* منى القرق: مزيج يجمع بين الحداثة والتقاليد
تولي دبي التي تحتفي سنوياً بـ«يوم السياحة العالمي» اهتماماً كبيراً بالسياحة الثقافية لما تمتلكه من بنية تحتية قوية، وإمكانات وقدرات سياحية واسعة، مكنتها من الحصول على لقب أفضل وجهة عالمية في جوائز «اختيار المسافرين 2024» من موقع «تريب أدفايزر»، لتكون بذلك أول مدينة في العالم تحقق هذا الإنجاز للعام الثالث على التوالي.


تحرص هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة» عبر فعالياتها وبرامجها على دعم قوة السياحة الثقافية، وإثراء تجارب زوار الإمارة وتمكينهم من استكشاف متاحفها ومواقعها التاريخية والتراثية التي تجسد جوهر المدينة الثقافي وتاريخها العريق، حيث تدير الهيئة خمسة متاحف وخمسة مواقع تراثية و17 موقعاً أثرياً، وفي مقدمتها متحف الشندغة، أكبر متحف تراثي مفتوح في الإمارات، الذي يوصف بـ«جوهرة دبي الخفية»، لما يتضمنه من مقتنيات ومعروضات وقصص منقولة وصور فوتوغرافية قديمة توثق نشأة دبي وثقافتها، وما يقدمه لزواره من مسارات ثقافية تسهم في التعريف بعناصر الثقافة المحلية وإبراز أصالتها.
بينما يمتاز «متحف الاتحاد» بتفرد فكرته ومقتنياته، حيث يروي عبر أقسامه ومعارضه المختلفة قصة تأسيس الإمارات وازدهارها، ويقدم لزواره تسلسلاً زمنياً دقيقاً للأحداث التي رافقت فكرة الاتحاد، ويركز على الفترة الزمنية الواقعة بين 1968 و1974، كما يضيء المتحف من خلال معارضه وبرامجه التعليمية، على جهود الآباء المؤسسين لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويعمل على تعريف زواره بأبرز المحطات الرئيسية التي أدت إلى ولادة الدولة، فيما يعتبر «حي الفهيدي التاريخي» من أفضل وجهات دبي السياحية، لما يتميز به من إمكانات ومقومات تبرز هوية دبي الفنية والإبداعية المستلهمة من تراثها الأصيل، كما يوفر الحي عبر أزقته وبيوته القديمة لزواره، فرصة استكشاف ومعايشة أنماط الحياة التقليدية التي كانت سائدة في الإمارة منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى سبعينات القرن الماضي.
وتحتضن مدينة حتا التي اختارتها مجلة «كوندي ناست ترافيلر» الأمريكية واحدة من أجمل 50 بلدة في العالم لعام 2023، «قرية حتا التراثية» التي تمثل جسر تواصل بين الماضي والحاضر، حيث تجسد القرية تفاصيل العمارة التقليدية المميزة لـ«حتا»، وتتيح لزوارها فرصة اكتشاف تاريخ الإمارة ومقوماتها الطبيعية والثقافية والتاريخية، إضافة إلى ثقافة منطقة حتا وما تتميز به من عادات وتقاليد وتراث غني.
في حين تزخر دبي بالمواقع الأثرية التي تنقل زوارها في رحلة تاريخية طويلة لاستكشاف جذور الإمارة القديمة التي تمتد لأكثر من 300 ألف سنة، تبدأ من العصر الحجري القديم وحتى العصور الإسلامية المتأخرة (القرن التاسع عشر)، حيث يعتبر «ساروق الحديد الأثري» الذي اكتشف عام 2002 من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، واحداً من أغنى المواقع الأثرية الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وتعرض كافة المقتنيات التي اكتشفت بالمكان في «متحف ساروق الحديد» الواقع في حي الشندغة التاريخي، فيما يرجع موقع «جميرا الأثري - العصر الإسلامي» (900-1800 ميلادية) بتاريخه إلى عصر الخلافة العباسية، ويعكس بآثاره الدور الحيوي الذي امتازت به منطقة جميرا قديماً.
وأكدت منى فيصل القرق، المدير التنفيذي لقطاع الثقافة والتراث في «دبي للثقافة»، أن السياحة الثقافية تشكل جزءاً مهماً من تنويع اقتصاد دبي. وقالت: «تمتاز دبي بتعدديتها الثقافية، وتتفرد بمزيجها الذي يجمع بين الحداثة والتقاليد، ومعالمها السياحية والحضارية، وما تقدمه من فعاليات إبداعية تعزز قوة السياحة فيها، وتعكس جوهر هويتها النابضة بالحياة».
ولفتت إلى حرص الهيئة عبر مشاريعها المختلفة على تحفيز السياحة الثقافية في الإمارة، بما يتماشى مع التزاماتها ومسؤولياتها الثقافية الهادفة إلى صون وحفظ التراث المادي وغير المادي. وقالت: «تسعى الهيئة من خلال فعالياتها وبرامجها الإبداعية المتنوعة إلى تلبية تطلعات الباحثين عن تجارب سياحية مميزة تجمع بين الثقافة والتراث والفن والابتكار، ووفقاً لمنصة دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي، فقد أسهمت الأصول الثقافية بالإمارة في زيادة السياحة الثقافية بنسبة 10% على أساس سنوي، ما يعكس حجم الجهود التي تبذلها الهيئة لرفع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، وترسيخ مكانة دبي وجهة مفضلة للعيش والعمل والترفيه».

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات دبي السیاحة الثقافیة

إقرأ أيضاً:

ندوة تاريخ العطر في عمان تستعرض دور العطور في صناعة الهوية الثقافية

انطلقت اليوم في مقر النادي الثقافي فعالية "العطر في عمان"، تحت رعاية سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، واستضافت مجموعة من الباحثين والأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين العمانيين بالإضافة إلى المهتمين في صناعة العطر في عمان من الأفراد والمؤسسات.

وتسلط الفعالية الضوء على دور العطر في الثقافة العمانية، من خلال ندوتين عن تاريخ العطر في عمان، والعطر في الأدب العماني، وأمسيتين شعريتين، على مدار يومين، فضلا عن ورش العمل حول صناعة العطور والبخور والمجامر العمانية وتقطير الورد وورشتين للرسم، ومعرض الفنون التشكيلية والمعرض التسويقي لعدد من الشركات العمانية المصنعة للعطور، بمصاحبة العروض الموسيقية.

وفي الندوة الأولى التي حملت عنوان "تاريخ العطر في عمان"، أوضح قيس السيابي مدير الندوة أن الإنسان حين يقوم باسترجاع ذكريات الطفولة، غالبا ما تكون حاسة الشم حاضرة، ولتذكر رائحة ما، كرائحة ماء الورد للجبل الأخضر، وأوراق الياس من المزارع المحيطة، أو بخور تقوم الجدة خصيصا بتصنيعه، أو تلك الخلطة الت تدمج فيها الصندل بماء الورد والريحان والعطور القديمة، وذكريات تضج بالروائح. مبينا أن هناك دراسة نشرت عام 2010 في المجلة الأمريكية لعلم النفس تشير إلى أن الذكريات المرتبطة بالروائح يمكن أن تكون أكثر إثارة للعاطفة، وأوضح بأن الندوة تأتي محاولة لفهم وتتبع العطر في المجتمع العماني قديما وحاضرا، ومدى الدور الثقافي والاقتصادي التي لعبته النباتات العطرية العمانية عبر الزمن، وفهم وتتبع مراحل تطور العطر والمادة عبر التاريخ وصولا إلى اليوم.

وقدم الورقة الأولى للندوة الدكتور محمد البلوشي أستاذ علم الآثار ودراسات التراث بجامعة السلطان قابوس بعنوان "التراث العطري في عمان القديمة" أوضح فيها بأن العطور تشكل جزءا هاما من التراث الثقافي والإنساني، خاصة في منطقة شبه الجزيرة العربية، حيث احتلت مكانة بارزة في الحياة اليومية في عمان، التي تعتبر واحدة من أبرز الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية، وكان للعطر دور كبير، من خلال الأدلة الأثرية المكتشفة في المواقع الأثرية العمانية. وأضاف بأن الأدلة الأثرية المكتشفة في مواقع من العصر البرونزي في عمان تشير إلى أن العطر كان جزءا لا يتجزأ من الثقافة القديمة في البلاد، في تلك الفترة التي تعود إلى ما قبل التاريخ، كان للعطور استخدامات متعددة، سواء في الطقوس الدينية أو في الحياة اليومية، وقد اكتشفت الأدوات المتعلقة بتحضير العطور مثل القوارير والأواني الفخارية التي كانت تستخدم لحفظ المواد العطرية. مبينا أن المواقع الأثرية تشهد على التاريخ العطري، حيث أظهرت الحفريات في مواقع مثل "موقع بات" و"موقع بهلا" شمال عمان دلائل على استخدام المواد العطرية في تلك الحقبة الزمنية، وتشمل بقايا المواد النباتية والأشجار المستخدمة في استخراج الزيوت العطرية مثل اللبان والمر، وهما عنصران كانا يكتسبان شهرة كبيرة في التجارة العطرية القديمة، مستعرضا الأدوار التي يمكن أن تقوم بها الدراسات الأنثربولوجية الأثرية والإثنوجرافية في تعميق فهمنا لثقافة العطر في عمان قديما. ويشير إلى أن أقدم الأدلة على استخدام العطر في العصر البرونزي في عمان وعاء عثر عليه في موقع (الميسر -6) في وادي سمد (2200 ق م)، ومبخرة مكتملة وكسر من مبخرتين اكتشفت في (رأس الجنز ( RJ2 ( 2270 - 2143 ق م)، ومبخرة مكتملة اكتشفت في دهوى (DH1) بولاية صحم (2400 ق م)، ومبخرة مكتملة اكتشفت في قميرة بضنك ولا تزال قيد الدراسة.

من جانبه تناول الدكتور حسين المشهور باحث في التاريخ العماني تاريخ تجارة اللبان في عمان، وبين بأن اللبان العماني، وخاصة الذي يأتي من محافظة ظفار، يحتل مكانة مرموقة في الأسواق العالمية القديمة، وقد اعتمدت الحضارات القديمة على اللبان في الشعائر الدينية والطقوس الملكية، وكانوا يستخدمونه في البخور، كما يتم تقديمه كقربان للآلهة. منوها أن المصريين القدماء اعتبروا اللبان العماني عنصرا مهما في تحنيط الملوك وحفظ الجثامين، مما جعله سلعة ثمينة للغاية.

وإلى جانب الأهمية التاريخية، ظلت تجارة اللبان والطيب تشكل جزءا مهما من الاقتصاد العماني ولا تزال محافظة ظفار حتى يومنا هذا، موطنا لأفضل أنواع اللبان في العالم، ويعتبر اللبان العماني ذا جودة عالية بسبب المناخ المثالي وظروف التربة التي تساهم في زراعة أشجار اللبان.

وبين بأن الروائح تسهم بشكل ما في بناء المكانة الاقتصادية والحضارية لكل إقليم وبلد، وتكاد تجمع أغلب المصادر التي أشارت إلى المنطقة على ربط هذا الإقليم باللبان والعطور والبخور عندما يتم التعريف به في معاجم الألسن وفهارس التاريخ وروزنامات البحارة وتقييدات الرحالة، مضيفا بأن للعطر دور بارز للتواصل الحضاري مع العالم القديم، وكانت المواد التي تدخل في صناعة العطر والطيب أبرز الصادرات لتوافرها في هذه البلاد، وندرتها وقلتها في البلاد الأخرى مشيرا إلى أن اللبان كان فيما مضى بخور الحضارات وعطر العالم القديم، وأحد أكثر السلع التجارية رواجا وانتشارا لتعدد استخداماته وقلة المعروض منه قياسا على الطلب.

أما الدكتور جمال بن ناصر الصباحي من كلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس في ورقة العمل التي قدمها بعنوان "النباتات العطرية في عمان" تحدث عن استخدامات النباتات العطرية في سلطنة عمان وأنها جزء من التراث الطبيعي والثقافي للبلاد، حيث تلعب دورا حيويا في حياة السكان منذ قرون، وتنتشر هذه النباتات في مختلف مناطق عمان وتستخدم في العديد من الأغراض مثل الطب التقليدي، والطهي، وتحضير العطور والبخور، مما جعلها جزءا لا يتجزأ من الهوية العمانية.

مبينا أن الاستخدامات التقليدية التي لطالما وجدت، كانت النباتات العطرية جزءا لا يتجزأ منها في الطب التقليدي في عمان وكانت تستخدم لتخفيف الآلام وعلاج الجروح وتنشيط الجسم وعلى سبيل المثال، كما يستخدم اللبان كمضاد للالتهابات ويستعمل الريحان كعلاج للصداع ولتعزيز الهضم، ناهيك عن استخدام النباتات العطرية في تحضير العديد من الأطباق التقليدية، مما يضفي نكهة خاصة للأطعمة العمانية. كما تطرق إلى دور مختبر الأجهزة المركزي بجامعة السلطان قابوس في دعم البحوث العلمية والمشروعات الناشئة، والتعريف بالنباتات العطرية في عمان، والطرق التقليدية في استخدام هذه النباتات، وطرق استخلاص الزيوت العطرية، والجدوى الاقتصادية للزيوت المستخرجة من النباتات العطرية في عمان.

وذكر أن عدد النباتات في سلطنة عمان بلغ 1457 نوعا منها 440 نباتا طبيا بعضها عطري يحتوي على زيوت مختلفة مركباتها ونسبها وأماكن تواجدها في النباتات بحسب صنفها، مشيرا إلى أن تواجد العديد من هذه النباتات العطرية والطبية في حقول النخيل التي تسقى بطريقة الري التقليدي.

واختتمت الندوة بورقة الدكتورة فاطمة الراعي رئيسة لجنة صاحبات الأعمال بغرفة التجارة والصناعة بمحافظة ظفار بعنوان "رحلة صناعة البخور"، تناولت فيها رحلتها ومسيرتها في مجال صناعة البخور والعطور، والمواد والمكونات الرئيسة والإضافية المستخدمة في صناعة البخور والعطور. وبينت أن دخول عالم العطور، يتطلب معرفة بأن "العطر رسالة واسم العطر عنوان لتلك الرسالة"، وأن العطر ليس فقط رائحة جميلة، بل هو تعبير عن الذات وعن الانطباع الذي نريد أن نتركه لدى الآخرين، ويجب على كل شخص أن يختار العطر الذي يعكس شخصيته، ومزاجه، وقيمه، مما يجعل من كل زجاجة عطر رسالة فريدة تعبر عن هوية من يرتديها.

وتشير الراعي إلى أن اسم العطر لا يقل أهمية عن مكوناته، فهو "عنوان" تلك الرسالة التي يرسلها صاحب العطر، وتؤكد على ضرورة أن يكون الاسم متناسقا مع محتوى العطر، بحيث ينقل الفكرة والروح المراد إيصالها بشكل متكامل، فاسم العطر يمكن أن يكون أول انطباع يتركه على الناس قبل أن يستنشقوا رائحته، وبالتالي يجب أن يكون لائقا ومعبرا.

وترى أن اختيار العطر المثالي يتطلب فهما عميقا للذوق الشخصي وللمناسبة التي يتم استخدامها فيها. فالعطور ليست مجرد زينة، بل هي جزء من لغة الجسد التي يمكن من خلالها إيصال مشاعر معينة، مثل الثقة، الجاذبية، الهدوء، أو حتى الحنين.

وفي نهاية حديثها، قدمت الدكتورة فاطمة نصيحتها بإرسال رسائلهم العطرية بعناية، قائلة: "لنرسل رسالتنا، بمحتوى جيد وبعنوان لائق" فالعطر ليس مجرد ترف، بل هو أداة تعبير شخصية قوية تعكس ذوق الإنسان وروحه.

مقالات مشابهة

  • "من كل بستان وردة".. رحلة إبداعية بمشاركة مواهب فصل الإيقاع الشرقى
  • أساطير NBA يتألقون في برنامج حافل بفعاليات وتجارب الجمهور في أبوظبي
  • مسارات "السوشل ميديا"
  • الإرادة الصلبة تُحطم القيود.. قصص ملهمة عن مسارات تحويل التحديات إلى فرص
  • رئيس «ETI» الألمانية: نتوقع زيادة الطلب على السياحة الثقافية بصعيد مصر الشتاء المقبل
  • ما هي أفضل 10 مصادر للبروتين التي تعزز بناء العضلات؟
  • رئيس «تسويق السياحة الثقافية»: زيادة حجوزات الرحلات النيلية الطويلة خلال شتاء 2024
  • ندوة تاريخ العطر في عمان تستعرض دور العطور في صناعة الهوية الثقافية
  • ما التحديات المحتملة التي قد تواجه حكومة بارنييه الجديدة في فرنسا؟