الثورة نت:
2025-05-01@05:30:27 GMT

الثورة ومعالجة الواقع الجديد

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT

نعيش هذه الأيام زمنا ثوريا متعاقبا وأمام مثل هذا الزمن المتعاقب الذي يذكرنا بمفردة الثورة كوسيلة حرة ومستقلة للبناء والتغيير ينبغي الوقوف برهة حتى نتأمل هذا الواقع ونحاكمه وفق متطلبات ومبادئ البناء والتغيير والتفاعل مع الضرورات، فنحن اليوم بحاجة إلى التحليل والنقد وإعادة تشكيل وبناء جسور التواصل وإلى مقاربات سوسيولوجية علمية عقلانية، لمشكلات مجتمعنا العربي وتحدياته الثقافية والحضارية فالحالة الثورية التي حدثت لم تكن إلا تعبيرا عن تناقضات موجودة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهي تمثل ذروة تفاقمها في الواقع .


ومعالجة الواقع الجديد – بالنقدً والتفكيكً – على ضوء أبرز الأدبيات العلمية والفكرية والأكاديمية المعاصرة أصبح ضرورة ثورية في سبيل توظيف ذلك الإنتاج الضخم ومفاتيحه النظرية لتحليل إشكالية مفهوم الثورة والهوية وتداخلهما مع ما تطرحه الرؤى الثورية التي اجتاحت مجتمعاتنا العربية في ظل مناخ ما يسمى الربيع العربي، فالثورة والهوية تركا في واقعنا مصفوفة من التحديات، نشهد آثارها حولنا، تشظيًا وتفككًا للمشتركات الجامعة، وتضخمًا غير مسبوق للانتماءات والولاءات الطائفية والمذهبية والاثنية.
فحديثنا عن الثورة كحالة تبدل وتحديث لا يعني الانتقاص من قيمة المراحل – وهو فهم دأبنا عليه – ولكنه يفترض أن ينزاح إلى حركة التجديد والتحديث فالحياة في تطور مستمر والجمود هلاك وتحلل وتأسن، وهو حالة غير لائقة بالتمدن البشري في كل مراحل التاريخ، وفي المقابل فإن الوقوف عند نقاط مضيئة في الماضي لا يعني تطورا وثورة, بل يعني الاستسلام والهزيمة لشروط الواقع، وأيضا فهما قاصرا للحدث وتموجاته وإرهاصاته، فقدرة أي حدث تقاس من خلال الأثر الذي تركه في البناءات وليس من خلال الموقف الوجداني والانفعالي منه .
هناك من المفكرين من يرى أن ثمة علاقة وثيقة – وهي حاضرة بقوة – لدراسة إشكالية الهوية والثقافة المتحركة والثورية من جهة، وبين الوعي الاجتماعي والأيديولوجيا من جهة ثانية، وتكمن الفكرة الأساسية في دراسات الثقافة والهوية والوعي الجمعي في تحليل التحولات التاريخية التي تؤدي إلى تدمير دائم للأشكال الاجتماعية القديمة، لتحل محلها أشكال جديدة كمسار ثوري متحرك وفاعل .
وأهم الخصائص الأساسية للثقافة الثورية التحولية التي يتفق عليها علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع هي: اللغة، الخصوصية التاريخية، الاستجابة للحاجات الإنسانية، الشخصية الأساسية كمدخل لفهم الثقافة الثورية .
ولا بد أن نعي أنه عندما تبلغ الهيمنة الثقافية درجة متقدمة، يصبح معيار التقييم والمفاضلة بين الثقافات محصورًا في تقليد “النموذج” المتفوق، وتعيش الثقافة المغلوبة أزمة هوية، تحتاج الثقافة – بما هي هوية ناقصة في جوهرها- إلى أن تستكمل ذاتها بالدولة، لتصبح هي ذاتها حقيقية، فقد أرست الثقافة بصفتها سياسة قاعدة “الدولة – الأمة”.
فالهوية ظاهرة حركية مستمرة في التاريخ، تكتسب المعنى والمضمون، كتجربة إنسانية خاضعة لصيرورة العيش والصراع وتحديات الواقع، إنها معطيات وعوامل تمنح الإنسان، بصفته الفردية، والمجتمع كإطار تفاعلي للجماعة، الشعور بالوجود والانتماء والمصير المشترك، وحين يضعف هذا الشعور ويسير في طريق الاضمحلال والضمور تواجه الجماعة مصير التفكك والضياع والتيه الأمر الذي يجعل الجماعات لقمة سائغة لحركات الاستعمار .
ومن هنا يبرز السؤال الذي يقول :
– ما الذي دفع بالوعي العربي نحو منحدر الهويات الطائفية والمذهبية والإثنية والقبلية، من خلال إحياء كيانات ما قبل الدولة الوطنية في زمن ثورات الربيع العربي ؟
لقد تسبب الطابع العسكري لأنظمة الحكم الثورية العربية في القرن العشرين في أزمة الهوية، وفشل الدولة القطرية، وفشلت في إدماج مكوناتها الأولية القبلية والطائفية والمذهبية في بنتيها، بل الثابت أنها عززت المكونات الأولية وسعت إلى توظيفها كأدوات في صراعها للاستحواذ على السلطة، لذلك فالدولة العربية فشلت تمامًا في بناء نماذجها القومية أو الوطنية، بل فشلت أيضًا في بناء الدولة ذاتها، كمؤسسات وإطار للمواطنة.
وهذا الفشل عمل على تنمية جذور العنف، وجذور الحرب المعولمة، ومهد الطريق إلى السلاح ومثل ذلك ظاهرة متأصلة في البنية التاريخية للنظام العالمي، وهي في التشكيلة التاريخية للهيمنة الغربية المتجذرة في فائض القيمة التاريخي منذ القرن الخامس عشر وما تلاه.
فالشيء الأساسي في التحليل البنيوي للهيمنة الغربية، ليس محصورا في الميل إلى الحروب بل أيضا في تركيزه على تشكيلة فائض القيمة التاريخي – أي البناء الطبقي وسيطرة طبقة على حقوق الطبقة الاجتماعية المنتجة -، فالموجة الأولى للغزو، والنهب، والتغلغل، والاحتلال، كانت لضرب المنطقة الإسلامية العربية في هويتها وفي ثقافتها وفي مرتكزات العدالة الاجتماعية التي يؤكد عليها الدين الإسلامي الذي يجرم النهب والغبن والاستغلال .
لقد حملت حركات التحرر في القرن الماضي الكثير من الإجابات عن السؤال الحضاري وقطعت شوطا – قد يكون صائبا أو خاطئا لكن له حظ وأجر المجتهد – في التفاعل مع السائد ووضعت شروطا جديدة في علاقة الإنسان بالدين وبالعلم وبالكون وبالحضارة والمجتمع والاقتصاد والتقنية والفن والسياسة وأن شاب ذلك البطء في حركة التطور والعنف في أحيان كثيرة كصفة لازمة للحركات الثورية في ذلك الزمن إلا أنها حاولت أن تحدث قدرا من التحديث في سبيل النهضة .
ونحن اليوم مطالبون بحل الكثير من الإشكالات وفق معطيات التطورات المعاصرة والمستويات الحضارية المتعددة حتى نواكب العصر ونؤثر به كما نتأثر به .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

اليوم الثاني من الفعالية الثقافية صور من التراث السوري التي تنظمها وزارة الثقافة على مسرح دار الأوبرا بدمشق

الفعالية الثقافية صور من التراث السوري 2025-04-28malekسابق وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني يلتقي السيدة إيزومي ناكاميتسو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لنزع السلاح في نيويورك.آخر الأخبار 2025-04-28الوزير الشيباني يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نيويورك 2025-04-28وزير الخارجية يجتمع مع مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة ويؤكد أهمية دعم المجتمع الدولي لجهود الحكومة السورية في تعزيز استقرار البلاد 2025-04-28وزير الخارجية يلتقي المندوب الدائم للصين في الأمم المتحدة ويؤكد على موقف سوريا الثابت في تعزيز العلاقات مع الصين 2025-04-28وزير التعليم العالي يبحث مع رجال أعمال ‏آفاق التعاون الاستثماري في ‏المجال العلمي 2025-04-28حالة الطقس: الحرارة إلى انخفاض وفرصة لهطولات مطرية على بعض ‏المناطق  ‏ 2025-04-28وزير الطاقة يبحث مع السفير السعودي التعاون المشترك في مجالات الطاقة ‏والكهرباء ‏ 2025-04-28الكرامة يعين أبو طوق مدرباً لرجال كرة السلة 2025-04-28وزير الطاقة يبحث مع السفير التركي بدمشق التعاون المشترك في مجالات ‏الطاقة والكهرباء 2025-04-28وزير التعليم العالي يناقش مع رئيسة هيئة البورد الأمريكي تطوير التعليم ‏العالي ورفع جودة مخرجاته ‏ 2025-04-28الوزير الشيباني يلتقي رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة

صور من سورية منوعات صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17 أول سماعة طبية رقمية في اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل نبضات القلب 2025-04-10فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • عبد السلام فاروق يكتب: معارض الكتب العربية.. لماذا لا نمل التكرار؟!
  • ورطة السائق الذي يؤشر للانحراف في كل الاتجاهات في وقت واحد
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • متخصصون يقدمون رؤية عصرية حول الإعلام الجديد ودوره في تشكيل الثقافة المجتمعية
  • رئيس الأكاديمية العربية بالإسكندرية...الثقافة الإعلامية والمعلوماتية صمام أمان عالمي في وجه التضليل
  • رئيس الأكاديمية العربية: الثقافة الإعلامية ركيزة لبناء مجتمعات مقاومة للتضليل
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • الاعيسر: نأمل من شعبنا الكريم تفهُّم الحيثيات التي أدت إلى تأخر البيان
  • اليوم الثاني من الفعالية الثقافية صور من التراث السوري التي تنظمها وزارة الثقافة على مسرح دار الأوبرا بدمشق
  • الشرع يتسلم دعوة حضوره لمؤتمر القمة العربية في بغداد