مؤرخ مغربي لـعربي21: إطلاق سراح باقي المعتقلين السياسيين خلال أشهر قليلة
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
قال المؤرخ والحقوقي المغربي، معطي منجب، إنه "سيتم إطلاق سراح باقي المعتقلين السياسيين خلال الأشهر القليلة القادمة، وعلى أقصى تقدير قبل نهاية العام القادم"، مُرحبا بالعفو الذي أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش عن صحفيين ونشطاء ومدانين في قضايا الإرهاب وغيرهم.
وفي مقابلة خاصة مع "عربي21"، أضاف منجب أن "إطلاق سراح الصحفيين وبعض معتقلي الرأي في نهاية تموز/ يوليو الماضي نتج عن تقدير رسمي للوضعية الاجتماعية- السياسية للبلاد؛ فالنظام رأى شعبيته تتراجع ومشروعيته تتآكل، بل وتُهدّد بالانهيار، ولذلك لجأ إلى هذه الخطوة".
لكنه وصف المستقبل السياسي والحقوقي في المغرب بأنه "ضباب في ضباب"، وتابع: "إذا لم تتأقلم الملكية الحاكمة مع مجتمع مغرب القرن الواحد والعشرين الذي أصبحت فيه الحرية والكرامة مطلبا قويا يكاد يكون قاهرا فقد يتعرض المغرب لهزات سياسية عنيفة تعيد هيكلة المجتمع السياسي، بل وقلبه رأسا على عقب؛ وبالتالي فإما الإصلاح اليوم أو الثورة غدا".
وعلى صعيد آخر، رأى المؤرخ المغربي أن "الموقف الرسمي والشعبي من العدوان على غزة متعارضان تماما؛ فأكبر المظاهرات ضد العدوان بالمنطقة العربية حدثت بالمغرب، بينما أصبح النظام المغربي حليفا رسميا لإسرائيل منذ 2020، وتعامل سرا مع تل أبيب لدواع أمنية ودبلوماسية منذ الستينيات".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما تقييمكم للموقف المغربي، الرسمي والشعبي، من العدوان الإسرائيلي على غزة؟
فيما يخص حرب الإبادة التي يشنّها نتنياهو وحكومته المتطرفة ضد الشعب الفلسطيني واللبناني، الموقفان الرسمي والشعبي متعارضان تماما؛ فأكبر المظاهرات ضد العدوان بالمنطقة العربية حدثت بالمغرب. الشعب المغربي معروف بتشبثه الكبير بقضية فلسطين هكذا شارك مغاربة في "الثورة العربية الكبرى" خلال الثلاثينيات ضد الاستعمار والاستيطان، وحدث نفس الشيء سنة 1948 بعد نداء قائد "ثورة الريف" بالمغرب الأمير عبد الكريم الخطابي الموجّه للعرب والمسلمين لمساندة فلسطين.
النظام المغربي أصبح حليفا رسميا لإسرائيل منذ 2020، لكنه تعامل سرا مع تل أبيب لدواع أمنية ودبلوماسية منذ الستينيات، كما أن الملك الراحل الحسن الثاني قد سهّل هجرة المغاربة اليهود إلى إسرائيل، وتؤكد الوثائق الإسرائيلية أنه تلقى عمولات بالدولار على ذلك، ويمكن في هذا الصدد الرجوع لكتاب خبيرة السياسة الإسرائيلية آنييس بنسيمون "الحسن الثاني واليهود" التي وثّقت هذه الفضيحة.
إن تهجير اليهود كان خسارة للمغرب ولفلسطين وللمهجَّرين اليهود أنفسهم؛ إذ عانوا، وهم عرب وأمازيغ، في إسرائيل من عنصرية جماعة الآشكناز الأوروبيين الذين كانوا يسيطرون على الحكم والثروة خلال العقود الأولى لوجود إسرائيل.
وهنا يجب أن نذكر أن الحركات العنصرية الأوروبية المعادية للسامية منذ القرون الوسطى، والتي تقوت في عصر القوميات بالقارة العجوز خلال القرنين الـ 19 و20، هي التي هيأت التربة لتنامي الصهيونية بين يهود أوروبا، والذين فضلّوا اللجوء إلى فلسطين ذات الأغلبية الإسلامية- المسيحية، والتي لم تعرف خلال التاريخ أيّة معاداة قاتلة لليهود كما بأوروبا الشرقية والغربية.
المشكل أن حكومة نتنياهو المتطرفة تتحالف الآن مع الاتجاهات اليمينية القومية بأوروبا التي حوّلت حقدها المعادي للسامية من اليهود إلى المسلمين والعرب.
يتناسى نتنياهو وحكومته الاعتقادات العنصرية الدفينة لليمين القومي الغربي ضد اليهود، بل أنه تفوّه عدة مرات بكذب سخيف منذ سنة 2015، يقول هذا الادعاء المفضوح إن هتلر لم يكن يريد قتل اليهود، بل طردهم فقط وأن الفلسطينيين هم من أوعزوا إليه بإبادتهم.
في الواقع، الصراع في فلسطين الآن ليس بين يهود ومسلمين، بل بين دولة استعمارية وشعب مُستعمَر هو الشعب الفلسطيني، والدليل أن من يقود المظاهرات المساندة لفلسطين بأمريكا هم شباب يهود إنسانيون ليبراليون، بل أن بعضهم متدين أو تقليدي.
كيف تنظرون لدعوات اقتحام السياج الأمني نحو مدينة سبتة التابعة للإدارة الإسبانية وما حدث من مواجهات قبل أيام مع قوى الأمن؟
المجتمع المغربي في خطر بسبب السياسات العمومية الطبقية التي تعمل لصالح الفئات العليا وتهمل إلى حد كبير الفئات الفقيرة والمتوسطة؛ فكل سنة يغادر آلاف الشباب العاطل، بل ومئات الأطباء، البلاد للعمل والعيش بالخارج، وكذلك يفعل المهندسون والمثقفون. بسبب الظلم الاجتماعي والسياسي يخسر المغرب كل سنة جزءا كبيرا من طاقته الحيوية التي ترمي بنفسها في البحر أو في عالم المخدرات والإدمان.
إلى أي مدى عجزت المنظومة الاقتصادية والاجتماعية في المغرب عن احتواء الشباب؟
الحكم لا يحاول احتواء الشباب اقتصاديا بل -رغم الخطاب الرسمي- هو يفضل التخلص منهم عبر الهجرة، لأنه يرى فيهم قنبلة موقوتة على المستوى السياسي، كما أنهم يصبحون مصدرا للعملة ريثما يتجاوزوا الحدود.
برأيكم، كيف يمكن حل أزمة الهجرة الجماعية خاصة أن وزارة "الداخلية المغربية" أكدت أنها أحبطت 45 ألف محاولة للهجرة غير النظامية هذا العام؟
المقاربة الأمنية فاشلة. يبدو لي أن الحل الوحيد والفعال لمحاربة الهجرة، التي تفقر المغرب باستمرار وتبطيء تنميته، هو أن يصبح المغرب بلدا جذابا ليس للسياح فقط وإنما لأهله وشبابه. ولا يمكن تجويد جاذبية البلاد إلا بالديمقراطية الاجتماعية والسياسية فالواحدة تستوجب الأخرى.
النظام الديمقراطي هو الشكل الوحيد لإطلاق الطاقات في بلدان المنطقة التي لا بترول لها، وقد رأينا أمثلة في مناطق أخرى كأمريكا اللاتينية؛ فالبرازيل أصبحت قوة عظمى بفضل الديمقراطية الاجتماعية التي أتاحتها حكومة لولا دا سيلفا. كما أن بلدا كان فقيرا جدا وهو بوليڤيا تحسن دخل الفئات الفقيرة فيه ثلاث إلى أربع مرات أثناء حكم الرئيس إيڤو موراليس، وهو بالمناسبة لم يحتج إسرائيل ولا أمريكا لفعل ذلك، بل طرد السفير الأمريكي وقطع العلاقات مع تل أبيب بسبب سياستها التوسعية والقمعية ضد الفلسطينيين.
كيف استقبلتم قرار العاهل المغربي محمد السادس بالعفو الملكي عن صحفيين وناشطين بارزين -كنت من بينهم- بمناسبة عيد العرش؟
استقبلت العفو عن الصحفيين وعني شخصيا بإيجابية، وأتمنى أن يجبر ضرر من قضى منهم سنين طويلة بالسجن كبوعشرين والراضي والريسوني والعلمي، وأن يُطلق سراح باقي معتقلي الرأي من أمثال ناصر الزفزافي ورفاقه من حراك الريف، وكذلك المحامي النقيب محمد زيان؛ فعيب أن يبقى شيخ عمره 82 عاما وراء القضبان، لأنه انتقد السلطات ولو كان ذلك بشكل لاذع؛ فصدر الدولة يجب أن يكون رحبا ويستوعب الجميع.
هل يتجه المغرب نحو انفراج حقوقي وسياسي بعد العفو الملكي الأخير؟ وهل تتوقعون إجراء خطوات مماثلة لتوسيع فضاء الحريات والحقوق في البلاد؟
أعتقد أنه سيتم إطلاق سراح باقي المعتقلين السياسيين خلال الأشهر القليلة القادمة، وعلى أقصى تقدير خلال الـ12 شهرا القادمة، أي قبل الدخول السياسي القادم في نهاية صيف 2025؛ فإطلاق سراح الصحفيين وبعض معتقلي الرأي في نهاية تموز/ يوليو الماضي نتج عن تقدير رسمي للوضعية الاجتماعية- السياسية للبلاد وسمتها العامة كل هذه التوترات شبه الدائمة بين الحكم والشعب، بين المجتمع المدني والحكومة؛ فالنظام رأى شعبيته تتراجع ومشروعيته تتآكل، بل وتُهدّد بالانهيار نتيجة لثلاثة عوامل أساسية على رأسها موقف النظام المهادن تجاه الحرب الإسرائيلية على فلسطين بعد أن وقع سنة 2020 التطبيع المرفوض شعبيا، وقد تم اعتقال أو متابعة نشطاء عديدين بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات في الشارع أو على الشبكات الاجتماعية، وقد تم إطلاق سراحهم كذلك بمناسبة عيد العرش.
والسبب الثاني هو تدهور الوضع الاجتماعي بسبب جائحة كورونا وسياسة الحكومة التي عُينت من قِبل الملك تبعا لانتخابات 2021، وهي سياسة منافية على العموم لمصالح الفئات المستضعفة ومنها الشباب العاطل عن العمل، والارتفاع المهول في الأسعار وغلاء المعيشة وقلة الشغل، خاصة في ظل تراجع غير مسبوق لنسبة الشغل لدى النساء حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط، وهنا يجب التذكير أن النساء هن الأقرب للأطفال واليافعين داخل الأسرة، بالإضافة إلى تدهور الدخل لدى الطبقات الوسطى والدنيا، وتردي جودة الخدمات الاجتماعية، وخصوصا التعليم والصحة.
والسبب الثالث هو انتخابات أيلول/ سبتمبر2021، والتي كانت الانتخابات الأقل نزاهة في تاريخ المغرب السياسي الراهن منذ حكومة التناوب (1998-2002) التي قادها الزعيم الوطني اليساري ورفيق المهدي بن بركة الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، وهي الفترة التي توفي خلالها الملك الحسن الثاني، وهذه الانتخابات الأخيرة كانت هي الأسوأ منذ عشرات السنين؛ إذ اتاحت السلطات الاستعمال الممنهج للمال لشراء الأصوات على نطاق واسع، وذلك لقطع دابر حزب "العدالة والتنمية" واليسار المستقل.
كما تدخلت الإدارة وخصوصا في مستوياتها الدنيا، أي "الشيوخ" و"المقدمين"، للدعاية لصالح الأحزاب المُقربة من القصر، وعلى رأسهم حزب "الأحرار" ليحقق هذا الأخير "فوزا باهرا" بحصوله على أكبر عدد من النواب.
وقد طالبت، بُعيد الاقتراع، تنسيقية الشيوخ والمقدمين -وهم أعوان لسلطة الداخلية يعيشون بين أوساط الشعب وفي نفس ظروفه- علانية وبكل صراحة بتحسين الشروط المادية لهؤلاء الأعوان البسطاء نظرا لوفائهم وتطبيقهم الحرفي للتعليمات التراتبية الشفوية لصالح المقاولين السياسيين المُقربين من السلطات المحلية.
لقد أصبح هؤلاء الأعيان والمقاولين السياسيين الذراع الضاربة للسلطة داخل البرلمان والمجالس البلدية والجهوية، بل وفي قيادة أغلب الأحزاب نفسها، وهكذا سقط النظام ضحية لنجاحه الانتخابي؛ إذ انفض الشعب من حول المنتخبين والأحزاب، وهكذا أصبح الملك وجها لوجه مع الشعب بدون وساطة فعالة خصوصا مع تحويل الصحافة إلى أداة بروباغاندا في يد المخزن (الدولة العميقة)، وفي نفس الاتجاه يسير اعتقال أو متابعة الصحفيين والنشطاء الذين لا يسايرون النظام أو ينأون بنفسهم عن خطاب التشهير بالمعارضين.
هكذا يجد القصر نفسه، ولأول مرة، منذ أواسط السبعينيات دون معارضة برلمانية قوية وشرعوية، أي تعترف بمشروعية النظام، لكنها تواجه بقوة سياساته العمومية وسلطويته. تخيلوا أن العشرات من البرلمانيين إما معتقلين وإما متابعين بسبب الفساد المالي والترامي على أملاك الآخرين. الدولة تجد نفسها بين نارين؛ فهي إما تتدخل لصالح الأعيان في الانتخابات فتكون النتيجة مؤسسات يعتليها فاسدون، وهذا يُهدّد سلامة الدولة، وإما لا تتدخل في اختيارات المواطنين خلال الاقتراع فيعطي ذلك معارضين بالمؤسسات يواجهون الاستبداد فيهدد ذلك سلامة السلطوية وحكمها المطلق.
وماذا عن المعارضة من خارج المؤسسات؟
الآن أقوى تنظيم معارض هم إسلاميو جماعة "العدل والإحسان"، وهم ذو رصيد شعبي مهم، ولكنهم ليسوا "شرعويين"، كما أن النظام لا يعترف بهم في خرق سافر لدستور الربيع المغربي الذي اُعتمد تحت ضغط الشارع سنة 2011.
القوة الثانية تتمثل في اليسار المستقل بجناحيه السياسي والاجتماعي- المدني (جمعيات، نقابات، حركات اجتماعية محلية، أوساط مثقفة ونشطاء منظمين افتراضيا على شكل شبكات)، ويمكن لهذا اليسار أن يحقق نتائج انتخابية مهمة إذا لم تتدخل الدولة في الانتخابات لأسباب محلية، وهكذا حصلت قبل أيام فيدرالية اليسار الديمقراطي على أكثر من 90% من الأصوات في الانتخابات الجزئية بمدينة فجيج (جنوب شرقي المغرب) التاريخية.
كيف تنظر إلى مسار العدالة الانتقالية في المغرب بعد فترة "سنوات الرصاص"؟
يجب أن يكون هناك انتقال ديمقراطي لتكون هناك عدالة انتقالية حقيقية تقطع مع ماضي الانتهاكات وتضمن مستقبل الحقوق. في المغرب منذ عشرين سنة، وبضغط من المجتمع المدني، وبمبادرة من الملك محمد السادس، تم إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة التي قامت بعمل مهم فيما يخص الاعتراف العلني بالانتهاكات وبالآلام التي عاشها آلاف المغاربة والمغربيات بسبب مواقفهم وآرائهم السياسية، كما تم جبر ضرر عدد كبير من الضحايا وأسر القتلى أو المتوفين منهم، إلا أنه لم يكن لعمل هذه الهيئة أي وقع على طبيعة النظام التي بقيت سلطوية في العمق، كما أن توصياتها ذات الطبيعة المؤسساتية لم تُفعّل، ومن ذلك ربط المسؤولية بالمحاسبة ووجوب أن تقدم مثلا أجهزة الأمن ومنها المخابرات تقاريرا حضورية عن عملها أمام البرلمان وتتم مساءلتها من قِبل المنتخبين.
هكذا مباشرة بعد انتهاء عمل الهيئة عاد التعذيب وإن لم يكن بشكل منهجي. كما أن الإعلام أصبحت تتحكم فيه السلطة إلى حد كبير وبشكل أوسع وأعمق مما كانت تفعل خلال نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
ما رأيك في إصلاح مدونة الأسرة والأحوال الشخصية؟
أنا متحمس لدمقرطة علاقات النوع وتحسين الوضعية الاعتبارية والاجتماعية للمرأة، لكن النظام يستعمل هذه القضية وقضايا القيم عموما لتشتيت المعارضة، وهو نفس ما فعل سنة 2000 لإضعاف حكومة عبد الرحمن اليوسفي، وهكذا تمكن من الإجهاز على تجربة "الانتقال الديمقراطي" سنتين بعد ذلك من خلال تعيين رئيس حكومة غير منتخب ومُقرب من القصر.
ما هي أكبر الإنجازات التي حققها المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان في المغرب؟
تراجع الخوف؛ إذ أصبح المواطن رغم المخاطر يدافع عن حقه أمام الإدارة، كما أن التقنيات الجديدة للتواصل والشبكات الاجتماعية -حيث يتواجد بقوة نشطاء المجتمع المدني-أصبحت تتيح للناس العاديين التعبير عن آرائهم والتشكي من الشطط في استعمال السلطة ضدهم، إلا أن المخابرات قامت برد فعل قوي أغرق شبكات التواصل الاجتماعي بالمواقع والصفحات التشهيرية حتى أن تقريرا رسميا لشركة ميتا أدان تدخل أجهزة الأمن المغربية في الشبكات الاجتماعية، وأغلقت نفس الشركة مئات الصفحات والحسابات الأمنية على الفيسبوك سنة 2022 ثم العشرات في السنة التالية.
كيف تصف تجربتك الشخصية كحقوقي في المغرب على مدى العقود الماضية؟
أصبحت ناشطا من أجل الحق والديمقراطية وضد الظلم منذ نعومة أظفاري، وذلك بتأثير من والدي رحمه الله الذي كان مقاوما ضد الاستعمار.
ما هي رؤيتك للمستقبل السياسي والحقوقي للمغرب خلال السنوات القادمة؟
ضباب في ضباب، لكن على المدى المتوسط والبعيد إذا لم تتأقلم الملكية الحاكمة مع مجتمع مغرب القرن الواحد والعشرين الذي أصبحت فيه الحرية والكرامة مطلبا قويا يكاد يكون قاهرا، وإذا لم تتكيف الملكية مع سلّم القيم الجديد لمجتمع جديد أصبح لا يُقِر ولا يقبل أيّة لامساواة اعتبارية أي من حيث تقدير الفرد؛ إذ أصبح هذا الأخير لا يستسيغ أيّة تراتبية غير عقلانية داخل الجسم المواطن (Body politic)، كما لا يعترف بأي مشروعية سياسية خارج مشروعية الفعالية ومشروعية خدمة المواطن وحماية حقوق الناس التي يجب أن توفرها الدولة، وإذا لم يتوفر هذان الشرطان فقد يتعرض المغرب لهزات سياسية عنيفة تعيد هيكلة المجتمع السياسي، بل وقلبه رأسا على عقب؛ وبالتالي فإما الإصلاح اليوم أو الثورة غدا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية مقابلات المغربي الملك محمد السادس الإسرائيلي إسرائيل المغرب الملك محمد السادس اعتقالات المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع المدنی إطلاق سراح سراح باقی فی المغرب یجب أن کما أن
إقرأ أيضاً:
مقامرة ترامب التي ستضع الدولار في خطر
الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب تنطلق بتغييرات جذرية
بدأت الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب بعاصفة من التغييرات في المشهد السياسي داخل واشنطن العاصمة، وفي علاقات الولايات المتحدة مع العالم. فالتخلي السريع عن الوضع الراهن، بدءًا من فرض تعريفات جمركية أكبر على كندا، الحليف الأكثر ولاءً للولايات المتحدة، مقارنةً بالصين، وطرح إمكانية احتلال غزة، إلى التهديد بضم غرينلاند، والسعي للتواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، تُعدّ أمرًا ساحقًا، ومتعمدًا كذلك.
التعريفات الجمركية وتأثيرها طويل الأمدقد لا تكون التعريفات الجمركية التي يفرضها ترامب أكثر خطوات سياسته الخارجية إثارة للدهشة في ولايته الثانية، لكنها قد تكون الأكثر تأثيرًا على المدى الطويل.
وكغيرها من سياساته التي تجذب العناوين الرئيسية، فإن خطة التعريفات الجمركية تأتي ضمن خطته الأوسع لإعادة تشكيل الاقتصاد الأميركي.
ويصرّ ترامب على أنه سيفرض تعريفات على أوروبا والصين وجميع الشركاء التجاريين الآخرين للولايات المتحدة؛ بهدف إعادة التصنيع إلى الداخل، وتحقيق شعاره الشهير: "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى".
انعكاسات التعريفات الجمركية على الدولار الأميركيلكن في هذه الحالة، من غير المرجح أن يحقق ترامب أهدافه بعيدة المدى؛ بسبب التأثير غير المقصود الذي ستتركه هذه التعريفات على الدولار الأميركي. فتكاليف التصنيع في الولايات المتحدة أعلى بكثير مما هي عليه حتى في أوروبا، ناهيك عن آسيا، وبالتالي فإن التأثير الفوري لفرض التعريفات الجمركية، والتهديد بفرض المزيد، سيؤدي إلى رفع توقعات التضخم، ويبدأ دورة جديدة من قوة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى.
إعلانورغم أنه قد يبدو أن الدولار الأقوى سيحدّ من التضخم، فإن التعريفات الجمركية وتوقعاتها تضيف تكاليف إضافية للتجارة، مما يقلل من هذه الفائدة المحتملة.
بالإضافة إلى ذلك، أوقف مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي دورة خفض أسعار الفائدة، بينما تواصل البنوك المركزية الأخرى، مثل بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي، خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو في مواجهة التهديدات التجارية. ومع ذلك، فإن هيمنة الدولار على النظام النقدي العالمي، تعني أن التوقعات بعوائد أعلى على الأصول الأميركية ستعزز قوة الدولار أكثر.
امتياز "الدولار المفرط" في خطرلطالما أدى الطلب العالمي على الدولار الأميركي إلى جعله الصادر الرئيسي للولايات المتحدة، وهو ما مكّن واشنطن من تشغيل عجوزات تجارية ومالية دون تأثير سلبي كبير على الاقتصاد. وقد أدرك ترامب تدريجيًا أهمية حماية هذا النظام، مهددًا بفرض تعريفات بنسبة 100٪ وإجراءات أخرى ضد الدول التي تسعى إلى فك الارتباط بالدولار والانضمام إلى منظمة "بريكس" المدعومة من روسيا والصين.
يرى ترامب أن مهمته لا تقتصر فقط على إعادة هيكلة السياسة المالية لدعم التصنيع المحلي، بل تشمل أيضًا وضع قواعد جديدة للنظام النقدي الدولي.
باختصار، يريد الرئيس الأميركي أن يضمن أن الدولار يمكن أن يتداول بقيمة أضعف مقارنة بالعملات الأخرى، دون أن يفقد مركزيته، خاصةً بالنسبة للأوراق المالية الحكومية الأميركية، في النظام النقدي العالمي.
إمكانية التوصل إلى اتفاقيات استقرار الدولارأثار هذا الوضع نقاشًا حول ما إذا كانت إدارة ترامب تسعى إلى التوصل إلى اتفاقيات جديدة لاستقرار الدولار مع الحكومات الأخرى وبنوكها المركزية، على غرار اتفاق "بلازا" و"اللوفر" في الثمانينيات. وبالفعل، أصبح الحديث عن محاولة ترامب التوصل إلى ما يسمى بـ"اتفاق مارا لاغو" موضوعًا متكررًا بين الاقتصاديين.
لكن من غير المرجح أن يكون تحقيق مثل هذه الاتفاقية سهلًا، إذ إن الوضع اليوم يختلف عن اتفاقيات الثمانينيات، التي ركزت على اليابان، حيث رأت الولايات المتحدة حينها أن ضعف الين يمثل تهديدًا لمصالحها، وعملت على تصحيحه.
إعلانلم يكن هذا تحديًا كبيرًا، نظرًا لأن طوكيو كانت -ولا تزال- حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة. أما الصين، فهي ليست كذلك بأي شكل من الأشكال، وهي أقل اهتمامًا بالمفاوضات، إذ تشير إلى آثار اتفاقيات الثمانينيات على اليابان، حيث أدى ارتفاع قيمة الين إلى ما يعرف بـ"العقود الضائعة"، كسبب رئيسي لعدم رغبتها في رفع قيمة عملتها مقابل الدولار.
ترامب يستخدم النظام النقدي العالمي كأداة ضغطيبدي ترامب استعدادًا لاستخدام النظام النقدي العالمي كسلاح لتحقيق تنازلات وأهداف طويلة الأمد، حتى لو لم تكن مرتبطة بالتجارة. حتى أقرب حلفاء الولايات المتحدة يجب أن يكونوا مستعدين لمواجهة تهديدات تتجاوز التعريفات الجمركية.
وقد كان هذا واضحًا في تهديده بفرض "عقوبات مالية ومصرفية وخزانة" على كولومبيا في أواخر يناير/ كانون الثاني إذا لم تقبل طائرات عسكرية أميركية تحمل المرحلين، وهي خطوات تُستخدم عادةً ضد الدول المارقة مثل كوريا الشمالية وإيران وروسيا.
هل ستؤدي سياسة ترامب إلى انهيار هيمنة الدولار؟قد تكون هذه التهديدات أشد تدميرًا اقتصاديًا من التعريفات الجمركية؛ نظرًا لمركزية الدولار الأميركي وأوراقه المالية الحكومية والنظام المالي الأوسع في الاقتصاد العالمي.
لكن استعداد ترامب لاستخدام هذه الأدوات ضد الحلفاء يعني أنه لن يكون لديه أمل في دخول مفاوضات مع الصين بدعم اقتصادي من حلفائه.
وستحاول بكين والدول الداعمة لتقويض النظام القائم على الدولار استغلال هذه الثغرات، إذ إن تفكيك هذا النظام يعد هدفًا أهم بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى من إضعاف حلف الناتو.
يحاول ترامب إعادة هيكلة النظام النقدي الدولي لصالح الولايات المتحدة، لكن تحركاته تشير إلى أنه لا يدرك تمامًا تعقيدات هذا النظام. وهذا ما بدا جليًا عندما تحدث عن مستويات الإنفاق في الناتو خلال زيارته لإسبانيا بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، حيث أخطأ في تصنيفها كعضو في مجموعة "بريكس".
إعلانالنظام النقدي القائم على الدولار لم يكن أميركيًا بالكامل، بل نشأ إلى حد كبير في أوروبا، حيث بدأت البنوك في إصدار القروض بالدولار في الخمسينيات؛ لتلبية الاحتياجات التمويلية الإقليمية.
وعليه، فإن تقويض ترامب وحدة السياسة الخارجية بين الولايات المتحدة وأوروبا، تحت شعار "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، قد ينتهي به الأمر إلى الإضرار بالنظام المالي القائم على الدولار، الذي ساهم في تعزيز القوة الأميركية لعقود.
الفرق بين "بريكس" والدول الأوروبيةالفرق الرئيسي بين دول مجموعة "بريكس" والدول الأوروبية مثل إسبانيا، هو أن معظم أعضاء "بريكس" هم من الدول التي تحقق فائضًا تجاريًا عالميًا، حيث تصدّر أكثر مما تستورد، كما أنها تفرض قيودًا رأسمالية كبيرة.
أما في أوروبا، فالقوة التجارية ليست كافية لدعم مستويات الإنفاق الحكومي في معظم دول الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة، ولا حتى في اليابان التي تفوق نسبة دينها إلى الناتج المحلي الإجمالي أي اقتصاد رئيسي آخر.
وبالتالي، فإن هؤلاء الحلفاء التاريخيين هم المقترضون الرئيسيون في أسواق رأس المال الدولية، بينما تسعى الدول ذات الفوائض، مثل الصين، إلى استثمار أموالها في هذه الدول.
ترامب يخاطر بتدمير النظام المالي العالميتحركات ترامب، مثل التعريفات الجمركية والتهديدات بضم أراضٍ تابعة لحلفاء الولايات المتحدة، تُضعف هذا النظام. كما أن تهديداته الجيوسياسية لإعادة تشكيل النظام النقدي قد تستهدف بكين، لكنها تهدد أيضًا بتفكيك التحالف السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين.
إذا نجح ترامب في تحقيق رؤيته، فقد يؤدي ذلك إلى بعض المكاسب للصناعة الأميركية، إذ سيؤدي نمو قطاع التصنيع الذي يمثل حاليًا 10.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى تعزيز دعم قاعدته الانتخابية.
لكن المخاطرة تكمن في أنه، أثناء محاولته تحقيق ذلك، قد يتسبب في انهيار النظام القائم على الدولار الأميركي، مما سيكون له تأثير مدمر على الاقتصاد الأميركي، حيث سيؤدي إلى تضخم حاد وركود اقتصادي عميق.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline