معركة “الحساب المفتوح”.. حزب الله يثبت معادلتي “الإسناد والردع” في العمق الصهيوني
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
يمانيون – متابعات
في مقابل المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدو الصهيوني، الاثنين، والتي ارتفعت حصيلة ضحاياها إلى أكثر من 2300 شهيد وجريح، واصل حزب الله الإمساك بزمام المواجهة العسكرية وفرض التحولات الميدانية التي تكرس معادلتي الإسناد والردع على حد سواء.
حيث حافظ على توسيع نطاق الهجمات على العمق الصهيوني وزيادة شدتها، مع إدخال أهداف حساسة في دائرة النيران التي لم يعد العدو يثق في بقائها حتى ضمن النطاق الجديد وهو ما دفعه إلى إعلان حالة طوارئ خاصة عكست ارتباكه وإدراكه لحقيقه عجزه عن إجبار المقاومة الإسلامية على وقف هجماتها أو حتى الالتزام بالخطوط الحمراء التي أراد أن يفرضها.
وإلى جانب قاعدة “رامات ديفيد” العسكرية الاستراتيجية، ومجمعات شركة “رافائيل” في حيفا وما حولها، أضاف حزب الله إلى قائمة أهدافه الجديدة في العمق الصهيوني، مطار مجيدو العسكري، ومصنع المواد المتفجرة الواقع على بعد 60 كيلو متر من الحدود، وقاعدة عاموس (القاعدة الرئيسية للنقل والدعم اللوجستي للمنطقة الشمالية)، ومخازن المنطقة الشمالية في قاعدة نيمرا قرب بحيرة طبريا، ومعسكر إلياكيم جنوب حيفا، بالإضافة إلى تكثيف النيران على صفد ومستوطنات أخرى في الشمال، وإرسال رشقات صاروخية متكررة نحو مركز مدينة حيفا المحتلة.
هذه التشكيلة من الأهداف عكست وجود بنك منتقى بعناية ومعد مسبقاً لدى المقاومة الإسلامية وجهوزية عالية لتوسيع نطاق النيران بما يخدم المتطلبات الاستراتيجية والعملياتية لمعادلتي إسناد غزة والدفاع عن لبنان في وقت واحد، فاستهداف القواعد العسكرية والمصانع الحساسة في العمق (أكثر من مرة) هو مسار ميداني بالغ الأهمية لإخراج هذه المراكز عن الخدمة، وبالتالي توسيع نطاق الوضع السيء الذي يعيشه العدو منذ عام في المستوطنات القريبة من الحدود، ونقله إلى العمق، وهي صورة يكملها إرسال الرشقات الصاروخية المتكررة على مستوطنات ومدن هذا العمق، والتي لن يمر وقت طويل قبل أن يدرك مستوطنوها أنها غير آمنة خصوصاً إذا استمر التصعيد.
وقد ظهر هذا بسرعة في مدينة صفد المحتلة التي أفادت وسائل إعلام العدو، الثلاثاء، بأنها “أصبحت فارغة بعدما تحولت إلى هدف كبير لحزب الله وكل الأعمال تنهار فيها”.
ويعني ذلك أن هدف إعادة المستوطنين إلى الشمال، والذي يسعى نتنياهو لتحقيقه من خلال التصعيد الإجرامي ضد لبنان، ليس فقد غير قابل للتحقق، بل يبدو أنه قد ارتد عكسياً وبشكل فاضح على المستوطنين الذين لم يكن الخطر قد وصلهم قبل التصعيد، وهي نتيجة يحاول العدو أن يتجاهلها من خلال محاولة تركيز الدعاية على تهجير سكان جنوب لبنان باعتبار ذلك وضعاً مكافئاً لما صنعه حزب الله في شمال فلسطين المحتلة، لكن الحقيقة هي أنه حتى هذا التهجير الإجرامي لا يزال خارج نطاق الهدف الاستراتيجي المعلن المتمثل بإعادة المستوطنين، بل أنه يجعل هذا الهدف أبعد مما كان عليه، فالغارات الهستيرية على جنوب لبنان لم تدفع حزب الله إلى وقف عملياته لكي يعود المستوطنون بل العكس تماماً، وهو مأزق لن يستطيع نتنياهو الخروج منه باستراتيجية التصعيد التدريجي؛ لأن حزب الله برهن وبشكل سريع قدرته على رفع درجة التصعيد المقابل بشكل فوري.
وبالتالي فإن كل الخطوات الإجرامية العدوانية التي يتخذها، أو سيتخذها العدو ضد لبنان، لن تكون لها أية قيمة استراتيجية حقيقية طالما أنها بعيدة عن الهدف الرئيسي المعلن وهو وقف هجمات المقاومة وإعادة المستوطنين، الأمر الذي يعيد التذكير بالأهداف المستحيلة التي وضعها العدو لنفسه في غزة، والتي لا زال منذ عام عاجزاً بشكل كامل حتى عن الاقتراب منها برغم التدمير الشامل والإبادة الجماعية الوحشية التي عول عليها من أجل ابتزاز المقاومة.
عمليات حزب الله التي لا زالت قائمة أهدافها مفتوحة وتضم المزيد من المواقع والمناطق الحساسة بشكل مستمر تشهد أيضاً حضوراً متجدداً للصواريخ الجديدة التي دخلت الخدمة في هذه المعركة مؤخراً (فادي1) و(فادي2) وهو ما يعكس تماسك القدرة الصاروخية للمقاومة الإسلامية وثبات أرضيتها التكتيكية في استخدام الأدوات المناسبة لكل مرحلة عملياتية بالشكل الذي يحقق الأهداف الاستراتيجية (الردع والإسناد) بما يكفي من الإمكانات، مع الاحتفاظ بالترسانة المتطورة والكبيرة كما هي، وهو ما يمثل صفعة للعدو الذي زعم أنه قد دمر 50% من منصات حزب الله الصاروخية بغارات يوم الاثنين.
إن الفرق بين الاندفاع العشوائي المتخبط للعدو وما يرافقه من حملات دعائية مكثفة، وبين رد الفعل المتماسك والمرن من قبل المقاومة الإسلامية في لبنان، يشير بوضوح إلى طبيعة الاستراتيجيات المعتمدة على الجانبين، فبينما يسعى العدو لصناعة إنجاز سريع وخاطف واستعراضي بوحشية، تعتمد المقاومة تكتيك الحساب المفتوح، والنفس الطويل وتتقدم بخطوات ثابتة ومدروسة ومعدة مسبقاً يزحف فيها الخطر على العدو تدريجياً وبشكل منظم نحو العمق، بما يضمن نتائج ثابتة وطويلة المدى، وهو تكتيك ناجح يمثل مأزقاً بالنسبة لنتيناهو الذي يعرف أن طول أمد التصعيد مع حزب الله ليس في مصلحته، فمهما كان حجم الجرائم التي يستطيع ارتكابها في لبنان، فإن ما تستطيع المقاومة الإسلامية فعله داخل العمق الصهيوني ستكون كلفته عالية جداً خصوصاً في ظل وجود جبهات إسناد أخرى تواكب التصعيد، ومعركة مفتوحة في غزة.
لقد برهنت معركة “طوفان الأقصى” خلال عام مضى، أن “عدم التكافؤ” في المواجهة لم يعد ميزة للطرف الذي يملك الدعم الأكبر والأسلحة الأكثر فتكاً والنفوذ المفتوح، بل أصبحت المعارك غير المتكافئة مأزقاً لمثل هذه القوى عندما يملك الطرف الآخر التصميم والقدرات الملائمة لأهدافه والنفس الطويل، وحزب الله يمتلك ما هو أكثر من ذلك، فلديه خبرة الانتصار على الكيان الصهيوني، ولديه الاستعداد المسبق منذ عقود للمواجهة، والسقف المفتوح للتضحية التي لا يستطيع العدو تحمل مثلها من أجل تحقيق الأهداف المنشودة.
وبعد أيام من بدء التصعيد ضد لبنان والذي حرص العدو أن يحيطه بهالة دعائية واسعة تتمحور حول “التفوق” العسكري والاستخباراتي، فإن الكفة لم تمل، ولو حتى قليلاً لصالحه على مستوى الأهداف الاستراتيجية، فلا يزال حزب الله يحقق أهدافه المعلنة المتمثلة في تخفيف الضغط عن غزة، وأيضاً في إسقاط “الردع” الإسرائيلي وتثبيت مبدأ التصعيد بالتصعيد.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المقاومة الإسلامیة العمق الصهیونی حزب الله
إقرأ أيضاً:
القوات المسلحة تحظر سفن “إسرائيل” وفق معادلة “الحصار بالحصار
يمانيون../
في إطار مسار تصاعدي وكنتيجة لتعنت العدو الصهيوني وإصراره على محاصرة أهالي غزة، جاء إعلان القوات المسلحة اليمنية عن استئناف حظر الملاحة في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن أمام السفن الإسرائيلية.
القرار اليمني لم يأت اعتباطا وإنما بعد انتهاء مهلة الأربعة الأيام التي منحها السيد القائد، للوسطاء الدوليين للضغط على الكيان الصهيوني لفتح المعابر وإدخال المساعدات، والتي أنقضت دون أن يكون هناك أي بوادر أو تحركات تصب في هذا المنحى.
وردا على إعلان إسرائيل تعليق إدخال المساعدات إلى قطاع غزة والذي مثل خرقا وانقلابا واضحا على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يوم الجمعة الماضي عن منح مهلة حددها بأربعة أيام ليقوم الوسطاء خلالها بالضغط على العدو الصهيوني لفتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات لسكان القطاع.
وكانت الخطوة التصعيدية التي أقدم عليها العدو بإغلاقه للمعابر، قوبلت بتنديد واسع نظرا لتداعياتها السلبية على سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليونين و400 ألف نسمة، الذين يواجهون أساسا ظروفا إنسانية كارثية، إلا أن الدعم الأمريكي الغربي الذي يحظى به الكيان شجعه على المضي في تضييق الخناق على الفلسطينيين رغم معرفته لما قد يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة على الكيان الصهيوني والمنطقة بشكل عام.
ومن خلال البيان العسكري الذي أعلنه متحدث القوات المسلحة اليمنية فور انتهاء المهلة، فإن الحظر يتمثل في منع كافة السفن الإسرائيلية من عبور البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، والذي بدأ بالفعل من لحظة إعلان البيان.
كما يتضح أن هناك مراحل أخرى من الحصار ستدخل حيز التنفيذ في حال لم يرضخ العدو ويوقف حصاره ويسمح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، وتتمثل في منع أي سفينة فيها شراكة أو تحمل بضاعة للعدو الإسرائيلي من الملاحة في منطقة عمليات القوات المسلحة اليمنية.
وقبل ساعات من إعلان بيان استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية، أكد وزير الدفاع والانتاج الحربي اللواء الركن محمد العاطفي، أن “القوات المسلحة على استعداد لتنفيذ توجيهات القيادة العليا في مساندة أبناء غزة ودعم المجاهدين الفلسطينيين بقوة وفاعلية”.. مؤكداً أن “القوات المسلحة في جهوزية عالية وعند مستوى المسؤولية المنوطة بها”.
وعقب بدء سريان الحظر تحدثت الكثير من وسائل الإعلام الدولية عن حالة القلق والرعب التي باتت تسيطر على العدو وتعم الشارع في إسرائيل خوفا من عودة الصواريخ والمسيرات اليمنية إلى تل أبيب، وتحسبا لما يسببه قرار الحظر والحصار من نزيف وخسائر اقتصادية باهظة لم يعد يحتملها العدو واقتصاده المنهك بعد خمسة عشر شهرا من الحرب.
ووفقا لما أعلنه السيد القائد فإن العمليات العسكرية الضاغطة على الكيان الصهيوني تهدف بشكل أساسي للضغط على العدو الصهيوني لرفع حصاره عن غزة، وهو الموقف الذي يعتبره الشعب اليمني وقيادته وجيشه حقا مشروعا لليمن دينيا وإنسانيا في مواجهة جريمة التجويع التي يتعرض لها سكان غزة على مرأى ومسمع كل العالم، والتي لا يمكن السماح باستمرارها دون أن يكون هناك تحرك لردع العدو الصهيوني المجرم الذي لا يفهم سوى لغة القوة والرد بالمثل.
وفور إعلان سريان الحظر توالت بيانات الإشادة بهذه الخطوة اليمنية الشجاعة وغير الغريبة على شعب اليمن وقيادته الحكيمة وقواته المسلحة الذين ساندوا الأشقاء في غزة منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” الأسطورية وكان لموقفهم هذا أثرا عظيما على العدو الصهيوني والأمريكي باعتراف العدو نفسه.
وفي واحد من هذه البيانات رحبت حركة الجهاد الإسلامي بقرار القوات المسلحة اليمنية استئناف الحظر على سفن الكيان الصهيوني، والذي وصفته بالخطوة الجريئة الهادفة إلى الضغط على الكيان ورعاته من أجل إعادة فتح المعابر وإدخال المساعدات إلى غزة.
الحركة اعتبرت الموقف اليمني الشجاع تعبيرا واضحا عن أصالة الشعب اليمني وشجاعته في نصرة أهله في قطاع غزة ودعمه لقضية الشعب الفلسطيني ومقاومته، كما أنه يثبت مجددا التزام الشعب اليمني الثابت بدعم الشعب الفلسطيني ومساندة مقاومته.
كما أعربت عن التقدير لهذا الدعم الكبير، داعية الشعوب العربية والإسلامية إلى اتخاذ مواقف مماثلة تُعزز صمود الشعب الفلسطيني.
سبأ – يحيى جارالله