بيان من الأزهر للفتوى بشأن تلاوة القرآن الكريم على أنغام الموسيقى
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
كتب- محمود مصطفى أبوطالب:
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن القرآن الكريم هو معجزة سيدنا رسول الله ﷺ الخالدة، ولا يليق بجلاله وكماله أن تصاحب كلماتِه الموسيقى في مشهد مُحرَّم آثِم، وتعمّدُ إثارة الجَدَل بانتهاك حُرمَة المُقدَّسات الدِّينيَّة؛ بحثًا عن الشُّهرة، وزيادة المُشاهدات، أمر مُحرم شرعًا وجريمة منكرة يعاقب عليها القانون؛ وتأباه الفطرة السليمة، وتَحْرُم كذلك مشاهدته والترويج له؛ فضلًا عن إثارة للفِتن في المُجتمع.
وأوضح أن القرآنُ الكريم هو مُعجزة سيدنا رسول الله ﷺ الخالدة، ضربَ الله فيه للنَّاس مِن كُلِّ مَثَل، وجعله تبيانًا لكلِّ شيء، وحَوَاهُ من علوم السِّير، وأسرارِ الخَلْقِ، وأحكام الشَّرع، ودقائقِ صُنْع الكون، وأنباءِ الآخرة والغيب، والمواعظِ، والحِكَمِ، ومحاسنِ الأخلاقِ والشِّيم ما لم يشتمل عليه كتاب، أو يُحِطْ به من الخلق أحدٌ.
وأشار إلى أن كلام الله سُبحانه ليس ككلامِ غيره، ولا يتجلَّى إِعجازُه في إحَاطة عُلومه فحسب؛ بل في بديعِ نظمه، وأناقة لفظه، وتجانُسِ سَرْده، وروعة ائتلافِه، وجمال تركيبٍه، وحُسْنِ التخلُّص فيه من قصة لأخرى، وسلاسة الخُروج من بابٍ إلى غيره، وانقسام السُّورة الواحدة منه إلى أمرٍ ونهي، وخبر واستخبار، ووعْدٍ ووعيدٍ، وإثباتِ نبوَّةٍ وتوحيدٍ، وترغيبٍ وترهيبٍ دونَ خللٍ أو مللٍ أو اضْطِراب، وغيره مِنْ الكلام إذا اعتراه مثلُ هذا لانَتْ قُوَّتُه، وضَعُفَتْ جزالَتُه، وانطفأَ التِمَاعُه؛ ولكنَّه القرآن الكريم.
وأوضح أن اللهُ سبحانه أودع القرآنَ الكريم الإعجازَ والإحاطةَ؛ ليكونَ للأُمَمِ كتابَ هدايةٍ ورحمةٍ، وعلمٍ وعملٍ، وتدبُّر، وحضارة، ما بقيت الدنيا، ولا يليقُ بهذه الغايات العُظمى أن يصرف بعضُ اللَّاهِين الناسَ عنه بلَهوٍ أو عَبَثٍ، ولا أن ينالوا من مهابته وعظمته في نفوسهم، أو يُهدروا آداب تلاوته، فلا يناسب جَلال القُرآن ولا قدسيَّته أن تصاحبَ كلماتِه الموسيقى، أو أن يطغى اللّحن والنَّغم على معنى الآية وأحكام تلاوتها، وهي أفعال مُحرَّمة يأثم فاعلها، ويزداد جُرمها إن قصَد فاعلها الاستهزاء بآيات الله سبحانه.
ولفت إلى أن تحسين الصَّوتِ بالقرآن الكريم من مُستحبَّات تلاوته، التي يستعين بها المُسلِم على تدبُّر معانيه، والتَّأثُّر بآياته، فقد قال سيدنا رسول الله ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» [أخرجه البخاري]، وقال أيضًا: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ». [أخرجه أبو داود]
ونوه أنه للقرآنِ على كلِّ مُسلم حقوقٌ كثيرة، منها التَّصديق به، والتَّحاكم إليه، وتدبّره، والعمل بما فيه، وتمثُّل أوامره، واجتناب نواهيه، وحفظه وتعظيمه، إجلاله وتكريمه، وتوقيره وتنزيهه عن كلِّ ما لا يليق به، والقِيام بحقِّ تلاوته من تجويد حُروفِه ومعرفة وقُوفه.
وأوضح أن تعمّد إثارة الجَدَل بانتهاك حُرمَة المُقدَّسات الدِّينية؛ بحثًا عن الشُّهرة، وزيادة المُشاهدات؛أمر مُحرم شرعًا وكذلك مشاهدته والترويج له؛ قال الله تعالى:"وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ" النساء ١٤٠ وقال جلّ جلاله:"وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ " الأنعام ٦٨ كما أنّ هذا الفعل جريمة منكرة يعاقب عليها القانون؛ وتأباه الفطرة السليمة؛ واعتداء على حقِّ كلام المولى سبحانه في التقديس والتوقير، وإيذاء لمشاعر المُسلمين، وإثارةٌ للفتن في المجتمعات، في وقتٍ تدعم الدَّولة المصرية بمؤسساتها استقرارَ المُجتمع وسلامه الوطنيّ. وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، وَعَلَىٰ آلِهِ وصَحبِهِ والتَّابِعِينَ، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: السوبر الإفريقي النزلات المعوية في أسوان سعر الدولار الطقس أسعار الذهب الانتخابات الرئاسية الأمريكية الدوري الإنجليزي محور فيلادلفيا التصالح في مخالفات البناء سعر الفائدة فانتازي مركز الأزهر العالمي للفتوى القرآن الكريم تلاوة القرآن الكريم الموسيقى القرآن الکریم
إقرأ أيضاً:
«ملتقى الأزهر للخط العربي والزخرفة» يعقد محاضرة حول «تأريخ كتابة القرآن»
عقد ملتقى الأزهر للخط العربي والزخرفة، اليوم الأربعاء، محاضرة بعنوان «تأريخ كتابة القرآن الكريم»، بمشاركة أحمد عراقيب، أستاذ الخط العربي، وذلك في إطار فعاليات اليوم الرابع للملتقى الذي انطلق منذ الأحد 16 ويستمر حتى الثلاثاء 25 من فبراير الجاري.
أوضح عراقيب، أن تدوين القرآن الكريم مر بأربعة مراحل تاريخية متتابعة، ساهمت في ضمان حفظه من التحريف والتصحيف، ونقله إلى الأجيال التالية إلى ما نحن عليه الآن، فكانت المرحلة الأولى التي شهدت تدوين عدد من الصحابة رضوان الله عليهم له فور نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كانت مواد الكتابة في ذلك الحين عبارة عن قطع من سعف النخل، وجلود وعظام وأكتاف الحيوانات، وغيرها من المواد المتوفرة للكتابة في هذا الوقت.
وأضاف أستاذ الخط العربي، أن المرحلة الثانية من كتابة القرآن الكريم، كانت في عهد الخليفة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وذلك بعد أن استُشهد عدد كبير من الصحابة من حفظة القرآن الكريم في حروب الردة، وخشي أبو بكر رضي الله عنه ضياع القرآن، فاجتمع بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، واتفقا على جمعه بمصحفٍ واحد.
وتابع "عراقيب"، أن المرحلة الثالثة لجمع القرآن الكريم وتوحيده بمصحفٍ واحد كانت في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، حين نشبَ خِلافُ بين قرّاء الشام والحجاز والعراق، وكان يتعصّب كلّ منهم لقراءته دون علمه لخطأه، فيعظم الخِلاف بينهم ويشتد، فأرسل عثمان بن عفان رضى الله عنه إلى حفصة بنت عمر بن الخطاب، أن أرسلي إلينا بالصحف، لتُنسخ بالمصاحف وقد فعلت، وبهذا تم نسخ عدة مصاحف أُرسِلَ منها أربعة مصاحف إلى كلّ من: البصرة والكوفة والشام ومكّة، وأبقى الخليفة عثمان واحدة منها بالمدينة، ونسخة واحدة اختصّ بها نفسه، وأمر رضوان الله عليه بحرق أيّ نسخة أخرى، غير ماتم توزيعه لتجنّب أي خلاف.
واستطرد أستاذ الخط العربي، أن المرحلة الرابعة كانت مرحلة تنقيط وتشكيل المصحف، حيث كانت المصاحف في صدر الإسلام خالية تماماً من التنقيط والتشكيل، وذلك لأن العرب كانوا فُصحاء بطبيعتهم، ولكن مع اختلاط العرب بالعجم بعد الفتوحات الإسلامية كالزواج والتجارة، وبعد دخول كثيراً من العجم الإسلام، وخشية اللحن في القراءة لاختلاف اللغات واللهجات وفهم الآيات على غير مقصدها، فكان القرآن في حاجة إلى التنقيط والتشكيل، ولسهولة القراءة أيضاً عليهم، ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تمّ تكليف العالم النحويّ/ أبو الأسود الدؤلي، بوضع النقاط والتشكيل على كلمات القرآن، ثم كان هناك إصلاحاً آخر في عهد بني أُميّة، إذ أمر الحجاج بن يوسف الثقفيّ، كُتّابه بتمييز الحروف المتشابهة عن بعضها كالباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء.
ويُعقد ملتقى الأزهر الشريف للخط العربي والزخرفة، بمشاركة نخبة من الخطاطين والفنانين من مصر والدول العربية والأجنبية، ويضم معارض فنية وورش عمل ومحاضرات، في خطوة تعكس اهتمام الأزهر الشريف بالحفاظ على التراث الفني الإسلامي، ونقله إلى الأجيال الجديدة بأساليب تعليمية متطورة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.