بوابة الوفد:
2024-11-16@17:54:12 GMT

معهد الأورام..ألم باليل ومذلة بالنهار

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

يوميات العذاب ..أبطالها السرطان والفقروسوء المعاملةوالدة طفلة مريضة تصرخ باكية يارب انا تعبت خدني وريحني من الي انا فيه

 

«المرض الوحش» هكذا كان يطلق المصريون على مرض السرطان فى الثمانينيات والتسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، فقد كان الجميع لا يطيق مجرد ذكر «السرطان»، فلما انتشر المرض وزادت أعداد المصابين به انتشر اسمه بين الناس، فتداولوا اسمه صريحا وليس تلميحا كما كان فى الماضي.

 وأول ما يفكر فيه من يصاب بهذا المرض اللعين هو  التوجه إلى معهد أورام قصر العينى لتلقى العلاج، ولأن أعداد المصابين بالمرض أكبر من قدرة المعهد، فإن من يفز بالعلاج فيه يعتبره باقى المرضى سعيد الحظ.

دخلت معهد أورام قصر العينى أحد أقدم وأشهر معاهد الأورام فى مصر وربما فى الشرق الأوسط كله لرصد حالة مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج فيه، فوجدت فى استقبالى صرخة ألم ممزوجة بالمرارة  يقول صاحبها «ارحمنا يا رب.. بنموت من العذاب»، ووجدت آخرين عاجزين حتى عن الصراخ من شدة مرضهم فاكتفوا بالأنين المكتوم.   

والغريب أن تلك الصرخات وذلك الأنين نغمة اعتاد عليها الأطباء وكل موظفى المستشفيات العامة.

 وهنا فقط أدركت سر انتشار آلاف الاستغاثات لمرضى داخل المستشفيات العامة، والتى توثق بالصوت والصورة  مدى الإهمال الذى يلاحق المنظومة الصحية دون أى تدخل من المسئولين!

ووصل الحال لدرجة أن المستشفيات العامة صارت ساحات معارك بين المرضى وأهاليهم من ناحية وبين موظفى وممرضى وأطباء المستشفيات العامة من ناحية أخرى، وإحدى أشهر تلك المعارك مؤخرا كانت مشاجرة دارت بين الفنان تامر ضيائى وفرد أمن داخل المعهد القومى للأورام بالتجمع الأول، سقط على أثرها  «ضيائي»  أرضا ومات!

والفنان «ضيائي» الذى مات لم يكن بينه وبين موظفى المعهد «تار بايت» ولا خلاف على شيء ما من أمور الدنيا، فقط  كانت زوجته  تعانى من ألم شديد فتوجه بها إلى معهد الأورام لتلقى العلاج سريعاً ليخفف عنها الآلام التى تنهش جسدها.. فكانت نهايته الموت!

توجهت إلى المعهد القومى للأورام بقصر العيني،  وأنا أبتهل إلى الله أن يكون أحسن حالا من غيره، خاصة وأن أغلب مرضاه من «غلابة الغلابة». 

 تمنيت أن يكون معهد الأورام بقصر العينى أفضل من غيره خاصة وأنه تم  إنفاق 2.5 مليار جنيه، على تطويره وجميع ومستشفيات قصر العينى، لتقديم أفضل وأسرع خدمة طبيعة للمواطن المصري.

 تمنيت أن يكون معهد أورام قصر العينى أكثر إنسانية خاصة بعدما سمعت وقرأت تصريحات عديدة  للدكتور محمد عبدالمعطى سمرة عميد المعهد القومى للأورام، يؤكد فيها أن المعهد القومى للأورام هو أول مركز أكاديمى متكامل لعلاج مرضى السرطان بالشرق الأوسط والمنطقة العربية.

 

توجهت صباحا إلى مستشفيات قصر العينى،  فوجدت أمام جميع أبواب معهد الأورام مرضى يفترشون الأرصفة منهم العاجز عن الحركة تماماً، ومنهم من ينام على الأسفلت وبيده «كانولا» يتلقى من خلالها جرعات من المحاليل والأدوية بعدما أجبروه على الخروج من المعهد لعدم وجود مكان، ووجدت أيضا مرضى ينهش أجسادهم المرض الخبيث، وينتظرون رحمة أى مسئول بالمعهد ليسمح لهم  بالدخول لتلقى ولو جرعة واحدة من العلاج.

سيد حامد -52 عاماً مزارع من مدينة بنها عاصمة محافظة القليوبية، أحد المرضى الذين يفترشون رضيف معهد الأورام، والذى أكد أنه يحضر للمعهد باستمرار لمقابلة أى طبيب لأمراض الدم، ولكن موظفى أمين المعهد يمنعون دخوله ويرفضون أيضا أن ينتظر أمام باب المعهد مباشرة ويصرخون فى وجهه قائلين «روح شوفلك رصيف اقعد عليه لحد ما الدنيا تهدى شوية ونشوف هتدخل ولا لأ»!

 وبكلمات ذليلة حزينة يواصل «سيد حامد»: «يوميا أحضر للمعهد طالبا الدخول لتلقى العلاج وانتظر من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثانية والنصف ظهراً أمام المعهد فى درجة حرارة لا يتحملها بشر، وأتعرض للذل والمهانة، من أفراد الأمن ، وأتحمل كل ذلك على أمل  السماح لى بدخول المعهد أو على الأقل ألتقى  بطبيب يعالجنى ولكنى فشلت».

تركت «سيد حامد» ونظرت بطول الرصيف فلم أجد إلا مرضى مكلومين على الأرض ينهش المرض أجسادهم من الداخل وتحرق الشمس جلودهم من الخارج، ولهذا راح بعضهم يبحث عن ورقة جورنال أو قطعة كرتون يتقى بها حر الشمس.

 بعض المرضى لم يقوَ جسده على تحمل الألم فأغمض عينيه ولا أدرى هل هو نائم أم فى غيبوبه بسب مرضه.

لاحظ أحد المرضى اندهاشى وحيرتى أمام ما أراه من مشاهد فقال: كل يوم من ده، فيه ناس هنا من الفجر علشان تحجز لها دور بدرى وتتمكن من دخول المعهد. 

 

عذاب على الأعتاب

تركت المرضى مكلومين على الرصيف يلعقون مهانة وألما ومرارة وتوجهت إلى شبابيك مبنى معهد الأورام فلم أجد إلا معاملة منزوعة الإنسانية من أفراد الأمن الإدارى على بوابات دخول المرضي، ووجدت على الأرض سيدة فى بداية الخمسين من العمر، نحيفة الجسد يظهر عليها  آثار نهش سرطان وبيدها اليمنى «كانولا»  كانت السيدة غير قادرة على التحرك او التحدث، فقط تئن وتقول «بموت ارحمونى مش قادرة دخلونى جوه».. ولكن لا أحد يجيبها أو يحاول مساعدتها!

 وإلى جانب هذه السيدة تقف سيدة أخرى جاءت من قريتها للعلاج من سرطان الثدى الذى تعانى منه منذ سنوات، كانت السيدة بصحبة طفلها الذى تتعكز عليه وبيدها دوسيه بلاستيك بداخله الفحوصات الطبية السابقة التى تقدمها لكل طبيب ولكن أرهقها المرض والوقوف على القدمين فوضعت  الدوسيه البلاستيك تحت رأسها وافترشت الأرض أمام باب دخول المعهد بجانبها صغيرها، وراحت تبكى مرارة عذاب الانتظار الذى لا ينتهى ابداً.

  وعلى بعد خطوات من تلك السيدة، كانت سيدة  سبعينية تجلس على مقعد حديدى حملته معها من منزلها لتجلس عليه أمام المعهد انتظارا لدورها فى دخول المعهد!

 والغريب أن تلك السيدة لم تكن لتطيق الجلوس على الكرسى طويلا من شدة الألم، فسرعان ما تترك الكرسى وتجلس على الأرض حتى يرهقها جلوس الأرض فتطلب ممن حولها مساعدتها للنهوض من على الأرض والجلوس على الكرسى من جديد!

سألت هذه السيدة عن موعد وصولها إلى معهد الأورم فقالت: أنا هنا أمام معهد الأورام من الساعة السادسة والنصف صباحاً انتظارا للسماح لى بدخول المعهد  للعلاج».

تركت المرضى، ودخلت إلى المعهد فوجدت مشهدا أكثر إيلاما تتصدره طفلة لا تتعدى الثلاث سنوات، حافية القدمين نهشها المرض وكانت ملقاة على الأرض فى حالة إرهاق شديدة بجانبها شنطة سفر، ويهاجمها الذباب المنتشر داخل المعهد، سألت أحد الواقفين بجوارها عن حالها فقال:  «إن والدتها أتت إلى العهد وهى تحمل على كتفيها الطفلة وعلى ظهرها شنطة السفر، كانت الأم غارقة فى عرقها والطفلة فى نوبة من البكاء، وعندما رأت الأم تزاحم المرضى بالمئات والمشاجرات بين المرضى وبين العاملين بالمعهد لتسلم أوراقهم، حاولت تسليم أوراق طفلتها لكنها فشلت وكررت المحاولة عدة مرات وفشلت أيضا  فبكت بحرقة وصرخت بصوت عالٍ: «يا رب أنا تعبت خدنى وريحنى من اللى أنا فيه» ووضعت طفلتها الصغيرة على الأرض وتركتها وبجوارها شنطة السفر، واختفت الأم فيما ظلت الطفلة تبكى حتى أرهقها التعب ودخلت فى نوم عميق.

        هنا غرف انتظار الكشف

فى غرف انتظار عيادة الأطفال وقف مئات من المرضى وافترش بعضهم الأرض وسط زحام خانق، فيما جلست طفلة مريضة سرطان تصرخ «بابا هاتولى بابا..عاوزه بابا.. انت فين يا بابا» ومن شدة الزحام لم ينتبه إليها أحد وكان البعض يدوسها بالأقدام! 

وبعد فترة من الوقت حضر إليها والدها المغلوب على أمره  وجلس على ركبتيه بجانب ابنته فألقت برأسها على صدره لتشعر ببعض الأمان. 

 وعلى مشارف عيادة الأشعة العلاجية، يتزاحم المرضى بشكل جنونى لمقابلة الطبيب المعالج، وعلى أعتاب العيادة  صندوق قمامة ممتلئ عن آخره ويجلس جانبه مريض هده المرض، بينما لا تتوقف المشاجرات بين المرضى وعمال المعهد وسط اتهامهم بالتلاعب فى ترتيب أسماء المنتظرين من المرضى الحاضرين من فجر اليوم للقدرة على مقابلة الطبيب المعالج.

ولا يكتفى الإهمال الطبى الذى يشهده المعهد القومى للأورام يومياً، ولهذا صار مرتعا للوسطاء ودفع الاتاوات والاكراميات لأفراد الأمن الداخلى للموافقة على زيارة المرضى أو دخول المعهد لإجراء أشعة الأورام.

ويقول الحاج إبراهيم المغربى شيخ من محافظة المنوفية «بعد تجديد المعهد القومى للأورام كنا نعتقد أن المعهد صار صرحا طبيا يساعد فى علاج المرضى بشكل متحضر وإنسانى ولكن عندما وصلت إليه عشت أسوأ أيام حياتى، فأنتظر بالساعات والأيام لمقابلة طبيب أو لإجراء أشعة».

ويضيف: «نعانى من إهمال طبى كبير فى معهد أورام قصر العينى عكس ما يقال فى المؤتمرات الرسمية، فالواقع أسوأ بكثير مما يتم ترويجه عن الخدمات العلاجية التى نبحث عنها، نحن أموات يفترسنا مرض السرطان تحت رعاية  مسئولى المعهد.

إنفوجراف

• 135 ألف مريض جديد للسرطان فى مصر سنويا.

• معهد الأورام بقصر العينى يعالج ما يقارب ربع عدد مرضى السرطان فى مصر.

• الزيادة فى عدد إصابات السرطان ترجع إلى  زيادة عدد السكان وانتشار مسببات السرطان ومن أهمها انتشار التدخين بين الرجال والنساء.

 

• علاج السرطان فى مصر يتم على نفقة الدولة والتأمين الصحي.• 10 ملايين توفوا بسبب مرض السرطان على مستوى العالم فى العام. 2.26 مليون حالة مصابة بسرطان الثدي.• 2.21 مليون حالة مصابة بسرطان الرئة.• 1.93 مليون حالة مصابة بسرطان القولون والمستقيم.• 1.41 مليون حالة مصابة بسرطان البروستات.• 1.20 مليون حالة مصابة بسرطان الجلد «غير الميلانوما».• 1.09 مليون حالة مصابة بسرطان المعدة.•1.80 مليون حالة وفاة مريض بسرطان الرئة.• 900 ألف و600 حالة وفاة مريض بسرطان القولون والمستقيم.• 830  ألف  حالة وفاة مريض بسرطان الكبد.• 769 ألف حالة وفاة مريض بسرطان المعدة.• 685 ألف حالة وفاة مريض بسرطان الثدي.• 400 ألف طفل سنوياً يصاب بالسرطان.سرطان عنق الرحم أكثر أنواع السرطان شيوعاً فى 23 دولة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المرض الوحش الثمانينيات والتسعينيات المعهد القومى للأورام المستشفیات العامة معهد الأورام على الأرض فى مصر

إقرأ أيضاً:

زلزال 7 ريختر .. كيف علق معهد الفلك على توقّع العالِم الهولندي؟

قدمت مذيعة “صدى البلد”، رنا عبدالرحمن، تغطية عن حالة من الجدل سادت مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول توقعات فرانك هوغربيتس، عالم الزلازل الهولندي، حول احتمالية حدوث زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر خلال الأيام الحالية، محذرًا الجميع ومطالبتهم بأخذ احتياطاتهم، ليأتي الرد من مصر حول مصدر هذه التوقعات ومدى صحتها.

نشر فرانك هوغربيتس عبر حسابه الشخصي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، تحذير من وقوع زلزال كبير خلال الأيام الحالية، وفسر هذا باقترانات كوكبية.


وقال راصد الزلازل أن كوكب الأرض سيكون بين كوكب الزهرة والمشترى بالإضافة إلى الهندسية القمرية ورؤية القمر يتحرك عكس عقارب الساعة، مشيرًا إلى أن الهندسة الحرجة تشمل الزهرة والمشترى وسيكون هناك عدة ساعات بينهما، مما سيؤثر على حدوث زلازل قوية على كوكب الأرض تصل من 6 إلى 7 درجات على مقياس ريختر.

ومن جانبه نفى طه رابح، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية في مصر، ادعاءات راصد الزلازل الهولندي، مشيرًا إلى أن توقعاته غير صحيحة ويجب عدم الالتفات إليها أو الترويج لها لأنها لا تستند على أدلة علمية، بل هو يريد فقط نشر الذعر والرعب واستغلال الأحداث.

وأشار طه رابح إلى أن الظواهر الفلكية التي تحدث خلال الفترة الحالية ليست دليلا على حدوث زلازل على كوكب الأرض، موضحًا أن جمهورية مصر العربية ليست من الدول التي تشهد زلازل قوية بحكم وقوعها في منطقة نشاط زلزالي منخفض إلى متوسط.

كما أكد رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية في مصر، أيضًا أن محطات رصد الزلازل في مصر تعمل على مدار اليوم وترصد كافة الزلازل التي تحدث، وأن الوضع في مصر آمن ومطمئن ولا يوجد خطورة محتملة من وقوع زلازل في الفترة الحالية، مضيفًا أنه تم تقوية شبكات الرصد في الفترة الأخيرة بخمس محطات جديدة لزيادة قدرة محطات الشبكة لرصد الزلازل وأن جميع البيانات التي يتم رصدها تؤكد عدم صحة أقوال الراصد الهولندي.

كما اختتم رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية في مصر حديثه بأن ادعاءات الراصد الهولندي هي مجردة سرقة لنظرية العالم الإنجليزي ماكس لازارو، عالم فيزيائي، حيث أطلق هذه النظرية التي يتوقع فيها أنه عند اتحاد المجال المغناطيسي المنبعث من الشمس مع المجال المغناطيسي الناتج عن الأرض، من الممكن أن يتسبب ذلك في حدوث زلازل على كوكب الأرض.

لمزيد من التفاصيل شاهد الفيديو:

مقالات مشابهة

  • تحذير من الأظافر الاصطناعية.. مخاطر قد تصل إلى السرطان
  • 15 معلومة عن معهد الأورام الجديد «500 500».. الافتتاح قريبا
  • «مؤتمر الإمارات للأورام» يناقش الابتكار في علاج السرطان
  • نتائج مسابقة برنامج "هوية" في معهد إعداد القادة
  • إزاي نقدر نكتشف الإصابة بسرطان البروستاتا ؟ .. الصحة توضح
  • سلطان بن أحمد يزور معهد البحوث للعلوم في جامعة الشارقة
  • معهد الاتصالات يفوز بجائزة +Premier من أكاديمية سيسكو للشبكات
  • الصحة العالمية: عام 2022 شهد إصابة 130 ألف سيدة بسرطان الثدي و53 ألف حالة وفاة
  • احتفال بتخرج دفعتين من معهد أمين ناشر للعلوم الصحية في شبوة
  • زلزال 7 ريختر .. كيف علق معهد الفلك على توقّع العالِم الهولندي؟