جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-01@09:43:14 GMT

الحرب على لبنان.. أهداف ووقائع واستشراف

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

الحرب على لبنان.. أهداف ووقائع واستشراف

محمد فوّاز **

انطلقت حرب لبنان الثالثة - التي أطلق عليه الإسرائيلي اسم "سهام الشمال"- بشراسة غير مسبوقة، ففي يومها المفتوح الأول وفي قصف لمركز في الجنوب والبقاع، سقط 558 شهيدا بينهم 50 طفلا و94 امرأة في أقل من 24 ساعة إضافة الى 1853 مصابًا موزعين على 54 مستشفى بحسب وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض. 

أما وزير الداخلية فأكد في اليوم الثاني للحرب أن عدد النازحين إثر القصف الإسرائيلي بلغ أكثر من 20 ألف نازح.

وتضاعفت الأرقام سريعا ليصل عدد النازحين في اليوم الثالث بحسب الأمم المتحدة الى حوالي 100 ألف نازح.

مشهد لبنان اليوم يشبه المشهد الغزّاوي في بداياته، فتكثر الأسئلة عن الأسباب والمصير والمآلات، فيربط البعض ما يحصل بأنه جنون نتنياهو. شخصيا، لا أتعاطف مع الآراء التي تصف نتنياهو بالمجنون الذي لا يعرف ما يفعل؛ أو الآراء القائلة إن نتنياهو يريد فقط خدمة مصالحه الشخصية والهروب من المحاسبة القضائية.

في جميع كتاباته، يلتزم نتنياهو بمنهجية واضحة؛ فهو يرى في انتصار 1967 نموذجاً يحتذى به، وهو القائل بجدوى الانتصارات العسكرية وبأنها الوحيدة القادرة على فرض السلام لإسرائيل. كذلك يعبّر دوماً عن عدم رضاه عن الحدود الحالية لإسرائيل، مؤكداً أن "أرض إسرائيل" تمتد من النيل إلى الفرات، وهو ما يعدّه جزءاً من الوعد الإلهي لبني إسرائيل وكذلك الوعد الذي قُدم لليهود في عصبة الأمم حينها، بحسب ما يكتب.

منذ حوالي سنة، تلقت إسرائيل ضربة قاتلة في 7 أكتوبر. ويحاول نتنياهو استغلالها لتحقيق ارتداد عكسي للقضاء على المقاومة نهائي ا، عن طريق أمرين: أولاً، إنهاء الوضع في غزة سياسياً وعسكرياً، وفتح ملف اقتصادي وسياسي جديد للشرق الأوسط. ثانياً، القضاء على أي محاولات مقاومة للواقع الاستيطاني في الضفة الغربية. وثالثاً، توجيه ضربات قاصمة لحزب الله تُعجزه عن النهوض مجدداً، ما يجبره على الرضوخ لشروط إسرائيل التفاوضية. 

وفي حال نجحت إسرائيل في ذلك ستكون قد ثبتت أقدامها في المنطقة وفتحت الباب على شرق أوسط جديد لا معارضة حقيقية فيه لإسرائيل ويفتح الباب على مصراعيه لإعادة تنفيذ خطة دونالد ترامب المسامة بصفقة القرن، خاصة اذا عاود الأخير الوصول الى الرئاسة الأمريكية الأولى. وبذلك تكون القضية الفلسطينية قد انتهت للأبد وتربعت إسرائيل على عرش الشرق الأوسط لقرن قادم!!

لكن الواقع لا يعني بالضرورة تحقيق هذه الأهداف، فحتى الآن، لم تحقق إسرائيل نجاحاً كاملاً في النقطة الأولى والثانية، نظراً لعدم قدرتها على فرض شروطها في غزة واستمرار المقاومة، كما أن الوضع في الضفة الغربية لا يزال مفتوحاً على كافة الاحتمالات مع استمرار المقاومة.

إقليمياً.. إيران في حالة ارتباك وتخشى على نفسها لذلك تراهن على التهدئة والتفاوض مع أمريكا. بينما الولايات المتحدة تمر بفترة ضعف انتخابي تعزز التحكم الإسرائيلي بها، فهي رغم دعمها لمشروع إسرائيل، يبقى صراعها مع الوقت وحدود توسع الصراع وانعكاس ذلك على مصالحها.

من هذه الزاوية يمكن فهم ما يحدث في لبنان، فملفات غزة والضفة مفتوحة ويقف فيها نتنياهو رافضا الخضوع وعاجزا عن الحسم. عليه، يتحول الى لبنان محاولا تحقيق أهداف مرسومة سلفًا.

وتضع إسرائيل لافتة للحرب الشرسة التي تشنها على لبنان بفك ارتباط الجبهة اللبنانية عن جبهة غزة وإعادة سكان شمال إسرائيل، لكن أهداف إسرائيل الحقيقية أعمق من هذا، ومن السذاجة اعتبار أن فتح حزب الله جبهة الإسناد يوم 8 أكتوبر هو السبب الرئيس والوحيد في الحرب الراهنة.

لقد كان معلوما أن ضربة لحزب الله كانت تتحضر قبل 7 أكتوبر تحت نظرية "جذ العشب" الإسرائيلية. لكن ظرف 7 أكتوبر بدّل الأوراق وقلب الأولويات دون أن تتغير الأهداف ليعود حزب الله لواجهة الاهتمام الإسرائيلي بعد استعصاء جبهة غزة بعد قرابة السنة على الحرب.

لذلك يمكن ايجاز أهداف إسرائيل الرئيسة في الحرب على لبنان فيما يلي:

1- ضرب حزب الله ضربات تُعجِّزه وتقوّده مستقبلا (على أقل تقدير) خاصة قيادته العامة والمعتقلة بالعمليات خلف خطوط العدو (وحدة الرضوان على الأخص) والصواريخ الدقيقة ومخازن الأسلحة واللوجستيات ونُظم القيادة والسيطرة، ووصولا إلى القادة الميدانيين والعناصر والمراكز أو المخازن التي ممكن أن تحتوي أسلحة أو يستفيد منها حزب الله. وهذا ما كانت إسرائيل تتحضر له منذ حرب 2006 وهو ما اتضح اليوم من حجم بنك الأهداف والمعلومات الذي تمتلكه.

2- إخضاع حزب الله ولبنان لاتفاق حده الأدنى قرار مجلس الأمن 1701؛ بما يطمئن إسرائيل على حدودها الشمالية ويحميها - وفق رؤيتها- من 7 أكتوبر لبناني مستقبلا(ومن هنا الاهتمام الكبير بالرضوان)

3- ضرب بيئة حزب الله الحاضنة ومحاولة سلخها عن الحزب بطرق مختلفة.

4- آنيا، إعادة سكان الشمال في إسرائيل، وفك الارتباط بين جبهات المقاومة.

بالمقابل: يدرك حزب الله أهداف إسرائيل جيدا ويضع أهدافه المضادة:

1- الاستمرار بعملية الإسناد ورفض فك ارتباط الجبهات.

2- منع عودة سكان الشمال الإسرائيلي.

3- حصر العمليات بالشق العسكري لعدم إعطاء أي ذريعة لتوسع الحرب الىالبنى التحتية اللبنانية.

4- محاولة الحفاظ على التناسب في التصعيد لتأكيد عدم تأثر هيكله العسكري وخاصة القيادة والسيطرة بالضربات الإسرائيلية ومحاولة الحفاظ على شيء من الردع.

حتى الآن أثبت حزب الله قدرته على الحفاظ على القيادة والسيطرة، بينما يواصل تصعيد هجماته تدريجيًا ويستعد لمعركة طويلة الأمد، رغم حجم الضربات التي تلقاها.

من جانبها، تستمر إسرائيل في قصف بنك أهدافها الواسع وتصادق يوميا على أهداف جديدة دون تحقيق هدفها المعلن وهو إيقاف جبهة الإسناد. لذلك، من المتوقع أن تستمر الضربات الإسرائيلية بالتصاعد في الكثافة والمدى، كما يتوقع أن يواصل حزب الله تقديم الجديد بشكل يعتبره متناسبا.

يتم تداول مقترح لوقف إطلاق نار لمدة شهر، لتمهيد الطريق لتطبيق القرار 1701 على لبنان دون أن تكون غزة خارج الإتفاق. ومع ذلك، من غير المرجح نجاح هذه الجولة من المفاوضات بسبب تمسك الأطراف بمواقفهم وصلابتهم على الأرض.

المشهد الحالي لا يدعو للتفاؤل، واحتمال العملية البرية انطلاقا من الجولان واردة خاصة إذا تعذر الحل السياسي، ما قد يدفع نتنياهو إلى محاولة مقايضة الأرض باتفاق.

كل ذلك يمكن تلخيصه بأن الحديث اليوم هو للميدان، حيث تستمر لعبة عض الأصابع بين حزب الله وإسرائيل على قاعدة الحياة أو الموت.

** باحث لبناني

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: على لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

حزب الله كان يستعدّ لـغزو إسرائيل.. اكتشفوا آخر تقرير!

نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدثت فيه مع الباحثة في معهد "ألما" الإسرائيلي للدراسات الأمنية ساريت زهافي عن وضع "حزب الله" في لبنان لاسيما في ظل استمرار الهدنة.   وشرحت زهافي حقيقة قدرات "حزب الله" الحالية وأهمية إظهار الصمود في هذا الوقت، وذكرت في التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" أنَّه حينما اقترب وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل من نهايته أواخر شهر كانون الثاني، دعا الحزب أعضاءه للعودة إلى جنوب لبنان".   وذكرت زهافي أنَّ الحزب كان يستعدّ لـ"غزو إسرائيل"، موضحة أنه "خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، أطلق حزب الله ما بين 100 إلى 200 صاروخ كل يوم على شمال إسرائيل. في المُقابل، فقد سحبت القوات الإسرائيلية وضمن الكيلومترات القليلة التي تحرّكت فيها داخل جنوب لبنان، أطناناً من الذخائر التي كانت مُعدَّة لغزو حزب الله لإسرائيل".   وأكملت: "لقد نجح وقف إطلاق النار في إنهاء القتال، ولكن في حين غادرت معظم قوات الجيش الإسرائيلي لبنان بالفعل، إلا أن بعضها بقي في لبنان محاولاً منع حزب الله من العودة إلى جنوب لبنان ، الأمر الذي تسبب في حدوث احتكاكات".   وأشار زهافي إلى أن "هذا استفزاز مخطط له جيداً من قبل حزب الله لدعوة شعبه للعودة إلى مدن وقرى جنوب لبنان".   كذلك، أشارت زهافي إلى أنَّ "الاتفاق كان ينص على أن الجيش الإسرائيلي سينسحب من لبنان في غضون 60 يوماً ، وأن تبدأ القوات المسلحة اللبنانية في تنفيذ عملية نزع سلاح حزب الله داخل تلك المناطق. هذا يعني أنه لا يوجد موعد نهائي لنزع سلاح حزب الله في جنوب لبنان، بل هناك موعد نهائي فقط لانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وهذا ليس اتفاقاً متوازناً".   وأوضحت زهافي أنه "كان من الممكن إحداث تغيير في لبنان"، مشيرة إلى أنه "لا يمكن للحكومة الجديدة أن تضمّ حزب الله بعد الآن، وهذا شرط أساسي لإحداث التغيير"، وأردفت: "أما الخطوة التالية فهي إيجاد طريقة لوقف تدفق الأموال إلى حزب الله، وهو أمر يعتقد زهافي أنه ممكن. إنَّ بنوك حزب الله لا تزال نشطة وغير قانونية في لبنان، وهذا يجب أن يتوقف".   وأكملت: "أخيراً، هناك إيجاد طريقة لوقف التدخل الإيراني في لبنان. علينا التأكد من عدم وجود تدخل إيراني في لبنان، ومن عدم إرسال الإيرانيين أموالاً أو مساعدات عسكرية. وعلاوة على ذلك، فإن القيادة الجديدة في لبنان والولايات المتحدة فتحت الباب بقوة لإحداث التغيير. بإمكاننا تحسين الشروط والضغط على لبنان لتنفيذ الاتفاق. بوسعنا أن نفعل ذلك. بوسعنا أن نفعل شيئاً أفضل".   لكن زهافي حذرت من أن كل هذا لن يؤدي فعلياً إلى التخلص من حزب الله، وأن هذا لم يكن أحد أهداف هجوم الجيش الإسرائيلي، وقالت إن "حزب الله لن يختفي بشكل كامل".   وأوضحت زهافي أن "كل ما تستطيع إسرائيل فعله هو خلق خطوط حمراء لمنع حزب الله من تجاوزها، مما يسمح بعودة الهدوء إلى شمال إسرائيل"، وقالت: "ولحسن الحظ، ورغم أن حزب الله لم يختف، فإن قدرته على تنفيذ عمليات كبرى في الشمال قد تضاءلت، رغم أنه لا يزال يمتلك صواريخ ويمكنه إطلاق نحو 100 صاروخ يومياً على الشمال. ولكن نظراً لأن القدرات قد تضاءلت، فقد أكدت المنظمة على أهمية عودة السكان إلى ديارهم في الشمال".   وختمت: "ما أراد حزب الله أن يظهره هو أن سكان جنوب لبنان يعودون. إنهم صامدون. ونحن أيضاً صامدون للغاية. ويتعين علينا أن نظهر للبنانيين أننا عائدون، وأننا لن نتخلى عن الشمال". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • حزب الله كان يستعدّ لـغزو إسرائيل.. اكتشفوا آخر تقرير!
  • المتحدث باسم نتنياهو يحدد "أهم أهداف" إسرائيل
  • المتحدث باسم نتنياهو يحدد "أهم أهداف" إسرائيل
  • الرئيس اللبناني يشدد على ضرورة إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال الحرب
  • وزير المالية الإسرائيلي: نتنياهو وترامب ملتزمان بعزل حماس من حكم غزة
  • استطلاع: غالبية عظمى في إسرائيل تعتقد أن أهداف الحرب لم تتحقق
  • إسرائيل تضرب أهدافًا لحزب الله.. وتقدّم شكوى ضد إيران لمواصلة تمويلها الجماعة
  • سلاح الجو الإسرائيلي يقصف أهدافا لحزب الله في البقاع
  • هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟ 
  • هل يصمد وقف النار بين إسرائيل وحزب الله؟