جراحة بلا حدود.. الروبوت الطبي يختصر المسافات ويصنع ثورة في عالم الطب
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد العالم الطبي إنجازًا غير مسبوق في مجال الجراحة عن بُعد، حيث تمكن فريق طبي من إجراء أول عملية جراحية باستخدام روبوت على مريض يبعد آلاف الكيلومترات. هذه العملية، التي تعد الأولى من نوعها عالميًا، تمثل قفزة هائلة نحو توسيع نطاق الرعاية الصحية لتشمل المناطق النائية، كما تعزز إمكانية تبادل الخبرات والمعرفة بين الأطباء حول العالم بطرق لم تكن ممكنة من قبل.
في 11 سبتمبر 2024، نجح الدكتور ألبرتو بريدا، رئيس قسم جراحة المسالك البولية والأورام في مؤسسة Fundació Puigvert في برشلونة، في إجراء عملية دقيقة لاستئصال ورم في الكلى لمريض في بكين، الصين. ما جعل العملية استثنائية هو أن الدكتور بريدا كان يتحكم في الروبوت الجراحي من مدينة بوردو في فرنسا، بينما كان المريض في مستشفى على بُعد أكثر من 8000 كيلومتر.
الروبوت الطبي الذي استخدم في هذه العملية مكَّن الجراح من إزالة ورم يبلغ حجمه 3.5 سم من كلية رجل يبلغ من العمر 37 عامًا، وذلك عبر التحكم الكامل بالأذرع الآلية للروبوت من مسافة بعيدة.
تفاصيل العملية تبرز مدى التطور الذي وصلت إليه التكنولوجيا الطبية الحديثة. المريض كان في مستشفى في بكين، حيث تم تحضيره لإجراء العملية الجراحية، بينما كان الدكتور بريدا يشرف على سير العملية من بوردو، مستخدمًا تقنيات متقدمة للاتصال والتحكم عن بُعد. بحسب تقرير نشرته صحيفة "إندبندنت"، كان التأخير الزمني بين الأوامر التي يصدرها الدكتور بريدا وحركة الروبوت ضئيلاً للغاية، حيث بلغ 132 ميلي ثانية فقط، وهو زمن قصير جداً وغير ملحوظ بالعين المجردة. هذا التأخير المحدود كان عاملاً حاسمًا في نجاح العملية، حيث تتيح هذه التقنية تفاعلاً فوريًا تقريبًا بين الطبيب والروبوت، مما يضمن دقة الجراحة وسلامة المريض.
إنجاز هذه الجراحة يمثل تحولًا جوهريًا في مفهوم الرعاية الصحية، حيث يمكن للروبوتات الجراحية أن تصبح أداة رئيسية لتقديم الرعاية في المناطق النائية أو التي تفتقر إلى الجراحين المتخصصين. تخيل، على سبيل المثال، إمكانية إجراء عملية جراحية معقدة في منطقة نائية في إفريقيا أو في قرية نائية في آسيا بواسطة جراح مقيم في إحدى المدن الكبرى في أوروبا أو أمريكا الشمالية. هذا التطور قد يفتح الباب أمام تحسين مستوى الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم.
الدكتور بريدا ليس غريبًا عن هذا النوع من الابتكارات، ففي فبراير 2024، أجرى تجربة أولية لاستخدام الروبوت الجراحي نفسه في عملية تدريبية على خنزير في مستشفى في شنغهاي، الصين، بينما كان يتحكم في الروبوت من أورلاندو في ولاية فلوريدا الأمريكية. كانت هذه التجربة جزءًا من سلسلة من الأبحاث والاختبارات التي ساعدت في تطوير هذه التكنولوجيا وتطبيقها في العملية الناجحة التي أجراها في سبتمبر.
أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الجراحة عن بُعد هي التأخير في الاتصال بين الجراح والروبوت. السرعة والدقة هما عاملان حاسمان في الجراحة، ويجب أن يكون التأخير الزمني بين الأوامر وحركة الروبوت أقل من 200 ميلي ثانية لضمان نجاح العملية وسلامة المريض. في حالة هذه العملية، كان التأخير الزمني أقل من المتوقع، ما جعل الجراحة تتم بدقة وسرعة مذهلة.
بفضل هذا الإنجاز، يمكن أن تفتح التكنولوجيا الروبوتية آفاقًا جديدة في الطب، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها أو التي تعاني من نقص في الجراحين المتخصصين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إجراء عملية جراحية إزالة ورم الروبوتات المسالك البولية الرعاية الصحية جراحة المسالك البولية عملية جراحية قسم جراحة المسالك البولية
إقرأ أيضاً:
معاوية.. مراهق أشعل ثورة سوريا بـ4 كلمات على جدار
قام معاوية صياصنة، البالغ من العمر 16 عاماً وأصدقاؤه بكتابة 4 كلمات على جدار في ملعب مدرستهم في محافظة درعا، معبرين عن غضبهم من الحياة في ظل حكم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
وتسببت هذه الكلمات الأربعة في سجن المراهقين وتعذيبهم لأسابيع، مما أدى إلى اندلاع الاحتجاجات الأولى في سوريا في أوائل عام 2011.
وذكرت صحيفة "الإندبندنت"، أن هذه الكلمات الأربع أشعلت ثورة تحولت إلى واحدة من أكثر الحروب الأهلية دموية في العصر الحديث. والكلمات التي جاءت بعد ثورات أطاحت بكل من رؤساء تونس ومصر وليبيا تقول بكل بساطة: "الآن دورك يا دكتور". في إشارة إلى الأسد الذي كان طبيب عيون في لندن، قبل أن يعود إلى سوريا لرئاسة نظام عائلته الوحشي.
Muawiyah Syasneh was 16 when his anti-Assad graffiti on a school wall led to his arrest, sparking protests that ended in civil war
Now, in the very same spot, he tells @Beltrew about the years-long war – and his role in bringing it to an endhttps://t.co/eqbigFuND2
وفي مقابلة معه، قال معاوية للصحيفة وهو يقف أمام نفس الجدار في مدينة درعا: "لقد قضينا 45 يوماً تحت التعذيب في السجن بسبب هذه الكلمات. كان الأمر لا يوصف. كنا أطفالاً - معلقين، ومضروبين، ومصعوقين بالكهرباء".
وانتهى الأمر بمعاوية بالقتال مع الجيش السوري الحر، وبعد سنوات انضم إلى التنظيم المسلح الذي لم يطرد قوات النظام من درعا الأسبوع الماضي فحسب، بل كان أول من استولى على العاصمة دمشق.
وأضاف معاوية "في عام 2011، بعد بدء الثورة، طالبت المنطقة بأكملها بعودة أطفالها، نحن فخورون بما فعلناه لأن الكبار لم يتمكنوا من القيام بذلك".
والآن، وقد أصبح في الثلاثين من عمره وأباً، لم يكن من الممكن للشاب معاوية أن يتنبأ بالتأثير الذي ستحدثه كلماته البسيطة في مرحلة المراهقة.
كما لم يكن ليتخيل قط، أنه بعد أكثر من عقد من الزمان، وبعد فراره من القصف المكثف الذي شنته قوات النظام على درعا وتحوله إلى لاجئ، سيعود ويتبع الفصائل المسلحة إلى دمشق ليعلن سقوط الأسد.
لحظة الانتصاروقال وهو ممسك ببندقيته في ساحة الشهداء بدمشق: "لقد حدثت معركة درعا فجأة. لقد فوجئنا - في لحظات، سيطرنا على المدينة ثم دمشق، وكانت تلك المرة الأولى التي أزور فيها العاصمة".
وأضاف "عندما كتبنا هذه الكلمات منذ سنوات طويلة، لم نكن نعتقد أنها ستؤدي إلى هذا. بصراحة، لم نكن نعتقد أنها ستؤدي إلى انتفاضة سورية بأكملها ودرعا. لكننا طالبنا بحريتنا، والآن نحن سنبقى على أرض وطننا"، على حد تعبيره.
وتابع معاوية للصحيفة "كانت الحرب قاسية، وجرح فيها كثيرون، ومات كثيرون، وفقدنا الكثير من الأحباء، ومع ذلك نحمد الله، فلم تذهب دماء الشهداء سدى، وانتصرت العدالة، وانتصرت الثورة".
شرارة الثورةوكشفت الصحيفة، أن الضربة التي أشعلت كل هذا وقعت في هذه المدينة الجنوبية الصغيرة، التي لم يسمع عنها إلا القليل قبل عام 2011. وتقع درعا على بعد أميال قليلة من الحدود السورية مع الأردن، وكان عدد سكانها قبل الحرب 117 ألف نسمة فقط. وقبل الانتفاضة كانت الحياة صعبة.
ويُلقي معاوية باللوم على وصول رئيس الأمن الجديد في المنطقة، عاطف نجيب، وهو ابن خالة بشار الأسد، في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21. وكان نجيب معروفاً بقوانينه القمعية، وبإشرافه شخصياً على سجن معاوية وأصدقائه.
وبحلول أوائل عام 2011، كانت الشوارع تكتظ بنقاط التفتيش التابعة للشرطة.
ويتذكر معاوية: "لم يكن بوسعنا الدخول أو الخروج. كنا نشاهد الاحتجاجات في مصر وتونس، حيث كانت الأنظمة تنهار. لذلك كتبنا (حان دورك يا دكتور)، وأحرقنا نقطة التفتيش التابعة للشرطة".
وتم القبض على ما لا يقل عن 15 فتى من عائلات مختلفة، وتعرضوا لتعذيب شديد. وقيل إن أحدهم توفي متأثراً بجراحه. و
يتذكر معاوية كيف قالت السلطات لآبائهم: "انسوا أولادكم، وأنجبوا أطفالاً جدداً".
وضع بائسوبحلول شهر مارس (آذار)، بدأ الآلاف ــ ثم عشرات الآلاف ــ في التجمع بانتظام حول المسجد العمري المحايد في المدينة، مطالبين بعودة الأطفال. وأشعل ذلك الاحتجاجات بين المواطنين المحبطين في مختلف أنحاء البلاد.
وقال معاوية: "لقد فوجئنا بما حدث، وطالب الجميع بعودة الأطفال، عائلات داخل درعا، ولكن أيضاً في جميع أنحاء سوريا".
بدوره، قال إيهاب قطيفان (50 عاماً)، الذي كان ضمن حشود المتظاهرين في ذلك الوقت، إن "اعتقال الأطفال كان القشة التي قصمت ظهر البعير".
وأضاف بعد مرور 13 عاماً "لقد كنا في وضع بائس، كما رأيتم بأم أعينكم ـ السجون، والمعتقلات، وآلات التعذيب. لقد تعرضنا للقمع من قبل كل فروع النظام".
ولكن الاحتجاجات قوبلت بالعنف من جانب السلطات، وتصاعدت منذ ذلك الحين.
واستمر القتال لمدة 7 سنوات، وخلال هذه الفترة دمر الجيش درعا بالكامل. وكان من بين القتلى والد معاوية، الذي قُتل بقنابل الجيش السوري في عام 2014، أثناء توجهه إلى صلاة الجمعة.
وبحلول عام 2018، استسلمت الفصائل المسلحة، وبموجب شروط الاتفاق، أُجبرت على الإخلاء إلى محافظة إدلب في شمال غرب البلاد. ومن بين الذين فروا من هناك معاوية، الذي فر بعد ذلك إلى تركيا، حيث تحمل مصاعب الحياة كلاجئ.
مستقبل مشرقوبعد أن فقد كل شيء، عاد إلى مسقط رأسه عبر طرق التهريب، وفي وقت سابق من هذا الشهر ــ مع اجتياح الفصائل المسلحة من إدلب لحلب وحماة وحمص ــ انضم إلى شباب درعا المحبطين، الذين انقلبوا مرة أخرى على نظام الأسد. ولدهشة الجميع، بدا وكأن جنود الحكومة الذين كانوا يخشونهم لعقود عديدة قد اختفوا.
ويقول فتى يبلغ من العمر 16 عاماً، وهو يراقب أصدقائه يلعبون كرة القدم بجوار المدرسة التي بدأ فيها معاوية كتابة الجرافيتي: "دمر منزلي، واختفى والدي قسراً، وقتل أخي. لا أتذكر أي شيء قبل ذلك سوى القتال". ويضيف بحزن: "أول ذكرياتي هي جنود النظام وهم يطلقون النار على الناس".
ولكن معاوية، الذي أصبح ابنه الآن في السادسة من عمره، لديه أمل - ليس لنفسه، بل للشباب. وقال: "نريد أن تكون سوريا أفضل من ذي قبل. ولكن بصراحة، لقد فقدت مستقبلي بالفعل. إن مستقبل الجيل القادم هو ما يهم".