حزب الله بين نصرة غزة وخطيئة التدخل في سوريا
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
كثر اللغط في الآونة الأخيرة، واستطال الكلام والجدل في وصف حزب الله ونصرته لغزة، في بعض الأوساط، خلفيات الجدل والنقاش متباينة، والغايات والبواعث أيضا متباينة.
استحضر البعض مشاركة الحزب في القتال في سوريا، وأنه ولغ في دماء السوريين وانتهاك أعراضهم، وذهب آخرون يفتون ويستنطقون النصوص الشرعية، أن الابتهاج والفرحة بما يصيب أفراد الحزب من قتل، وديارهم من تدمير، أمر طبيعي، وأن الحزب لو حرر الأقصى وفلسطين فلن يغسله هذا من خطاياه، ولا أخرجه من ضلاله وفجوره!
فيما عمد فريق ثالث الى مد اللسان والاستهزاء من قتال الحزب، والسخرية من امينه العام وسب رموزه، وتسفيه ما يعلنه من مواقف.
الجدل والصخب ليس بريئا في جله، وإن كان في بعضه تعبير عن سياق غريزي، لا ينضبط بعقل ولا تقدير مصلحة.
ولعل النظر في التوقيت، وثانيا في الاستغراق في العداء مع الحزب على حساب القضية الأوجب، قضية نصرة المقهورين في غزة، يعطي صورة عما وراء الكلمات، عند كل فريق من المتجادلين.
القضية موضع الحضور الآن، والتي ينبغي عدم تجاوزها، أو القفز من فوقها في هذا النقاش هي هل نصرة وإسناد حزب الله لفلسطين وغزة اليوم، في ظل حالة التآمر والخذلان الطافح، عربيا وإسلاميا، موضع إدانة أم تقدير؟
بمعنى أن الوقت لو كان غير الوقت، التي تباد فيه غزة وتطحن فيه قضية الفلسطينيين، أو لو كان الأمر مجرد توضيح، ثم يذهب المجادلون للقيام بواجباتهم تجاه القضية التي تمثل واجب الوقت، لكان الأمر يدخل في دائرة الاحتمال، وتباين الاجتهادات.
والسؤال الأهم بعد ذلك وقبله، هل القضية المعروضة اليوم، والتي تأخذ الأولوية في النقاش والاعتبار، هي تقييم أداء الحزب في سوريا، إشادة أو إدانه، أم هي نقاش عقائده ما إذا كانت فاسدة أو على صراط مستقيم؟
يا سادة القضية موضع الحضور الآن، والتي ينبغي عدم تجاوزها، أو القفز من فوقها في هذا النقاش هي هل نصرة وإسناد حزب الله لفلسطين وغزة اليوم، في ظل حالة التآمر والخذلان الطافح، عربيا وإسلاميا، موضع إدانة أم تقدير؟
بالطبع إسناد ونصرة ليس بإعلان موقف لفظي، أو بالأهازيج، بل بالدم وتعريض الديار للدمار، في مواجهة أعتى قوى الشر في العالم.
هذه المسألة الحاضرة اليوم، وليس نقاش عقيدة الحزب تزكية أو فسادا، وليس نقاش موقفه من الحرب في سوريا، مدحا أو قدحا، فهذه قضية وتلك قضية اخرى، وتزكية الحزب في هذه لا يوجب تزكيته في تلك أبدا، وكل قضية تأخذ الأولوية في وقت حضورها، وعند حضور وقتها، وهنا تأخذ نقاشها في سياقها العام والخاص. أما خلط الأمور وشن الحروب من منصات الأعداء المحاربين، أو بما يحقق غايتهم ويدخل السرور إلى قلوبهم، فهذه رداءة في التقدير، وضحالة في التفكير، إن لم تكن شيئا آخر عند البعض، والبعض الكثير.
وإذا كان ربنا كتب الحسنى والأجر، لكل موطئ قدم يغاظ به الأعداء، فبالمثل، فإن الإثم والعقاب، عاقبة مواطئ الاقدام التي تدخل الحبور والسرور لقلوبهم.
هذا في مطلق الأعمال، صغيرها وكبيرها، فكيف إذا كان الأمر في معرض حرب استئصال واجتثاث، لمؤمنين يقاتلون في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس اجتمعت عليهم قوى الشر والطغيان؟ ما لكم كيف تحكمون!
لنرفع الحيف والضيم والقتل والإبادة عن غزة اليوم، وليذهب من يشاء في غد أو بعد غد، إلى حيث يشاء، من نقاش وجدل.
ولنتساءل بالمثل، لو نهضت روسيا أو الصين أو فنزويلا أو هندوراس، لإسناد غزة وفلسطين فيما تتعرض له من حرب إبادة، هل نرفع عقائرنا بالثناء على فعلهم هذا، أم ننبش في مواقفهم السابقة وتاريخهم وعقائدهم، وما يمكن أن يكونوا فعلوه ضد نفر من أبناء الأمة، ضمن سياق طويل من صراعات كونية، لا تتوقف على مدار الوقت واتساع المكان؟
لينتهِ الجدل، وليفطن كل أحد لواجباته تجاه ما يجري من حرب إبادة، لا تقف تداعياتها عند حدود فلسطين، بل تمس عموم الإقليم العربي والإسلامي، وربما أسهمت في رسم مسار المنطقة وتحديد مستقبلها لعقود قادمة
الثناء والتقدير هنا على موقف محدد، وواضح الأبعاد، مكانا وزمانا ومضمونا؛ موقف انتصار لحق ورفع مظلمة عن شعب يباد، خذله الأقربون والأبعدون، وكلما تعاظم الموقف المتخذ، تعاظم الثناء والتقدير للفاعل، على الفعل المحدد والمقدر، وهذا لا علاقة له البته بتزكية كل فعل للفاعل، أو تزكية عقيدته أو فكره أو إثنيته أو جنسه، فالمسألتان مختلفتان ومتباينتان.
لينتهِ الجدل، وليفطن كل أحد لواجباته تجاه ما يجري من حرب إبادة، لا تقف تداعياتها عند حدود فلسطين، بل تمس عموم الإقليم العربي والإسلامي، وربما أسهمت في رسم مسار المنطقة وتحديد مستقبلها لعقود قادمة.
ولنتذكر أنه عندما انخرط حزب الله في القتال في سوريا، كانت حماس من أعلى الناس صوتا في إدانة هذا الانخراط، وغامرت بكل علاقاتها مع الحزب والحكومة السورية وإيران، وهم أكبر داعميها ومناصريها في الإقليم، وخاضت حرب 2014 لوحدها بدون سند ولا ظهير، ولم تلتفت للوراء، مع أن الحرب في سوريا دخلت على خطها، قوى شريرة طاغية استثمرت في دم السوريين وقضيتهم، لغايات تدمير سوريا الدولة والكيان وإخراجها من دائرة الصراع، وإشغالها بنفسها خمسين عاما قادمة.
لنتعظ ونقرأ المشهد من زاوية أوسع، وبفهم يسمح لنا بأن ندافع عن أنفسنا وأن لا نخسر قضايانا الواحدة تلو الأخرى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله الجدل سوريا غزة سوريا غزة حزب الله جدل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله فی سوریا
إقرأ أيضاً:
حزب الله خارج الحكومة؟
كان لافتاً تصريح رئيس كتلة "الوفاء والمقاومة" النائب محمد رعد بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، اذ ان التصعيد الذي حمله كلام عون جاء اثر، ما تسميه اوساط الحزب، الانقلاب الناعم الذي حصل عليه في الليلة السابق للاستشارات النيابية والتي ادت الى تسمية القاضي نواف سلام رئيسا للحكومة وهذا ما يطرح اسئلة كثيرة عن مسار المرحلة المقبلة.
كان من المقرر ان يكون الزخم الذي يسير به عهد الرئيس جوزيف عون سريعاً وايجابياً لناحية التكليف والتشكيل واعطاء الثقة ومن ثم الدعم السياسي والمالي الدولي والعربي، لكن ما حصل من خلال تسمية سلام من دون تنسيق مع "الثنائي الشيعي" اعاد خلط الاوراق، خصوصا ان المرحلة الحالية بالغة الحساسية بالنسبة للحزب وحضوره.
كلام رعد اوحى بأمرين، الاول ان الحزب لن يسهل ولادة الحكومة وهذا سيصيب عهد الرئيس جوزيف عون بالصميم ويجعل انطلاقته بطيئة نسبياً، خصوصا ان الحزب يرى انه سار بعون في مقابل ضمانات سياسية واضحة وهذا ما تم الانقلاب عليه داخليا او خارجيا، لذلك فلن يكون تشكيل الحكومة سهلا ولم يوضح رعد ما اذا كان الحزب يريد المشاركة في الحكومة ام لا.
اما الامر الثاني الذي ألمح له رعد ان اي مشاركة غير مرضية للمكوّن الشيعي ستعني اعتباره الحكومة غير ميثاقية، وعليه فإن شروط الحزب يجب ان تؤخد بعين الاعتبار خلال التشكيل وهذا بحد ذاته سيطيل المفاوضات، اما في حال شكلت الحكومة من دون موافقة الثنائي فإن الثقة لن تؤخذ لاعتبارات كثيرة ومتعددة وسيدخل البلد في دوامة من الفوضى ...
قد يستفيد "حزب الله" من رغبة المجتمع الدولي وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية بالوصول الى تسوية في لبنان والى استقرار سريع لاسباب اقليمية واستراتيجية من هنا فان إفشال عهد عون او فرملة اندفاعته سيؤديان الى جعل الدول المهتمة تتحرك لتلبية مطالب الحزب والتخفيف من الضغوط عليه..
من الواضح ايضا ان بعض تصريحات خصوم "حزب الله" الايجابية امس توحي بأنهم يتهيبون الخوض في مواجهة سياسية غير محسوبة خصوصاً ان "الثنائي" يعطيها معان طائفية ومذهبية وهذا ما لا يمكن العبث به ضمن التوازنات اللبنانية، فهل تشهد المرحلة المقبلة حلحلة سريعة او عرقلة طويلة؟ المصدر: خاص "لبنان 24"