رأت صحيفة "The Telegraph" البريطانية أنه "مع احتمال شن إسرائيل عملية برية في لبنان، فإن الأنفاق التابعة لحزب الله لا تقدم سوى لمحة عن نوع المنطقة المغلقة والصعبة التي سيواجهها الجيش الإسرائيلي. ويُخشى الآن أن تكون شبكة أنفاق حزب الله قد أصبحت أكثر اتساعا وتطورا خلال السنوات الأربع منذ اكتشافها من قبل الجيش الإسرائيلي، مما يشكل تحديا لإسرائيل إذا اختارت غزو جنوب لبنان بريا.
وتقدر إسرائيل أن شبكة الأنفاق تمتد لمئات الكيلومترات. ونشر حزب الله مؤخرا لقطات تظهر شاحنة محملة بقاذفات صواريخ تمر عبر أنفاق طويلة ومتعرجة. ويظهر في نفس المقطع الدعائي جنود حزب الله وهم يقودون دراجات نارية عبر أنفاق تحيط بمركز قيادة، عماد 4، ويمرون أمام ملصقات للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله". وبحسب الصحيفة، "إن عماد 4 هو منشأة مستوحاة من قواعد مماثلة في إيران وكوريا الشمالية، ومن المرجح أنها بُنيت في وادي البقاع وليس جنوب لبنان. ويقول نصر الله أنه بدأ في توسيع الأنفاق في أعقاب حرب لبنان وإسرائيل عام 2006، وتقول إسرائيل إن الأنفاق متشابكة مع منازل في قرى ومجتمعات أخرى في كل أنحاء جنوب لبنان. وتظل شبكة الأنفاق محاطة بالسرية، ويطلق عليها بعض المحللين الإسرائيليين "أرض الأنفاق"، ويقولون إنهم يستلهمون الخبرة المباشرة من شبكات مماثلة تحت الأرض في إيران، الداعم العسكري الرئيسي لحزب الله، وكوريا الشمالية". وتابعت الصحيفة، "قال رونين سولومون، وهو محلل استخباراتي إسرائيلي خدم في الجيش الإسرائيلي كمرافق لفريق الهندسة الذي فجر الأنفاق منذ عام 1984، إن تدميرها سيكون معقدًا للغاية. وقال: "إذا كانت إسرائيل ستهاجم الأنفاق، فإنها بحاجة إلى مهاجمة المباني. والقيام بذلك، وخاصة في بيروت، سيكون بداية حرب".وأضاف أن هناك خمسة أنواع مختلفة من الأنفاق: الأنفاق الهجومية كما نراها على الحدود مع إسرائيل، والأنفاق اللوجستية، وأنظمة الأنفاق التي بنيت لغرض تهريب الإمدادات عبر سوريا. هناك أيضًا أنفاق لتخزين
الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي المحفورة في جبال منطقة البقاع، وفي أجزاء أخرى من لبنان. وأخيرًا، هناك أنفاق تستخدم لمرافق إطلاق الصواريخ تحت الأرض". وأضافت الصحيفة، "تابع سولومون قائلاً: "الآن، أصبحت الأنفاق أشبه بما نراه في إيران. فهناك أنفاق تحت القرى في جنوب لبنان، مخبأة بالأشجار، وتضم منصات لإطلاق الصواريخ. وفي بيروت، توجد أنفاق تحت المباني كما رأينا في غزة. وهناك أيضًا ملاعب كرة قدم في جنوب لبنان تضم أنفاقاً تحتها". ولكن الأنفاق ليست سوى عنصر واحد من ترسانة حزب الله، التي هي أكثر تطوراً واتساعاً من الأسلحة البدائية التي جمعتها حماس في قطاع غزة. ويقال إن حزب الله يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ، بما في ذلك الأسلحة المتطورة الموجهة بدقة مثل فاتح 110 الإيراني الصنع وM-600السوري الصنع. ويبلغ مدى الصواريخ الباليستية hgقصيرة المدى 250-300 كيلومتر وتحمل رؤوساً حربية شديدة الانفجار تزن 450-500 كيلوغرام". وبحسب الصحيفة، "لقد نجح حزب الله في الحصول على صاروخ سبايك الإسرائيلي المضاد للدبابات خلال حرب 2006، وهو إنجاز بحد ذاته، ثم سلم الصاروخ إلى إيران، التي بدأت في هندسة عكسية له لإنشاء نسخة خاصة بها، التي أطلق عليها اسم "ألماس". ومثل صاروخ "سبايك" الأصلي، يمكنها ضرب أهداف خارج خط الرؤية، ويمكن إطلاقها يدويًا بواسطة جندي، أو من مركبة، أو مروحية، أو من البحر. ويشكل صاروخ "ألماس" تهديدًا كبيرًا للجنود الإسرائيليين المتمركزين على طول الحدود حيث أن نظام الدفاع الصاروخي غير مجهز لاكتشافهم أو إسقاطهم بسبب ارتفاعهم المنخفض. ويملك حزب الله آلاف الصواريخ الصغيرة، والتي استخدم معظمها منذ 8 تشرين الأول ضد إسرائيل، مثل صواريخ فلق-1 وفلق-2 غير الموجهة وصواريخ الكاتيوشا المدفعية". وتابعت الصحيفة، "في حرب عام 2006، أطلق حزب الله صاروخ فجر-5 الإيراني الصنع على إسرائيل لأول مرة. وقال درور دورون، المستشار البارز في مجموعة الحملة "متحدون ضد إيران النووية"، والذي عمل أيضاً محللاً بارزاً في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله في ذلك الوقت، هو الذي بادر بعملية إعادة التسلح. وبعد اغتيال مغنية على يد إسرائيل في عام 2008، "استولى الحرس الثوري الإيراني على المشروع. كان مشروعًا إيرانيًا"، كما قال دورون. وأضاف أن تهريب الصواريخ الباليستية وغيرها من الصواريخ الموجهة بدقة بعيدة المدى إلى لبنان عبر سوريا تسبب في قيام إسرائيل بشن حملة من الغارات الجوية في سوريا في عام 2014 لاستهداف القافلة التي تحمل الصواريخ.وقال دورون: "حددت إسرائيل سوريا كعنصر حاسم في طريق توريد تلك الصواريخ". وأضافت الصحيفة، "لقد أنتج حزب الله أسلحة داخل لبنان، مما جعل من الصعب على إسرائيل استهدافها حيث سيُنظر إلى ذلك على أنه عمل حربي. كما أن الفوضى التي أحدثتها الحرب الأهلية في سوريا وانضمام العديد من الفصائل الإقليمية إلى المعركة جعلت من السهل على إسرائيل تنفيذ موجات متتالية من الضربات الجوية منذ عام 2014 وصاعدًا. من حيث القوات البرية، يُقدر أن حزب الله لديه ما يصل إلى 100 ألف مقاتل مدرب، بما في ذلك 20 ألف مقاتل بدوام كامل. ولكن الهجوم التخريبي الضخم الذي شُن على حزب الله الأسبوع الماضي، والذي انفجرت فيه أجهزة النداء واللاسلكي التابعة لكبار أعضاء حزب الله، أدى إلى تقليص أعدادهم جزئياً. ويقول المسؤولون اللبنانيون إن ما يصل إلى 3000 شخص أصيبوا بجروح نتيجة لانفجار أجهزة النداء وحدها". وبحسب الصحيفة، "تشن إسرائيل حاليًا غارات جوية مكثفة يوميًا عبر جنوب لبنان لاستهداف ترسانات الصواريخ الضخمة، التي يُقال إنها مخبأة داخل المباني المدنية. ومن غير الواضح عدد الصواريخ التي دمرتها إسرائيل، لكن العدد بالآلاف، وفقًا للجيش الإسرائيلي. وفي أعقاب حرب عام 2006، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 1701 والذي يدعو إلى وقف إطلاق نار دائم بالإضافة إلى إبعاد حزب الله عن جنوب لبنان. لكن حزب الله فعل العكس تمامًا وفقًا لخبراء عسكريين إسرائيليين ومسؤولين رفيعي المستوى سابقين، الذين أخبروا صحيفة التلغراف أن حزب الله بدأ في إعادة بناء قدراته العسكرية، وخاصة ترسانته الصاروخية.والواقع أن العديد من البلدان كانت متورطة في هذه العملية، وأهمها داعم الحزب المالي، طهران". وتابعت الصحيفة، "مع تزايد التوقعات بشن هجوم بري محتمل، قال يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إن "أكبر خطأ" ارتكبته إسرائيل هو عدم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد حزب الله في وقت سابق، حتى قبل حرب 2006. ووفقًا لعميدرور، فإن إسرائيل لديها الآن هدفان: ضمان عدم تمكن حزب الله من تنفيذ نسخته الخاصة من هجوم 7 تشرين الأول في المستقبل، وإلحاق الضرر بالقدرة العسكرية لحزب الله إلى الحد الذي لن يتمكن بعده من ردع إسرائيل في المستقبل". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
جنوب لبنان
لحزب الله
حزب الله
إقرأ أيضاً:
فشل الغرب في الحرب التي شغلت العالم
– لا يستطيع قادة الغرب وكيان الاحتلال إنكار أن هذه الحرب التي تشارف على نهايتها في قطاع غزة، كانت حربهم معاً، وأنه لولا حجم انخراط الغرب مباشرة فيها إضافة إلى التمويل والتسليح والاستنفار وجلب الأساطيل لما استطاع الكيان الصمود حتى هذه الأيام، ولا يستطيع أيّ منهم إنكار أنهم وضعوا ثقلهم معاً سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً ومالياً للفوز بهذه الحرب التي تدور على مساحة 360 كيلومتراً مربعاً فقط، ما يعادل حياً صغيراً في أي مدينة كبرى، وأن الضربة الأولى في هذه الحرب يوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م كانت كافية لزعزعة عناصر قوة الكيان، ما أجبر الغرب كله على الهرولة إلى المنطقة بقادته وجيوشه وماله وسلاحه، واستنفار آلته الإعلاميّة والدبلوماسية لضمان أفضل مستويات الدعم والإسناد لجبهة الكيان بوجه غزة.
– تحوّلت الحرب قضية أولى على جدول أعمال الساسة والقادة والإعلام والشعوب على مساحة العالم، ورغم الخذلان العربي والإسلامي لغزة على مستوى الحكومات والشعوب، فقد نجحت غزة باستنهاض حلفاء لها يساندونها بجبهات قاتلت قتالاً ضارياً بلا هوادة، وتحمّلت تضحيات جساماً، خصوصاً في جبهتي لبنان واليمن، حيث تكفلت جبهة لبنان بإنهاء قدرات جيش الاحتلال على خوض حرب برية، وأجبرته على المجيء إلى وقف إطلاق للنار بدون مكاسب وهو يعترف ببقاء المقاومة على سلاحها، وما يعنيه ذلك من قبول مبدأ العودة إلى التساكن مع قوى المقاومة المسلحة على الحدود، رغم دروس الطوفان التي أجمع عليها قادة الكيان لجهة أن هذا التساكن يعني أن الخطر الوجودي على الكيان قائم وأن المسألة مسألة وقت، ومَن يقبل بالتساكن على الحدود الشمالية يقبل مثله على الحدود الجنوبيّة.
– نجح اليمن بتحدّي القوة الأمريكية والغربية البحرية بكل ما لديها من حاملات طائرات وسفن حربية ومدمرات وغواصات، وفرض إرادته رغماً عنها منجزاً حصاراً بحرياً على ميناء إيلات حتى تمّ إقفاله، وتسببت صواريخ اليمن وطائراته المسيّرة بتأكيد ما فرضته صواريخ لبنان وطائراته المسيّرة، لجهة عجز القبة الحديديّة بكل تقنياتها المتطورة رغم تدعيمها بشبكة صواريخ ثاد الأمريكية، فبقي المستوطنون يهرولون بمئات الآلاف إلى الملاجئ، وسقطت نظرية الأمن الإسرائيلية، وفشلت كل محاولات إخراج اليمن من موقعه كجبهة إسناد لغزة، بل إن أحد أسباب السير باتفاق ينهي الحرب كان اليقين بأن هذا هو الطريق الوحيد المتاح للتخلص من العقدة اليمنية وما تسببه لواشنطن وتل أبيب من إحراج.
– عوّضت التداعيات التي ترتبت على حرب غزة عالمياً عن الخذلان العربي والإسلامي، مع ظهور حركة الجامعات الغربية بحيويتها وحضورها المميز، وتطورها نحو إطلاق مد ثقافي فكري تاريخي لإثبات الحق الفلسطيني بكامل التراب الوطني الفلسطيني، وتوسّعت حركات المقاطعة الاقتصادية، وتسبّبت بتغييرات هيكلية في شبكة علاقات الشركات العالمية الكبرى بالكيان، وامتلأت شوارع عواصم الغرب بالملايين تهتف بالحرية لفلسطين، كما شهد العالم إعادة تموضع سياسية ودبلوماسية ونهوض حركة مساءلة قانونية بوجه جرائم الكيان ووحشيته، رغم التهديدات الأمريكية بالعقوبات، فقطعت دول علاقاتها بالكيان وأغلقت سفاراتها لديها وسحبت سفراءها من عاصمته، واعترفت دول أخرى بالدولة الفلسطينية، وذهبت دول لمقاضاة الكيان أمام المحاكم الدولية، وتحرّكت المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق قادة الكيان.
– عادت القضية الفلسطينية إلى وهجها كقضية دولية إنسانية وقانونية، لكن أيضاً كقضية استراتيجية يتوقف على حلها بصورة يقبلها الشعب الفلسطيني استقرار الشرق الأوسط، وتالياً سوق الطاقة واستقرار العالم، ولم يعُد العالم كما لم تعُد القضية الفلسطينية بعد هذه الحرب كما كان الحال قبلها، وهكذا حقق الطوفان أهدافه، وكانت عيون العالم على الطريقة التي سوف تنتهي من خلالها الحرب، لتحديد سقوف السياسة ومقدار القوة التي سوف ينجح الفلسطينيون في انتزاعها في ظل الضوء الأخضر الممنوح للكيان بتدمير كل ما يتصل بالحياة في غزة، وها هم يفرضون اتفاقاً لا يطال سلاح مقاومتهم، ولا يمنح الاحتلال أي امتيازات أمنية وجغرافية في قطاع غزة، ويجد أنه مجبر على إعلان انتهاء الحرب، وسوف يكون سقف تباهي حكام واشنطن وتل أبيب بما أنجز في غزة ولبنان واليمن هو ما قاله أنتوني بلينكن عن إنجازات أميركا وإسرائيل في لبنان، وسقفها إبعاد حزب الله عن الحدود، وقطع إمداده عبر سورية، لكن قوته باقية ولذلك فالإنجاز كما يقول إنه تمّ حرمان حزب الله من تشكيل تهديد راهن؛ بينما بعض الحمقى والمهابيل في لبنان يحتفلون بأن نزع سلاح حزب الله على الطاولة، وهكذا سوف يقولون عن غزة، تحييد التهديد الراهن؛ بينما يحتفل بعض مهابيل وحمقى الأجهزة في السلطة الفلسطينية بالحديث عن هزيمة المقاومة وحتمية نزع سلاح المقاومة.. ويبقى الأهم ما تقوله واشنطن وتل أبيب لا ما يردده أيتام الوحدة 8200، إن القضية هي منع التهديد اليوم وليس آلة القوة وأسباب القوة، لكن ماذا عن الغد، والاحتلال لن يحلم في أي منازلة مقبلة، وهي مقبلة حكماً، ما يشبه ما ناله في هذه الحرب ولم ينجح بتحقيق النصر؟.
رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية