في الوقت الذي ألقى فيه قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، نفذ الجيش السوداني غارات جوية وقصفا مدفعيا، الخميس، في الخرطوم تزامنا مع خوضه قتالا "شرسا" ضد قوات الدعم السريع في العاصمة، بحسب ما أفاد مصدر عسكري وشهود وكالة فرانس برس.

وفي حديث لقناة "الحرة" يقول الكاتب والباحث المتخصص في الشأن السوداني، جاستين لينش، إن "السودان على حافة الكارثة: فشل دولي وإخفاقات أممية".



وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعرب الأربعاء، عن "قلق بالغ إزاء تصعيد النزاع في السودان".

الانزلاق إلى كارثة
"أمة تنزلق إلى الكارثة"، هكذا وصف لينش، ما يحدث في السودان في حديثه لقناة "الحرة"، منتقدا ضعف استجابة المجتمع الدولي والتحركات الدبلوماسية تجاه الأزمة في السودان، مؤكدا أن التحركات التي حدثت قبل عقدين كانت أكبر.

ويرى لينش أن ما نراه في السودان "يعبر عن فشل منهجي للأمم المتحدة.. والافتقار للإرادة السياسية للأمين العام والوكالات التابعة له".

وحذر المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الأربعاء من أن الأوضاع مروعة في السودان.

وقال "إذا لم يمت الناس بالرصاص، فإنهم يموتون من الجوع. وإذا تمكنوا من البقاء على قيد الحياة، يواجهون الأمراض أو الفيضانات أو التهديد بالعنف الجنسي وغيرها من الانتهاكات المروعة التي لو ارتكبت في أماكن أخرى لتصدرت عناوين الصحف اليومية، في حين لا يحصل هذا هنا".

والسودان من بين الملفات التي تتصدر جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، ويهيمن تدهور الأوضاع الإنسانية وأزمة اللاجئين على المناقشات المتعلقة بالسودان.

أكثر من عشرة ملايين شخص نزحوا داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك
الولايات المتحدة تعلن مساعدة إنسانية جديدة للسودان بقيمة 424 مليون دولار
أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، مساعدة جديدة بقيمة 424 مليون دولار إلى النازحين السودانيين خلال اجتماع رفيع المستوى في الأمم المتحدة بشأن الحرب الدامية المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وانزلق هذا البلد إلى حرب مدمرة العام الماضي، وتسببت حتى الآن بسقوط عشرات آلاف القتلى ونزوح أكثر من عشرة ملايين شخص لجأ أكثر من مليونين منهم إلى دول أخرى، فيما يعاني حوالي 26 مليون سوداني يمثلون نصف السكان من انعدام حاد في الأمن الغذائي، بحسب الأمم المتحدة.

كذلك، نزح أكثر من عشرة ملايين شخص، أي نحو 20 في المئة من السكان، بسبب القتال أو أجبروا على اللجوء إلى دول مجاورة. وتسبب النزاع بأزمة إنسانية هي من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة.

دول تغذي الصراع
منظر للدمار في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان
في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أعرب البرهان عن أسفه لكون قوات الدعم السريع "تجد الدعم والمساندة من دول في الإقليم تمدهم بالمال والمرتزقة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في تحد صارخ للقانون والإرادة الدولية".

ولم يسم البرهان الدول، لكن حكومته تتهم على الدوام الإمارات بإمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة عبر تشاد في انتهاك صارخ لحظر الأسلحة المفروض على السودان.

وأشار الكاتب لينش إلى أن "الإمارات تقدم الدعم لقوات الدعم السريع، من دون أي ضغوط دولية كافية لمنع ذلك"، ودعا الأمم المتحدة "إلى وقفة مع ذاتها" لتقييم الوضع إذ أن "الطرفين المتحاربين في السودان مسؤولان عما يحدث".

وقال في حديثه لقناة الحرة إن هناك "مخاوف حقيقية من الأمم المتحدة أو الدول الغربية من اتهام الإمارات بشكل مباشر بأنها الداعم الرئيسي بالسلاح لقوات الدعم السريع، وهناك أطراف أخرى تدعم الجيش السوداني، إذ يوجد تقارير تتحدث عن دعم مصري وإيراني له".

الجيش السوداني يبدأ عملية "واسعة النطاق" ضد قوات الدعم السريع
بدأ الجيش السوداني تحركات عسكرية، الخميس، وتقدم عبر عدد من الجسور التي تربط مدن العاصمة الثلاث متقدما نحو أهداف لقوات الدعم السريع، في تطور بارز في المعارك بين الجانبين والتي بدأت قبل أكثر من عام وأدخلت البلاد في أزمة سياسية وإنسانية واقتصادية كبيرة.
وفي العام الماضي خلص خبراء أمميون إلى أن الاتهامات للإمارات "ذات صدقية"، ويقول دبلوماسيون إن الولايات المتحدة مارست بعيدا من العلن ضغوطا على الإمارات على خلفية دعمها قوات الدعم السريع.

منذ بدء الحرب، تدور المعارك المحتدمة في الغالب في مناطق مكتظة بالسكان، واتهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك القصف العشوائي للمناطق السكنية.

وقالت جويس مسويا القائمة بأعمال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة إن "الشعب في السودان عاش الجحيم مدى 17 شهرا، والمعاناة في تزايد".

الفاشر تحت الحصار
والفاشر واحدة من خمس عواصم ولايات في إقليم دارفور وهي الوحيدة التي لم تسقط في أيدي قوات الدعم السريع التي تخوض معارك ضد القوات المسلحة السودانية منذ أبريل 2023.

حذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الخميس من القتال العنيف للسيطرة على مدينة الفاشر السودانية، محذرا من أعمال عنف بدوافع عرقية إذا سقطت في أيدي قوات الدعم السريع التي تحاصرها.

وقال تورك في بيان "على القتال أن يتوقف فورا. كفى يعني كفى".

عانت دارفور، وهي منطقة بمساحة فرنسا يقطنها حوالي ربع سكان السودان، من سنوات من أعمال العنف العرقية التي ارتكبتها ميليشيا الجنجويد التي شكلت لاحقا نواة قوات الدعم السريع.

أطلقت قوات الدعم السريع هجوما نهاية الأسبوع الماضي في الفاشر التي تعد حوالي مليوني نسمة، بعد حصار دام شهورا.

وقال تورك "بناء على تجربة الماضي المريرة، إذا سقطت الفاشر، هناك خطر كبير بوقوع انتهاكات بدوافع عرقية، بما في ذلك عمليات إعدام بإجراءات موجزة وعنف جنسي من قبل قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها".

تمرد وقتل ومجاعة.. الوضع "يزداد سوءا" في الفاشر
في واحدة من "أبشع الحروب في العالم" يدخل الصراع في السودان مراحل متقدمة من المعارك الوحشية حيث يتنافس جنرالان على السيطرة على البلاد.
وأعرب تحديدا عن قلقه بشأن مصير سكان مخيمي أبو شوك وزمزم للنازحين.

وقال إن "الأشخاص في هذين المخيمين يواجهون خطر التعرض لهجمات انتقامية بناء على هوياتهم القبلية، سواء الحقيقية او المفترضة، على اعتبار أنهم يتحدرون من ذات المجتمعات التي يتحدر منها قادة الحركات المسلحة الموالية للقوات المسلحة السودانية".

وأشار البيان إلى أن الأمم المتحدة وثقت "أنماطا مروعة من الانتهاكات ذات الدوافع العرقية، خصوصا ضد قبيلة المساليت" بعدما سيطرت قوات الدعم السريع على الجنينة وأردمتا في ولاية غرب دارفور العام الماضي.

وفي ظل تصاعد حدة المعارك للسيطرة على الفاشر، قال تورك إن مكتبه سجل "ازدياد حالات مقتل مدنيين نتيجة القصف والضربات الجوية من الجانبين".

وأفاد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أيضا بأنه وثق عمليات إعدام بإجراءات موجزة وأعمال عنف على أساس النوع الجنسي وبلاغات عن عمليات خطف طالت خمس نساء على الأقل وعددا من الشبان في الفاشر.

وحض تورك "المجتمع الدولي، بما في ذلك عبر مجلس الأمن، على القيام بالتحرك اللازم والفاعل لحماية المدنيين في السودان، لا سيما تلك المجموعات المعرضة على وجه الخصوص لخطر العنف المستهدف، وإلى ضمان احترام جميع الأطراف القانون الدولي".

واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق دقلو المعروف بحميدتي.

الحرة - واشنطن  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی الأمم المتحدة للأمم المتحدة فی السودان فی الفاشر أکثر من

إقرأ أيضاً:

بيان أممي يحذر من تصاعد القتال بـ"الفاشر" في السودان

حذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من تصاعد القتال بين الأطراف السودانية للسيطرة على مدينة الفاشر، مشيرًا إلى تزايد الخسائر والانتهاكات ضد المدنيين المحاصرين.
ودعا في بيان رسمي اليوم، إلى وقف فوري للقتال، محذرًا من خطر استهداف مجموعات عرقية في حال سقوط الفاشر.

تناول الاجتماع المستجدات في #السودان، وأهمية تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوداني الشقيق#اليوم | #المملكة_في_الأمم_المتحدة| @KSAMOFA | @FaisalbinFarhan
أخبار متعلقة نيويورك.. تفاصيل مشاركة وزير الخارجية في الاجتماع الوزاري بشأن السودانتستمر لمدة شهر.. السودان يطلق حملة كبرى لمكافحة الكوليرابمشاركة المملكة.. بيان مدريد يطالب الاحتلال بالانسحاب من غزة ومعبر فيلادلفياللمزيد: https://t.co/OCMMv3lGDB pic.twitter.com/FAVizGzx1t— صحيفة اليوم (@alyaum) September 26, 2024حماية المدنيينوحثّ الأطراف الالتزام بإعلان جدة لحماية المدنيين وضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، مطالبًا المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات لحماية المدنيين وضمان احترام تلك الالتزامات.

مقالات مشابهة

  • تجدد الاشتباكات في الخرطوم والفاشر وانقطاع الاتصالات بأم درمان
  • بيان أممي يحذر من تصاعد القتال بـ"الفاشر" في السودان
  • خبير: السودان على حافة الكارثة بعد الفشل الدولي
  • حميدتي مستعد لوقف إطلاق النار.. والبرهان يشترط إنهاء احتلال الدعم السريع
  • في رسالة مسجلة.. حميدتي يرد على كلمة البرهان أمام الأمم المتحدة
  • الجيش السوداني يشنّ غارات ضد قوات الدعم السريع في الخرطوم
  • في أكبر عملية عسكرية لاستعادة العاصمة الخرطوم .. الجيش السوداني يشن هجوما غير مسبوق على قوات الدعم السريع
  • غارات جوية في الخرطوم والجيش السوداني يهاجم مواقع شبه عسكرية  
  • شاهد بالفيديو.. مقلد أفراد الدعم السريع يسخر من مقتل القائد الميداني “قرن شطة” ويحذر “الدعامة” من القوات المشتركة: (أي زول مستعجل عاوز يسافر السماء ذات البروج يمشي الفاشر)