قررت الذهاب إلى الاستقبال كمحاولة أخيرة فأخبرتني الحكيمة بأن المصل موجود ولكن للجرعة الأولى فقط، ولكنى اكتشفت أن المصل غير موجود فى أى مكان فى المستشفى، وأن كلام الحكيمة على اعتبار أن الاستقبال لا يخلو من المصل، هذا ما أكده لى طبيب الطوارئ الشاب, الذى نصحنى بالمرور عليه بعد الظهر، وأعطانى رقم هاتفه المحمول للتواصل، ومسح بحسن استقباله ودماثة خلقة بعض ما ألم بى من امتعاض.
وبالفعل عاودت الذهاب إلى المستشفى وحصلت على الجرعة الثانية بمساعدة الطبيب الإنسان الذى لم يتحرك -كما أخبرنى- من الاستقبال طوال هذه الساعات الطوال التى غبت عنه فيها، يقدم خدماته الطبية بمنتهى الأمانة والمهنية، وقبل ذلك الإنسانية التى أصبحت عملة نادرة، ولكنها من صميم عمل طبيب الاستقبال، لأنه يستقبل الحوادث والحالات الطارئة التى يأتى معها على الأقل ثلاثة أفراد يريدون جميعاً الاطمئنان على مصابهم، ويطرحون عشرات الأسئلة التى تحتاج إلى «كونسلتو» لإجابتها، ويريدون من يواسيهم ويخفف عنهم ويهون عليهم، وهذا ما يفعله الطبيب الشاب طواعية.
أتم الله نعمته على وأكملت جرعة مصل الكلب، وأنقذنى المولى عز وجل من خطر عظيم، لأن الثابت فى جميع الدراسات والأبحاث، أنه بمجرد وصول الفيروس إلى الجهاز العصبى المركزى فى مخ المصاب تبدأ أعراض مرض داء الكلب أو السعار فى الظهور، وهى تشبه إلى حد كبير أعراض الأنفلونزا، فى هذه الحالة لا يمكن إنقاذ المصاب أو علاجه أو التخلص من العدوى، وغالباً ما تتدهور حالة المريض بصورة سيئة خلال أيام معدودة، ثم يصل إلى حالات التشنجات و الإغماء التى تقوده إلى الموت السريع.
والمشكلة فى الإصابة بالسعار أن الوفاة تحدث بداية من ثلاثة أيام وتمتد إلى 11 يوماً، فعند ظهور الأعراض تكون احتمالات وإمكانية البقاء على قيد الحياة ضعيفة ونادرة، حتى وان تناول المصاب كافة الأدوية والأمصال واللقاحات، ونال الاهتمام الصحى الكامل وتعاطى الدواء ومكث فى العناية المركزة.
الغريب أن الكلاب -سبب جميع هذه المشاكل- هى الحيوانات الأليفة المفضلة فى جميع أنحاء العالم، وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 900 مليون كلب على كوكب الأرض، و يختلف المؤرخون حول متى وأين بدأ البشر استئناس الكلاب لأول مرة، فهناك اعتقاد بأن الكلاب الأولى عبارة عن ذئاب استأنست نفسها وانجذبت إلى مكان التجمعات البشرية وأول فصائلها التى تم التعرف عليها يرجع تاريخها إلى نحو 9000 سنة قبل الميلاد، وربما كانت تلك الفصيلة من نوع الكلب «السلوقي» الذى يستخدم فى الصيد، وتم العثور على بقايا الكلب فى وقت مبكر فى الصين فى الفترة بين 5800 و7000 قبل الميلاد، حتى إن هناك موقعا لدفن الكلاب في يوتا -إحدى الولايات الأمريكية -حيث تشير التقديرات إلى أن تاريخه يعود إلى 11000 سنة.
وعندما كان يموت كلب فى مصر القديمة، فإن أصحابه -إذا كان بإمكانهم ذلك- لا يتوانون عن العمل على تحنيطه بنفس الرعاية التى يحظى بها أحد أفراد الأسرة البشرية، كما أن أصحابه كانوا يحلقون حواجبهم علامة على الحزن الشديد.
وفى الصين القديمة كان الاعتقاد السائد أن الكلاب هبة من السماء، وكانت دماؤها تعتبر مقدسة لدرجة أنها كانت تستخدم فى ختم الإيمان وقسم الولاء.
وفى الأمريكيتين، احتفظت قبائل «المايا» بالكلاب كحيوانات أليفة، ولكنها كانت مرتبطة أيضا بالآلهة، وقيل إن الكلاب كانت تقود أرواح الموتى إلى هذا العالم السفلى، وكان الكلب يساعد فى إرشاد المتوفى لعبور تحديات وضعها أقطاب زيبالبا من أجل الوصول للجنة.
ولكن هذه المخلوقات الجميلة الذكية أصبحت تهدد حياة البشر على وجه الأرض، وتسبب مشاكل جسيمة للكبار قبل الأطفال، وتهدد الأمن النفسى للمارين بجوارها، وتحدث نوعًا من الإرهاب الجسدى -فأنا شخصيا أصبحت أتحسس موضع العضة عندما أرى كلبا- هى معضلة بكافة المقاييس يجب الاعتراف بها أولا ثم مواجهتها.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ندى عضة كلب 3 صلاح صيام
إقرأ أيضاً:
أول تعليق من صاحب تريند إطعام الكلب: الرحمة بالحيوان لا تقل عن العبادة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الشيخ حازم غريب، صاحب التريند الإنساني الذي اجتاح مواقع التواصل بسبب ظهوره وهو يطعم الكلاب في الشارع بلغة رقيقة وحنونة، إن الهدف من الفيديو لم يكن الشهرة، بل الدعوة إلى الإنسانية قبل كل شيء.
وأضاف في مداخلة هاتفية مع الإعلامي شريف نور الدين، في برنامج «أنا وهو وهي» المذاع على قناة صدى البلد: «لم أنشر الفيديو بحثًا عن تفاعل، ولكن لنشر الرحمة، ونحن بحاجة لجرعة إنسانية تذكّر الناس أن هذه الكائنات أمم مثلنا، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم».
الرحمة عبادة والرفق خلق نبويوتابع الشيخ غريب: «نشاهد يوميًا مقاطع مؤلمة لتعذيب الحيوانات، وهذا أبكاني ودفعني لأكون جزءًا من التغيير، وأردت أن أذكر الناس أن الرحمة عبادة، والرفق خلق نبوي».
وأكد أن التعامل مع الحيوان لا يقل عن العبادة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «في كل كبدٍ رطبة أجر»، مشددًا أن الإسلام لم يأتي ليهدم أو يؤذي بل ليُعمّر هذا الكون ويرحم كل من فيه.
صرح الشيخ حازم: «الإمام مالك يرى بطهارة الكلب جسدًا ولعابًا، وهو قول معتبر في الفقه الإسلامي، الدين فيه سعة، ولا يجوز أن نُضيق على الناس في مسائل اجتهادية».
الرحمة لا تتعارض مع الطهارةوأكد أن الرحمة لا تتعارض مع الطهارة، والكلب ليس نجسًا بإجماع قطعي، بل فيه خلاف فقهي واسع يجب احترامه.