عربي21:
2025-03-20@01:51:39 GMT

حزب الله بين نصرة غزة وخطيئة التدخل في سوريا

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT

كثر اللغط في الآونة الأخيرة، واستطال الكلام والجدل في وصف حزب الله ونصرته لغزة، في بعض الأوساط، خلفيات الجدل والنقاش متباينة، والغايات والبواعث أيضا متباينة.

استحضر البعض مشاركة الحزب في القتال في سوريا، وأنه ولغ في دماء السوريين وانتهاك أعراضهم، وذهب آخرون يفتون ويستنطقون النصوص الشرعية، أن الابتهاج والفرحة بما يصيب أفراد الحزب من قتل، وديارهم من تدمير، أمر طبيعي، وأن الحزب لو حرر الأقصى وفلسطين فلن يغسله هذا من خطاياه، ولا أخرجه من ضلاله وفجوره!

فيما عمد فريق ثالث الى مد اللسان والاستهزاء من قتال الحزب، والسخرية من امينه العام وسب رموزه، وتسفيه ما يعلنه من مواقف.

فالحزب هو الشيطان ورجمه الان، هو أوجب واجبات الدين، ولا تستقيم عقيدة إلا بفعل هذا!

الجدل والصخب ليس بريئا في جله، وإن كان في بعضه تعبير عن سياق غريزي، لا ينضبط بعقل ولا تقدير مصلحة.

ولعل النظر في التوقيت، وثانيا في الاستغراق في العداء مع الحزب على حساب القضية الأوجب، قضية نصرة المقهورين في غزة، يعطي صورة عما وراء الكلمات، عند كل فريق من المتجادلين.

القضية موضع الحضور الآن، والتي ينبغي عدم تجاوزها، أو القفز من فوقها في هذا النقاش هي هل نصرة وإسناد حزب الله لفلسطين وغزة اليوم، في ظل حالة التآمر والخذلان الطافح، عربيا وإسلاميا، موضع إدانة أم تقدير؟
بمعنى أن الوقت لو كان غير الوقت، التي تباد فيه غزة وتطحن فيه قضية الفلسطينيين، أو لو كان الأمر مجرد توضيح، ثم يذهب المجادلون للقيام بواجباتهم تجاه القضية التي تمثل واجب الوقت، لكان الأمر يدخل في دائرة الاحتمال، وتباين الاجتهادات.

والسؤال الأهم بعد ذلك وقبله، هل القضية المعروضة اليوم، والتي تأخذ الأولوية في النقاش والاعتبار، هي تقييم أداء الحزب في سوريا، إشادة أو إدانه، أم هي نقاش عقائده ما إذا كانت فاسدة أو على صراط مستقيم؟

يا سادة القضية موضع الحضور الآن، والتي ينبغي عدم تجاوزها، أو القفز من فوقها في هذا النقاش هي هل نصرة وإسناد حزب الله لفلسطين وغزة اليوم، في ظل حالة التآمر والخذلان الطافح، عربيا وإسلاميا، موضع إدانة أم تقدير؟

بالطبع إسناد ونصرة ليس بإعلان موقف لفظي، أو بالأهازيج، بل بالدم وتعريض الديار للدمار، في مواجهة أعتى قوى الشر في العالم.

هذه المسألة الحاضرة اليوم، وليس نقاش عقيدة الحزب تزكية أو فسادا، وليس نقاش موقفه من الحرب في سوريا، مدحا أو قدحا، فهذه قضية وتلك قضية اخرى، وتزكية الحزب في هذه لا يوجب تزكيته في تلك أبدا، وكل قضية تأخذ الأولوية في وقت حضورها، وعند حضور وقتها، وهنا تأخذ نقاشها في سياقها العام والخاص. أما خلط الأمور وشن الحروب من منصات الأعداء المحاربين، أو بما يحقق غايتهم ويدخل السرور إلى قلوبهم، فهذه رداءة في التقدير، وضحالة في التفكير، إن لم تكن شيئا آخر عند البعض، والبعض الكثير.

وإذا كان ربنا كتب الحسنى والأجر، لكل موطئ قدم يغاظ به الأعداء، فبالمثل، فإن الإثم والعقاب، عاقبة مواطئ الاقدام التي تدخل الحبور والسرور لقلوبهم.

هذا في مطلق الأعمال، صغيرها وكبيرها، فكيف إذا كان الأمر في معرض حرب استئصال واجتثاث، لمؤمنين يقاتلون في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس اجتمعت عليهم قوى الشر والطغيان؟ ما لكم كيف تحكمون!

لنرفع الحيف والضيم والقتل والإبادة عن غزة اليوم، وليذهب من يشاء في غد أو بعد غد، إلى حيث يشاء، من نقاش وجدل.

ولنتساءل بالمثل، لو نهضت روسيا أو الصين أو فنزويلا أو هندوراس، لإسناد غزة وفلسطين فيما تتعرض له من حرب إبادة، هل نرفع عقائرنا بالثناء على فعلهم هذا، أم ننبش في مواقفهم السابقة وتاريخهم وعقائدهم، وما يمكن أن يكونوا فعلوه ضد نفر من أبناء الأمة، ضمن سياق طويل من صراعات كونية، لا تتوقف على مدار الوقت واتساع المكان؟

لينتهِ الجدل، وليفطن كل أحد لواجباته تجاه ما يجري من حرب إبادة، لا تقف تداعياتها عند حدود فلسطين، بل تمس عموم الإقليم العربي والإسلامي، وربما أسهمت في رسم مسار المنطقة وتحديد مستقبلها لعقود قادمة
الثناء والتقدير هنا على موقف محدد، وواضح الأبعاد، مكانا وزمانا ومضمونا؛ موقف انتصار لحق ورفع مظلمة عن شعب يباد، خذله الأقربون والأبعدون،  وكلما تعاظم الموقف المتخذ، تعاظم الثناء والتقدير للفاعل، على الفعل المحدد والمقدر، وهذا لا علاقة له البته بتزكية كل فعل للفاعل، أو تزكية عقيدته أو فكره أو إثنيته أو جنسه، فالمسألتان مختلفتان ومتباينتان.

لينتهِ الجدل، وليفطن كل أحد لواجباته تجاه ما يجري من حرب إبادة، لا تقف تداعياتها عند حدود فلسطين، بل تمس عموم الإقليم العربي والإسلامي، وربما أسهمت في رسم مسار المنطقة وتحديد مستقبلها لعقود قادمة.

ولنتذكر أنه عندما انخرط حزب الله في القتال في سوريا، كانت حماس من أعلى الناس صوتا في إدانة هذا الانخراط، وغامرت بكل علاقاتها مع الحزب والحكومة السورية وإيران، وهم أكبر داعميها ومناصريها في الإقليم، وخاضت حرب 2014 لوحدها بدون سند ولا ظهير، ولم تلتفت للوراء، مع أن الحرب في سوريا دخلت على خطها، قوى شريرة طاغية استثمرت في دم السوريين وقضيتهم، لغايات تدمير سوريا الدولة والكيان وإخراجها من دائرة الصراع، وإشغالها بنفسها خمسين عاما قادمة.

لنتعظ ونقرأ المشهد من زاوية أوسع، وبفهم يسمح لنا بأن ندافع عن أنفسنا وأن لا نخسر قضايانا الواحدة تلو الأخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله الجدل سوريا غزة سوريا غزة حزب الله جدل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الدكتور عبد الرحمن الخضر يكتب للمحقق: الوطني والتفكير في اليوم التالي (1- 3)

طرح حزب المؤتمر الوطني في فبراير الماضي، رؤية تتعلق بالمستقبل فى بلادنا، وأتت رؤيته مخاطبة قضايا الراهن السياسي والأمني بكل تعقيداته وخاطبت كذلك المستقبل كما خاطبت كيانه الداخلى.

وقد جاءت الرؤية في سبعة عشر محوراً و تفرعت منها عدد من النقاط الفرعية .. مؤملة أن يكون طرحها كجزء من الحوارات الفعلية التى تريد الخروج ببلادنا من عنق الزجاجة.

ثمنت الورقة الحورات التي ظهرت فى الساحة ، ووصفتها بأنها تستعيد الملكية الوطنية للحوار بشأن مستقبل البلاد، وتوصد الأبواب أمام التدخلات الأجنبية التي تسعى لإختطاف الإرادة الوطنية.
▪︎ أشارت الورقة كذلك أن للأمر صلة بشأن الحزب الداخلى :
[بداخل مؤسساتنا التنظيمية ينشط أيضاً هذا الحوار على المستوى المؤسسي ، وعلى المستوى الفردي، ونشير إلى الكثير من الدراسات والمقالات القيمة التى أطلقها العديد من إخواننا في الساحة العامة جزاهم الله خيراً فهذا جهد محمود ومطلوب]

▪︎ بغض النظر عن محتوى الورقة – الذى سأتعرض له – إلا أن مجرد طرح افكار تعبر عن كيان مؤثر مثل المؤتمر الوطنى يعتبر :
– إضافة لأدبيات السياسة السودانية.
– تعبير عن أن كيان الحزب حى وموجود ويدير شأنه.
– أنه يملك القدرة على تحليل الواقع ، بل والمساهمة فى تشكيله.
– ︎أنه يفكر ويستشرف المستقبل .
– أنه يؤكد أنه ليس وحده في الساحة بل ويسعى مع الآخرين للحل وإن كانوا خصومه .

غني عن القول أن حزب المؤتمر الوطني برز إلى الوجود فى ظل حكم الإنقاذ، بعد جملة من التداعيات حينما توصل العقل السياسي لها لما أسماه محاولة توفيق أوضاعها سياسيا فتبنت فى العام 1996 ما يعرف بمسألة الانتقال السياسي الذى أفرز جملة من الأفكار ناتجها كان حواراً حول الدستور وحرية العمل السياسي و الذي انتهى بإصدار دستور 1998 وهو الذي فتح الباب لما أسماه التوالي السياسي حيث تم بناءا على ذلك قيام استفتاء لرئاسة الجمهورية وانتخابات برلمانية وتم اعتماد الدستور الذى تبنى قانون التوالي السياسي الذي يسمح بالتنافس السياسي و من ثم نظم أنصار الإنقاذ أنفسهم في حزب أسموه بالمؤتمر الوطني .

وغني عن القول أيضاً أن المؤتمر الوطني حزب جامع رأس الرمح فيه هو الحركة الإسلامية باعتبار أن كوادرها هم المبتدرون للفكرة، وعند طرحها اقتنع بذلك الكثير من السودانيين حتى من غير المنتمين للحركة، وأستطيع القول أن الحركة بذلك صارت فصيلاً داخل الحزب الجامع، بل يمكن القول أن الحزب يمثل تعاقداً بينها وبين جموع من السودانيين الذين اقتنعوا بطرحه ولذلك انتمت لهذا الحزب قطاعات عديدة بمختلف انتماءاتهم الجهوية والعقائدية ، فقد ضم فى هياكله أعدادا مقدرة من غير المسلمين الذين ارتضوا طرحه، و لعل هذا ما أشارت له أدبيات الحركة كونها سودنت تجربة العمل الحركي الإسلامي التي ميزتها عن غيرها من الحركات فى العالم الإسلامي.

و بذلك صار قرار الحزب داخله تقرره مؤسساته ممثلة في المؤتمر العام ثم مجلس شوراه ثم مكتبه القيادي ..ولا تملك الحركة توجيه قراراته وأختياراته إلا من خلال قناعات كوادرها الذين لهم مالهم وعليهم ما عليهم سواء بسواء مع أفراد الحزب غير المنتمين للحركة والتي صارت كياناً منفصلا، ويعتبر هذا تطورا هاما فى تجربة الكيانين، الحزب والحركة ..
(شخصياً أعتقد أن فكرة الدكتور الترابي وقتها فى حل الحركة أو دمجها فى حزب المؤتمر الوطني تفادياً للازدواجية كان يمكن أن تكون معقولة لو عدلها بتحديد أدوارها دون إلغائها .. ولكن تداعيات المفاصلة غطت بظلالها على الأمر )، و هذا مبحث يمكن التوسع فيه، ولكن طبيعة المقال تلزمنا بالتصويب نحو أهدافه.

وفي ظل ما يتردد من حديث حول خلاف فى أروقة الوطني، فيمكن القول، أولاً، أن الاختلاف في حد ذاته ليس عيباً، بل دليل على الحيوية، لكن العيب يكمن فى عدم القدرة على إدارة الخلاف .. وطالما كانت هناك مؤسسات فاعلة والتي أشرنا إليها آنفا، وهى بكامل حيويتها تدير شأن هذا التجمع البشري فلا يخشى عليه ، سيما أن ما رشح حول الخلاف متعلق بتفسير اللوائح المنظمة لتمكين قيادته من أداء دورها .. وبالتالي فهو ينحصر فى كبينة قيادته لا فى قياداته الوسيطة ولا قواعده .. ولما كان الشعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) فإني أقف فى الجانب الذي يقول: ما ضر الحزب لو جمد بعض لوائحه لحين انجلاء معركة الوطن المهدد، بل وجمد النظر فى الإشكال المطروح نفسه الآن بناءا على حالة الطوارئ التى تعيشها البلد ويكتوي الحزب من جرائها بالسيف المسلط عليه من تضييق السلطات، وحري بحزب إستجاب شبابه لداعي النفرة حماية للوطن والدين والعرض أن لا ينشغل بخلاف حول تفسير لائحي حول مَن يقود ، طالما على أرض الواقع هناك قيادة نذرت نفسها للعمل ، بل وعدد من القيادات تسد عين الشمس وتبلى بلاءا مشهوداً ؟..بل أؤكد أن كوادر الحزب الشبابية مؤهلة لإستلام دفة قيادته سيما أن واجب المرحلة يفرض على الحزب تجديد الدماء والتخلص من حمولات الماضي إنفاذا للمراجعات الكثيرة التى أجراها وهو أمر قد نعود له لاحقاً.

لا شك أن القوى المعارضة للانقاذ لم تفلح طيلة سني معاركتها للنظام أن تنال منها والشواهد على ذلك كثيرة .. إلا أنه من المؤكد أن الضعف الذي أعترى تجربة الإنقاذ فى سنينها الأخيرة وأسبابه متعددة – قد نعود لها لاحقا -، فتح شهيتها ، وبالاستعانة باالدول والمنظمات العالمية المشبوهة استطاعت أن تستخدم عدداً من المنصات الاعلامية، تعاقداً، وإمدادا بوقائع مدعاة لا يخشى صاحبها إلا ولا ذمة ف أهله ووطنه ، حيث تمكنت من تشكيل صورة ذهنية سالبة لمؤسسات الإنقاذ وأدائها قوامها الدمغ بالفساد وانسداد الأفق السياسي ، ساعدها على ذلك الأداء الاقتصادي المرتبك للانقاذ فى آخر سنيها .. ..فلم يشفع لها حتى مئات آلاف فرص التعليم العالي التي أتاحتها للشباب .. ولذلك قادت تلك القوى البلاد نحو هاوية أساءت تقدير أبعادها ، وكانت قاصمة الظهر ما يمكن أن يسمى خيانة اللجنة الأمنية لقائدها ..ثم كان ما كان مما يعلمه القاصي والداني . ولقد أفلحت الورقة فى تقديري فى تشخيص ما آل إليه الحال فى السودان من جراء ما ذكر أعلاه ، حيث قالت :
[لقد شهدت فترة حكم قوى الحرية والتغير إستلاب وإختطاف كامل للوطن بواسطة الأجانب، وتشاكس وتعارك تلك القوى علي “كيكة السلطة”، وخرج ذات الشباب الذين أوصلوهم على أكتافهم للسلطة عليهم، ولقد أثبتت تلك التجربة أن التغيير العدمي “تسقط بس”، دون إمتلاك الإجابة على سؤال ثم ماذا بعد؟ يعرض الوطن لأوضاع كارثية.].. و حقيقة ، ها هو الوطن كله يدفع الآن الثمن .

و تبعاً لما ذكر ︎ لعبت قحت دورا سيئاً فى إشعال خطاب الكراهية بل وغذته بجملة من الممارسات الهادفة لضرب اسفين بين المزاج الشعبى السوداني وقوات الشعب المسلحة وقوات الشرطة فضلاً عن القوات المساندة الأخرى (ابو طيرة وهيئة العمليات).. ولعله مما يسر الآن أن واقع الحرب قلب هذه المعادلة على وجها وأبرز التلاحم الحقيقي بين الجيش و جهاز المخابرات والشرطة والتشكيلات الأمنية الأخرى .

وعوداً لأمر الدعوة للحوار نقول إنه ما ينبغي أن تفسر على وجه يستبطن إستعجال عائد سياسي منها لأي من أطراف الحوار .. لكن رؤية ثاقبة لماضي البلاد في شأن تداول السلطة منذ استقلالها ولواقع البلاد الاجتماعي والجغرافي وتأثير ذلك على المشهد السياسي ومن ثم تأثير ذلك كله على اختيارات كياناته السياسية ونخبه على حد سواء ، ثم ما أفرزته الحرب التى فرضت عليه .. كل ذلك يستلزم الجلوس والتواضع على الحد الأدنى من التوافق وهو المواطنة وما يتفرع منها ..

في سبيل ذلك آرى أن ورقة الرؤية المشار إليها خلصت إلى سبعة عشر محوراً غطت كل ما فى جعبة الحزب حول الراهن الآني والمستقبلي ، وأرى أنها وفقت فى الإشارة إلى أن البلاد تحتاج لاسترداد أنفاسها عبر ما أسمته فترة انتقالية قدّرتها بأربعة أعوام يكون جيش البلاد (الموحد) هو ربان سفينتها .. وفى ظل ذلك تلتمس النخب السياسية والفكرية سبل إستدامة الاستقرار السياسي ومن ثم التنموي وذلك عبر حوار عميق يستشرف الاختيارات مابين الكثير مما يطرح :
(دولة يحكمها نظام رئاسي أم برلماني أم خليط ، وعبر ديمقراطية وست منستر أم غيرها، وهل دولة ذات حكومة مركزية أم نظام إقليمي أو فدرالي أو شبه فدرالي .. وما طبيعة دستورها ..وغير ذلك كثير مما يمكن ان يطرح، وماذكر ليس حصراً لكن على سبيل المثال).

إن المؤتمر الوطني عبر تاريخه كله واجه المعضلات التى لاقته عبر مسيرة تصديه لمسؤولية الحكم بكل الوسائل فتارة بالقوة وتارة بالحوار ، و لكن التاريخ يسجل جملة من الوقائع تؤكد أن الأصل في نهجه هو الحوار والذي أفضى لجملة من الخيارات التى صارت واقعا :

• الحوار مع الحزب الاتحادي بقيادة الشريف زين العابدين الهندي في 1996 والذى أفضى لمشاركة الحزب في كل مستويات السلطة حتى نهاية فترة الإنقاذ

• اتفاق جيبوتي مع حزب الأمة الذى بموجبه تم وضع تصور توسيع المشاركة وبالفعل شارك جزء من قيادات الحزب بقيادة السيد مبارك المهدي والذين شكلوا -لاحقاً- حزباً بذاته.

• الحوار مع الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق والذي بدأ منذ شهور الإنقاذ الأولى، وتوالى في عدد من العواصم والفترات كان آخرها الحوار الذي شهده منتجع نيفاشا الكيني واستمر لما يزيد عن العامين وشاركت فيه كل القطاعات الفئوية والقبلية وغيرها وانتهى إلى اتفاقية السلام ، والتى امتدت أحكامها فى الفترة من 2005 حتى 2011 .

• ما تبع ذاك من حوار مع التجمع الوطني الديمقراطي (الجامع لكل أطياف المعارضة الحالية) وأفضى إلى إنتاج دستور 2005 ومن ثم مشاركة :
– الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل منذ العام 2005 وحتى تاريخ نهاية الانقاذ.
– مجموع الأحزاب اليسارية والتى شاركت منذ العام 2005 حتى العام 2011 وفي كل مستويات الحكم.

• الحوار مع الحركات المسلحة الدارفورية (والتي برزت مباشرة بعد إستئناف حوار مشاكوس عام 2003 بمسمى حركة تحرير السودان ثم انقسمت على نفسها فى 2006 إلى حركتين واحدة بقيادة مني أركو مناوي والأخرى بقيادة عبد الواحد نور ) .
و بعد حوار واتفاق أبوجا بنيجريا شارك الفصيل الذي يراسه مناوي وتم تعيينه في منصب كبير مساعدي رئيس الجمهورية وتعيين بعض منسوبي حركته فب مواقع مختلفة. قبل أن ينقض إتفاقه ويعود للمعارضة المسلحة ، بينما بقي فصيل عبد الواحد م نور معارضاً وما يزال ..

•ثم انتقل الحوار مع حركات دارفور إلى الدوحة وأفضى بعد نحو عامين إلى إتفاقية الدوحة لسلام دارفور مع حركة التحرير والعدالة في 2011 ثم إلتحقت حركات أخرى بالاتفاق الذي أنتج حكومة إقليمية لدارفور يراسها د. التجانى سيسي وشارك بموجبها ممثلون لحركات أخرى من دارفور في السلطة على مستوى رئاسة مجلس الوزراء أو الحكم الاتحادي غو كولاة لبعض الولايات.

– مشاركة الأحزاب التي انقسمت من حزب الامة (الامة الاصلاح والتجديد والأمة الفدرالي) وشاركت جميعها حتى نهاية فترة الانقاذ ما عدا حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل الذي غادر ثم عاد مرة أخرى .

– مشاركة الأحزاب التي انقسمت من حزب الامة (الامة الاصلاح والتجديد والامةالفدرالى 2004م ) وشاركت جميعها حتى نهاية فترة الانقاذ بما فيهم حزب الامة بقيادة مبارك الفاضل (الذى غادر ثم عادو شارك لاحقا فى حكومة الفريق اول بكرى حسن صالح لرئاسة الوزراء).

– ثم جاءت فكرة الحوار الوطنى فى العام 2014 والتى بموجبها شاركت قوى جديدة سياسية وحركات مسلحة وقوى اجتماعية وشخصيات عامة ، وشكلت عودة المؤتمر الشعبي عبره قوة للصف الوطني والاسلامي..

– انتهى كل ذلك بتكوين حكومة يشارك فيها المؤتمر الوطنى بنسبة 48% فى العام 2017م برئاسة الفريق أول بكري حسن صالح..
– كما وأنه فى خضم ذلك الكثير من الأسرار التى يعرفها مَن كانوا يديرون تلك المرحلة .. وربما نعود لبعضها لاحقا.

قصدت من هذه الفذلكة رسم خارطة لمسارات أداء النخب السياسية فى مرحلة الإنقاذ بما فيها المؤتمر الوطني .. ومن باب حسن قراءة التاريخ، يصلح هنا استلاف المقولة المنسوبة للسيد المسيح عليه السلام (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ) ..

حرى بالقول أن بعض المشاركات التي أشرنا إليها حققت نجاحاً ملحوظا وأبرزت قيادات لا يشق لها غبار – ليس هذا مكان تفصيله – وبعضها انتهى بمغادرة أصحابه ولا يمكن بطبيعة الحال تحميل الأسباب لتلك الكيانات لوحدها ، ومن باب النقد الذاتى أقول إن المؤتمر الوطنى يتحمل بعضها .. ولكن المحصلة أنه بالإمكان الاستفادة من كل هذا الإرث ومخرجاته لإنتاج تواثق جديد يكون نواة لدستور يتواضع عليه الجميع .

وفى الجزء الثانى نواصل بمشيئة الله.

الدكتور عبد الرحمن الخضر
المحقق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • يوم الفرقان.. مسيرات مليونية نصرة لغزة ودفاعاً عن السيادة اليمنية
  • اليوم ..الفصل في قضية عفاف شعيب ضد محمد سامي
  • الدكتور عبد الرحمن الخضر يكتب للمحقق: الوطني والتفكير في اليوم التالي (1- 3)
  • القضية الفلسطينية أمام مجلس الأمن اليوم
  • 30 مسيرة حاشدة في المحويت تؤكد الاستمرار في نصرة غزة ومواجهة التصعيد الأمريكي
  • محافظة صنعاء تشهد 50 مسيرة نصرة للشعب الفلسطيني
  • ريمة تشهد 35 مسيرة تأكيدا على الثبات في نصرة غزة ومواجهة التصعيد الأمريكي
  • صعدة.. 35 مسيرة حاشدة نصرة لغزة وتاكيد مواجهة التصعيد الأمريكي
  • مسيرة حاشدة في لحج تأكيدا على نصرة غزة ومواجهة التصعيد الأمريكي
  • اتصالات لبنانية سورية لتهدئة الوضع على الحدود.. وحزب الله ينفي التدخل