حذَّرت دار الإفتاء المصرية من المشاركة في ترويج الشائعات دون تحقق أو تثبُّت، مشيرة إلى أن نصوص الشرع الشريف تؤكد على حرمة ذلك، لما فيه من المعاونة على نشر الكذب، وبث الفزع بين الناس، والتأثير السلبي على المجتمع.

وشددت دار الإفتاء - في بيان لها اليوم الخميس - على ضرورة تجفيف منابع الشائعات بعدم تناقلها بمجرد سماعها أو رؤيتها، حيث حذَّر رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم من أن يتحدث المرء بكلِّ ما سمع، فقال عليه الصلاة والسلام: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»، كما أن القرآن الكريم قد دعا إلى التحقق والتثبُّت من الأخبار والأقوال، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6].

ونبهَّت دار الإفتاء المصرية إلى أن ترويج الشائعات يندرج تحت "القيل والقال"، وقد حذَّر منهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ».

وحذَّرت الدار من خطورة ترويج الشائعات بغرض إحداث البلبلة في الوطن، ونشر الاضطراب والتأثير السلبي على السلم المجتمعي، لأنه يُعدُّ من "الإرجاف" وهو من كبائر الذنوب، حيث لعن الله تعالى أهل الإرجاف وتوعدهم بالعقاب أينما كانوا، فقال تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ [الأحزاب: 60-61].

وأوضحت أن التثبُّت من الأخبار يكون بالرجوع إلى أولي الأمر وأهل العلم والخبرة، وهذا ما أرشدنا الله تعالى بقوله: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 83]، فأمرنا الله عزَّ وجلَّ برد الأمور في السراء والضراء إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإلى أولي الأمر والتخصص الذين أقامهم الله تعالى في معرفة خباياها وسبر خفاياها قبل إذاعتها والتكلم فيها، حتى يكون الكلام عن حقيقة، والإذاعة عن بينة، والنقل عن تثبُّت وتحقق.

وأهابت دار الإفتاء بالناس جميعًا التحققَ من الأخبار قبل نشرها وإذاعتها، وضرورة الوعي بما يقصده مروجو الشائعات حتى لا يقع الإنسان في محظور شرعي.

اقرأ أيضاًدار الإفتاء تحث المسلمين على الإبلاغ عن قنوات قراءة القرآن المصحوبة بالموسيقى

دار الإفتاء: لا مانع شرعا من التعامل في البورصة بشراء وبيع أسهم الشركات

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: دار الإفتاء المجتمع الشائعات الإفتاء المصرية ترویج الشائعات ت دار الإفتاء الله ع

إقرأ أيضاً:

لـمـاذا أنـا هـنـا؟

هل تشعر بأنك تعيش في الحياة بلا رؤية أو هدف؟ أو لديك أهداف لكنّك لا تدري ما إذا كانت مرتبطة بالمعنى والغرض من حياتك أم لا؟ ونحن نعيش في هذه الحياة الدنيا، نرى بها دخولا وخروجا، فتارة نستقبل ضيوفا، وتارة نودّع أحبابا. ما حقيقة وجودنا في هذه الحياة؟ وما الغاية منها؟ وكيف نصل إليها؟

الزمن يمضي بوتيرة سريعة والعمر يقترب من النهاية.. والحياة رحلة طالت أم قصرت.. المهم كيف حالي في هذه الرحلة؟ ما المعنى والغرض من حياتي؟ وهل بوصلة حياتي تسير في الاتجاه الصحيح أم منحرفة عنه؟ وإلى أين؟ أسئلة عظيمة وحساسة..

تفكرت في هذا الكون العظيم فوجدت آيات عظيمة في الآفاق... تقلب الليل والنهار -سبحان الله- وكل هذا في مصلحة حياة الإنسان.. وتفكرت في نفسي فوجدت العجب العجاب من هذا القلب الذي لا ينقطع نبضه، ومن هذا المخ الذي احتار العلماء في تعقيده بالرغم من وزنه البسيط، إلا إنه يحتوي على خلايا عديدة جدا يصعب على الإنسان تخيله... وغيرها من الآيات العجيبة في تركيبة هذا الإنسان وفي سائر مخلوقات الكون. قال تعالى: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» سورة فصلت 35.

وتفكرت في جميع المخلوقات ولم أرَ مخلوقا آخر مُكّرما عن هذا الإنسان الذي أكرمه ربُ العِزة والجلال عن سائر الخلق بكرامات عديدة منها التنقل باختياره بين البر والبحر والجو، والأكل والشرب بما تشتهيه النفس، وكثير من النِعم الظاهرة والباطنة. قال تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا» سورة الإسراء 70.

وتفكرت في الحيوانات صغيرة الحجم والكبيرة التي ذلّلها الله للإنسان ليستفيد من لحومها وركوبها. قال تعالى: «وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ» سورة يس 72.

سبحان الخالق العظيم الذي أبدع صنع هذه المخلوقات العظيمة! إنه حقا الخالق البديع العظيم المصور الشهيد القوي القادر، له صفات وأسماء عظيمة وعديدة ولا يشبهه أحد.

هنا تيقنت بأن الإنسان هو المخلوق الوحيد المكرم عن سائر المخلوقات، وتيقنت أن كل ما في السموات والأرض سخرها الله سبحانه وتعالى في مصلحة حياة هذا الإنسان. المهم إنني وصلت إلى قناعة ويقين بأن كل هذا التكريم وراءه تكليف عظيم. قال تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» سورة الذاريات 56.

إنها العبادة... وقال تعالى: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة....» سورة البقرة 30.

إنها الخلافة وعِمارة الأرض..واضح أن الله لم يخلقنا عبثا... التكريم مقابل التكليف والله المستعان. قال تعالى: «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ» سورة المؤمنون 155. قال تعالى: « أَيَحْسَبُ الإنسانُ أن يُترَكَ سُدى» سورة القيامة 36.

إذا لزم علينا أن نتعرف على مهامنا ورسالتنا في الحياة بشيء من التفصيل من أجل نيل رضا الله سبحانه وتعالى، والفوز بالجنة والنجاة من النار - حيث الغاية العظيمة- مستعينين بالله ومنه وحده التوفيق والسداد، واتخاذ خطوات أو مراحل التخطيط الاستراتيجي الشخصي كسبيل للعيش وفق المعنى والغرض من الحياة، والوصول إلى الغاية العظيمة بإذن الله تعالى:

أولا: التشخيص الذاتي«أين أنا الآن؟» اكتشف ذاتي من مواهب وقدرات، نقاط قوة وضعف، الفرص المتاحة، المخاطر المواجهة؛ لأتمكن من معرفة موقفي الحالي من مهمتي ورسالة حياتي.

ثانيا: التهديف «ماذا أريد؟» أين أرى نفسي بعد مدة زمنية من الآن.... أحدد أحلامي وأحولها إلى رؤية وأهداف قابلة للتحقيق وإلا ستبقى أحلاما في الخيال.

ثالثا: تنفيذ خطة الأهداف «كيف أصل إلى ما أريد؟» أحدد المهام المساندة في تحقيق أهدافي الاستراتيجية وأشرع في تنفيذها باتخاذ الأسباب، مستعينا بالله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد.

رابعا: التقييم والمراجعة للخطة «هل وصلت إلى ما أريد؟» تقييم الأداء بصفة دورية، ومراجعة التحديات إن وجدت.

بهذه الخطوات أكون قد أكملت تنفيذ خطة أهدافي. ويمكنني أن أرسم خطة جديدة أكثر إلهاما وتحديا لصنع نجاح أكبر. وإلى لقاء في المقالات القادمة حول المراحل السالف ذكرها.

مقالات مشابهة

  • هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم تصرف ذوي الهمم في أموالهم وأمور الحياة مع من يرعاهم
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • حكم السرقات والتعديات على مياه الشرب والصرف الصحي
  • حكم تأجيل العمل وقت الدوام ليكون إضافيًّا.. الإفتاء توضح
  • الحبس والغرامة عقوبة ترويج الشائعات.. بعد تداول منشور خطف الأطفال
  • الإفتاء: اجتزاء الكلام على السوشيال ميديا يُعتبر شهادة زور
  • لـمـاذا أنـا هـنـا؟
  • معنى الأهلة قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ﴾
  • أمين الفتوى يوضح حكم قراءة سورة الناس في الركعة الأولى من الصلاة