في الوقت الذي كانت كلٌ من الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية توجه نداء مشتركًا لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" في لبنان، كان لبنان يتعرّض لأعتى الغارات التي شنّها العدو الإسرائيلي تاركًا وراءه المزيد من الضحايا المدنيين والكثير من الدمار والخراب، وكأنه يسدّ أذنيه لكي لا يسمع صوت الحق الآتي من نيويورك، التي توجّه إليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حاملًا معه همّ جميع اللبنانيين، والذي رحب بالنداء الداعي إلى وقف لإطلاق النار حتى ولو كان "مؤقتًا"، مبديًا خشيته من أن تضرب تل أبيب بهذا النداء بعرض الحائط كما كانت تفعل دائمًا في غزة.


وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك "لقد عملنا معا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الديبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب المزيد من التصعيد عبر الحدود"، مشيرين إلى أنّ "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر".
ويهدف هذا النداء كما كشف عنه وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، الذي سيزور لبنان الأسبوع المقبل، إلى وقف لإطلاق النار لمدة 21 يومًا لمنع تطور النزاع الراهن بين إسرائيل و"حزب الله" إلى حرب شاملة، التي رأى أنها "غير حتمية" شرط أن تنخرط كل الأطراف "بحزم" في إيجاد حلّ سلمي للنزاع. وحذّر من أنّ "الوضع في لبنان اليوم يهدّد بالوصول إلى نقطة اللاعودة". وأضاف أنّ "التوترات بين "حزب الله" وإسرائيل اليوم تهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه".

ولكن هل يكفي أن تصدر كل من الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الغربية والعربية مثل هكذا نداء لكي توقف كل من إسرائيل و"حزب الله" إطلاق النار من كلا الجانبين، وهل في استطاعة هذه الدول أن تفرض على "تل أبيب" و"حارة حريك" حلًا منزلًا بـ "الباراشوت"، وهل لدى هذين الفريقين النية الجدّية للالتزام بما يتم التوافق عليه في نيويورك؟
التجارب السابقة مع اسرائيل، وفق أكثر من مرجع ديبلوماسي، لا تشجّع كثيرًا على الذهاب بعيدًا في المجال التفاؤلي، ولذلك ربط الرئيس ميقاتي نجاح المبادرة الأميركية – الأممية بمدى استعداد تل أبيب للقبول بوقف إطلاق مؤقت للنار، وذلك استنادًا إلى إفشالها أكثر من مرّة الجهود الديبلوماسية التي بُذلت لوقف النار في غزة، وبالتالي فإنها لن توقف حربها على لبنان قبل أن تحقّق أهدافها، سواء تلك المعلنة أو تلك المضمرة، وهي كثيرة.
 أمّا المقربون من "حزب الله" فيؤكدون أن "الحزب" باق على موقفه، وهو أن لا فك للارتباط القائم بين غزة ولبنان، على رغم كل ما تقوم به إسرائيل من استهدافات لقيادات حزبية، وما تتعرّض له بيئته من قصف صاروخي وسقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى.
هي مسألة وقت، كما تقول مصادر ديبلوماسية، التي تعوّل كثيرًا على اتصالات ولقاءات الرئيس ميقاتي في نيويورك، الذي يواصل مساعيه المضنية على رغم المعوقات الكثيرة، التي تواجه أي حل عقلاني، لأن رائحة البارود تضرب خلايا الدماغ، وتمنع المعنيين مباشرة بالحل، أي إسرائيل و"حزب الله" من التفكير في ما هو مفيد للجميع. صحيح أن قرار الحرب أسهل بكثير من قرار وقفها والسير بالحل السلمي، ولكن عبثًا يقرأ داوود مزاميره، على من لا يريد أن يسمع إلا ما يناسبه من كلام يتماشى مع مشروعه.  


 
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لإطلاق النار حزب الله

إقرأ أيضاً:

"مأساة ثلاثية" تواجه الأونروا بعد التصعيد بين إسرائيل وحزب الله

أعلن المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني، الثلاثاء، أنّ وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، باتت تواجه "مأساة ثلاثية" منذ بدأت إسرائيل تشن غارات مكثفة ضد حزب الله في لبنان لأنّ هذا التصعيد زاد من الأعباء الثقيلة الملقاة على عاتقها من جراء الحرب في غزة والأوضاع بالضفة الغربية المحتلة.

وقال لازاريني في مقابلة صحفية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: "لدينا أصلاً غزة، ولدينا أصلاً الضفة الغربية، لذلك لدينا مسرحان للعمليات أصبحا خطوطاً أمامية نشطة"، والآن "لدينا أيضاً لبنان"

وأعرب لازاريني عن أسفه لأن وكالته التي تعاني أصلاً من عجز مالي حادّ باتت بفعل التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله ترزح تحت ضغوط إضافية.

Sincere condolences to my friend @FilippoGrandi & colleagues @Refugees for the killing of two of their team members following Israeli Forces airstrikes in #Lebanon

They join our 224 @UNRWA colleagues killed in the ongoing war in #Gaza.

Civilians including humanitarian…

— Philippe Lazzarini (@UNLazzarini) September 25, 2024

وأوضح أنّ الغارات الإسرائيلية الكثيفة التي يتعرّض لها لبنان منذ، الإثنين، جعلت من هذا البلد "منطقة عمليات نشطة" ثالثة تضاف إلى منطقتي غزة والضفة.

وقال: "هذا يعني أنّ ثلاث مناطق عمليات ستصبح حالات طوارئ إنسانية"، واصفاً الوضع بأنّه "مأساة ثلاثية".

إزاء الغارات الإسرائيلية الكثيفة، أوقفت الأونروا بعض عملياتها في لبنان إذ حوّلت بعضا من مدارسها إلى ملاجئ لمئات اللبنانيين الذين نزحوا من جنوب البلاد حيث تتركز الضربات الجوية.

وفي مقابلته قال لازاريني إنّ "هناك الخوف من أن نتّجه نحو حرب شاملة. هناك قلق آخر يتمثّل في أن تصبح أجزاء من لبنان مثل غزة".

منذ الهجوم غير المسبوق لحماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تتهم الدولة العبرية الأونروا بتوظيف "أكثر من 400 إرهابي" في قطاع غزة، من دون أن تورد أدلة على ذلك.

وفي قطاع غزة، حيث تُعتبر الوكالة الأممية "العمود الفقري" للاستجابة الإنسانية في غزة، قُتل 222 على الأقل من موظفيها وطال الدمار أو الضرر ثلثي منشآتها.

وأعرب لازاريني عن قلقه بالقول إنه "وفق منحى تطور الحرب في لبنان حيث يعمل لدينا آلاف الموظفين.. قد يُقتل هؤلاء الموظفون أيضاً".

حذّر الرئيس جو بايدن مخاطبًا الجمعية العامة للأمم المتحدة من مخاطر الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله مشيرًا إلى أن الحل الدبلوماسي ما زال ممكنًا.#أمريكا_في_الأمم_المتحدة pic.twitter.com/l7kCVGebHB

— الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) September 24, 2024

وأضاف أنّ تحوّل لبنان إلى منطقة عمليات جديدة للأونروا "سيضع ضغوطاً أكبر علينا. الاحتياجات ستزداد وسنحتاج أيضا إلى المزيد من الدعم من المانحين".

اتهامات إسرائيل دفعت حكومات عدة بينها أكبر جهة مانحة الولايات المتحدة، الى تعليق تمويل الوكالة، قبل أن تستأنف.

وأشار المفوض إلى أن "ما لدى الأونروا من المال يكفي حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول)".

ومع عجز قدره 80 مليون دولار لعام 2024، تنظم الأونروا مؤتمراً جديداً للمانحين هذا الأسبوع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأشار لازاريني إلى أن الهدف الرئيسي هو "ضمان قدرتنا على العمل حتى نهاية العام" والحصول على التزامات طويلة الأجل من الجهات المانحة.

مقالات مشابهة

  • «البيت الأبيض»: نعمل على اتفاق لوقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله
  • «القاهرة الإخبارية»: مقترح دولي بوقف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
  • جوتيريش: التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله "يفتح أبواب الجحيم في لبنان"
  • الولايات المتحدة وحلفاؤها يدعون لوقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله
  • غوتيريس: التصعيد بين إسرائيل وحزب الله يفتح أبواب الجحيم
  • تسريبات عن مقترح أميركي لخفض التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
  • ماكرون يدعو إسرائيل إلى وقف التصعيد في لبنان وحزب الله إلى وقف إطلاق الصواريخ
  • أكسيوس: أمريكا قد تعلن خطة لوقف إطلاق نار مؤقت بين إسرائيل وحزب الله
  • "مأساة ثلاثية" تواجه الأونروا بعد التصعيد بين إسرائيل وحزب الله