الدبلوماسية العراقية حول لبنان: مسار مزدوج بين السياسة والسلاح
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
26 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة:
في ظل تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، تتباين مواقف الأطراف العراقية بين الدعم العلني لفصائل المقاومة والتزام الحكومة بمسار التهدئة الدبلوماسي.
وفي الوقت الذي يتواجد فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في نيويورك ضمن مساعي دبلوماسية لتهدئة الأوضاع، تستعد الفصائل المسلحة العراقية، وفي مقدمتها “كتائب حزب الله العراقي”، للمشاركة في أي مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.
ومثل هذا المشهد يعكس تعقيد الساحة العراقية بين دور الدولة الرسمي والفصائل غير الرسمية التي تمتلك تأثيرًا كبيرًا على الأرض.
و من جهة، تلتزم الحكومة العراقية بالوقوف مع لبنان عبر المسارين السياسي والإنساني، حيث أكد السوداني خلال لقاء جمعه برئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي استعداد بغداد لتقديم الدعم اللازم، وذلك في ظل العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان.
والحكومة العراقية تسعى كذلك إلى جمع التأييد العربي والإسلامي من خلال الدعوة لقمة عربية تهدف إلى مناقشة سبل مواجهة التصعيد الإسرائيلي، معتبرة أن الموقف الرسمي العراقي يعكس إجماعًا شعبيًا ودينيًا لدعم لبنان وفلسطين.
في المقابل، تتبنى الفصائل المسلحة العراقية، التي تعتبر نفسها جزءًا من محور المقاومة الإقليمي، مواقف أكثر عدائية تجاه إسرائيل.
وقأعلنت هذه الفصائل عن استعدادها لخوض ما وصفته بـ”حرب طويلة الأمد” دفاعًا عن محور المقاومة، متوعدة بتوجيه ضربات موجعة لإسرائيل، في حال تطورت الأحداث على الأرض فيما تصريحات قادة هذه الفصائل تعكس رغبتهم في تعزيز وحدة الساحات وتنسيق العمليات العسكرية مع “حزب الله” اللبناني وفصائل أخرى في المنطقة، مشيرين إلى جاهزيتهم للتصعيد إذا تطلب الأمر.
و تجمع المواقف العراقية بين الدبلوماسية والعمل العسكري غير الرسمي، حيث تسعى الحكومة لتقديم صورة متوازنة تعكس التزامها بالجهود الدولية للتهدئة وحماية المدنيين، بينما تنشط الفصائل المسلحة في تقديم نفسها كقوة دفاعية مستعدة للردع العسكري.
وهذا التباين يسلط الضوء على صعوبة دور الحكومة في التعامل مع قوى تتمتع بنفوذ قوي داخل العراق، لا سيما في ظل وجود دعم شعبي وديني لهذه الفصائل.
يأتي هذا التعقيد في ظل تهديدات متبادلة بين إسرائيل والفصائل العراقية. إذ حذر أبو علي العسكري، القيادي في “حزب الله” العراقي، من أن إسرائيل قد تستهدف الداخل العراقي، في حين صرحت القيادة الإسرائيلية بأنها تراقب عن كثب الأنشطة القادمة من العراق وتجمع المعلومات حول التهديدات المتزايدة.
وفي هذا السياق، يشير الموقف الرسمي للحكومة العراقية إلى رغبة في تقديم الدعم الإنساني والسياسي للبنان وفلسطين، وهو ما تجلى في دعوات السوداني لإيصال المساعدات الإنسانية والبحث عن حلول دبلوماسية للأزمة.
وهذه المساعي تأتي متماشية مع دعوات المرجع الشيعي الأعلى، آية الله السيد علي السيستاني، الذي شدد على ضرورة تقديم المساعدة للبنان في مواجهة التصعيد الإسرائيلي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
ملفات شائكة أمام الحكومة الجديدة.. وإعادة الأعمار تتطلب أموالاً خارجية
تنتظر حكومة العهد الأولى برئاسة نواف سلام جملة من التحديات، على رأسها إعادة إعمار ما هدمته إسرائيل في حربها الأخيرة على لبنان وانسحابها من الجنوب وتطبيق القرار 1701، ووضع الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تمكن لبنان من تخطي الأزمة بما يتيح إيجاد سبل النهوض بعد الأزمات المتتالية منذ عام 2019.وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية البروفيسور جاسم عجاقة لـ"الأنباء الكويتية": لا شك أن إعادة الإعمار في رأس أولويات الحكومة، لكن ذلك يتطلب المال من أجل إعمار ما تهدم في الحرب الإسرائيلية. وهذا يفرض استعادة ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي، خصوصا الخليجي الذي أثبت على مر العقود أنه الداعم الأساسي للبنان ولكيانه. وهذا الأمر أكد عليه الرئيس نواف سلام حين قال ان ذلك يتطلب دعما عربيا ودوليا. وعليه فإن لبنان ينتظر المساعدات من الخارج، ولا يمكن لأحد أن يرسل لنا قرشا واحدا إلا في حال اتخاذ خطوات إصلاحية. وكل الوعود بالإصلاح تبقى وعودا والتزامات ولا تغير من حقيقة الأمر شيئا، إلا من خلال الشرطين المشار إليهما سابقا".
ورأى عجاقة "أن إعادة هيكلة القطاع المصرفي يجب أن تكون أيضا على رأس أولويات الحكومة. وهي لا ترتبط فقط بأموال المودعين، بل بالمساعدات الدولية والقروض الأجنبية أو أية أموال لإعادة الإعمار في الجنوب. هذه الأموال ستدخل كلها في القطاع المصرفي ومن هنا ضرورة البدء بهذا الإصلاح". وأكد "أن الإصلاحات الاقتصادية الأساسية والجوهرية تكون بإعادة هيكلة الدين العام، وهيكلة القطاع العام. وهناك أكثر من 90 في المئة من المؤسسات العامة لا جدوى اقتصادية لها بحسب ما جاء في تقرير للجنة المال والموازنة عام 2019، إضافة إلى المؤسسات التي تملكها الدولة".
وطالب "بإشراك القطاع الخاص بها بعيدا عن الخصخصة لاسيما في قطاع الكهرباء الذي يعاني مشاكل كثيرة يتوجب حلها بأسرع ما يمكن، بعدما فشلت الحكومات السابقة في إدارة هذا القطاع الحيوي الذي شكل عبئا على المواطن والدولة على حد سواء".