هل ترضخ حكومة الكيان للقرار الأممي بالانسحاب من الأراضي المحتلة؟
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
القرار الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي طالب الكيان الإسرائيلي بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة في غضون 12 شهرا ودعوته إلى فرض عقوبات دولية على دول الكيان، مثل انتصارا كبيرا للدبلوماسية الفلسطينية، وضربة قاصمة لدولة الاحتلال على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، بعد أن قدم اجماعا دوليا غير مسبوق داعما لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ورفضا لكل التحركات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية.
الثورة/ أبو بكر عبدالله
انتصار كبير حققته الدبلوماسية الفلسطينية بانتزاع أول قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة حظي بأغلبية 124 صوتا، يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 12 شهرا، بعد أن كانت المنظمة الدولية منحت فلسطين سائر الحقوق والامتيازات التي تمنح للدول المستقلة المعترف بها دوليا للمرة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية.
منذ الساعات الأولى للمصادقة على القرار الأممي، حظي القرار بترحيب عربي ودولي واسع النطاق، ووصفه مسؤولون فلسطينيون بأنه هام وتاريخي، بينما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تصويت ثلثي أعضاء الجمعية العامة لصالح القرار شكّل «إجماعا دوليا على عدالة القضية الفلسطينية وانتصارا لحق الشعب الفلسطيني».
ذلك أن مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار الفلسطيني كانت بمثابة تحد كبير تجاوزته الدبلوماسية الفلسطينية بجدارة، خاصة وانه جاء في خضم صراع سياسي ودبلوماسي محموم مع دولة الكيان صاحبة النفوذ الدولي، والتي شرعت بإجراءات انتقامية استهدفت تقويض وضع السلطة الوطنية الفلسطينية وحجب أموال المقاصة عنها بل وسرقتها وفرض عقوبات عليها.
وعلى أن القرار قدم تأييدا دوليا إضافيا للرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو الماضي، والذي طالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، وتفكيك المستوطنات وجدار الفصل العنصري وإجلاء جميع المستوطنين، إلا أن العنصر الهام فيه أنه انتزع الشرعية من جميع الإجراءات والتصرفات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
أكثر من ذلك أنه حدد آلية تنفيذية مزمنة وطالب لأول مرة بمنح الشعب الفلسطيني تعويضات عن الأضرار التي تعرض لها منذ عام 1967، وهي خطوات مهمة للغاية يُنتظر أن تفتح الطريق لخطوات أخرى، خلال المؤتمر الدولي المقرر أن تعقده الجمعية العامة للأمم المتحدة لوضع آليات لتنفيذ القرار وغيره من القرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
أبعاد القرار
مع أن القرار الأممي الجديد يعتبر من القرارات غير الملزمة، إلا أنه قدم عريضة اتهام أممية تحظى بإجماع دولي، بحديثه عن الانتهاكات المستمرة للاحتلال للقانون الدولي والقرارات الدولية، على شاكلة احتفاظ دولة الاحتلال بالمستوطنات والتوسع فيها، وتشييد البنى التحتية المرتبطة بها، بما فيها جدار الفصل العنصري، واستغلال الموارد الطبيعية، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، والتطبيق الشامل للقانون المحلي الإسرائيلي في القدس الشرقية وتطبيقه على نطاق واسع في الضفة الغربية.
وبعيدا عن الصياغات الضبابية والعموميات، حدد القرار بصورة مفصلة، خطوات مطلوبة التنفيذ من دولة الكيان كسحب قواتها العسكرية من الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك مجالها الجوي والبحري ووقف الأنشطة الاستيطانية، وإجلاء جميع المستوطنين وتفكيك الجدار الذي شيّدته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإعادة الأراضي والممتلكات والأصول التي تم الاستيلاء عليها منذ العام 1967، والسماح لجميع الفلسطينيين الذين نزحوا أثناء الاحتلال بالعودة إلى أماكن إقامتهم الأصلية، وجبر الضرر اللاحق بجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المعنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أضف إلى ذلك أنه دعا حكومة سويسرا لإدارة مؤتمر خلال 6 أشهر تشارك فيه الأطراف المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، يتناول ما يلزم من تدابير لإنفاذ الاتفاقية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لم يغفل القرار الأممي الجديد مقتضيات قرار محكمة العدل الدولية بتأكيده أن «الالتزامات التي تنتهكها إسرائيل تهمّ جميع الدول ولها مصلحة قانونية في حمايتها، ومطالبته دولة الاحتلال «بالامتثال فورا لأوامر التدابير التحفظية الصادرة عن المحكمة المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها مع مطالبته كافة الدول بوقف توفير أو نقل الأسلحة والذخائر والمعدات ذات الصلة لإسرائيل في جميع الحالات التي تتوافر فيها أسباب معقولة للاشتباه في أنها قد تستخدم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
القرار أكد أيضا رفضه أي تغييرات ديمغرافية أو إقليمية تسعى دولة الاحتلال لفرضها على وضع قطاع غزة، بما في ذلك أي إجراءات تقلص من مساحة قطاع غزة الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك إعادة الأراضي وغيرها من الممتلكات غير المنقولة، وجميع الأصول التي تم الاستيلاء عليها منذ بدء احتلالها عام 1967، والسماح لجميع الفلسطينيين الذين نزحوا أثناء الاحتلال بالعودة إلى أماكن إقامتهم الأصلية، وعدم إعاقة الشعب الفلسطيني عن ممارسة حقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة.
وإذ أشار إلى ضرورة إنشاء آلية دولية لجبر الأضرار أو الخسائر أو الإصابات الناجمة عما تقوم به إسرائيل من أفعال غير مشروعة دوليا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد دعا الدول الأعضاء إلى القيام بإنشاء سجل دولي للأضرار، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، كما دعا إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الجمعية العامة خلال دورتها 79 -التي بدأت يوم 24 الشهر الجاري من أجل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين وحل الدولتين.
تأييد وتعنت
هذه المرة لم يستطع «فيتو» الدفاع عن إسرائيل» الصمود أمام القرار الأممي بعد أن وجدت مجموعة «الفيتو» نفسها في زاوية ضيقة بتأييد محدود من 14 دولة ليست مؤثرة في المشهد الدولي، في حين كان القرار موضع ترحيب واسع في عواصم العالم وفي المنظمة الأممية.
زاد من ذلك التصريحات التي أطلقها مقرر الأمم المتحدة المعني بالنظام الدولي جورج كاتروغالوس، الذي أكد إن ازدواجية المعايير التي تمارسها العديد من دول العالم بشأن القضية الفلسطينية لن تؤثر على فلسطين وحدها، بل ستطال مصداقية الأمم المتحدة نفسها.
ولا شك أن المجازر الوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة مدى 11 شهرا، بما خلفته من ضحايا مدنيين تجاوز عددهم الـ 41 الف شهيد وإصابة عشرات الآلاف وتشريد نحو مليوني فلسطيني، لعبت دورا في تعاظم التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة على أساس «حل الدولتين».
يضاف إلى ذلك القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو الماضي والذي أكد نفي قانونية الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واكد أنها ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني بأسرع وملزمة بالوقف الفوري لجميع أنشطة الاستيطان الجديدة وإخلاء جميع المستوطنين من الأراضي المحتلة، ووقف أي أعمال عنف بحق الفلسطينيين باعتبارها محظورة بموجب القانون الدولي.
فضلا عن ذلك الطلب الذي قدمه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية «كريم خان» بشأن إصدار «مذكرة اعتقال» بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والذي لا يزال معلقا حتى اليوم.
والتأييد الدولي للقضية الفلسطينية ومطالبها العادلة، تعدى المنظمة الدولية إلى بعض العواصم وخصوصا مدريد التي شهدت مراسم تسلم ملك اسبانيا فيليبي السادس أوراق اعتماد السفير الفلسطيني لدى مدريد حسني عبد الواحد، كأول سفير لفلسطين في اسبانيا، وكذلك الزيارة الرسمية الأولى للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مدريد.
وهذه التفاعلات شملت أكثر دول الاتحاد الأوروبي التي افصحت عن تأييدها الكامل لحق الفلسطينيين ببناء دولتهم مستقلة، وهو الأمر الذي أكده ممثل الاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية جوزيف بوريل الذي أعلن قبل أيام أن الاتحاد الأوروبي لن يعترف بسيادة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية على حدود ما قبل 1967.
هذا الأمر مثَّل انتصارا للدبلوماسية الفلسطينية، كونه جاء في ظل انقسام حاد بين دول الاتحاد الأوروبي حول القضية الفلسطينية واستمرار بعض دول الاتحاد بسياسة الصمت حيال ما يجري من حرب وحشية في قطاع غزة، واستمرار بعضها ببيع الأسلحة لإسرائيل رغم إمعانها الشديد بالجرائم الوحشية بحق سكان قطاع غزة منذ نحو عام وسط دمار هائل ومجاعة مروعة.
وقياسا بحالة الرفض واللامبالاة التي أبدتها حكومة الكيان تجاه القرار الأممي، إلا أنه اثار قلقا واسعا في الأوساط السياسية الإسرائيلية خصوصا وأن الشرعية القانونية لدولة الكيان استندت على قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 1947، في حين أن القرار الجديد أفقدها الشركاء الدوليين ووضعها أمام تهديد استراتيجي ووجودي كبير.
الآليات التنفيذية
من المعلوم أن القرار الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة سينضم إلى رزمة قرارات أصدرتها الجمعية ومجلس الأمن بدون أن تجد طريقها إلى التنفيذ، غير أن ذلك لا يقلل من شأن أهميته خصوصا وأنه حمل ما يكفي من تأكيدات عن جهوزية المجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات والعقوبات بحق دولة الاحتلال والضالعين بجرائمها في الأراضي المحتلة، خصوصا بعد إعلان الأمم المتحدة وجميع منظماتها التزامها بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
ولا شك أن التقدم الذي أحرزته السلطة الوطنية الفلسطينية في المسار الدبلوماسي سيواصل مساره في حشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، بما سيقود المنظمة الدولية لوضع آليات تنفيذية موضع إجماع دولي لن يجد مجلس الأمن فكاكا منها، في ظل الحراك الواسع للقضايا المرفوعة أمام محكمة الجنايات الدولية والتي تتهم الكيان بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
هذه التفاعلات ترجح أن القرار الجديد لن ينتهي عند أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة كسابقيه، فالعديد من دول العالم التي صوتت لصالح القرار ورحبت به وجدناها تاليا تطالب بصوت واحد بوضع آليات لتنفيذه في مطالب تعبر في الواقع عن أكثر من ثلثي دول العالم التي تطالب حكومة الكيان بالامتثال لالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي.
ويصعب القول إن دول العالم ستقف اليوم مكتوفة اليدين حيال الانتهاكات الإسرائيلية لقرارات الأمم المتحدة، فالدول التي شاركت بالمصادقة على هذا القرار، تمثل الكتلة الوازنة من دول العالم الأعضاء في المنظمة الدولية، وستعمل بلا شك على الدفاع عن القرارات الأممية وتفعيلها سبيلا للحفاظ على سمعة الأمم المتحدة ومكانتها الدولية.
ومما يتعين الإشارة إليه أن المواقف الدولية من طريقة التعاطي الإسرائيلي مع القرارات الأممية تحمل اليوم الكثير من مشاعر الغضب، حيال استهتارها بالقرارات الأممية ومقتضيات القانون الدولي، وهو الحال الذي انعكس في صيغة القرار الجديد الذي جاء متضمنا مطالبات صريحة بإجراءات مزمنة ومحددة، تنهي التواجد الإسرائيلي في الأراضي المحتلة وتضع حدا نهائيا لانتهاكاته وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
والتمعن في صيغة القرار أظهرت بوضوح أن هناك توجها دوليا للتعاطي مع القضية الفلسطينية وفق مقاربات قانونية بدلا من المقاربات السياسية التي طال أمدها وأثبتت عدم جدواها.
هذه المقاربات نجدها بصيغ الالتزامات الدولية بنزع الشرعية عن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة والالتزام الدولي بفرض عقوبات تجاه الانتهاكات والوجود غير القانوني والمشروع الاستيطاني والضالعين فيه.
ونجدها بصورة أكثر وضوحا في النصوص التي تحدثت عن آليات لتقديم تعويضات عن الأضرار، وما يمكن اعتباره آليات قانونية دائمة تمنح الفلسطينيين فرصة تسجيل الأضرار الواقعة بحقهم منذ صدور قرار التقسيم وحتى اليوم.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: من الأراضی الفلسطینیة المحتلة فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة الجمعیة العامة للأمم المتحدة فی الأراضی المحتلة القضیة الفلسطینیة الاتحاد الأوروبی الشعب الفلسطینی المنظمة الدولیة دولة الاحتلال الإسرائیلی فی الأمم المتحدة القرار الأممی القرار الجدید غیر القانونی دول العالم أن القرار قطاع غزة بما فی من دول
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تؤكد:لن ترضخ أبدا..وبوتين يوجه بتحديث العقيدة النووية الروسية
عواصم " وكالات ": أكدت أوكرانيا اليوم الثلاثاء مع مرور 1000 يوم على بدء الحرب، أنها لن ترضخ "أبدا"، على الرغم من الصعوبات البالغة التي تواجهها في الميدان والمخاوف من عدم استمرار المساعدات الأمريكية.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن "أوكرانيا لن ترضخ أبدا أمام روسيا، وسيتم معاقبة العسكريين الروس لانتهاكهم القانون الدولي"، معتبرة أنه لا يمكن إحلال الأمن "دون استعادة وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها".
واشارت الخارجية في بيانها إلى أن روسيا، خلال الحرب المتواصلة منذ ثلاث سنوات تقريبا، عززت تحالفا عسكريا مع كوريا الشمالية وإيران، ما يشكل تهديدا متزايدا للأمن والاستقرار الدوليين.
وأضاف البيان أن "الترابط المتزايد بين هذه الأنظمة الثلاثة يظهر أن العدوان الروسي على أوكرانيا يمثل تهديدا عالميا يزعزع استقرار أوروبا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط. ويتطلب ردا عالميا".
وأكدت الوزارة "أننا بحاجة إلى السلام عبر القوة وليس من خلال التهدئة"، في إشارة إلى مصطلح "سياسة التهدئة" التي لجأت إليها بريطانيا لتجنب الحرب مع ألمانيا إبان النظام النازي من خلال تقديم تنازلات لم تجد نفعا مع أدولف هتلر.
وتحرز روسيا تقدما متواصلا على الجبهة منذ حوالى عام بوجه القوات الأوكرانية الأقل تجهيزا وعديدا.
كذلك، تثير عودة دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة في يناير 2025، مخاوف لدى أوكرانيا من إجبارها على قبول تنازلات على صعيد الأراضي، ما يمنح نصرا عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا لروسيا، ويغذي الطموحات الجيوسياسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
روسيا: التعديلات على العقيدة النووية تمت صياغتها
من جهتها، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيرا للولايات المتحدة اليوم الثلاثاء بعد قراره بتخفيض الحد الذي يسمح باستخدام أسلحة نووية بعد أيام من تقارير تفيد بأن إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن سمحت لأوكرانيا بإطلاق صواريخ أمريكية داخل الأراضي الروسية.
وتحدد العقيدة المعدلة، المعروفة رسميا باسم "أساسيات سياسة الدولة في مجال الردع النووي" التهديدات التي قد تدفع روسيا، أكبر قوة نووية في العالم، للتفكير في استخدام مثل هذه الأسلحة.
وبحسب العقيدة الجديدة، قد تفكر روسيا في توجيه ضربة نووية إذا تعرضت أو حليفتها روسيا البيضاء لعدوان باستخدام "أسلحة تقليدية تهدد سيادتهما أو سلامتهما الإقليمية".
أما العقيدة السابقة، التي تم تحديدها في مرسوم عام 2020، فتنص على أن روسيا قد تستخدم أسلحة نووية إذا تعرضت لهجوم نووي من جانب عدو أو لهجوم تقليدي يهدد وجود الدولة.
وتشمل التحديثات الجديدة اعتبار أي هجوم تقليدي على روسيا من دولة غير نووية مدعومة من دولة نووية هجوما مشتركا، بالإضافة إلى أن أي هجوم جوي واسع النطاق بطائرات وصواريخ موجهة وطائرات مسيرة تعبر حدود روسيا قد يؤدي إلى رد نووي.
وتذكر العقيدة أن "أي عدوان ضد روسيا الاتحادية أو حلفائها من جانب دولة غير نووية بمشاركة أو دعم دولة نووية يعتبر هجوما مشتركا".
وتضيف "أي عدوان تشنه أي دولة عضو في تحالف (تكتل أو اتحاد) ضد روسيا الاتحادية أو حلفائها يعتبر عدوانا من جانب التحالف بأسره".
وقال الكرملين إن روسيا تعتبر الأسلحة النووية وسيلة للردع وإن الهدف من النص المحدث هو توضيح بشكل قاطع للأعداء المحتملين أن الرد على أي هجوم ضد روسيا أمر حتمي.
وتسيطر روسيا والولايات المتحدة معا على 88 بالمائة من الرؤوس النووية في العالم. وبوتين هو صانع القرار الرئيسي في روسيا بشأن استخدام الترسانة النووية الروسية.
وقبل أسابيع من انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة مطلع الشهر الجاري، وجه بوتين بإجراء تعديلات على العقيدة النووية الروسية.
وأصدر بوتين موافقته الرسمية على تلك التعديلات. ووصف محللون الخطوة وقت صياغة التعديلات بأنها محاولة من الرئيس الروسي لرسم خط أحمر للغرب.
وأثارت الحرب في أوكرانيا، والتي دخلت يومها الألف اليوم الثلاثاء، أخطر مواجهة بين روسيا والغرب منذ ما يعرف بأزمة الصواريخ الكوبية في 1962، والتي تعد أكثر مرحلة في الحرب الباردة اقتربت خلالها القوتان العظمتان آنذاك من الدخول في مواجهة نووية.
وأدت أنباء القرار المتعلق باستخدام الصواريخ الأمريكية، والذي اتخذته إدارة بايدن التي ستترك البيت الأبيض في يناير كانون الثاني رغم عدم تأكيده من واشنطن، إلى تصعيد التوتر بشأن أوكرانيا. وتقول الإدارة الأمريكية إن نشر روسيا لجنود من كوريا الشمالية يمثل تصعيدا للصراع.
وفي تعليق على تقارير تفيد بأن كييف قد تستخدم صواريخ (أتاكمز) التي تنتجها الولايات المتحدة لدعم التوغل العسكري الأوكراني في منطقة كورسك الروسية، قال المتحدث باسم الكرملين اليوم الثلاثاء إن الجيش الروسي يراقب الوضع عن كثب.
وقال بوتين في 12 سبتمبر أيلول إن موافقة الغرب على هذه الخطوة تعني "التدخل المباشر لدول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة ودول أوروبية في الحرب في أوكرانيا" لأن البنية التحتية العسكرية لحلف شمال الأطلسي والأفراد سيتعين عليهم المشاركة في تحديد الأهداف وإطلاق الصواريخ.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف "الردع النووي يهدف إلى ضمان أن يفهم الخصم المحتمل حتمية الرد في حالة العدوان على روسيا الاتحادية أو حلفائها".
وكانت الولايات المتحدة في 2022 قلقة للغاية بشأن استخدام روسيا المحتمل للأسلحة النووية التكتيكية لدرجة أنها حذرت بوتين من عواقب استخدام مثل هذه الأسلحة، وفقا لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
وكثفت روسيا إنتاجها من الملاجئ المتنقلة التي يمكنها الحماية من مجموعة متنوعة من التهديدات البشرية والكوارث الطبيعية بما في ذلك الإشعاع والموجات الصادمة.
لندن تقدم مساعدات عسكرية بـ 7.5 مليون جنيه إسترليني
من جهة اخرى، قال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي إنه على الدول الحلفاء " الاتحاد" لدعم أوكرانيا وضمان " عدم نجاح" الرئيس الروسي فلادمير بوتين، وذلك بالتزامن مع إعلان بريطانيا منح كييف المزيد من المساعدات العسكرية في اليوم الـ1000 للحرب.
وذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي ايه ميديا) أن الوزير أضاف اليوم الثلاثاء أن بريطانيا سوف تمنح أوكرانيا 7.5مليون جنيه إسترليني (5ر9 مليون دولار) من أجل الحصول على طائرات درون جديدة من أجل الهجوم والمراقبة.
وتأتي هذه المساعدات في الوقت الذي تدخل فيه الحرب يومها الـ1000، وفي ظل مخاوف من تغير محتمل في الموقف الأمريكي في ظل رئاسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي قال إنه يريد إنهاء الصراع" خلال يوم".
وقال هيلي " بريطانيا تقف جنبا إلى جنب مع حلفائها الأوكرانيين منذ اليوم الأول لتدخل بوتين واسع النطاق غير القانوني- وتقود الدعم الدولي، وتقوم بتدريب 50 ألف مجند، كما تقدم الأسلحة وطائرات الدرون ومعدات عسكرية أخرى ".
ومن المقرر أن يناقش البرلمان البريطاني اليوم الأربعاء القراءة الثانية للمساعدات المالية لمشروع قانون أوكرانيا، التي ستؤكد منح قرض بقيمة 2.26مليار جنيه إسترليني لكييف من أجل شراء المزيد من المعدات العسكرية.
الى ذلك، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته اليوم الثلاثاء إنه ينبغي عدم السماح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين "بتحقيق غاياته" في أوكرانيا.
وأضاف روته خلال اجتماع لوزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي مع مرور ألف يوم على بدءالغزو الروسي لأوكرانيا، "لِمَ من الحيوي عدم السماح لبوتين بتحقيق غاياته؟ لأننا سنكون أمام روسيا أكثر جرأة ووقاحة عند حدودنا (..) وأنا على ثقة مطلقة بأنها لن تتوقف عند هذا الحد".
وأضاف "لذا تشكل تهديدا مباشرا علينا جميعا في الغرب".
وتابع مع "مرور ألف يوم على عدوان روسيا الشامل وغير المبرر"، يناقش "الوزراء كيف يمكننا مساعدة أوكرانيا على الانتصار وهذا يعني مزيدا من المساعدت والأموال".
وأكد "علينا ببساطة بذل المزيد. وعلينا تعزيز صناعات الدفاع".