ما هي أدوات إسرائيل في ممارسة الحرب النفسية؟
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
فجّرت إسرائيل عن بُعد مئات الأجهزة المحمولة التي يستخدمها أعضاء حزب الله في لبنان، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا. وكان من بين ضحايا الهجوم الإرهابي طفلان، كما أصيب آلاف الأشخاص بجروح جراء الانفجار، مما أغرق المستشفيات اللبنانية في حالة من الفوضى.
في اليوم التالي، انفجرت أجهزة الاتصال اللاسلكي في جميع أنحاء البلاد، مما أودى بحياة 20 شخصًا.
وبالإضافة إلى القصف الجسدي، تتعرض الهواتف اللبنانية أيضًا لوابل من التحذيرات بالإخلاء من جانب إسرائيل، وهي شكل آخر من أشكال الإرهاب بالنظر إلى تاريخ إسرائيل في توجيه الناس للإخلاء، ثم قصفهم أثناء تنفيذهم الأوامر.
خلال حرب إسرائيل على لبنان التي استمرّت 34 يومًا في عام 2006، على سبيل المثال، تم ذبح 23 من سكان قرية مرواحين جنوب لبنان من مسافة قريبة بواسطة مروحية عسكرية إسرائيلية، بينما كانوا يتبعون التعليمات الإسرائيلية بمغادرة منازلهم. وكان معظم الضحايا من الأطفال.
ومن المؤكد أن وجود دولة إسرائيل قد تأسس منذ البداية على القتل الجماعي، وهو وضع أدى، من بين أمور أخرى، إلى استمرار الإبادة الجماعية في قطاع غزة، حيث تم قتل أكثر من 41,000 فلسطيني في أقل من عام، في حين أن العدد الحقيقي للقتلى، بلا شك، أعلى بكثير.
ورغم ذلك، فإن الهجوم المفاجئ المتمثل في تفجير الأجهزة الإلكترونية اللبنانية، وتكثيف الحرب النفسية يأخذ جهود إسرائيل التدميرية إلى منحى أكثر توحشًا وغرابة من المعتاد.
يعرف قاموس أكسفورد الإنجليزي كلمة "أورويلي" بأنها: "خاص أو ذو دلالة على كتابات" الكاتب البريطاني جورج أورويل، خاصة عن "الدولة الشمولية التي يصورها في روايته البائسة عن المستقبل، عام 1984". نُشرت الرواية في عام 1949، بالمصادفة بعد عام واحد من اختراع إسرائيل الدموي لنفسها على الأراضي الفلسطينية، عندما كان العام 1984 لا يزال بعيدًا بـ 35 عامًا.
وبحلول الوقت الذي جاء فيه عام 1984 فعليًا، كانت إسرائيل قد وسعت تجربتها في فرض الديستوبيا الإقليمية لتشمل لبنان أيضًا، حيث قتل الغزو الإسرائيلي للبلاد في عام 1982 عشرات الآلاف من اللبنانيين والفلسطينيين. وما أنجزته هذه الغزوة الأبوكاليبتية هو نشوء حزب الله، مما وفر عدوًا "إرهابيًا" آخر تستغله إسرائيل لتبرير عدوانها في المستقبل.
يُعد كتاب أورويل "1984" أيضًا مصدر عبارة "الأخ الأكبر يراقبك"، وهي تعليق على أنظمة المراقبة التي تنطبق منذ فترة طويلة على إسرائيل، لا سيما بالنظر إلى دورها الطليعي في صناعة برامج التجسس العالمية.
كما هو الحال مع المكونات الأخرى في ترسانة إسرائيل القمعية، يتم تعزيز قابلية تسويق تكنولوجيا الاختراق الإسرائيلية بحقيقة أن كل هذه الخبرة، يتم اختبارها ميدانيًا على الفلسطينيين.
في مقال نُشر في "مجلة القدس" بعنوان: "إستراتيجيات المراقبة: النظرة الإسرائيلية"، أشار عالم الاجتماع الفلسطيني الراحل إيليا زريق إلى أن مراقبة إسرائيل العقابية للفلسطينيين بدأت حتى قبل تأسيس الدولة الإسرائيلية، عندما تم تجميع بيانات حول القرى الفلسطينية لتسهيل الغزو والطرد.
في الوقت الحاضر، تشكل الحواجز الإسرائيلية الصارمة في الضفة الغربية أحد وجوه "الأخ الأكبر"، بينما في غزة، يضيف تطبيق إسرائيل برنامج التعرف على الوجه مزيدًا من الإهانة إلى جريمة الإبادة الجماعية.
أما في لبنان، فنحن نشهد ما يحدث عندما يكون "الأخ الأكبر" قادرًا أيضًا على تفجير أجهزتك الإلكترونية الشخصية، وهي جريمة تستحق الإدانة القاطعة بوصفها إرهابًا، لكن مع ذلك تم الإشادة بها كـ"هجوم متطور" في بعض وسائل الإعلام الغربية المبهورة.
وفقًا للقانون الإنساني الدولي، "يحظر في جميع الظروف استخدام أي لغم أو فخ أو جهاز آخر مصمم للتسبب في إصابة زائدة أو معاناة غير ضرورية". وحسب القانون، يشير مصطلح "أجهزة أخرى" إلى "الذخائر والأجهزة التي تُزرع يدويًا، بما في ذلك العبوات الناسفة التي صُممت للقتل أو الإصابة أو التدمير، وتُفعّل يدويًا أو بالتحكم عن بُعد أو تلقائيًا بعد فترة من الوقت".
ومع ذلك، يحظر القانون الدولي أيضًا الاستهداف المتعمد للمدنيين، وهو الأمر الذي لم يمنع إسرائيل أبدًا من القيام بذلك.
في حرب عام 2006 على لبنان، قتلت القوات الإسرائيلية ما يقارب 1,200 شخص، غالبيتهم العظمى من المدنيين، وفي الأيام الأخيرة من الصراع، أطلقت ملايين الذخائر العنقودية على لبنان، وفشل العديد منها في الانفجار عند الارتطام، مما تسبب في إصابة وقتل المدنيين لسنوات بعد ذلك. وما هذا إلا انتهاك آخر لحظر الألغام والفخاخ.
كما هو الحال مع الأجهزة المحمولة المتفجرة، فإن القنابل العنقودية غير المنفجرة ليست مجرد أسلحة بحد ذاتها؛ بل هي أيضًا أدوات للحرب النفسية، مصممة لإبقاء السكان المدنيين في حالة من الرعب الدائم.
ومع شروع إسرائيل في تطبيع المراقبة القاتلة والاضطراب النفسي غير المقيد في كل من غزة ولبنان، سيكون من الحكمة أن يتذكر معجبو هجوم الثلاثاء "المتطور" أن الديستوبيا طريق زلق.
الدور الأساسي الذي تلعبه إسرائيل في تشكيل البنية التحتية للمراقبة والتحصينات على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك دليل كافٍ على أن "الأخ الأكبر" لا يعرف حدودًا. وبينما تنفجر أجهزة الاتصال اللاسلكي في خلفية إبادة جماعية بدعم أميركي، كيف سيستطيع أحدهم رسْم حدود لهذه الكارثة؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأخ الأکبر إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
القوات الاحتلال الإسرائيلية مستمرة في تدمير قرى جنوب لبنان
يناير 4, 2025آخر تحديث: يناير 4, 2025
المستقلة/-يستمر الجيش الإسرائيلي في سياسة التدمير وتفجير المنازل في القرى الحدودية اللبنانية التي لا يزال يحتلها، مما يؤخر دخول الجيش اللبناني إلى الناقورة التي كان يفترض أن تنسحب القوات الإسرائيلية منها، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
وفي الوقت الذي كان رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، يقوم بجولة في بلدة الخيام التي كانت قد انسحبت منها القوات الإسرائيلية وانتشر فيها الجيش اللبناني، برفقة قائد اللواء السابع العميد الركن طوني فارس، ووفد مرافق، كان الجيش الإسرائيلي في تلك الأثناء يواصل خروقاته وتفجيره المنازل وتدميرها.
وأعلنت السفارة الأميركية في بيان أن «الجنرال جاسبر جيفرز، يرافقه ضابط من الجيش اللبناني، زارا اليوم قوات الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني، وتضمنت الرحلة زيارة إلى بلدة الخيام، وهي أول منطقة حدودية تنتقل بالكامل إلى السيطرة اللبنانية منذ توقيع اتفاقية وقف الأعمال العدائية في 27 أكتوبر (تشرين الأول) 2024».
ولفت البيان إلى أنه خلال الزيارة، عبّر الجنرال جيفرز عن إعجابه بـ«حرفية الجيش اللبناني وتفانيه؛ فهو يعمل على مدار الساعة لتوفير الأمن وتفكيك الذخائر غير المنفجرة لكي يتمكن المواطنون اللبنانيون من العودة بأمان إلى ديارهم».
بلدة الناقورة
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، الجمعة، بتواصل الخروقات الإسرائيلية في القرى التي تحتلها إسرائيل في الجنوب، حيث هدمت جرافاتها منازل في أحياء بلدة الناقورة وسوّتها بالأرض، الأمر الذي أخّر دخول الجيش اللبناني إلى البلدة، علماً بأن المقر العام لـ«اليونيفيل» يقع في الناقورة.
وأشارت الوكالة إلى أن «طريق البياضة – الناقورة شهد دوريات وتحركات كثيفة لقوات (اليونيفيل)، إلى جانب قوات الجيش اللبناني الذي وضع عوائق أسمنتية عند طريق الحمرا – البياضة الساحلي، في اتجاه الناقورة؛ لمنع سلوك الطريق إلى البلدة، باستثناء آليات (اليونيفيل) وموظفيها». وفي الأثناء، تستمر فرق الهندسة في الجيش اللبناني بمسح المناطق التي انسحبت منها قوات الجيش الإسرائيلي في بلدة شمع، بالإضافة إلى البياضة.
كما أفادت الوكالة بأن قوة إسرائيلية مؤلفة من آليات «هامر» تقدمت من بلدة كفركلا باتجاه أطراف برج الملوك حيث وضعت أسلاكاً معدنية قطعت بها الطريق قبل أن تغادر المنطقة.
عملية تمشيط واسعة
وفي إطار سياسة التدمير التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي في عشرات القرى الحدودية التي يمنع عودة الأهالي إليها بحجة أنه يقوم بتدمير مواقع ومنصات عسكرية تابعة لـ«حزب الله»، أفادت «الوكالة الوطنية» بقيامه يوم الجمعة بعملية تمشيط واسعة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين بلدتَي بني حيان وطلوسة، كما نفذ عملية نسف في محيط بلدة بني حيان، وعملية أخرى كبيرة في كفركلا سُمع دويّها في أرجاء الجنوب.
وبينما عمد الجيش الإسرائيلي إلى رفع السواتر وإقفال طريق بني حيان من جهة وادي السلوقي، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن سحب الدخان ترتفع من محيط مسجد بلدة بني حيان جراء التفجير الذي قامت به القوات الإسرائيلية، مشيرة إلى قيام الجيش الإسرائيلي أيضاً بإحراق منزلين في البلدة بعد تفتيشهما، وقام بعمليات تجريف في الوادي الذي يصل إلى البلدة من الجهة الغربية وصولاً إلى وادي السلوقي.
واستمر الجيش الإسرائيلي في تحذير عشرات القرى في جنوب لبنان من العودة إليها، ومنها بلدات كان قد انسحب منها وانتشر فيها الجيش اللبناني، على غرار شمع والخيام، في حين لم تغب الطائرات الاستطلاعية والمسيّرة عن التحليق فوق أجواء بيروت وضواحيها والقطاعين الغربي والأوسط في قضاءَي صور وبنت جبيل.
المصدر: نداء الوطن