كثّفت الدبلوماسية الفرنسية نشاطها في نيويورك؛ حيث حضر في وقت واحد الرئيس إيمانويل ماكرون ومستشاروه وكذلك وزير الخارجية الجديد جان نويل بارو. وبذلت باريس جهوداً في العمل من أجل احتواء التصعيد العسكري بين "حزب الله" وإسرائيل، والتوصل إلى وقف للعمليات العسكرية.
وكتب ميشال بو نجم في" الشرق الاوسط": يأتي هذا الحراك الدبلوماسي بدفع من الرئيس ماكرون، الذي يريد أن يكون لبلاده دور في حماية لبنان، بعد الإخفاق الذي واجهه منذ العام 2020 وقت انفجاري المرفأ، ورغم الزيارتين اللتين قام بهما إلى بيروت خلال أقل من شهر (في 6 آب والأول من أيلول) مقدماً خطة إنقاذ اقتصادية وسياسية ومالية واجتماعية، ودفع الطبقة السياسية من أجل التفاهم في ما بينها لإخراج البلاد من ورطتها متعددة الأشكال.


بيد أن شيئاً من هذا لم يتحقق، كما لم تنجح الجهود الفرنسية في الدفع لملء الفراغ على رأس المؤسسات اللبنانية، رغم تعاقب زيارات وزراء الخارجية الفرنسيين من جان إيف لودريان إلى كاترين كولونا وستيفان سيجورنيه، إضافة إلى المكلفين في قصر الإليزيه بالملف اللبناني.

لم يتوقف الحراك الفرنسي عند هذا الحد، إذ إن باريس ترى أن مساعيها لا يمكن أن تؤتي أُكلها من غير مشاركة أميركية فاعلة. من هنا، انكب فريقا البلدين على بلورة مبادرة مشتركة، كشف عنها وزير الخارجية في كلمته أمام مجلس الأمن؛ حيث قال إن «فرنسا عملت، في الأيام الأخيرة، مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوماً لإفساح المجال أمام المفاوضات»، مضيفاً أن اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» «ليس حتمياً» بشرط أن تنخرط كل الأطراف «بحزم» في إيجاد حلّ سلمي للنزاع.
ووفق القراءة الفرنسية، فإن «التوترات بين (حزب الله) وإسرائيل اليوم تُهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه». وما كان للمبادرة المشتركة المستعجلة أن ترى النور من غير حصول اجتماع في نيويورك بين الرئيسين الفرنسي والأميركي. وما تتخوف منه باريس، وفق مصادرها، أن يكون الانخراط الأميركي في الملف اللبناني - الإسرائيلي شبيهاً بانخراطها فيما خص حرب غزة، حيث «الخطوط الحمراء» التي وضعتها واشنطن لإسرائيل ول نتنياهو تهاوت تباعاً، ولم تنجح واشنطن في إلزام الأخير بهدنة دعت إليها مراراً وتكراراً وتوقعت حصولها.
ويتضح مما سبق أن الرئيس ماكرون يريد أن يكون له دور فاعل في الأزمة الراهنة، وربما أنه استوحى الدور الذي لعبه جاك شيراك، الرئيس الأسبق، في وضع حد للحربين اللتين شنتهما إسرائيل على لبنان في 1996 وفي 2006. ففي الأولى، أرسل شيراك وزير خارجيته هيرفيه دو شاريت إلى المنطقة، وطلب منه البقاء فيها حتى انتزاع اتفاق. وفي الثانية، كان لباريس دور كبير في دفع مجلس الأمن لتبين القرار الشهير 1701 الذي وضع حدّاً للحرب، ولكن ليس للنزاع المستمر بين إسرائيل ولبنان، الذي ما زال الأساس الذي تدور حوله المناقشات في الأمم المتحدة.
وثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها؛ أولها يتناول مدى الجدية الأميركية، وثانيها الطريق إلى بلورة آلية تمكن من تنفيذ القرار المذكور، وثالثها الموقف الإيراني ورغبة طهران في المساعدة، ورابعها المدة الزمنية اللازمة للحصول على موافقة الأطراف المعنية المبادرة المشتركة، وآخرها معرفة ما يريده حقيقة نتنياهو من حربه الراهنة على لبنان، والأهداف التي يريد تحقيقها قبل أن يقبل الهدنة.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

أخطر أزمة أمام حزب الله.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث عنها

نشر موقع "ماكو" الإسرائيليّ تقريراً جديداً قال فيه إنَّ "حزب الله في لبنان يُواجه إحدى أخطر الأزمات منذ تأسيسه"، مشيراً إلى أنه "بعد فترةٍ من الاغتيالات المُستهدفة والهجمات التي طالت قيادات الحزب، تتزايد الضغوط السياسية والانتقادات ضدّ الحزب في لبنان".   ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنهُ "للمرّة الأولى منذ سنوات، لا يتردّد الجمهور اللبناني في توجيه انتقادات شديدة لحزب الله، على شاشات التلفزيون وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أدت الحرب الأخيرة إلى إضعاف مكانة المنظمة في لبنان، وهي الآن تتعرض لهجوم داخلي من قبل الصحافيين والمعلقين والشخصيات المؤثرة في المجتمع الشيعي، الذين يتحدون قيادتها".   وأكمل: "لا يقتصر النقد العام على الخطاب الإعلامي، فالتدهور الاقتصادي في لبنان وتوقف تدفق الأموال من إيران يؤثر على قدرة حزب الله على تمويل ناشطيه وأنصاره. في المقابل، أفاد صحافيون لبنانيون أن الآلاف من أعضاء الحزب تجنبوا الانخراط في ساحات القتال، بسبب الشعور باليأس وعدم الثقة بالقيادة".   وفي السياق، تقول أورنا مزراحي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إنَّه "بعد الحرب الأخيرة، نحن أمام منظمة ضعيفة من حيث قدراتها ومن حيث مصادر دخلها ومن حيث قيادتها".   كذلك، يقول التقرير إنَّ "رياحاً جديدة تهبّ على السياسة اللبنانية"، ويضيف: "الرئيس المنتخب جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام لا يتحالفان مع حزب الله ويقولان ذلك علناً. كذلك، فقد زادت الولايات المتحدة من تدخلها في الأحداث في لبنان، وخاصة في فرض وقف إطلاق النار وفرض القيود على تهريب الأسلحة والأموال إلى حزب الله".   ويضيف: "في ذروة الواقع الحالي، تُطرح أيضاً مقترحات عديدة لتغيير اتجاه العلاقات في المنطقة. هنا، يقترح بعض القادة في لبنان استغلال ضعف حزب الله والانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، ومن المتوقع أن تكون هذه العملية طويلة ومعقدة، وذلك بسبب المعارضة الكبيرة داخل لبنان. لكن في المقابل، فإنه من الواضح أن الحرب الأخيرة وتداعياتها الداخلية تقوض مكانة حزب الله أكثر من أي وقت مضى".   وهنا، تقول ميرزاحي إن "القيادة الجديدة في لبنان تخلق بالتأكيد نوعاً من الفرصة لتغيير العلاقة بين إسرائيل ولبنان"، وتضيف: "إنهم لا يريدون الحرب بسبب العواقب المترتبة عليها بالنسبة للدولة اللبنانية، ومن الممكن أن تنعكس نتائج هذه التطورات في الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذا أجريت في موعدها". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • وزيرة التضامن: الطفل الذي يدخل الحضانة صغيرا يكون تحصيله ووعيه أكبر
  • سعد: على الحكومة أن تدرك أن الدبلوماسية وحدها لن تزيل الاحتلال
  • إسرائيل تغتال عنصرا لحزب الله في جنوب لبنان
  • إسرائيل تعلن استهداف عنصر من حزب الله جنوب لبنان
  • إسرائيل تعلن استهداف مواقع عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان
  • ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب مع أوكرانيا
  • أخطر أزمة أمام حزب الله.. تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث عنها
  • الرئيس سليمان: كم أصبحت كلفة تأهيل الادارات والبنى التحتية عشية صيف ٢٠٢٥؟
  • السيسي يؤكد الدور المحوري الذي تقوم به القوات المسلحة المصرية في حماية الوطن
  • إلى متى ستبقى إسرائيل في جنوب لبنان؟