يسرني أن أخاطبكم اليوم، بمناسبة افتتاح الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكما تعلمون فإن بلادنا العزيزة لا تزال تعيش واقعاً مأساويا، أفرزته أكبر حرب في تاريخها الحديث. حرب أشعلها قادة النظام القديم، وأيادي الدولة العميقة للحركة الإسلامية السودانية الإرهابية، بعد أن أسقط

سعادة رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة.



السيدات والسادة أصحاب الفخامة والجلالة ورؤساء الدول والحكومات. السادة رؤساء الوفود والوزراء الموقرون

إلى إخوتي وأخواتي السودانيين داخل البلاد وخارجها. إلى أشاوس قواتنا الأبطال الأوفياء

إلى أرواح شهداءنا الأوفياء

يسرني أن أخاطبكم اليوم، بمناسبة افتتاح الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكما تعلمون فإن بلادنا العزيزة لا تزال تعيش واقعاً مأساويا، أفرزته أكبر حرب في تاريخها الحديث. حرب أشعلها قادة النظام القديم، وأيادي الدولة العميقة للحركة الإسلامية السودانية الإرهابية، بعد أن أسقط الشعب السوداني نظامهم عبر ثورة ديسمبر 2018 المجيدة. لكن قوى الردة والظلام. استخدمت قيادة القوات المسلحة في مقاومة التغيير، وإعاقة مسيرة التحول الديمقراطي بانقلاب الخامس والعشرون من أكتوبر 2021م . الذي صوبنا موقفنا منه بإجراء مراجعات صادقة.



نعلم يقيناً أن تحقيق أهداف ميثاق الأمم المتحدة الذي يتطابق مع أهدافنا وتطلعات شعبنا، لن يتأتى دون إنجاز عملية التحول الديمقراطي، وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد لكن قيادة القوات المسلحة المتحالفة مع قادة النظام القديم، ظلت تسعى باستمرار الإعاقة الجهود المبذولة لإنجاح العملية السياسية، التي كانت على وشك الاكتمال لولا استهدافنا غدراً وجر البلاد إلى الحرب المدمرة.

تأسيساً على ما سبق، فإننا نرفض مشاركة قائد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر عبد الفتاح البرهان ممثلاً لشعبنا ولبلادنا في الدورة (79) للجمعية العامة للأمم المتحدة، لأنه قاد انقلاباً عسكرياً على الحكومة المدنية الانتقالية، ما أدى إلى انهيار دستوري كامل في السودان وترتب على ذلك وجود حكومة أمر واقع انهارت هي الأخرى باندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023، والتي تفجرت كنتيجة مباشرة لرفضنا الانقلاب على الحكومة المدنية وتمسكنا بالعودة ويأتي رفضنا منح الشرعية لقائد الانقلاب، استناداً إلى إعلان المؤسسات الإقليمية والدولية. بما في ذلك الاتحاد الأفريقي، ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، والتي سبق وقد أعلنت رفضها للانقلاب، الذي قوض الحكومة الانتقالية، وأوقف عملية التحول الديمقراطي في السودان، وذلك باتخاذ قرارات تدين الانقلاب وتطالب بإعادة السلطة إلى المدنيين.

إن دعوة قائد الانقلاب لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ممثلا للسودان. تتناقض مع المواقف المشار إليها، وتخدم أجندة كعاة الحرب المستمرة اليوم في السودان. كما أنها تشجع الانقلابات العسكرية وتنامي الدكتاتوريات في قارتنا الأفريقية.

إن الشعب السوداني، ينطلق من تاريخ نضالي باذخ ضد الانقلابات والأنظمة الشمولية. ومضى جيل ثورة ديسمبر المجيدة خطوات متقدمة بإقراره الشرعية المدنية الكاملة للحكم وقاوم انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، مقدماً في سبيل تطلعاته المشروعة، مئات الشهداء قبل اندلاع هذه الحرب الكارثية.

إن إشعال حرب الخامس عشر من أبريل بواسطة الحركة الإسلامية وقياداتها داخل القوات المسلحة، والدمار والتشريد والانتهاكات تمثل فعلا إجراميا يقوض الأهداف السامية والقيم النبيلة التي تأسست من أجلها منظمة الأمم المتحدة، وهي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وحماية حقوق الإنسان، وتقديم الإغاثة أو المساعدات الإنسانية، وتعزيز التنمية المستدامة.

لذلك ندعو المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة إلى دعم خيارات الشعب السوداني صاحب الشرعية الحقة بموجب المواثيق الدولية، وأن تقف على الحياد بين أطراف الصراع دون انحياز أو محاباة ومعاقبة الطرف الرافض للحوار والداعي لاستمرار الحرب وتوسيع نطاقها.

ورغم سيطرتنا الفعلية على أكثر من 75% من ولايات السودان وقديه الرئيسية، والتأييد العريض لتوجهاتنا من غالب المكونات المجتمعية إلا أننا لم نحتكر الشرعية على قواتنا، ولم نسع إلى تشكيل حكومة مثلما يتهافت قادة الجيش الذي يخضع لأوامر جهات سياسية تفتقر للشرعية الدستورية.

يأتي انعقاد الجمعية الأممية الحالية، في ظل تطورات ومستجدات عديدة على الساحة الدولية خاصة السودان وترتبط جميعها بأمن وسلامة الإنسانية جمعاء، وإزاء كل ذلك ظلت قوات الدعم السريع منفتحة على كافة المبادرات الدولية والإقليمية الهادفة لوقف العدائيات وحماية المدنيين، وتقف مخرجات محادثات جنيف الأخيرة خير دليل وشاهد على رغبتنا الصادقة في وضع حد لمعاناة شعبنا، رغم استمرار الطرف الآخر في تحدي الإرادة الدولية، والمضي في ارتكاب ابشع الانتهاكات قصفاً بالطيران على الأبرياء والغزل في البوادي والأرياف والمدن مخلفاً آلاف الضحايا، علاوة على تدمير البنى التحتية للبلاد.

لقد التزمت قواتنا خلال محادثات جنيف الأولى التي رعتها الأمم المتحدة وفي جنيف الثانية. بتعهدات أحادية في سبيل معالجة الأزمة الإنسانية وتسهيل وصول المساعدات للمحتاجين بالتنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية لتوفير المساعدات وتنسيق العمليات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها قواتنا في الخرطوم ودارفور، وكردفان، والجزيرة، وسنار.

وأثمر التعاون بيننا وتحالف وسطاء محادثات جنيف حتى الشهر الماضي، عن وصول ما يفوق الـ 3114 طناً مترباً من الإمدادات إلى حوالي 300 ألف شخص في دارفور نتيجة لجهود مجموعة متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان"، والعمل الدؤوب للعاملين الإنسانيين على الأرض بالتركيز على توسيع الوصول الإنساني الطارئ واحترام القانون الإنساني الدولي. أصدرنا توجيهات صارمة لقواتنا تسهيلاً لانسياب المساعدات دون تعقيدات بيروقراطية، كما
قدمنا مقترحات يفتح معابر وطرق جديدة لإدخال الإغاثة، ودعونا لتشغيل المطارات في أربع ولايات لتغطية الاحتياجات الطارئة من الأدوية والمستلزمات الفنية.

وتعزيزاً للمساعي والجهود الإنسانية، ومعالجة التجاوزات والانتهاكات في مناطق سيطرتنا، قمنا بتكوين قوة لحماية المدنيين، تعمل على حسم التفلتات والظواهر السالبة، إلى جانب ما تقوم به وحدة حقوق الإنسان التابعة لقوات الدعم السريع بضبط العمل العسكري تماشياً مع قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني. وتؤكد استعدادنا للتعاون التام مع أية خطوات تحفظ حياة وكرامة شعبنا.

لقد الخرطنا مؤخراً بجدية كاملة ونية صادقة في محادثات جنيف، ومن قبلها مفاوضات جدة برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.

وكذلك توصلنا إلى تفاهمات متقدمة عبر جولة تفاوض في المنامة بمملكة البحرين. لكن الشاهد أن جميعها اصطدمت برفض القوات المسلحة للمشاركة أو بسبب التهرب أو الانسحاب دون مقدمات رغم توقيع ممثليها على التزامات جرت على رؤوس الأشهاد.

سبق وأن طرحنا في خطاب سابق لمعاليكم خلال العام الماضي رؤية قوات الدعم السريع لحل الأزمة وإيقاف الحرب التي تركز على عشرة مبادئ تعبر عن رؤيتنا للحل طرحناها للمناقشة بين السودانيين، الذين يريدون إيقاف الحرب، وبناء دولة تصون حقوق الإنسان، وتحقق التنمية المستدامة وتساهم في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين والأهداف النبيلة التي تأسست من أجلها منظمة الأمم المتحدة.

وانتم تجتمعون في هذه الدورة لمناقشة التقدم الذي تم إحرازه في تحقيق أهداف المنظمة الدولية، فإني أدعوكم الا تنسوا شعب السودان والمأساة التي يعيشونها بفعل فئة متسلطة لا تريد السلام وتتخذ العنف وسيلة لحكم البلاد، وعلى رأس هؤلاء الجنرال البرهان الذي يتحدث زوراً باسم السودان وهو فاقد للشرعية بسبب الانقلاب والانهيار الدستوري الكامل الذي حدث بفعل الحرب الحالية في السودان.

ونجدد التأكيد باستعدادنا التام لوقف إطلاق النار في كافة أرجاء السودان للسماح بمرور المساعدات الإنسانية، وتوفير ممرات آمنة للمدنيين وعمال الإغاثة وبدء محادثات جادة وشاملة تؤدي إلى حل سياسي شامل، وإقامة حكومة مدنية تقود البلاد نحو التحول الديمقراطي والسلام الحقيقي الدائم.

في الختام، أتوجه إليكم جميعاً بأسمى آيات الشكر والتقدير وأتمنى لكم التوفيق في مداولاتكم لصالح الشعوب والمجتمعات التي تعاني في جميع أنحاء العالم، خاصة السودانيين الذين يتوقعون منكم الدعم والمساندة من أجل تحقيق السلام والاستقرار ونيل الحرية.

ولكم مني جزيل الشكر والتقدير

الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع

سبتمبر 2024  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العامة للأمم المتحدة التحول الدیمقراطی القوات المسلحة الأمم المتحدة الدعم السریع محادثات جنیف فی السودان

إقرأ أيضاً:

حميدتي مستعد لوقف إطلاق النار.. والبرهان يشترط إنهاء احتلال الدعم السريع

قال قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو، الخميس، إن قواته مستعدة لتنفيذ وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد، وكذلك السماح بتوصيل المساعدات الإنسانية.

جاءت تصريحات دقلو، المعروف باسم حميدتي، في رسالة مسجلة موجهة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أعقاب تصريحات لقائد الجيش السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الخميس، إنه يؤيد جهود إنهاء الحرب المدمرة في بلده ما دامت ستنهي "احتلال" قوات الدعم السريع لأراض في السودان.

وأضاف في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أن دولا في المنطقة تقدم التمويل والأسلحة والمرتزقة لقوات الدعم السريع، دون تسمية أي منها.


وقال البرهان "إننا في حكومة السودان مستعدون للانخراط في أي مبادرة تنهي هذه الحرب متى ما كانت هذه المبادرة تدعم الملكية الوطنية للحل وتنهي احتلال المليشيا المتمردة للمناطق المختلفة"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

وأضاف إن الحكومة المدعومة من الجيش لن تقبل مشاركة أي دولة تدعم قوات الدعم السريع في عملية السلام، وأن أي عملية كهذه يتعين أن تتضمن إلقاء قوات الدعم السريع لسلاحها والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة.

وأردف قائلا "أننا ماضون في هزيمة ودحر هؤلاء المعتدين مهما وجدوا من دعم ومساندة".
وجاءت تصريحات البرهان بعد أن دشن الجيش الخميس هجوما بنيران المدفعية الثقيلة والضربات الجوية لاستعادة أراض في العاصمة السودانية الخرطوم.



ورفض الجيش محادثات تقودها الولايات المتحدة في سويسرا الشهر الماضي استهدفت تحسين وصول المساعدات الإنسانية ورسم مسار نحو وقف إطلاق النار في السودان.


واعترض الجيش على مشاركة الإمارات في المحادثات، وذلك لأنها قدمت دعما ماديا لقوات الدعم السريع بحسب تقارير يقول خبراء من الأمم المتحدة إنها ذات مصداقية.

ونفت الإمارات إرسال أسلحة لقوات الدعم السريع.

وقال البرهان أيضا، في كلمته الخميس، إن الحكومة المدعومة من الجيش تفعل ما في وسعها لضمان وصول مواد الإغاثة إلى المحتاجين.

وقال موظفو إغاثة إن الحكومة والجيش دأبا على منع وصول المساعدات الإنسانية وإن قوات الدعم السريع تنهب إمدادات المساعدات.

مقالات مشابهة

  • حميدتي مستعد لوقف إطلاق النار.. والبرهان يشترط إنهاء احتلال الدعم السريع
  • في رسالة مسجلة.. حميدتي يرد على كلمة البرهان أمام الأمم المتحدة
  • د.الربيعة يلقي كلمة المملكة في اجتماع بنيويورك حول المساعدات الإنسانية بالسودان
  • البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: إرادة الشعـب السوداني ستنتصر
  • مسؤولون أمميون يدعون لإنهاء الحرب ودعم الاستجابة الإنسانية المستدامة في السودان
  • «424» مليون دولار دعم إضافي من أمريكا لصالح الاستجابة الإنسانية بالسودان
  • «البرهان» في نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • هل تفعلها نيويورك؟!
  • وزير خارجية لبنان: كلمة بايدن أمام الأمم المتحدة لم تكن قوية