صحة غزة: الاحتلال ينبش القبور ويسرق جثامين الشهداء
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
سرايا - قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن الاحتلال يقوم بـ"نبش القبور وسرقة الجثامين"، وذلك بعد قيام الجيش، الأربعاء بإعادة إرسال حاوية تحتوي على 88 شهيدا من دون أي بيانات أو معلومات يمكن الاستدلال من خلالها على هوية وأصحاب الجثامين.
وقالت وزارة الصحة إن "الاحتلال الاسرائيلي يقوم بنبش القبور وسرقة الجثامين وزجها إلى قطاع غزة في ظروف غير أخلاقية وغير قانونية، والتي كان آخرها يوم أمس (الأربعاء)، حيث تم إرسال حاوية تحتوي على 88 شهيدا دون أي بيانات أو معلومات يمكن الاستدلال بها على هويات أصحابها".
وأضافت، في بيان، أنه "تم تشكيل لجنة للتعامل مع الجثامين بما يليق بكرامتهم، واستلامهم اليوم (الخميس) تمهيدا لدفنهم".
وأشارت الوزارة إلى أنها حاولت إشراك اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإتمام عملية التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الأخيرة اعتذرت لعدم مطابقته للبروتوكول المعمول به في مثل هذه القضايا.
وأوضح المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هشام مهنا، أنّ اللجنة لم تشارك في نقل الجثامين الـ88 لأنّها لم تكن مرفقة بالوثائق المناسبة.
وقال إنّ "الصليب الأحمر رفض المشاركة في استقبال الجثث، لأنّه لم يتم الالتزام بالبروتوكولات المعمول بها، ولا توجد بيانات أو قوائم أو أدلة تحدّد هوية الجثث، وليس لدينا أي معلومات عنها على الإطلاق".
وأضاف "نؤكد حق كلّ العائلات في الحصول على معلومات بشأن أقاربها وأحبائها وإجراء مراسم الدفن بطريقة تحترم الكرامة الإنسانية".
وسبق أن قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إسماعيل الثوابتة، أمس الأربعاء، إن "هذه الجثامين وصلت عبر حاوية دون أي تنسيق مع الجهات الفلسطينية أو الدولية بكل صلف وعنجهية وامتهان لكرامة الشهداء، وهو تصرف غير إنساني".
وأضاف أن الاحتلال أدخل الحاوية إلى غزة دون إشراف أي جهة دولية أو عربية أو محلية ودون الكشف عن هوية الشهداء أو تفاصيلهم المتعلقة بالعمر والجنس والمناطق التي اختطفت منها جثامينهم، وقال إن هذا "دفع الحكومة الفلسطينية بغزة إلى إيقاف إجراءات استلام الحاوية لحين استكمال كافة المعلومات الضرورية".
من جهته، رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي هذه الاتهامات، موضحا أن سياسته تقتضي بمعاملة الجثث "بكرامة واحترام"، رغم الأدلة العديدة التي تبرهن عكس ذلك، والتي كان آخرها كان إلقاء 3 جثث من فوق بناية في قباطية شمالي الضفة الغربية ثم استخدام جرافة مسننة لحملها.
وتقوم إسرائيل بانتظام بنبش جثث قتلى من غزة لتحديد ما إذا كانت تعود لأسرى تم احتجازهم خلال عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وقال الجيش، في بيان، إنّ "عملية تحديد هوية الرهائن التي تجرى في مكان آمن وبديل، تضمن الظروف المهنية المثلى واحترام المتوفى"، مضيفا أن "الجثث التي لم يتم تحديد أنها تعود لرهائن أُعيدت بكرامة واحترام".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
جامع بني أمية في دمشق.. بين هوية الماضي وتحولات الحاضر
لم يزل جامع بني أمية -المعروف بالجامع الأموي- وجهة لزائري دمشق من جميع المذاهب والطوائف، سواء كانت زياراتهم سياحية أم ترفيهية أم دينية. وبعد سقوط نظام الأسد، أصبح الجامع الأموي مهوى لأفئدة القادمين بعد طول غياب عن دمشق، وموئلا للقلوب المشتاقة، فيه يعلنون فرحهم، ومنه ينشرون صورهم.
لقد أصبح الجامع الأموي مكانا للذكرى التاريخية ومجسدا للتناقضات الأيديولوجية بين الماضي والحاضر، مما يحمل عدة دلالات، من أهمها أنه كان عنوانا بارزا على سطوة النظام وسيطرته وهيمنته، ورمزًا سلطويا وعلامة بارزة لأفعال النظام وأعوانه من "القوات الرديفة" كما يسميهم، وهي المليشيات العابرة للحدود التي كانت تمارس طقوسها في هذا الجامع الكبير، متسببة في كثر من الأحيان بتغيير الطابع الروحي لهذا الصرح الإسلامي العريق.
بين شهرين وهويتينوبعد الإطاحة بنظام الأسد، أصبح الجامع رمزا للتحرر والإرادة الشعبية، وعنوانا لسقوط هيمنة ذلك النظام واستعادة الإرادة الحرة. تنتشر منه الصور يمينا ويسارا لتطوف البلاد وتسرّ كل مشتاق للعودة إلى دياره.
وبالعودة إلى الوراء، أي إلى ما قبل شهرين فقط أو قبلها بقليل، كان جامع بني أمية ميدانًا لهوية دينية لا تعبر عن أبناء سوريا، ومكانًا يتسم بالانقسامات الطائفية والسياسية.
إعلانففي السنوات العشر الأخيرة، كان يمكنك أن تلحظ تحولا كبيرا في الجامع، إذ كانت تمارَس فيه طقوس عاشوراء ومواكب اللطم الحسينية وغيرها، وهو ما كان يعكس الهيمنة السياسية الإيرانية الطاغية على مشهد الجامع.
فعلاقة إيران بجامع بني أمية وبالمدينة أضحت علاقة سيطرة، وهو مشهد كان الثائرون ينقلون صوره من وراء الحدود، ويتحدثون عن وقوعه في الأسر، وعن استخدامه بطريقة غير إنسانية وغير أخلاقية للتعبير عن الهيمنة السياسية لاتجاه ديني محدد.
مشاهد من صحن الجامعأما بعد سقوط النظام بشهر واحد فقط، فإنك إن دخلت جامع بني أمية فستجد صحنه الذي يتسع لعشرات الآلاف يكاد يفيض بالزائرين، في رمزية عظيمة طال انتظارها للاحتشاد الشعبي بعد سنوات من القمع.
علم الثورة ترفعه فتاة صغيرة وسط ساحة الجامع وهي تلتقط صورة للتعبير عن الفرح والنصر معًا، معلنة بداية مرحلة جديدة من الأمل، ومقاتل يرتدي زيا عسكريا بلحية كثيفة يتجمع الناس حوله، يلقي موعظة في زاوية أخرى من الصحن عن مجريات المعركة و"ما تم من فتوح ربانية أجراها الله على أيدي المجاهدين".
جنود الثورة يصلون في ساحات المسجد الأموي في دمشق بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (شترستوك)ومجموعة مقاتلين بزي عسكري وجوههم تشير إلى أنهم من تركستان أو أوزبكستان أو غيرهما من الجمهوريات، يلعبون فيما بينهم ويضحكون فرحين، في صورة للتلاحم بين الشعوب المختلفة في سبيل هدف مشترك.
ومجموعة من العلماء القادمين من دول الخليج يتجولون في مكان آخر، في وقت يلفت فيه نظرك رجل تركي يستوقفك متحدثا بلهجة عربية مكسرة عن فرح تركيا وشعبها بالتحرير.
كل هذه الصور لم يكن لأي واحد من الثائرين أن يتخيل قبل شهر واحد فقط أنها ستكون هي الطابع الغالب على دمشق وجامعها الكبير، جامع بني أمية.
ملتقى التغييرجامع بني أمية اليوم شاهد حي على التغيرات السياسية والاجتماعية التي مرّت بها البلاد. فهو لا يمثل مركزًا لأداء العبادات فقط، بل هو مؤشر على حجم التغيرات التي تشهدها سوريا كلها في صورتها الشعبية وهويتها المعلنة.
إعلانكما بات الأموي مقصدا لبعض السائحين الذين حرصوا أن يعبّروا من قلبه عن مواقفهم تجاه بعض الحكومات والدول، وهو ما أثار حساسية عدد من الناشطين السوريين، فطالبوا بمنع اتخاذ ساحة جامع بني أمية منبرا للتعبير عن المواقف السياسية المناوئة للسلطات في الوطن العربي.
الجامع العريق أضحى بعد الإطاحة بالنظام القديم رمزا للقبول والتسامح بين مختلف الأطياف، فالجميع هنا -وإن كانوا يمارسون سياحة ثورية وإعلانًا عن النصر- يقدمون نموذجا للمواطن الذي يحرص على أن يكون المسجد للجميع: عربا وعجما، صغارا وكبارا، ومن مختلف التوجهات والتيارات، دون أن يقع في قبضة احتكار أحد.
إنه مكان يجسد المستقبل المشرق الذي ينتظر البلاد، فصحن الجامع، إذا دخلته وتجولت فيه نصف ساعة، تستطيع أن تتلمس به سوريا الجديدة التي تصوغها الأيام، وتخبئ في جعبتها الكثير لتقوله للشعب السوري.