أصبح العالم ساحة للحروب ليست فقط الحروب العسكرية، ولكن أيضا الحروب الفكرية التى تستهدف تدمير الشعوب وتفكيك المجتمعات، وهو الخطر الذى فطنت إليه القيادة السياسية على مدار السنوات الماضية، فكان السعى المستمر نحو تنمية الوعى وتعزيز  الهوية الوطنية التى تُعد بمثابة حائط الصد الأول للأفكار الغريبة والشاذة التى تستهدف المجتمعات العربية والإسلامية، فالهوية الوطنية تضم مجموعة من السمات التى تُميز كل دولة عن غيرها، وتتضمن الموقع الجغرافى والتاريخ،  والثقافة والدين، لذلك فإن تعزيز هذه العناصر داخل أفراد المجتمع ضرورة لتعزيز الولاء والانتماء للوطن، فالهوية الوطنية تلعب دورا مهما فى رفع شأن الأمم وتقدمها وازدهارها، وبدونها تفقد الأمم كل معانى وجودها واستقرارها.

وتحرص الدولة المصرية على مدار تاريخها على حماية الهوية الوطنية المصرية الفريدة من أى محاولات لطمسها أو تشويهها، خاصة خلال العشر سنوات الأخيرة التى زادت فيها المخاطر والتحديات التى تواجه الهوية المصرية، لذلك كان تعزيز الهوية الوطنية جزءا رئيسيا من برنامج حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، حيث أكدت أن أهمية الهوية الوطنية للمجتمع تكمن فى غرس القيم الإيجابية وروح الانتماء والولاء للوطن داخل أفراده، فى كونه عنصرًا جوهريا لتحقيق التماسك بين فئات المجتمع المتنوعة والمختلفة، وهو ما يتسق مع نص المادة ٤٨ من الدستور المصرى والتى تنص على التزام الدولة بإتاحة الثقافة لمختلف فئات الشعب دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافي، لذلك فمن الضرورى عند وضع الرؤية الخاصة بتعزيز الهوية الوطنية مراعاة حصول أصحاب  الهوية على الحقوق ذاتها، كحق التعليم، وحق التعبير عن الرأي، وحق الحياة بكرامة، وحق العمل، وغير ذلك من الحقوق التى تجسد معانى الهويّة الوطنية، كذلك الواجبات وهو ما تحاول الدولة المصرية العمل عليه من خلال مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى التى تستهدف تعظيم استفادة كل مواطن من موارد الدولة.

وفى خطوة تعكس جدية الدولة فى التعامل مع قضية الهوية الوطنية، فإن  استراتيجية مصر 2030 لم تغفل عن وضع رؤية خاصة بحالة الثقافة والهوية الوطنية، حيث نصت على أنه بحلول عام 2030 يكون هناك منظومة قيم ثقافية إيجابية فى المجتمع المصري، تحترم التنوع والاختلاف وتمكين المواطن المصرى من الوصول إلى وسائل اكتساب المعرفة، وفتح الآفاق أمامه للتفاعل مع معطيات عالمه المعاصر، وإدراك تاريخه وتراثه الحضارى المصري، وإكسابه القدرة على الاختيار الحر وتأمين حقه فى ممارسة وإنتاج الثقافة، على أن تكون العناصر الإيجابية فى الثقافة مصدر قوة لتحقيق التنمية، وقيمة مضافة للاقتصاد القومي، وأساسًا لقوة مصر الناعمة إقليميًا وعالميًا.

وفى خطوة مهمة أعلنت الحكومة الاستجابة للمطالب الخاصة بإطلاق استراتيجية للحفاظ على الهوية الوطني، وتشكيل الوعى وفق خطط تنمية ثقافية عادلة، ومواصلة وزارة الثقافة خطتها لتفعيل وتنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة الثقافة والهوية الوطنية بالحوار الوطني، وهو ما يساهم بشكل جدى فى مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذة ومحاولات سرقة الهوية وتزييف التراث، والعمل على الوعى الجمعى ووضع برامج للتوعية، وترسيخ القيم الإنسانية وتفعيل قيم المواطنة، والارتقاء بالذوق العام المصرى وتأصيل الحس الجمالي، فى ظل الانفتاح الذى تسببت فيه وسائل التواصل الاجتماعى والتى جعلت العالم قرية صغيرة من السهل نشر الأفكار من خلالها، الأمر الذى يتطلب دعم صناعة الوعى وتوثيق العلاقة بين الدولة والمواطن.

وأخيرا.. الدولة المصرية تدرك أهمية ترسيخ الهوية الوطنية، لذلك تعمل بجدية على خوض هذه المعركة الهامة على عدد من المحاور بداية من تطوير المناهج الدراسية لتشمل مزيدًا من التاريخ المصرى والثقافة الوطنية، بالإضافة إلى تدشين حملات توعية دينية وثقافية للشباب والمراهقين من خلال مراكز الشباب والأندية الاجتماعية، وتعزيز مشاركة الشباب سياسيا واجتماعيا وتمكينهم اقتصاديا، وتعزيز روح التوافق والتلاحم بين فئات الشعب المصري، وبناء الإنسان المصرى بما يجعله مؤهلا لخوض التحديات الراهنة، فضلا عن نشر الفكر الذى يتناسب مع قيم المجتمع الدينية والتراثية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الهوية الوطنية حائط الصد الأول حازم الجندى العالم ساحة الهویة الوطنیة

إقرأ أيضاً:

نهيان بن مبارك يعلن انطلاق أندية الهوية الوطنية بمدارس وجامعات الدولة

أعلن معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش رئيس مجلس إدارة صندق الوطن عن إنطلاق أندية الهوية الوطنية في المدارس والجامعات في الدولة، وذلك في إطار سعي الصندوق الحثيث لتفعيل الشعار الذي أتخذه أساساً للعمل وهو “هوية وطنية قوية ومستدامة ” دعائمها التمكين والإنتاجية والمسؤولية.

وقال معاليه خلال الحفل الختامي للبرامج الصيفية لصندوق الوطن وإطلاق أندية الهوية الوطنية.. إن هذا الشعار يمثل في واقع الأمر استجابة لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، في أن الاعتزاز بالهوية الوطنية، هو اعتزاز بسمات مجتمع الإمارات وخصائصه وفهم عميق لتطلعات هذا المجتمع وطموحاته والمبادئ والقيم وأسلوب الحياة التي يحرص عليها.

وأضاف معاليه ” كما يؤكد لنا صاحب السمو رئيس الدولة أن الاعتزاز بالهوية الوطنية هو تأكيد على ما يعرفه العالم كله عن أبناء وبنات الإمارات من أخلاق حميدة وسلوكٍ رصين، وما تتميز به الدولة من تاريخ أصيل وتراث خالد وحيوية متدفقة وإنجازات متوالية”.

وتضمن الحفل تكريم المتميزين من الطلاب والمدرسين وتوزيع أوسمة التميز على المدارس والجامعات والكليات التي شاركت ببرامج صندوق الوطن، كما شمل عرضا تضمن مهام وأهداف وآلية عمل أندية الهوية الوطنية بالمدارس والجامعات، إضافة إلى عدد من الجلسات النقاشية للمدارس والجامعات تناولت مراجعة الأجندة السنوية الخاصة بالأنشطة والمبادرات السنوية، والهيكل التنظيمي والإداري لأندية الهوية الوطنية وآلية التواصل ضمن إطار شبكة أندية الهوية.

حضر الحفل رؤساء الجامعات بالدولة ، و500 من طلاب المدارس والجامعات المتميزين إضافة إلى المدرسين وأساتذة الجامعات وسعادة ياسر القرقاوي المدير العام لصندوق الوطن.

ورحب معالي الشيخ نهيان بن مبارك بطلبة المدارس والكليات والجامعات المشاركين في برامج تعزيز الهوية الوطنية، وممثلي المدارس والجامعات التي تتعاون مع صندوق الوطن في هذه البرامج، المشاركين في هذا الحدث الذي شهد الإعلان عن المرحلة التالية في برامج تعزيز الهوية الوطنية، والتي تم تنفيذها على نطاق واسع وبنجاح كبير خلال الصيف الماضي لطلاب المدارس والكليات والجامعات في الدولة.

وستشهد المرحلة الجديدة تأسيس أندية للهوية الوطنية في كل مدرسة وكلية وجامعة بحيث تكون منصة للطالب لإظهار ما لديه من قدرة وحماسة طوال العام الدراسي لخدمة وطنه والانتماء لأهدافه وغاياته والولاء لقادته ورموزه، وكذلك الاحتفاء بالقيم الإنسانية السامية السائدة فيه.

وقال معاليه “ يشرفني أن أرفع باسمي شخصيا وباسمكم جميعا أسمى آيات الشكر والعرفان إلى صاحب السمو رئيس الدولة ”حفظه الله”، ونتقدم لسموه بالعهد والوعد بأن نكون دائما على قدر توقعات سموه منا، إخلاصا وحبا لهذا الوطن، وأن نبذل كل الجهد لتمكين الطالب في جميع مدارس وجامعات الدولة كي يكون حريصا على هويته، معتزا بدينه ولغته، يحيط بتاريخ الوطن وتراثه وثقافته، وموقعه المرموق بين أوطان العالم، كما يفتخر بما يؤدي إليه ذلك من قدرة فائقة، لدولتنا العزيزة على الإسهام النشط والفعال في مسيرة التطور في العالم”.

وأعلن معاليه أن عدد المشاركين في البرامج الصيفية لصندوق الوطن هذا العام بلغ 24 ألف طالب وطالبة في المدارس والكليات والجامعات، وتوقع أن يزداد هذا العدد في كل عام حتى تشمل هذه البرامج معظم الطلبة والطالبات في مؤسسات التعليم في الدولة.

وقال ” نعلن اليوم عن تأسيس أندية الهوية الوطنية ونؤكد على أننا في صندوق الوطن نرى في هذه الأندية تجسيدا لمبدأ أساسي في مسيرة دولتنا العزيزة، ألا وهو الحرص على العمل الجماعي بروح الفريق من أجل تحقيق الأهداف السامية للوطن والمواطن”.

وأضاف معاليه أن أندية الهوية الوطنية سوف تجسد فضائل العمل الجماعي ضمن فريق سواء في ذلك عبر إيجاد قنوات فعالة للتواصل والتفاهم وتبادل الآراء والأفكار، أو بالالتزام بأهداف واضحة ومحددة للعمل، أو الارتباط المشترك بمسيرة المدرسة أو الكلية أو الجامعة أو المجتمع بشكل عام، هذا بالإضافة إلى الأخذ بتوقعات ومستويات عالية للأداء لدى الجميع والحرص على إثراء حياة الطالب، وتنمية قدراته على التفكير السليم، والمبادرة واتخاذ القرار، في إطار فهم مشترك للأدوار والمسؤوليات، والأخذ بقواعد للسلوك الإيجابي، والإسهام في الأنشطة والمبادرات.

وأوضح معاليه أن أندية الهوية الوطنية، وهي تلتزم بكافة صفات العمل الجماعي، فإنها تركز على تحقيق الهدف الأسمى، وهو إتاحة الفرص أمام الطالب لخدمة نفسه، ومجتمعه وعالمه، وبما يؤدي إلى تنمية صفات القيادة لديه، وإلى أن يكون في فكره وسلوكه تجسيدا لقيم الكرم والعطاء والنزاهة والصدق والمسؤولية والشجاعة والولاء والتسامح والأخوة الإنسانية، والثقة بالنفس وحب الوطن والثقة بما ينتظر هذا الوطن من مستقبل زاهر، مؤكدا أن هذه القيم هي التي تتسم بها مسيرة الإمارات في ظل القيادة الحكيمة لقادة الدولة الكرام، وبها تحققت الإنجازات المتواصلة لشعبها المخلص والمعطاء.

وأشار معاليه إلى أنه تحدث سابقا حول دور أندية الهوية الوطنية، وأنها ستكون مجالا لتنفيذ مبادرات ومشاريع لخدمة المجتمع والإنسان، ومن أمثلة هذه المبادرات العمل من أجل تحسين المناخ العام في المدرسة والكلية والجامعة، بما في ذلك رعاية البيئة المحيطة، وتنظيم اللقاءات والندوات، والاحتفال بالمناسبات الوطنية، وتقديم برامج جودة الحياة، مثل برامج مكافحة السمنة، وتعلم اللغات والتقنيات الحديثة، وكذلك الاعتماد على هذه التقنيات في التواصل والحوار، والعمل مع الزملاء في الداخل والخارج، مؤكدا أن المبادرات المرتقبة في أندية الهوية الوطنية تشمل كذلك، التطوع للمساعدة في المدارس، ومرافق الرعاية الصحية وغيرها من مؤسسات الخدمات في الدولة.

وعبر معاليه عن أمله بأن تكون أندية الهوية الوطنية مجالا لأنشطة وبرامج تهدف إلى الاهتمام باللغة العربية، وتشجيع الثقافة والفنون ونشر قيم الجمال، وحُسن التذوق المعرفي، وأن تكون فوق ذلك كله، مجالا لإظهار ما لدى النشء والشباب من حماسة ورغبة وإقبال على التطوع والخدمة العامة، وأن تكون كذلك مجالا رحبا للبحث وتوفير المعارف عن الجوانب المهمة في هوية أبناء وبنات الإمارات.

وحول نطاق عمل هذه الأندية أكد معاليه أنه مجال واسع وغير محدود، وأن نجاحها رهن بجهود أعضائها على التخطيط والتنفيذ، كما يعتمد نجاح هذه الأندية على جهود المعلمين وأعضاء هيئة التدريس الأكفاء الذين يشرفون عليها.. مثمنا جهود كافة المعلمين وأعضاء هيئة التدريس المشرفين على أندية الهوية الوطنية، والمسؤولين عن المدارس والكليات والجامعات التي تتعاون مع صندوق الوطن في هذا المشروع المهم، مشيدا بالدعم القوي لبرامج الاعتزاز بالهوية الوطنية في صندوق الوطن على كافة المستويات في المجتمع.

وأضاف معاليه أن أندية الهوية الوطنية هي محل اهتمام كبير من صندوق الوطن الذي يحرص على نجاحها والاحتفاء بإنجازاتها، وفي هذا الإطار فإنه يسرني الإعلان عن اطلاق صندوق الوطن منصة رقمية خاصة، للإسهام في تحقيق الكفاءة والفاعلية في عمل هذه الأندية، من خلال توفير قنوات للتنسيق وتبادل الخبرات، والعمل المشترك بين أعضاء كل ناد، أو بين الأندية المختلفة، وستكون هذه المنصة الرقمية أداةً لتشجيع التعاون والإبداع والابتكار في عمل أندية الهوية الوطنية، بما يسهم في تحقيق الرسالة المرجوة لها على أكمل وجه.

وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك إن صندوق الوطن وبمشاركة من مؤسسات المجتمع، سوف يطلق برنامجاً للمنح والجوائز للاحتفاء بالتميز والإنجاز، وتقديم الدعم والمساندة لأندية الهوية الوطنية، حتى تكون هذه الأندية ناجحة بكل المقاييس، على أن يكون الاحتفال السنوي بالفائزين والفائزات في هذا البرنامج علامة متجددة، على طريق الاعتزاز بالهوية الوطنية وتشجيع الأعمال الناجحة.

وأضاف “ نحن في صندوق الوطن على قناعة كاملة بأن أندية الهوية الوطنية في المدارس والكليات والجامعات، هي دليل قوي على قدرة أبناء وبنات الإمارات على العمل المثمر، ومسايرة ما يدور في هذا العصر الزاخر بالفرص والتحديات، وأدعو الله أن يكون النجاح والتوفيق رفيق هذه الأندية، وأن يحفظ وطننا وأن تكون هويتها قوية ومستدامة، في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ”حفظه الله”.

عقب إطلاق معالي الشيخ نهيان بن مبارك “لأندية الهوية الوطنية بالمدارس” قام معاليه بالتوقيع على ” تعهد أندية الهوية الوطنية” ليكون معاليه أول الموقعين على التعهد، تمهيدا لكي يوقع عليه طلاب المدارس المنضمين لهذه الأندية بكافة إمارات الدولة.. ويؤكد التعهد التزام المنضمين لهذه الأندية من أبناء وبنات الإمارات بأن يكونوا مواطنين صالحين معتزين بقيمهم وهويتهم وانتمائهم للوطن وولائهم للقيادة، العمل المشترك مع زملائهم لخدمة مجتمعهم، تحت شعار”نعلم نعمل نخلص”.وام


مقالات مشابهة

  • مجتمع النفايات الفكرية «٤»
  • برغم القانون حقوق المرأة على مائدة الدراما المصرية
  • البابا تواضروس: تدريس الهوية الوطنية ضرورة للتصدي إلى الحروب (فيديو)
  • حزب المصريين: الدولة المصرية واجهت مخططات استهدفت الهوية الوطنية
  • النائب ياسر الهضيبي: العالم أصبح ساحة للحروب الفكرية.. ويجب الحفاظ على الهوية الوطنية
  • الهضيبي: العالم أصبح ساحة للحروب الفكرية.. والحفاظ على الهوية الوطنية ضرورة في مواجهتها
  • نهيان بن مبارك يعلن انطلاق أندية الهوية الوطنية في مدارس وجامعات الدولة
  • نهيان بن مبارك يعلن انطلاق أندية الهوية الوطنية بمدارس وجامعات الدولة
  • رئيس «الإصلاح والنهضة»: الهوية الوطنية المصرية ركيزة أساسية للأمن القومي