جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-04@20:31:53 GMT

الحرب على لبنان.. أهداف ووقائع واستشراف

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

الحرب على لبنان.. أهداف ووقائع واستشراف

محمد فوّاز **

انطلقت حرب لبنان الثالثة - التي أطلق عليه الإسرائيلي اسم "سهام الشمال"- بشراسة غير مسبوقة، ففي يومها المفتوح الأول وفي قصف لمركز في الجنوب والبقاع، سقط 558 شهيدا بينهم 50 طفلا و94 امرأة في أقل من 24 ساعة إضافة الى 1853 مصابًا موزعين على 54 مستشفى بحسب وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض. 

أما وزير الداخلية فأكد في اليوم الثاني للحرب أن عدد النازحين إثر القصف الإسرائيلي بلغ أكثر من 20 ألف نازح.

وتضاعفت الأرقام سريعا ليصل عدد النازحين في اليوم الثالث بحسب الأمم المتحدة الى حوالي 100 ألف نازح.

مشهد لبنان اليوم يشبه المشهد الغزّاوي في بداياته، فتكثر الأسئلة عن الأسباب والمصير والمآلات، فيربط البعض ما يحصل بأنه جنون نتنياهو. شخصيا، لا أتعاطف مع الآراء التي تصف نتنياهو بالمجنون الذي لا يعرف ما يفعل؛ أو الآراء القائلة إن نتنياهو يريد فقط خدمة مصالحه الشخصية والهروب من المحاسبة القضائية.

في جميع كتاباته، يلتزم نتنياهو بمنهجية واضحة؛ فهو يرى في انتصار 1967 نموذجاً يحتذى به، وهو القائل بجدوى الانتصارات العسكرية وبأنها الوحيدة القادرة على فرض السلام لإسرائيل. كذلك يعبّر دوماً عن عدم رضاه عن الحدود الحالية لإسرائيل، مؤكداً أن "أرض إسرائيل" تمتد من النيل إلى الفرات، وهو ما يعدّه جزءاً من الوعد الإلهي لبني إسرائيل وكذلك الوعد الذي قُدم لليهود في عصبة الأمم حينها، بحسب ما يكتب.

منذ حوالي سنة، تلقت إسرائيل ضربة قاتلة في 7 أكتوبر. ويحاول نتنياهو استغلالها لتحقيق ارتداد عكسي للقضاء على المقاومة نهائي ا، عن طريق أمرين: أولاً، إنهاء الوضع في غزة سياسياً وعسكرياً، وفتح ملف اقتصادي وسياسي جديد للشرق الأوسط. ثانياً، القضاء على أي محاولات مقاومة للواقع الاستيطاني في الضفة الغربية. وثالثاً، توجيه ضربات قاصمة لحزب الله تُعجزه عن النهوض مجدداً، ما يجبره على الرضوخ لشروط إسرائيل التفاوضية. 

وفي حال نجحت إسرائيل في ذلك ستكون قد ثبتت أقدامها في المنطقة وفتحت الباب على شرق أوسط جديد لا معارضة حقيقية فيه لإسرائيل ويفتح الباب على مصراعيه لإعادة تنفيذ خطة دونالد ترامب المسامة بصفقة القرن، خاصة اذا عاود الأخير الوصول الى الرئاسة الأمريكية الأولى. وبذلك تكون القضية الفلسطينية قد انتهت للأبد وتربعت إسرائيل على عرش الشرق الأوسط لقرن قادم!!

لكن الواقع لا يعني بالضرورة تحقيق هذه الأهداف، فحتى الآن، لم تحقق إسرائيل نجاحاً كاملاً في النقطة الأولى والثانية، نظراً لعدم قدرتها على فرض شروطها في غزة واستمرار المقاومة، كما أن الوضع في الضفة الغربية لا يزال مفتوحاً على كافة الاحتمالات مع استمرار المقاومة.

إقليمياً.. إيران في حالة ارتباك وتخشى على نفسها لذلك تراهن على التهدئة والتفاوض مع أمريكا. بينما الولايات المتحدة تمر بفترة ضعف انتخابي تعزز التحكم الإسرائيلي بها، فهي رغم دعمها لمشروع إسرائيل، يبقى صراعها مع الوقت وحدود توسع الصراع وانعكاس ذلك على مصالحها.

من هذه الزاوية يمكن فهم ما يحدث في لبنان، فملفات غزة والضفة مفتوحة ويقف فيها نتنياهو رافضا الخضوع وعاجزا عن الحسم. عليه، يتحول الى لبنان محاولا تحقيق أهداف مرسومة سلفًا.

وتضع إسرائيل لافتة للحرب الشرسة التي تشنها على لبنان بفك ارتباط الجبهة اللبنانية عن جبهة غزة وإعادة سكان شمال إسرائيل، لكن أهداف إسرائيل الحقيقية أعمق من هذا، ومن السذاجة اعتبار أن فتح حزب الله جبهة الإسناد يوم 8 أكتوبر هو السبب الرئيس والوحيد في الحرب الراهنة.

لقد كان معلوما أن ضربة لحزب الله كانت تتحضر قبل 7 أكتوبر تحت نظرية "جذ العشب" الإسرائيلية. لكن ظرف 7 أكتوبر بدّل الأوراق وقلب الأولويات دون أن تتغير الأهداف ليعود حزب الله لواجهة الاهتمام الإسرائيلي بعد استعصاء جبهة غزة بعد قرابة السنة على الحرب.

لذلك يمكن ايجاز أهداف إسرائيل الرئيسة في الحرب على لبنان فيما يلي:

1- ضرب حزب الله ضربات تُعجِّزه وتقوّده مستقبلا (على أقل تقدير) خاصة قيادته العامة والمعتقلة بالعمليات خلف خطوط العدو (وحدة الرضوان على الأخص) والصواريخ الدقيقة ومخازن الأسلحة واللوجستيات ونُظم القيادة والسيطرة، ووصولا إلى القادة الميدانيين والعناصر والمراكز أو المخازن التي ممكن أن تحتوي أسلحة أو يستفيد منها حزب الله. وهذا ما كانت إسرائيل تتحضر له منذ حرب 2006 وهو ما اتضح اليوم من حجم بنك الأهداف والمعلومات الذي تمتلكه.

2- إخضاع حزب الله ولبنان لاتفاق حده الأدنى قرار مجلس الأمن 1701؛ بما يطمئن إسرائيل على حدودها الشمالية ويحميها - وفق رؤيتها- من 7 أكتوبر لبناني مستقبلا(ومن هنا الاهتمام الكبير بالرضوان)

3- ضرب بيئة حزب الله الحاضنة ومحاولة سلخها عن الحزب بطرق مختلفة.

4- آنيا، إعادة سكان الشمال في إسرائيل، وفك الارتباط بين جبهات المقاومة.

بالمقابل: يدرك حزب الله أهداف إسرائيل جيدا ويضع أهدافه المضادة:

1- الاستمرار بعملية الإسناد ورفض فك ارتباط الجبهات.

2- منع عودة سكان الشمال الإسرائيلي.

3- حصر العمليات بالشق العسكري لعدم إعطاء أي ذريعة لتوسع الحرب الىالبنى التحتية اللبنانية.

4- محاولة الحفاظ على التناسب في التصعيد لتأكيد عدم تأثر هيكله العسكري وخاصة القيادة والسيطرة بالضربات الإسرائيلية ومحاولة الحفاظ على شيء من الردع.

حتى الآن أثبت حزب الله قدرته على الحفاظ على القيادة والسيطرة، بينما يواصل تصعيد هجماته تدريجيًا ويستعد لمعركة طويلة الأمد، رغم حجم الضربات التي تلقاها.

من جانبها، تستمر إسرائيل في قصف بنك أهدافها الواسع وتصادق يوميا على أهداف جديدة دون تحقيق هدفها المعلن وهو إيقاف جبهة الإسناد. لذلك، من المتوقع أن تستمر الضربات الإسرائيلية بالتصاعد في الكثافة والمدى، كما يتوقع أن يواصل حزب الله تقديم الجديد بشكل يعتبره متناسبا.

يتم تداول مقترح لوقف إطلاق نار لمدة شهر، لتمهيد الطريق لتطبيق القرار 1701 على لبنان دون أن تكون غزة خارج الإتفاق. ومع ذلك، من غير المرجح نجاح هذه الجولة من المفاوضات بسبب تمسك الأطراف بمواقفهم وصلابتهم على الأرض.

المشهد الحالي لا يدعو للتفاؤل، واحتمال العملية البرية انطلاقا من الجولان واردة خاصة إذا تعذر الحل السياسي، ما قد يدفع نتنياهو إلى محاولة مقايضة الأرض باتفاق.

كل ذلك يمكن تلخيصه بأن الحديث اليوم هو للميدان، حيث تستمر لعبة عض الأصابع بين حزب الله وإسرائيل على قاعدة الحياة أو الموت.

** باحث لبناني

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: على لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تعلن اغتيال شخصية محورية في حزب الله

أفادت وسائل إعلام لبنانية بأن مسيرة إسرائيلية قصفت منطقة صور في جنوب لبنان، ما أسفر عن اغتيال "شخصية بارزة في قوة الرضوان التابعة لحزب الله".

اقرأ ايضاًانطلاق أعمال القمة العربية الطارئة بالقاهرة

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية "شنّت مسيرة معادية غارة على المنطقة الواقعة في رشكنانية"، ونشرت صورة تظهر هيكل سيارة اندلعت النيران فيها".

في المقابل، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي نقلاً عن مسؤول إسرائيلي "مقتل شخصية محورية في قوة الرضوان بحزب الله بغارة جنوب لبنان"، دون أن تسميها.

بدوره، أعلن الدفاع المدني في جنوب لبنان مقتل شخص في استهداف مسيرة إسرائيلية سيارة في بلدة "رشكنانيه"، فيما لم يصدر عن حزب الله تأكيد رسمي أو نفي للرواية الإسرائيلية بشأن اغتيال قيادي في صفوفه.

ومنذ بدء سريان وقف اتفاق إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ارتكبت إسرائيل الخروقات وشنت غارات على الجانب اللبناني مما أدى لسقوط عشرات القتلى والجرحى.

 

المصدر: وكالات


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند إسرائيل تعلن اغتيال شخصية "محورية" في حزب الله انطلاق أعمال القمة العربية الطارئة بالقاهرة الأردن: بورصة عمان تغلق بسبب التدهور اليابان: استقرار معدل البطالة نظرا لنقص العمالة تشكيلة برشلونة المتوقعة ضد بنفيكا في دوري أبطال أوروبا 2024-25 Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
  • نقطة تحوّل... هكذا تنظر إسرائيل إلى زيارة الرئيس عون للسعوديّة
  • عاجل | الجيش الإسرائيلي: قتلنا القيادي بقوة الرضوان التابعة لحزب الله خضر هاشم في هجوم جوي على قانا جنوبي لبنان
  • إسرائيل تعلن اغتيال شخصية محورية في حزب الله
  • نتنياهو: تفجيرات البيجر أدت في النهاية إلى إسقاط نظام بشار الأسد
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار ويشنّ غارات على لبنان (شاهد)
  • سر الاستقواء الأمريكي – الإسرائيلي
  • سياسي أنصار الله: إغلاق العدو الإسرائيلي معابر غزة تصعيد خطير
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟