تحتاج المجتمعات من حين لآخر إلى مراجعة لمنظومة سلوكيات الأفراد والجماعات بالأماكن العامة للوقوف على مدى مطابقة تلك السلوكيات للموروثات الاجتماعية والدينية والعادات والتقاليد والأعراف التي تشكل هوية المجتمع، والتي قد تتأثر عبر الزمن ببعض الآفات والأمراض الناتجة عن الانحدار الأخلاقي نتيجة عوامل عديدة، مما يؤدي إلى تشوه المظاهر السلوكية لأفراد المجتمع، مقارنة بما كان يتمتع به أفراد هذا المجتمع في السابق من اتزان ولياقة وكياسة في السلوك العام.
فالألفاظ النابية، والتبول، والبصق، وإلقاء القمامة، وارتداء الملابس غير اللائقة، أو التي تحمل عبارات خادشة للحياء بالطريق العام لايمكن إعتبارها حرية شخصية لاتستدعي الضبط وتوقيع الجزاء!!
ومرورا بتشويه الجدران، والأسوار، ووسائل المواصلات العامة، ودور العبادة بالعبارات والرسومات غير الملائمة والعشوائية، وتوزيع المنشورات الدعائية عشوائيا دون تنسيق أو إذن مسبق مما يشوه المنظر العام للطريق، وتخطي طوابير الانتظار بالأماكن العامة دون مراعاة للغير مما يؤدي لافتعال المشاجرات، وخرق أبجديات الآداب العامة.
بل يصل الأمر إلى تعطيل المرور ومصالح الناس بتحويل الشارع إلى ساحة قتال لأتفه الأمور خاصة عند حدوث التصادمات بين قائدي السيارات.
كما أن ظاهرة تصوير الضحايا والمصابين جراء الحوادث دون داع أو لغرض مهني أو أمنى هو الآخر تعدي على الذوق العام.
بل وصار إزعاج السكان باستخدام مكبرات الصوت بالأحياء السكنية أمرا عاديا وحرية مطلقة دون ضابط أو رابط.
ويصل الأمر إلى إزعاج المصلين والتشويش على دور العبادة، وانتهاك حرمة الجنائز وسرادقات العزاء.
وأتعجب من رفض مجلس النواب لمشروع قانون الذوق العام في عام 2019 والذي تقدم به أحد الأعضاء، وكان من حيثيات الرفض أن تلك الممارسات لاترتقي إلى حاجتها للتشريع!! بالرغم من اننا نطمح لأن نصدر صورة مشرفة عن بلادنا خاصة لجذب مزيد من السائحين!!
والحقيقة أن المظهر العام للشارع وتصرفات الشعوب به هو عنوان لمستوى التحضر وجودة الحياة التي يعيشها هؤلاء الناس، وأن الفوضى العامة بالشارع هى نتاج وانعكاس للأماكن المغلقة بالمدارس والمصانع والمؤسسات، ومؤشر قوي لمدى انضباط المجتمع بأكمله في مختلف مناحي الحياة.
وإذا كان المجتمع مصابا بأمراض عدة قد ضربت مؤسسات التنشئة ممثلة في الأسرة والمدرسة وغياب دور مراكز الشباب وغيره، فلا يمكن ترك الأمور هكذا دون تدخل مؤسسات الضبط الاجتماعي الرسمية بضرورة سن تشريع عادل لكل من يخالف الذوق العام، مع ضرورة إطلاق حملات توعوية مكثفة للحث على الذوق الرفيع المتزن حفاظا على الهوية والعادات والتقاليد الراسخة والتي كثير منها مستمد من الشرائع السماوية. مع الاستفادة من تجارب الشعوب والدول الأخرى في هذا الشأن ومنها المملكة العربية السعودية على سبيل المثال التي سنت قانون الذوق العام مع بداية انفتاحها السياحي قبل ٦ سنوات.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مراكز الشباب الأسرة الذوق العام وسائل المواصلات العامة الذوق العام
إقرأ أيضاً:
إطلاق نتائج دراسة تقييم المعرفة والمواقف والممارسات التغذوية بين المراهقين والبالغين
مسقط- الرؤية
أطلقت وزارة الصحة ممثلة بالمديرية العامة للخدمات الصحية والبرامج (دائرة التغذية)، بالتعاون مع مؤسسة الجسر ومنظمة الصحة العالمية نتائج دراسة تقييم المعرفة والمواقف والممارسات التغذوية بين المراهقين والبالغين في سلطنة عُمان للفئة العمرية من 14 إلى 60 عامًا، وذلك في خطوة بارزة نحو تعزيز الصحة العامة والحد من الأمراض غير المعدية واستجابةً لارتفاع معدلات زيادة الوزن والسمنة.
ورعت حفل الإطلاق صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد مساعدة رئيس جامعة السلطان قابوس للتعاون الدولي ورئيسة اللجنة الوطنية للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها، بحضور عدد من أصحاب السعادة، وممثلين من القطاع الصحي والقطاعات الحكومية والخاصة. وتهدف الدراسة إلى تقييم المعارف والمواقف والممارسات المتعلقة بالعادات الغذائية العامة في المجتمع العُماني واستهلاك الملح والسكر والدهون بين الفئات العمرية المختلفة (من 14 إلى 60 عامًا) وتحديد الفجوات في هذه المعارف والممارسات لتوجيه السياسات المستقبلية، كذلك دراسة العوامل الاجتماعية والديموغرافية المؤثرة في السلوكيات الغذائية، وتحديد مصادر المعلومات الأكثر تأثيرًا فيها.
وتضمن برنامج الحفل عرض ملخص عن نتائج الدراسة التي ركزت على أن هناك حاجة ملحة لتكثيف برامج التوعية، وتعزيز الاستشارات الغذائية، وتشديد السياسات التنظيمية، خاصة فيما يتعلق بوضع الملصقات الغذائية والحد من تسويق الأغذية غير الصحية، ومناقشة الإجراءات والتوصيات لتعزيز التغذية الصحية بناءً على نتائج الدراسة.
وأكدت وزارة الصحة الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فعّالة لتعزيز الوعي الغذائي وتحسين الأنماط الغذائية في المجتمع العُماني، وذلك بتعزيز التثقيف التغذوي (دمج التوعية بالتغذية السليمة في المناهج الدراسية، وتوسيع برامج التثقيف في المدارس والجامعات وأماكن العمل)، وبتطوير خدمات الاستشارات التغذوية (تعزيز خدمات المراكز الصحية، خاصة للأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة)، وبالحد من انتشار الأغذية غير الصحية )تنفيذ سياسات لتقييد بيع المنتجات الغذائية غير الصحية في المدارس والمرافق العامة)، وبتحسين لوائح وضع العلامات الغذائية (تطبيق نظام إشارات واضحة على المنتجات الغذائية لمساعدة المستهلكين على اتخاذ خيارات صحية)، وبإطلاق حملات توعية وطنية (الاستفادة من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول أهمية التغذية الصحية)، وبالتواصل والشراكة مع القطاعات المعنية لتحسين التغذية في المجتمع، والحد من الدهون المشبعة للأطعمة.