاً. ولكن أعدك أن يلتصق بتاريخك كل ذلك، وستقع إن شاء الله في شر أعمالك كما وقعنا في خير أعمالنا.
وللقصة بقية!

 

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدار المصریة إلى القاهرة

إقرأ أيضاً:

محافظ المنوفية: تنفيذ مشروع صرف صحي في بركة السبع بتكلفة 75 مليون جنيه

تفقد اليوم اللواء إبراهيم أبو ليمون، محافظ المنوفية، مشروع صرف صحي طوخ طنبشا الرئيسية بمركز ومدينة بركة السبع بتكلفة تقديرية 75 مليون جنيه، تنفيذ شركة النصر للمباني والإنشاءات «إيجيكو»، ضمن جولاته الميدانية المستمرة لمتابعة تنفيذ أعمال المشروعات التنموية والخدمية والوقوف على نسب التنفيذ وإزالة كافة المعوقات.

تفاصيل مشروع محطة رفع صرف صحي طوخ طنبشا 

واستمع المحافظ لشرح تفصيلي من رئيس الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحى عن الموقف الحالى ونسب التنفيذ، مشيراً إلى أن المشروع يتكون من محطة رفع وشبكات انحدار بطول إجمالى 14 كيلومترا وخط طرد بطول إجمالى 5.5 لخدمة 19 ألف نسمة، وتم الانتهاء من تنفيذ الأعمال المدنية بنسبة 97% والأعمال الكهروميكانيكية بنسبة 97% وشبكات الانحدار بنسبة 99%، فضلا عن الانتهاء من خط الطرد بنسبة 100% وتجارب التشغيل وضخ المياه حتى محطة المعالجة.

موعد تسليم المشروع 

وأكد محافظ المنوفية، أنه سيتم تسليم وتشغيل المحطة في مطلع الشهر المقبل، ومن المقرر افتتاحها ودخولها الخدمة في منتصف نوفمبر المقبل، مشيرا على أنه يولى اهتماما كبيراً بمشروعات البنية التحتية بقطاع مياه الشرب والصرف الصحي وتوصيلها لجميع قري ومراكز المحافظة، مؤكداً على استمرار زياراته الميدانية لكافة المشروعات لمتابعة نسب التنفيذ لضمان الالتزام بالجدول الزمني ومعايير الجودة لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطن.

مقالات مشابهة

  • مؤتمر لاتحاد القبائل والعائلات المصرية لحل المشكلات التي تواجه أبناء سيناء
  • العشري: نسعى لتنفيذ رؤية الدولة بتعزيز وتنشيط الصادرات المصرية
  • غرفة القاهرة: نسعى لتنفيذ رؤية الدولة بتعزيز وتنشيط الصادرات المصرية
  • غرفة القاهرة تُنظم مُلتقى لدعم تنمية ونفاذ الصادرات المصرية للأسواق الدولية
  • محافظ المنوفية: تنفيذ مشروع صرف صحي في بركة السبع بتكلفة 75 مليون جنيه
  • من القاهرة إلى دبي.. رحلة الابتكار التي ستُغير ملامح المستقبل
  • بعد الإعتداءات الإسرائيليّة على لبنان.. حفيد الخميني يُوجّه رسالة إلى نصرالله ما هو مضمونها؟
  • معرض الكتاب بنقابة الصحفيين.. أخبار متوقعة ليوم الأربعاء 25 سبتمبر 2024
  • غرق تلميذتين في بركة مائية بتنغير