بدعم من وزارة الثقافة ومؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان يساهم الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية 2024 في تعزيز مكانة الإمارات على خارطة السياحية العالمية عبر استقبال الزوار من خلفيات ثقافية مختلفة في معرض عنوانه “عبد الله السعدي: أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان” وتعريفهم على أعمال الفنان عبدالله السعدي الذي يشارك بمعرض فردي يضمُّ ثمانية أعمال مفاهيمية تجسد رحلاته ويومياته المرتبطة بالذاكرة والمكان من خرائط وأحجار ولفائف ورسومات ومنحوتات وصور فوتوغرافية من تضاريس دولة الإمارات المتنوعة، خالقاً بذلك حواراً موسّعاً مع المشاهد الطبيعية، تحديداً موطنه خورفكان، بما يظهر تأمّلاً حداثياً مع الذاكرة الثقافية للمكان، وعملاً مميزاً في تقديمِ تلك الذاكرة عبر رحلاتٍ شخصية تقدِّم رؤى معاصرة، تستدعي طرح أسئلة وقراءات جديدة، في سياق التجارب الإبداعية الإماراتية وتضاريسها المميزة.

وبمناسبة اليوم السياحة العالمي الذي يصادف 27 سبتمبر من كل عام، قال طارق أبو الفتوح القيّم الفني لجناح الإمارات في بينالي البندقية:” لطالما كان للثقافة وفنون الشعوب دور محوري في تعزيز مكانة الأماكن على الخارطة السياحية العالمية، وفي أعمال الفنان عبدالله السعدي في معرضه الفردي “أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان” في بينالي البندقية، تتشابك أعماله مع سلالة من الشعراء القدامى الذين ألهمتهم رحلاتهم في الصحراء لكتابة قصائد خالدة، كذلك يخلّد الفنان تلك اللحظات الكثيفة في علاقة الإنسان بالأرض والمكان والتضاريس المتنوعة في دولة الإمارات، ومكانتها في العالم الذي ينخرط معه في حوار حسّي عاطفي وجمالي ويقدّم لنا قراءة استثنائية برؤىً معاصرة للمكان في امتداده التاريخي والجغرافي وتفاعل كل هذه العناصر التي تصنع ذاكرة جمعية، لتمد جسوراً من المعرفة عن جمال دولة الإمارات.”

وأضاف أبو الفتوح: “يرتكز معرض الفنان الإماراتي “عبدالله السعدي: أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان” على الطبيعة والبحث في التراث الوطني لدولة الإمارات، بالإضافة إلى التاريخ الشخصي للفنان واليوميات التي يوثق من خلالها رحلات تتراوح بين أمكنة عديدة عبر مسيرة أربعين عاماً. ولعلّ طريقة العرض باستحضار وإعادة إنشاء استوديو الفنان في البندقية؛ بعثت في المتلقي روح الاكتشاف والتساؤل، إذ يعيش الزائر داخل العمل الفني، وثم يبحث هو عن الأشياء المخفية، ويمضي في مسارٍ لا يخلو من التأمّل والحوار الإنساني الممتد على مدى عقود، فالسعدي من خلال أعمالهِ التركيبية وبرؤاه المفاهيمية المرتبطة أساساً بالمرجعيات القديمة والبيئة والذاكرة المكانية والبيئية، يقدّم أعمالاً فنية تشهد على تاريخ قريب متعدّد الطبقات للفن الإماراتي المعاصر، ويحمل في الوقت نفسه أصولاً موغلة في القدم وارتباطاً تاريخياً بالغ الوضوح مع مراحل إبداع الشعراء القدامى من شبه الجزيرة العربية من حيث الارتباط بالطبيعة والمكان الجغرافي ورحلات التأمل والإلهام الفني”.

وعن الطبيعة في دولة الإمارات التي تظهر في الأعمال قال أبو الفتوح: “يستند الفنان عبدالله السعدي في أعماله على الرحلات التي يوثقها بالكتابة وجماليات الشعر العربي والحيوانات، مستلهماً من الطبيعة مادته الخام التي تنصهر عبر وسائط فنية متنوعة وأعمال تركيبية ملهِمة، مدفوعاً بقوة توجيهية مهمة في عمله الفني، تنطلق من اليومي نحو آفاقٍ مترامية كما هي امتداداتُ الصحراء وما تبعثه من سبلٍ للتفكير في العالم من حولنا ومكانتنا فيه. لذلك لم يكتف السعدي بعملية التجميع والتوثيق والتسجيل الموضوعي لكل هذه العناصر “اليومية”، بل أبدع في جعل كل عنصرٍ منها مادة معبرة عن حالةٍ ما، عن قصة ما، وعن مسار يشبه خرائط كنز خفيٍّ، يحثنا على فكّ شيفرات الرحلة بقاموس ثري من الرموز والتشكيلات البصرية المتناغمة مع الثقافة العربية ورحلات الفنان التأملية المعاصرة”.

واختتم أبو الفتوح حديثه قائلاً: “يمثل معرض “عبد الله السعدي: أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان” دعوة مفتوحة لزوّار بينالي البندقية 2024 لتأمل مواد وخامات الطبيعة التي يعاد تدويرها فنياً وجمالياً، وتعيدنا في الوقت نفسه إلى مراحل عمرية مختلفة من حياة الفنان تتشابك وتتقاطع مع الذاكرة الجمعية، وما يوفّره اللسان العربي من صورٍ شعرية يتداخل فيها الخيالي بالواقعي، ليشكلا معاً تصورات عن الصحراء والأماكن المنسية والنائية، خاصة وأن طريقة العرض تشكل جزءاً من العمل الفني في حدّ ذاته، فالزائر يخوض رحلة عبر مسارات مدروسة فنياً، يجد فيها فنانين يشاركون في الأداء التمثيلي الحيّ، يتفاعلون ويروون القصص في فضاء المعرض، ولتتحوّل الصناديق المعدنية وما تحتويه من قطع مخفية ومخطوطات ولفائف وصخور صغيرة؛ بمثابة أحجية عن الأرض والإنسان والذاكرة. فالفنان عبدالله السعدي ينطلق في معرضه هذا، من خصوصية محلية تتناغم وأسئلة الإنسان المعاصر، يطرح من خلالها مفاهيم فلسفية ووجودية ترتبط بالطبيعة والذاكرة واللغة والحركة على نطاق عالمي واسع”.

يهدف الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية إلى تسليط الضوء على القصص غير المروية حول الفنون والعمارة في دولة الإمارات العربية، وتسعى إلى تقديم تجارب معاصرة توسع نطاق التواصل والنقاش العالمي، ويعمل الجناح الوطني في كل فرصة على تعيين قيمين فنيين وتكليف نخبة من الفنانين والمعماريين المساهمين، يتعاون معهم لوضع التصوّرات وتنفيذ الأبحاث والدراسات اللازمة بهدف تطوير المعارض والكتالوجات والكتب المرافقة لها.

يعتبر الجناح الوطني لدولة الإمارات الحائز في مشاركته العاشرة في المعارض الدولية التي ينظمها بينالي البندقية على جائزة الأسد الذهبي عام 2021، مؤسسة مستقلة غير ربحية، تسعى إلى تعزيز وترسيخ الوعي العالمي حول المشهد الثقافي الإماراتي.

يذكر أن يوم السياحة العالمي لعام 2024 تحت شعار “السياحة والسلام”، يسلط الضوء على الدور الحيوي لهذا القطاع في تعزيز السلام والتفاهم بين الأمم والثقافات.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

12 طالباً من منحة «رودس الإمارات» يناقشون التحديات العالمية

استضاف «أفكار أبوظبي» المنتدى الفكري الذي تنظّمه شركة تمكين ومعهد آسبن، بالتعاون مع مبادرة كلينتون العالمية، جلسة حوارية لطلاب منحة رودس الإمارات بمشاركة قادة من المجتمع المدني ومجتمع الأعمال ترأسها بيل كلينتون، الرئيس الأمريكي الأسبق رئيس مجلس إدارة مؤسسة كلينتون.
وناقشت الجلسة، أهمية إعداد قادة الغد لبناء الشراكات بشكل أكثر فاعلية واتخاذ القرارات الحاسمة بشأن القضايا الملحة التي تواجه عالمنا.
وأقيمت الجلسة - التي تعد الدورة السادسة من منتدى أفكار أبوظبي- احتفاء بالذكرى العاشرة لتأسيس منحة رودس في دولة الإمارات العربية المتحدة، بالشراكة مع مبادرة كلينتون العالمية، ومؤسسة رودس، ومؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان.
وشارك في الحوار 12 طالباً من طلاب منحة رودس الإمارات، بما في ذلك الشيخة ماجدة آل مكتوم (منحة رودس الإمارات 2019)، ممثلة المجلس التنفيذي في دبي، وأمل القرقاوي (منحة رودس الإمارات 2019)، باحثة في مختبر الأحياء البحرية بجامعة نيويورك أبوظبي وعبدالله الهاشمي (منحة رودس الإمارات 2020)، شريك في شركة ماكنزي إلى جانب نخبة من الشخصيات البارزة، من بينهم السير ريك تراينور، مدير رودس هاوس والرئيس التنفيذي لمؤسسة رودس، وخلود خلدون العطيات، ممثلة عن مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، وأدارت الجلسة ريما المقرب، الرئيس المشارك لمنتدى أفكار أبوظبي رئيس مجلس إدارة «تمكين».
وتناولت الجلسة الأدوات والاستراتيجيات الأساسية اللازمة لإعداد قادة المستقبل، وتأهيلهم لمواجهة التحديات العالمية المعقدة برؤية ثاقبة وأهداف واضحة.
وفي معرض حديثه، قال بيل كلينتون مخاطباً طلاب منحة رودس الإمارات إن القيادة تبدأ من طريقة رؤيتنا للعالم وأنا شخصياً أعتقد أن هذا العصر هو الأكثر ترابطاً في تاريخ البشرية، ويتعين علينا أن نتوصل إلى سبل نحو الرخاء المشترك على نطاق أوسع، وإتاحة الفرص بشكل أوسع، وعدم تصنيف الأشخاص على نحو يقلل من إمكاناتهم البشرية.
من جانبها، قالت ريما المقرب إن العالم يشهد اليوم تغيرات استثنائية في جميع القطاعات بعدما أحدث التقدم التكنولوجي المتسارع، خاصة مع بروز عصر الذكاء الاصطناعي، تحولات جذرية في قطاع الأعمال والتعليم والقطاع الحكومي وغيرها الكثير، وفي المقابل، تواجهنا تحديات عالمية مثل تغير المناخ، والصحة العامة، وتصاعد حدة عدم المساواة، ما يتطلب حلولاً جريئة ومبتكرة قائمة على التعاون، وعليه يوفر منتدى أفكار أبوظبي منصة تجمعنا لمناقشة القضايا العالمية الملحة، وتعزيز فرص التعاون، وتحفيز الابتكار، وترجمة الحوار إلى خطوات عملية وهادفة في هذه المناسبة المميزة.
وأضافت أنه مع احتفالنا بالذكرى العاشرة لانطلاق منحة رودس الإمارات، يسعدنا أن نرحب بالرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، أحد الحاصلين على منحة رودس والذي يعد قائداً ذا رؤية ثاقبة كرّس حياته المهنية للعمل على سد فجوة التعليم، ولا شك أن أفكاره القيّمة ستسلط الضوء على الأدوات الأساسية اللازمة لفهم تعقيدات القرن الواحد والعشرين والتعامل معها بفاعلية.
وتُعد منحة رودس واحدة من أعرق برامج المنح الدراسية الدولية، وتتيح للطلاب المتميزين فرصة متابعة دراستهم العليا في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة.
وأسهمت المنحة في تخريج نخبة من القادة والطلاب المتميزين، منهم شما بنت سهيل المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع، التي تعد أول إماراتية تحصل على منحة رودس.
وبدوره تحدث السير ريك تراينور عن التأثير العميق لمنحة رودس في بناء قادة ذوي رؤية حول العالم، وقال إن مؤسسة رودس تختار الأفراد الاستثنائيين الذين يلتحقون بالدراسة في جامعة أكسفورد والانضمام إلى مجتمعنا العالمي الحيوي، ويسعدنا أن نحتفل بمرور عشر سنوات على إطلاق منحة رودس في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال شراكتنا مع مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، وأنا أتطلع إلى التأثير الذي سيحدثه الطلاب الحاصلون على منحة عام 2025، وأولئك الذين سيتبعونهم في الأفواج التالية أثناء متابعتهم رحلة التميز والقيادة.(وام)

مقالات مشابهة

  • يعرض في صيف 2025.. عمرو يوسف ينتهي من تصوير نصف مشاهد فيلم «درويش»
  • عبدالله الرحبي: الثقافة المصرية متغلغلة في عمان والمختبر الثقافي يعزز الروابط
  • تربويون لـ"اليوم": الزي الوطني بالمدارس يعزز الهوية والانضباط
  • فريق "MI الإمارات" يقترب من لقب "دبي العالمية للكريكيت"
  • الإمارات وجهة العالم.. والشتاء «ذروة» المواسم السياحية
  • الإمارات وجهة العالم.. والشتاء “ذروة” المواسم السياحية
  • الإمارات وجهة العالم.. والشتاء "ذروة" المواسم السياحية
  • محمد صبحي: «فارس يكشف المستور» كناية عن المؤامرات العالمية التي تُحاك ضد الأمة
  • 12 طالباً من منحة «رودس الإمارات» يناقشون التحديات العالمية
  • «شهر الابتكار» يعزز ريادة الإمارات علمياً وتكنولوجياً