عندما وقعنا في خير أعمالنا! رسالة إلى عبد العزيز بركة ساكن
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
زياد مبارك | كاتب وناشر سوداني
لا أعرف ما الذي انتابك في زيارتك الأخيرة إلى القاهرة، التي رتبنا لها معاً بالتزامن مع نشر روايتك الأخيرة (الأشوس الذي حلّقت أحلامه مثل طائرة مسيّرة)، اقترحت عليك في البداية، لمّا كانت الرواية مخطوطة أعمل على مراجعتها وتحريرها؛ أن تحضر إلى القاهرة لإشهارها في حفل تدشين بمكتبة تنمية.
لعلك لم تنس أنك أرسلت لي مسودة أولية لروايتك بعنوان (الإشيوس)، وطلبت مني مراجعتها وتحريرها، وبعد أن فرغت منها أعدتها لك بعنوانها الذي صدرت به، وأجزت الرواية بتحريري والعنوان الذي اقترحته لها للطباعة والنشر. وعند وصولك إلى القاهرة أرسلت مندوباً عني ليسلمك 400 نسخة من الكتاب في منزلك. ولم تكلف نفسك بشكر الذين أشرفوا على نجاح ندواتك بالقاهرة، وكان الجزاء هو انتقادك للناشرين السودانيين، واتهامهم بمصادرة حقوقك في الندوات التي استضافتك فيها الدور المصرية، فكان واضحاً زحفك لإرضائهم بالطعن في الناشرين السودانيين، وإطلاق فرقعات صوتية من التظلم الزائف، وأعلم أكثر من غيري أنك فعلت ذلك لحلب المزيد من المصالح، حتى لو تجاوزت الأُطر الأخلاقية التي كان يتوجب عليك الالتزام بها.
كنت أعرف من قبل –كما تعلم- أنك تبيع الكتاب الواحد من كتبك، لعدة ناشرين بصورة احتكارية في نفس الآن، وبعد أن تفرغ من حلب الجميع، تحاول حل المشاكل الناتجة من هذا التصرف بالوساطات والترضيات والكلام المنمّق، مستغلاً اسمك وشهرتك اللذين جعلا هذه المشاكل تحل خارج ساحات المحاكم. ولكن، يبدو أن شعور العظمة الذي طغى عليك في زيارتك الأخيرة للقاهرة، جنحَ بك لحالة من الوهم وعدم التمييز، وبعد أن بعت نسخ روايتك (الأشوس)، وشحنت جزءاً منها لباريس، فكرت وقدرت ثم قرصنت مئات النسخ، لتطير بها إلى جوبا، وتعقد ندوة لتوقيع النسخ المقرصنة!
أذكّرك؛ أنني في نقاشاتنا المبكرة قبل أن تصل إلى القاهرة، عندما سألتني عن توقعاتي لحفل تدشين الرواية بالقاهرة، أخبرتك أن مستحقاتك من النسخ لن تكفيك، ولكني لا أمانع أن أسلمك ما تحتاجه زيادة على مستحقاتك، لأن عودتك لأوروبا مروراً بجوبا ستكون مناسبة لحفل تدشين آخر. وهو ما لم تكن منتبهاً له، واستحسنت الفكرة، واتفقنا على ذلك.
لا أعتقد أنه من الطبيعي، لأي عاقل، أن تلجأ لقرصنة الكتاب في إحدى دور النشر المصرية من فئة دور "تحت السلم"، والأدهى أنك سلمتها الملف الإلكتروني الخاص بالنسخة الأصلية! قل لي فيم كنت تفكر حين مزقت عدة صفحات من جميع الكتب المقرصنة بيدك: صفحة البيانات الداخلية، والصفحة الأخيرة المطبوع عليها لوغو الدار الرسمية، والغلاف الخلفي؟!
هل يوجد كاتب يحترم نفسه، وطنينه عن حقوق الملكية الفكرية على الأقل، يفعل فعلتك هذه؟! هل ترى أنك احترمت تاريخك ككاتب مشهور ولديه جمهور يحترمه ويقدره؟!
المضحك في هذا البؤس، هو إجابتك للذين سألوك في ندوة جوبا، عن سبب تمزيقك لصفحتين من الكتاب، بالإضافة لغلافه الخلفي: اعترفت لهم بأنك طبعت نسخاً مقرصنة من الكتاب لتغطي مصروفاتك في جوبا! ولأجل هذا لم تعلن عن هذه الندوة بصفحتك، كما لم تعلن الدار المصرية عن طباعتها للكتاب.
وما أن علمت بأن ما فعلته في جوبا لم يعد خافياً على أحد، وتيقنت أن الموقف صار فضيحة لاسمك، وأنني كناشر للكتاب قد تحصلت على نسخ منه، وأخبرتك صراحة برفضي لاعتذارك ونيتي لاسترداد حقوقي، حتى أوغلت في وحل من الابتزاز والتهديد والرعونة، ونكلت بالعقد الذي بيننا. ولكن لم أتوقع أن يبلغ بك الجحود والاجحاف إلى تقديم شكوى لاتحاد الناشرين المصريين ضد الدار المصرية الزميلة التي تستخرج تراخيص النشر بتوكيل من الناشر لظروف حرب السودان، لتبلغ الاتحاد بأنك تفاجأت بنشر كتابك (الأشوس) من غير علمك! وتطلب مصادرة الكتاب ومنعه من التداول! بعد أن وقعته لمئات القراء في ثلاث ندوات على الأقل في القاهرة!
في الحقيقة كنت في حرج بالغ وأنا أتحدث مع مديرة الدار المصرية لشرح الموقف، بعد استدعائها للجنة فض النزاعات بالاتحاد، هذه الدار المصرية قدّمت موقفاً مشرّفاً وعظيماً بوقوفها بجانب الناشرين والمؤلفين السودانيين، وتكبدت مجهوداً كبيراً ليستمر النشر للمؤلفين السودانيين بعد توقف تراخيص النشر بالسودان منذ بدء الحرب قبل عام ونصف العام. من المؤسف أن يصدر منك هذا التصرف لتعالج جريمة ارتكبتها ويعاقب عليها قانون الملكية الفكرية، بإقحام من ليس لهم ذنب، فأنت المسؤول عن أخطائك وعليك التحلي بالشجاعة لتحمّل نتائجها. وما أسعدني بشكل خاص أن مديرة الدار قدّرت الموقف، وردّت باختصار: إنها تعرف جيداً نموذج الرجل السوداني!
وما فعلته غير ذلك يهون بجانبه كل ما فعلته سابقاً. ولكن أعدك أن يلتصق بتاريخك كل ذلك، وستقع إن شاء الله في شر أعمالك كما وقعنا في خير أعمالنا.
وللقصة بقية!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدار المصریة إلى القاهرة
إقرأ أيضاً:
برلماني: تحركات الدبلوماسية المصرية تعكس مكانة القاهرة كمرجعية لحل أزمات المنطقة
أكد المهندس أحمد صبور، عضو مجلس الشيوخ، أن النشاط الدبلوماسي للرئيس عبدالفتاح السيسي والذي بدأ باستقبال الرئيس الفرنسي واختتم بجولة خليجية ضمت قطر والكويت، يعكس مدى الثقة التي يوليها المجتمع الدولي والإقليمي لمصر، ويؤكد أن القاهرة باتت حاضرة بقوة في دوائر التأثير السياسي في منطقة الشرق الأوسط وخارجها، بما تمتلكه من رؤية متوازنة ومواقف راسخة تدعم الأمن والاستقرار.
وأوضح" صبور "، أن استقبال الرئيس السيسي لكل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ثم عقد قمة ثلاثية في القاهرة لمناقشة تطورات الأوضاع في قطاع غزة، يمثل دلالة واضحة على وحدة المواقف المصرية الأردنية الفرنسية، مشيرا إلى أن هذه القمة شكلت نقطة انطلاق جديدة لتحركات دولية هدفها وقف الحرب في غزة وضمان دخول المساعدات الإنسانية، والتأكيد على رفض مصر الكامل لسياسات التهجير أو التصعيد العسكري.
وأضاف عضو مجلس الشيوخ، أن استقبال الرئيس لرئيس إندونيسيا، في إطار زيارته الرسمية للقاهرة، يعكس أيضا حرص مصر على الانفتاح على دول جنوب شرق آسيا، وتعزيز شراكاتها مع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة، وهو ما يعزز من توازن السياسة الخارجية المصرية، ويؤكد مكانة الدولة في دوائر الحوار الدولي، فضلا عن خلق موقف إقليمي موحد تجاه رفض التهجير القسري للفلسطينيين، ودعم الجهود المبذولة من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واستئناف المفاوضات.
وأشار "صبور"، إلى أن جولة الرئيس السيسي الخليجية، حظت بأهمية كبيرة من حيث التوقيت والملفات المطروحة، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، مؤكدا أن العلاقات المصرية الخليجية ركيزة أساسية في معادلة الأمن القومي العربي، وأن هذه الزيارات تعكس التشاور والتنسيق الدائم بين القيادات العربية لمواجهة التحديات الإقليمية المتسارعة، خصوصًا ما يتعلق بالأوضاع في غزة وأمن البحر الأحمر.
وأشار النائب أحمد صبور، إلى أن تعدد اللقاءات الإقليمية والدولية في وقت زمني قصير يدل على فاعلية السياسة الخارجية المصرية، وقدرتها على التحرك بكفاءة في ملفات متشابكة، ما يعزز من ثقة العالم في القيادة المصرية كعنصر توازن وضامن رئيسي للاستقرار في الشرق الأوسط.