منذ الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، أبقت الولايات المتحدة أوكرانيا على أجهزة الإنعاش، من خلال جهد دبلوماسي عالمي وأكثر من 55 مليار دولار من المساعدات العسكرية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوية والبحرية، وأكثر من 2000 صاروخ ستينغر مضاد للطائرات، وآلاف العربات المدرعة، وملايين قذائف المدفعية والهاون.

بدت هاريس أكثر استعداداً لانتقاد إسرائيل


وكتب أليستر دوبر في صحيفة التايمز البريطانية، أنه عندما زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي البيت الأبيض، الخميس، أدرك بشكل غير مريح، أن الدعم الاستثنائي، الذي أظهرته إدارة الرئيس جو بايدن لبلاده، يدخل الآن أسابيعه الأخيرة.
وقالت إن الدور الذي أعلنته أمريكا لنفسها كشرطي، والذي نشأ بدرجات متفاوتة من الحماس منذ أربعينيات القرن العشرين، بات الآن مطروحاً فعلياً على صناديق الاقتراع.

 

"It's pretty clear now that if he becomes President, Ukraine's outlook is pretty desperate.'

As President Zelenskyy's US visit creates friction, @IainDale and The Atlantic Council's Peter Dickinson discuss what a win for Trump could mean for the Russia-Ukraine war. pic.twitter.com/Vt2aG3C901

— LBC (@LBC) September 26, 2024


لكن بعيداً عن أمريكا، في العواصم الأوروبية، وفي مختلف أنحاء الشرق الأوسط، في بكين وموسكو وطهران، تخضع هذه الانتخابات الأمريكية لدراسة مكثفة، ربما أكثر من أي انتخابات أخرى في التاريخ الحديث.
كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، التي لم تمنحها خلفيتها كمدعية عامة في ولاية كاليفورنيا وكعضو في مجلس الشيوخ سوى القليل من الخبرة في السياسة الخارجية، ظلت حتى الآن قريبة من قواعد اللعب الخاصة ببايدن. ومن ناحية أخرى، دفع ترامب بنظرة عالمية أكثر انعزالية، وأشار إلى أنه سيستأنف نهج التعامل ذاته مع القوى الأجنبية الذي انتهجه خلال ولايته الأولى.        
وعندما وصف ترامب زيلينسكي، ذي الشخصية الكاريزمية في زمن الحرب، بأنه "أعظم بائع في التاريخ" لم يكن ذلك من قبيل المجاملة. وبدلاً من ذلك، كانت رسالته إلى الناخبين في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة هذا الأسبوع، هي أن معركة كييف الوجودية تضر بجيوبهم.
وقال: "في كل مرة يأتي فيها زيلينسكي إلى البلاد، يخرج ومعه 60 مليار دولار"، في إشارة إلى المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، والتي تمت المصادقة عليها أخيراً في أبريل (نيسان) بعد أشهر من معارضة بعض الجمهوريين. وأضاف أنه يريد أن تفوز هاريس بهذه الانتخابات بشدة، لكنني سأفعل ذلك بشكل مختلف – سأعمل على تحقيق السلام".

 

What the US election could mean for Ukraine, the Middle East and Nato https://t.co/O8nXNekI2G via ⁦@thetimes⁩

— Nino Brodin (@Orgetorix) September 26, 2024


وهذا النهج يثير قلق حلف الناتو. وقد وعد ترامب بأنه سيجعل أعضاء التحالف يدفعون تكاليف الدفاع عن أنفسهم، واقترح أن تتحمل الدولة المضيفة كلفة القوات الأمريكية المتمركزة في أنحاء العالم، من الشرق الأوسط إلى ألمانيا وكوريا الجنوبية. ويزعم أنه إذا قلص أحد حلفاء الناتو من الإنفاق الدفاعي ثم تعرض لهجوم من روسيا، فإنه لن يرد.       
ولم تقدم هاريس تفصيلاً دقيقاً لنهجها حيال أولويات السياسة الخارجية الحالية. لذلك من الصعب التنبؤ بما إذا كانت ستكون أكثر أو أقل تدخلاً من بايدن في بعض الأزمات مثل الحرب الأهلية في السودان، حيث قُتل أكثر من 150 ألف شخص، وتحولت العاصمة إلى خراب، وتم تهجير أكثر من 20 في المائة من السكان قسراً من منازلهم خلال العام ونصف العام الماضيين.
وبدت هاريس أكثر استعداداً لانتقاد إسرائيل، في حين لا تزال تصف التزام واشنطن بأمن الدولة العبرية بأنه "مضمون". وفي يوليو (تموز)، عقب اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قالت: "إلى كل من يدعو إلى وقف النار وإلى كل من يتوق إلى السلام، أنا أراك وأسمعك". وقال ترامب الأسبوع الماضي، إن إسرائيل ستختفي من الوجود في غضون عامين أو ثلاثة أعوام، إذا فازت هاريس في الانتخابات.
إن إسرائيل وغزة ولبنان هي أيضاً القضية الوحيدة التي يتردد  صداها بقوة في الانتخابات بسبب أهمية الناخبين اليهود والناخبين العرب الأمريكيين أو المسلمين، في التحالف الذي سيحتاج الديمقراطيون إلى حشده لتحقيق الفوز. ويتركز عدد كافٍ من هؤلاء الناخبين في الولايات المتأرجحة وستظهر ولاءاتهم الحاسمة في نوفمبر.
وسعت حملة ترامب إلى ربط إدارة بايدن-هاريس، ودعمها للمساعدات للفلسطينيين، بهجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول). وقالت: "لقد ضحت كامالا بأكبر حليف لأمريكا على الإطلاق من أجل الحفاظ على الدعم، من قاعدتها المعادية للسامية، بينما تناضل إسرائيل من أجل وجودها، وبعد مرور عام تقريباً، كل ما يتعين على هاريس أن تظهره هو التزام عديم الفائدة بوقف النار الذي لا يمكنها تحقيقه".
كما تواصل حملة ترامب تذكير الناخبين بالانسحاب "الفاشل" للقوات الأمريكية من أفغانستان في عهد بايدن، ووصفه بأنه "من بين أكبر كوارث السياسة الخارجية في التاريخ الحديث".
وأظهر استطلاع أجراه معهد الشؤون العالمية في مجموعة أوراسيا، أن الناخبين في الولايات المتأرجحة الرئيسية يثقون بترامب أكثر في ما يتعلق بالسياسة الخارجية. في حين أن غالبية الأمريكيين  (53 في المائة) يثقون بهاريس على المستوى الوطني بشكل أكبر لمتابعة سياسة خارجية تفيدهم.
ويعتقد 58 في المائة، أن ترامب أقدر من هاريس على انهاء الحروب في أوكرانيا وغزة، وتتوقع النسبة نفسها منه، أن يرد بشكل أكثر فعالية إذا هاجمت الصين تايوان.
 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية أحداث السودان إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل أکثر من

إقرأ أيضاً:

إيران: العقبة الأخيرة في خطة إسرائيل للهيمنة على الشرق الأوسط

ملخص
يتناول المقال استراتيجية إسرائيل، منذ نشأتها عام 1948، للهيمنة على الشرق الأوسط، مع التركيز على اعتبار إيران العقبة الأخيرة أمام تحقيق هذا الهدف. يستعرض الكاتب كيف نشأت إسرائيل بإعلان أحادي دون شرعية دولية، وكيف استخدمت اتفاقيات "الأرض مقابل السلام" لتكريس وجودها، ثم تحولت في التسعينيات إلى تبني نهج "السلام بالقوة" بقيادة نتنياهو، مدعومة من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة. ويبين المقال كيف تم استهداف دول تدعم القضية الفلسطينية مثل العراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان، عبر حروب وتدخلات عسكرية تحت ذرائع ملفقة، أبرزها أسلحة الدمار الشامل. ويؤكد أن إيران، رغم العقوبات والحروب بالوكالة، ما تزال هدفًا مركزياً، ويجري التمهيد لضربها عسكرياً. ويخلص المقال إلى أن ضرب إيران سيكون بمثابة الخطوة الأخيرة قبل إعلان "إسرائيل الكبرى"، في إطار مشروع توراتي توسعي يشمل المنطقة من الفرات إلى النيل.

مولد دولة إسرائيل قرار آحادي دون شرعية دولية
لم تكن هناك دولة تُدعى إسرائيل قبل شهر مايو عام 1948. الدولة التي كانت قائمة حتى منتصف شهر مايو 1948 في الأرض التي تعرف اليوم بدولة إسرائيل كان اسمها الرسمي "فلسطين"، وكانت تحت الانتداب البريطاني. كل المداولات التي جرت في أروقة الأمم المتحدة حول هذه الأرض كانت تحت مسمى "المسألة الفلسطينية" وخيار تقسيم "فلسطين" الى دولتين: دولة لليهود المهاجرين الى فلسطين وأخرى للشعب الفلسطيني. وقد رفض الفلسطينيون، باعتبارهم أصحاب الأرض، خيار التقسيم. علما بأن الهجرات اليهودية الى فلسطين بدأت عام 1882، وشملت الموجة الأولى من المهاجرين 25,000 يهوديا من أوروبا الشرقية.
في 8 ديسمبر 1947 صوت مجلس العموم البريطاني على إنهاء الانتداب على "فلسطين" اعتبارا من يوم 15 مايو 1948. أعلمت بريطانيا مجلس الأمن الدولي بقرارها وأوصت بتقسيم "فلسطين" لبلدين بعد أسبوعين من تاريخ انهاء الانتداب. وفي إجراء استباقي، وقبل يوم واحد من انتهاء الانتداب البريطاني، قامت منظمة الهاغانا اليهودية المسلحة بتنفيذ عملية كيلشون واحتلت المناطق الإستراتيجية في القدس التي أخلاها الجيش البريطاني، واحتلت الأحياء العربية الموجودة خارج المدينة القديمة، كما نفذت عملية سشفيفون واحتلت مدينة القدس القديمة. وفى الساعة الرابعة من عصر يوم 14 مايو 1948 اُعلن في تل أبيب عن قيام دولة إسرائيل كإجراء أحادي لا تسنده أي شرعية دولية. وكان الرئيس الأمريكي ترومان أول من اعترف بدولة إسرائيل، بناءً على وعد سابق قطعه خلال اجتماع سري عقده في 8 مارس 1948 مع الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان حيث تعهد له بالاعتراف بالدولة اليهودية حال إعلانها.

اتفاقات السلام مقابل الأرض
استمرت الحروب مستعرة بين إسرائيل من جانب والفلسطينيين والدول العربية الداعمة لحقهم الشرعي في أرضهم من جانب آخر حتى عام 1973. وفى عام 1979 وقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام على أساس "الأرض مقابل السلام" عرفت باسم اتفاقية كامب ديفيد. بموجب هذا الاتفاق أعادت إسرائيل لمصر شبه جزيرة سيناء التي احتلتها عام 1967 مقابل اعتراف مصر بدولة إسرائيل وانهاء حالة الحرب بين البلدين. وفى عام 1994 وقعت إسرائيل والأردن معاهدة سلام على الأساس نفسه، حيث اعترفت الأردن بدولة إسرائيل وانهت حالة الحرب بين البلدين وأعادت إسرائيل أراضي اردنية كانت قد احتلتها، كما تضمّن الاتفاق تفاهمات لترسيم الحدود بين البلدين وتقاسم المياه.
في عامي 1993 و 1995 وقّعت إسرائيل اتفاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية (فتح) عرفت باسم اتفاقيات أوسلو(Oslo Accords) . وقد بُنيت الاتفاقات على مبدأ "الأرض مقابل السلام"، ونصت على اعتراف فتح بحق إسرائيل في الوجود مقابل اعتراف إسرائيل بشرعية فتح في تمثيل الشعب الفلسطيني. ونصت التفاهمات على نبذ فتح للعنف ونقل إسرائيل سلطة إدارة الضفة الغربية وغزة للسلطة الفلسطينية.

القطيعة النظيفة والسلام من خلال القوة
في 1996 أحدثت إسرائيل تحولا جذريا في تعاطيها مع الفلسطينيين والدول المساندة لهم في الشرق الأوسط. فقد تبني الساسة الإسرائيليون وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو التوجهات المتطرفة الواردة في التقرير المُسمّى: "قطيعة نظيفة: استراتيجية جديدة لتأمين المملكة" (A Clean Break: A New Strategy for Securing the Realm, 1996). تنفيذ "القطيعة النظيفة" قضى على كل تفاهمات أوسلو، وتنصلت بسببه إسرائيل من التزاماتها، وضيّقت الخناق على الشعب الفلسطيني مما فجر انتفاضات فلسطينية استخدمتها إسرائيل ذرائع لمزيد من القمع ومصادرة أراضي الفلسطينيين ومنعهم من حرية التنقل والحصول على والماء والطعام والدواء.
قام بإعداد التقرير المُسمّى "القطيعة النظيفة" ثمانية أشخاص من صُنّاع الرأي والسياسات في الولايات المتحدة الأميركية ينتمون للمحافظين الجدد (The Neoconservatives or Neocon)، اُعدّ التقرير في إطار "استراتيجية إسرائيلية جديدة نحو عام 2000"، وقُدّم لبنيامين نتنياهو عقب انتخابه رئيساً للوزراء عام 1996 بغرض تغيير قواعد التعامل مع الفلسطينيين ودول الشرق الأوسط. ويقصد "بالقطيعة" التنصل من كل التعهدات والالتزامات والسياسات التي وافقت عليها إسرائيل في التعاطي مع الفلسطينيين ودول الشرق الأوسط. أهم موجهات "القطيعة النظيفة" هي وقف التعامل بمبدأ الأرض مقابل السلام واعتماد مبدأ "السلام من خلال القوة"، وقف التعامل مع تفاهمات أوسلو، ضرورة أن تتصرف إسرائيل بشكل آحادي أكثر عدوانية تجاه الفلسطينيين والدول الداعمة لهم، زيادة عدد المستوطنات إجهاض خيار الدولتين، ملاحقة الفلسطينيين الذين يقاومون إسرائيل في أي مكان، تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، ضرب البنية التحتية لسوريا في لبنان وداخل سوريا و مواجهة حزب الله وايران، إزالة صدام حسين من السلطة في العراق كهدف استراتيجي لإسرائيل، وتجاوز الأعداء بدلا عن احتوائهم. وقد نفّذ بنيامين نتنياهو هذه السياسات بحذافيرها خلال فترات توليه لمنصب رئيس الوزراء من 1996 الى 1999 ثم من 2009 والى يومنا هذا. ولم يشذّ من خلفوه على منصب رئاسة الوزراء في إسرائيل بين 1999 و2009 عن هذه الإستراتيجية.

تغيير الحكومات الداعمة للفلسطينيين بالقوة العسكرية
داخل الولايات المتحدة الأمريكية، توسع نفوذ المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي في التسعينيات. وعندما وصل جورج بوش الابن للرئاسة في 2001 كانت لدى ادارته خطة مسبقة، مصدرها المحافظين الجدد، لضرب سبعة دول هي العراق، سوريا، إيران، لبنان، ليبيا، الصومال، والسودان (راجع مقال بروفسور جفري ساكس: كيف دمرت الولايات المتحدة وإسرائيل سوريا وأسموه سلاما، 12 ديسمبر 2024) باعتبار أنها الدول التي تدعم المقاومة الفلسطينية وحزب الله.
وقد اُستخدمت هجمات 11 سبتمبر 2001 كذريعة لغزو العراق. حيث ادعت إدارة بوش كذبا امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل والارتباط بتنظيم القاعدة المسؤول عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر وتم غزو وتدمير العراق بالكامل، رغم أن مذكرات داخلية مثل مذكرة رامسفيلد الى مستشارة الأمن القومي الأمريكي كونداليزا رايس في 27 يوليو (شهرين قبل هجمات سبتمبر) 2001 تشير أن قرار غزو العراق اتخذ سلفا قبل هجمات 11 سبتمبر. (راجع ص 33 من كتاب "الخيانة المميتة: الحقيقة وراء غزو الولايات المتحدة للعراق".
في كتابه الصادر عام 2024 بعنوان "الخيانة المميتة: الحقيقة وراء غزو الولايات المتحدة للعراق"، أكد العسكري الأمريكي دينس فرتز (Dennis Fritz) أن "عصابة" مكونة من رامسفيلد(Rumsfeld) ، ولفوفيتز (Wolfowitz) ريتشارد بيرل (Richard Perle) ، دوق فيث (Doug Feith)، و غينغريتش (Gingrich) وضعوا خطة لضرب حماس وحزب الله من خلال تفكيك الأنظمة التي تدعمهما ماليا وعسكريا، "كان هدفنا تقليل أمل الفلسطينيين في إنشاء دولة خاصة بهم ما لم يصنعوا السلام مع إسرائيل وفق شروط إسرائيل، أو يبقوا تحت الاحتلال وسيطرة إسرائيل ولتحقيق ذلك، كان علينا هزيمة حماس وحزب الله من خلال غزو العراق، الذي كان يمول هاتين الجماعتين" (ص 37 و 38).
استند دينس فرتز في كتابه "الخيانة المميتة" على الوثائق الأمريكية الرسمية التي رفعت عنها صفة "السرية" مؤخرا للكشف عن الأسباب الحقيقية لغزو العراق وعن خطط إدارة بوش لغزو سبعة دول داعمة للفلسطينيين في غضون خمسة سنوات. "كانت حرب العراق جزءًا من خطة المحافظين الجدد للهيمنة على الشرق الأوسط دعمًا لإسرائيل... وعلى الرغم من أن العراق كان نقطة البداية، فإن إسرائيل كانت تريد في الأصل أن نغزو سوريا أو إيران أولاً، حيث شعرت إسرائيل أن هذين البلدين كانا أكبر الداعمين لحزب الله وحماس" (ص 57). وأورد دينس فرتز أن الجنرال وسلي كلارك (General Wesly Clark) تسلم مذكرة من مكتب وزير الدفاع (رامسفيلد) تصف خطة غزو سبعة دول في غضون خمسة سنوات، بدءا بالعراق، ثم سوريا ولبنان وانتهاء بإيران (ص 55). "ولو أن غزو العراق قد حدث بسلاسة لتبعه غزو سوريا مباشرة" (ص 58 - 59).
ولا شك أن بنيامين نتنياهو هو مصدر فكرة تفكيك الحكومات الداعمة لحماس وحزب الله. فقد جاء في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي يوم 20 سبتمبر 2001 (بُعيد هجمات 11 سبتمبر) “أنه لا يوجد إرهاب دولي دون دعم من دول ذات سيادة ... انزع كل هذا الدعم الذي توفره الدول، وسينهار بالكامل الهيكل الداعم للإرهاب الدولي ويتحول إلى غبار. يعتمد الإرهابيون الدوليون على أنظمة معينة: إيران، العراق، سوريا، أفغانستان في ظل حكم طالبان، السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، وعدة أنظمة عربية أخرى، مثل السودان. هذه الأنظمة هي التي تؤوي الجماعات الإرهابية: أسامة بن لادن في أفغانستان، وحزب الله وآخرين في لبنان الخاضع للسيطرة السورية؛ وحماس، والجهاد الإسلامي، والفصائل التي تمت تعبئتها مؤخرًا من فتح وتنظيم في الأراضي الفلسطينية؛ وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تتخذ من عواصم مثل دمشق، وبغداد، والخرطوم مقرات لها." (ص xiii – xiv: كتاب "محاربة الإرهاب: كيف تهزم الديمقراطيات شبكات الإرهاب الدولي" لبنيامين نتنياهو، الطبعة الثانية 2001). (ملاحظة: صدرت الطبعة الأولى لكتاب بنيامين نتنياهو "محاربة الإرهاب" عام 1995).

التضليل الإعلامي الممنهج
نجح الإسرائيليون، بقيادة بنيامين نتنياهو وبدعم من المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة وأوروبا، في الترويج لفكرة ارتباط الفلسطينيين وحزب الله بتنظيم القاعدة المسؤول عن هجمات 11 سبتمبر، بهدف وصمهم بالإرهاب. وقد ساعدهم ذلك في تشويه صورة الفلسطينيين الذين يناضلون من أجل حقهم في الحياة والتمسّك بأرضهم، كما سعوا إلى شيطنة كل من يدعم القضية الفلسطينية. وقد استخدمت إسرائيل أدوات فعالة للتأثير على الرأي العام الأمريكي وخلق صورة نمطية سلبية عن الإسلام والفلسطينيين ومؤيديهم، من أبرزها الوسائل الإعلامية المنظمة مثل "المشروع الإسرائيلي" (The Israel Project – TIP)، (انظر ويكيبيديا لمزيد من التفاصيل). الغاية الحقيقية من وراء هذه السياسات هي بسط الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. فالسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية ليست سوى خطوة أولى في سبيل تحقيق الحلم التوراتي المتمثل في إقامة "إسرائيل الكبرى" (Greater Israel)، التي تمتد حدودها – بحسب بعض التأويلات – من نهر الفرات إلى نهر النيل، لتشمل مصر والأردن ولبنان وسوريا والعراق وأجزاء من السعودية.
وحسب ما أورد دينس فرتز فإن المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (JINSA) هو من وقف وراء السياسة الأمريكية الرافضة لقيام دولة فلسطينية وهو من رّوج لتغيير حكومات كل من العراق وإيران وسوريا تحت شعار ضمان أمن إسرائيل أيًا كان الثمن (ص 40). أيضا أشار دينس فرتز الى جهود بعض المُشّرعين الأمريكان لعرقلة "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA) التي قدمتها عام 2015 لمجلس الأمن كل من الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا وأمريكا من أجل التوصل لاتفاق مع إيران لضمان عدم تطويريها لأسلحة نووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها من قبل أمريكا والأمم المتحدة. كم طُرح في مجلس الشيوخ مشروع قانون يلزم الولايات المتحدة الأمريكية تقديم الدعم الاقتصادي والعسكري لإسرائيل في حال أنها شنت هجوما على إيران بغرض الدفاع عن النفس ضد برنامج إيران النووي. ومن الواضح أن هدف إسرائيل وحلفائها من المحافظين الجدد ليس ضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي وإنما استخدام دعوى أن إيران تطور أسلحة نووية كذريعة لتوجيه ضربة عسكرية قاضية على إيران تماما مثل ما استخدمت اُكذوبة أسلحة الدمار الشامل لغزو وتدمير العراق. لهذا السبب نسمع هذه الأيام ادعاءات مضللة لا يسندها أي دليل لامتلاك إيران أسلحة نووية كإعداد للرأي العام لقبول توجيه ضربة عسكرية ضدها.
استخدمت إسرائيل وحلفائها داخل أمريكا نفس الحجج لتغيير نظام الحكم في سوريا، ونجحت في تدميرها وتحويلها لدولة فاشلة، وتعمل حاليا على خلق المزيد من الدمار والفرقة داخل سوريا والاستيلاء على أراض سورية بحجة ضمان أمن إسرائيل، وربما استفزاز تركيا بضرب مصالحها في سوريا وجرها لمواجهة مع إسرائيل.
لقد نجحت إسرائيل وحلفائها داخل وخارج أمريكا في شن الحروب وتدمير كل من ليبيا والعراق وسوريا ولبنان والسودان وغزة والضفة الغربية، وضُمَّت اليمن مؤخرا الى القائمة التي أُعدت منذ أكثر من ربع قرن مضى والخاصة بالدول المقصود تدميرها ولم يتبقَّ إلاّ توجيه الضربة القاضية لإيران التي كبلتها العقوبات. ورغم نجاح إيران في تأخير هذه الضربة عبر دعم الحروب بالوكالة، آخرها جر الحوثيين في اليمن للحرب ضد إسرائيل وحلفائها، إلاّ أن هذه الضربة تبدو قريبة جدا حتى ولو رضخت إيران لشروط مجحفة من إسرائيل وحليفتها أمريكا. فقد جرّب صدام حسين من قبل الركوع لأمريكا، ولكن لم يجده نفعا (راجع ص 70 من كتاب "الخيانة المميتة").

هل حان أوان إعلان دولة إسرائيل الكبرى؟
السؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي سيحدث بعد ضرب إيران وتحويلها لدولة فاشلة مثل العراق ولبنان وسوريا وليبيا والسودان؟ الإجابة في تقديري: تحويل بوصلة العداء الإسرائيلي-الأمريكي والضربات العسكرية والفوضى إلى مصر ثم السعودية وتتويج ذلك بإعلان "دولة إسرائيل الكبرى" تماما كما اُعلن عن قيام دولة إسرائيل في 14 مايو 1948.

msafieldin@yahoo.com

msafieldin@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الأسهم الأمريكية تفقد أكثر من نصف مكاسبها
  • مفوضية الانتخابات تؤكد اعتماد آلية بصمة العين في تحديث بيانات الناخبين
  • السايح: المفوضية تتابع المرحلة النهائية من التحضيرات.. وسجل الناخبين يُقفل الأحد
  • تصعيد مضاعف في الجنوب الأمامي فما الذي تريده إسرائيل مجدداً؟
  • اليابان والناتو يتعهدان بتعميق العلاقات الأمنية لمواجهة التهديدات الصينية والروسية
  • شاهد بالفيديو| كابوس اليمن يلاحق قادة “إسرائيل”.. ماذا لو توالت الصواريخ؟
  • إسرائيل تبدي خيبة أملها بشأن المفاوضات الأمريكية الإيرانية
  • هكذا تؤثر الإبادة الإسرائيلية بغزة على أصوات الناخبين في أستراليا
  • مدير "الأوروبى الآسيوى للدراسات": زيارة ماكرون للعريش رسالة جغرافية إلى إسرائيل وأمريكا
  • إيران: العقبة الأخيرة في خطة إسرائيل للهيمنة على الشرق الأوسط