احتشد الجمهور بمسرح العرفان لحضور العرض المسرحي "أصحاب السبت" الذي قدمته فرقة السلطنة للثقافة والفن. وتدور أحداث العرض حول "خلدون"، مالك الطاحونة، يواجه ضغوطا اقتصادية واجتماعية من العمال والسلطات التي تستغله وتستنزف موارده دون مراعاة.

تظهر المسرحية كيف يتعرض "خلدون" لضغوط وتهديدات من العمال الذين يعانون من عدم تلقي أجورهم ومن السلطات التي تفرض الضرائب عليه دون مراعاة لظروفه الصعبة، مع التركيز على الصراع الدائم بين البقاء على قيد الحياة ومواجهة الجشع والفساد في المجتمع.

كما تسلط المسرحية الضوء على الاستغلال الاجتماعي والاقتصادي الذي يعاني منه الفقراء وكيف تستغل الفقراء باسم العدالة الاجتماعية لنهب الثروات، ليعكس لنا العرض الحياة اليومية مع الصراع الشديد الذي يواجهه الأفراد في مواجهة القهر والاضطهاد.

وجاءت تسمية العمل بـ "أصحاب السبت"، على ما يقوم به جابي الضرائب يعقوب، الذي تتجسد فيه القوة والقساوة، باستغلال الضعفاء تحت مسمى العدالة، ويتميز ببرودته وثباته في تحصيل الضرائب كل سبت، ليعكس الصورة الذهنية للواقع المرير الذي يعيشه الفقراء والمظلومون في مجتمع لا يرحم. ومن جهة أخرى يواجه خلدون، صاحب الطاحونة تحديات الظلم الاقتصادي والاجتماعي مع عماله الفقراء، وبالرغم من ثراءه، فإنه يعاني من انهيار مالي وضغوطات الضرائب، مما جعله يضيق على عماله ويتجبر عليهم، حتى ينهار ويتحول إلى مأساة حية بأن يشعل الحريق في نفسه، بعد أن استنفد جميع المحاولات.

العمل من تأليف أسامة بن زايد الشقصي، وإخراج الدكتور مرشد راقي، وشارك في العمل كل من: هشام اليافعي، ومحمد باشعيب، ورامي المشيخي، وأفنان شاهر، ومریم عبد الله، وبدار بيت عون، وعبد العزيز الرزيقي، ومحمد الحمداني، وأيهم البلوشي.

وأقيمت بعد العرض المسرحي جلسة تعقيبية جمعت كل من الكاتب المسرحي هلال البادي، والدكتور يوسف الحمدان، وأدار الجلسة هلال الزيدي.

وأشار هلال البادي إلى التمايز بين النص المسرحي والعرض مبينا أن النص لم يعكس قصة أصحاب السبت كما توقع العديد، رغم الإشارات إلى أسماء ومما أشار إليه أن الخشبة كانت تحمل رموزا كثيرة تشير إلى العديد من التأويلات وإلى أن النص يستمد بعض معانيه من آيات قرآنية تذكر القرى الخاطئة التي لم تلتزم بالعهد، أما عن الشخصيات، فتمثل الشر والخير والتناقضات البشرية، وجميعها تتفاعل مع النص بشكل يتطلب تأملا عميقا من الجمهور.

من جانبه أوضح الدكتور يوسف الحمدان أن الجمهور كان متفاعلا بشكل رائع مع العرض الذي تناول قضايا مهمة، وكان المسرح وسيلة قوية لإيصال الأفكار، وبين أن الموضوع الرئيسي كان حول فكرة النفاق الاجتماعي والتناقضات التي يعيشها الأفراد بين المظاهر الخارجية وحقيقتهم الداخلية. كما أكد أن استخدام اللغة في المسرحية يجب أن يكون أكثر عناية ليسهل على الجمهور فهم الرسالة المباشرة، كما أن النص كان يفتح المجال لتفسيرات مختلفة حسب زوايا الرؤية. منوها أن النص المسرحي كان شديد التناص، مضيفا بأن الصراع الدرامي في العرض كان مكثفا، وتداخلت فيه العديد من الأفكار الفلسفية والدينية والاجتماعية، كما أن الأحداث تتنوع بين الخيال والواقع.

وشارك الحضور في النقاشات التعقيبية للجلسة، وشهد تفاعلا من الممثلين والضيوف والمختصين، وناقش عبد الله ملك الأداء المبهر في الرقص، وتحدث عبد الله التركماني عن جمالية استغلال كافة المساحات لصالح العرض، ونوه المخرج أحمد العويني بالانضباط لدى الشخصيات.

وأشاد عقيل الماجد بالموسيقى التي كانت تعبيرية عن الحالات المتقلبة بالعرض، وأوضحت شيماء سبت أن مخارج الحروف وأصوات الممثلين وتجانس العرض كان مبهرا، وأشار خليفة الهاجري إلى تكرار بعض الحوارات، أما أحمد معروف فتناول التقنيات المستخدمة في العرض.

من جانبه أعرب المؤلف أسامة زايد عن امتنانه العميق للجمهور، مؤكدا أن المسرح يمثل حركة إنسانية تتيح التعبير عن الأمور التي لا يمكن قولها في الحياة اليومية. أما المخرج رشاد راقي فأكد على أهمية المهرجان، وأشاد بفريق العمل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أصحاب السبت

إقرأ أيضاً:

صدمات ترامب من غزة إلى الضرائب الجمركية

عرف العالم في 1971م صدمة نيكسون، التي من خلالها اتخذ الرئيس الأمريكي نيكسون سلسلة من التدابير الاقتصادية وأهمها إلغاء التحويل الدولي المباشر من الدولار الأمريكي إلى ذهب، وهو ما أدى بعد ذلك إلى انهيار نظام بريتون وودز، وبرر نيكسون هذا القرار بدعوى حماية الأمن القومي الأمريكي.

وقد جاء ترامب وبدأ ولايته بالصدمات، بدءا من وعد ترامب الذي سار على نفس وعد بلفور برغبته في الاستيلاء على غزة وتحويلها من ميدان للكرامة والدفاع عن الأرض والحقوق إلى اغتصاب للأرض، وإلى ريفيرا تداس فيها الحقوق وتنتهك فيها الحرمات. وقد قوبلت تلك الصدمة بسندان من الصمود من أهل غزة الذين ما زالوا يدافعون عن عرض وكرامة أمة ماتت الغيرة منها، وبأيديهم ستكتب نهاية المشروع الصهيوني.

ثم جاءت صدمة ترامب الثانية من خلال دعمه بقوة لإجرام رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو في غزة، وإمداده بالمال والسلاح، بل وتبني الصهيونية أكثر من نتنياهو نفسه. وما زال الكيان الصهيوني يقتل البشر والشجر والحجر في غزة، في ظل حصار خانق، وخزلان عربي وإسلامي، بل وتواطؤ فاضح، ومقابل كل ذلك صمود لأهل غزة، وصبر ورباط واضح.

ثم جاءت صدمة ترامب الثالثة من خلال الضرائب الجمركية التي فرضها على دول العالم بنسب تراوحت بين 10 في المئة و 67 في المئة، باسم حماية الأمن القومي الأمريكي، ملتفا على قواعد منظمة التجارة العالمية التي لم تحرك ساكنا، وهو الأمر الذي أدى إلى خسائر فادحة بالمليارات في الأسواق الأمريكية. وقد حذر زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي من تداعيات قرار ترامب، حيث وصف تلك الضرائب الجمركية بأنها الأعنف منذ نصف قرن، وأنها ستدمر الاقتصاد الأمريكي. كما حذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم بأول من من قرار ترامب، مؤكدا أنه زاد من مخاطر ارتفاع معدل البطالة، مرجّحا أن يؤدي إلى زيادة التضخم وتباطؤ النمو. وفي الوقت نفسه طالبه ترامب بخفض سعر الفائدة. كما حذر رئيس مؤسسة بلاك روك المالية لاي فينك؛ من أن الدولار قد يفقد مكانته كعملة احتياطية.

وما يقوله الأمريكان أنفسهم هو دليل كاشف لقرارات ترامب وصدماته، حيث يدير ترامب اقتصاد أمريكا على أنه شركة تجارية من شركاته، محمية بمليشيا عسكرية، فلم يكتف بنار الحرب في غزة وما أصاب الناس فيها من مظالم لا يتحملها البشر، بل أعاد إشعال نار هذا العدوان الصهيوني المجرم، وامتدت حروبه إلى الحرب الاقتصادية ظنا بأن القوة الباطشة حامية، ناسيا أو متناسيا أن القوة بغير العدل إذا كان لها قدرة على تدمير الغير، فإنها في نهاية المطاف ستدمر صاحبها حتما لا محالة.

إن ترامب ليس في الملعب العالمي لوحده، فهناك قوى كبرى لها مصالحها التي تدافع عنها، وقد برز ذلك من خلال الصين التي بدأت في إجراءات معاكسة، ودول الاتحاد الأوروبي تحاول تلملم جراحها لاتخاذ موقف، وللأسف الدول العربية والإسلامية تنتظر ماذا يحدث لها دون تحرك إيجابي، حتى أن ترامب قال للأمريكان -بعد خسارة سوق الأسهم الأمريكية 3 مليار دولار-: "لا تقلقوا، هناك 7 تريلونات دولار في الطريق إلينا، الأسواق ستزدهر". وأخشى ما أخشاه أن تكون هذه الأموال من دماء وأموال الشعوب العربية من حكام فتحوا خزائنهم لجزية ترامب، من أجل المكوث على كرسي زائل في بلاد لا يختلف حالها عن حال بلاد ملوك الطوائف.

إنه مما لا شك فيه أن قرار ترامب له تداعياته على الداخل الأمريكي، فإذا كان ترامب يعتبر هذا القرار لحماية الصاعة المحلية، لا سيما من المنتجات المستوردة من الصين مثل الصلب والألمونيوم وغيرها من المنتجات من دول العالم، فضلا عن تقوية موقفه التفاوضي مع الدول الأخرى، إلا أن هذا التفاوض كان يمكن أن يتم بغير هذه الصورة العدوانية، كما أن هذه الحماية الموهومة لا تقارن بالخسائر المترتبة على هذا القرار من ارتفاع تكلفة التصنيع في الولايات المتحدة لاعتماد العديد من الشركات الأمريكية علـى مواد خام مستوردة، فضلا عن ارتفاع تكلفة السلع الأمريكية بصفة عامة، وهو ما يزيد من الموجات التضخمية، التي تصيب المواطن الأمريكي في صلب معيشته.

كما أن الاقتصاد العالمي معرض للركود والتقلبات في الأسواق الحقيقية والمالية وتباطؤ معدلات النمو نتيجة لتلك الحرب الاقتصادية، وهذا سوف يدفع العديد من دول العالم إلى البحث عن مصالحها وبذل الجهد بقوة لإيجاد بديل للدولار كعملة تسويات دولية إلى أن يتم تحييده ولفظه، فضلا عن زيادة قوة التكتلات الاقتصادية من خلال توحد الدول أصحاب المصالح المشتركة ضد سياسة الولايات المتحدة. وبذلك يخسر ترامب الداخل الذي بدأ ينتفض بالمظاهرات، والخارج الذي يسعى إلى إسقاط التحالف مع الولايات المتحدة من أجنداته.

إن العالم مقبل على تغيير وهناك من يخرب بيته بنفسه لينقضي أجله، ووفقا للمعطيات التاريخية فإن السنين القادمة ستزول فيها دول وتعلو أخرى، وهذه سنة الله في خلقه، فالأمم لها آجال كما للأشخاص آجال، "ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" (الأعراف: 34)، فإذا كانت الشرارة الأولى اشتعلت من غزة، فإنها جاءت لاستيقاظ النائمين والكشف عن المتخاذلين المتآمرين، وميلاد جيل جديد يحمل أمانة التحرير ليس لفلسطين فحسب، بل للأمة الإسلامية جميعها. والله عز وجل ييسر من الأسباب ما يحقق ذلك ولو تعاظمت الآلام، فلا تغيير بدون تضحية.

والنظام الأمريكي يهدم نفسه بنفسه، والأوربيون منهمكون في مشاكلهم التي لا تنتهي، ولن يجد الصهاينة يوما ما أنفسهم إلا عراة بدون غطاء أمريكي أو غيره، ووقتها سيتحقق وعد الله، الذي لا يُخلف وعده. فدماء أهل غزة هي وقود النصر والتحرير، وفي الوقت نفسه لعنة على المتخاذلين والمتآمرين. وإن غدا لناظره قريب.

x.com/drdawaba

مقالات مشابهة

  • محافظ السويداء يلتقي فعاليات اجتماعية في شهبا
  • «التثقيف الصحى والتأهيل الاجتماعى للمقبلبن على الزواج» ندوة بخدمة اجتماعية بني سويف
  • صحة السويس تكثف الرقابة على المنشآت الطبية الخاصة وتوعي الطلاب بقضايا التنمية والتغذية
  • التفكيكية والبعد الصوفي في النص الروائي لروايات الطيب صالح (2)
  • «اجتماعية الشارقة» تفتح المشاركة في جائزة القلب الأخضر 4
  • اكتشاف كواكب تبعد عن الأرض 6 سنوات ضوئية
  • صدمات ترامب من غزة إلى الضرائب الجمركية
  • "اجتماعية الشورى" تواصل مناقشة مشروع قانون مؤسسات المجتمع المدني
  • قصور الثقافة تصدر العدد الجديد من مجلة مصر المحروسة حول الذكاء الاصطناعي
  • نقول مبروك.. مها أحمد تعبر عن سعادتها باكتمال عدد عرضها المسرحي