قبل بدء مراجعة صندوق النقد الرابعة على مصر.. ماذا قالت رئيسة البعثة عن الاقتصاد؟
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
تترقب مصر بدءبعثة صندوق النقد الدولي إجراء مراجعتها الرابعة على اقتصاد مصر، للإفراج عن شريحة جديدة بقيمة 1.3 مليار دولار في إطار ترتيبات قرض الصندوق الموسع بحجم 8 مليارات دولار، لدعم جهود التعافي الاقتصادي في البلاد.
وذكر تقرير المراجعة الثالثة لبعثة صندوق النقد في يوليو الماضي أنه من المقرر أن تبدأ البعثة إجراءات المراجعة الرابعة على مصر خلال الربع الاخير من هذا العام.
صرفت مصر شريحتها الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي والبالغة 820 مليون دولار في يوليو الماضي، بعدما جرى رفع القيمة التمويلية للقرض من 5 مليارات إلى 8 مليارات دولار في مارس الماضي.
صندوق النقد الدوليوقالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إيفانا فلادكوفا هولار: إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معروفة بمواردها الطبيعية إلى جانب النفط، لكن مصر مختلفة بعض الشيء بما لديها من السياحة وقدر كبير من الزراعة، كما لديها إمكانات نمو هائلة، تأتي أيضًا من تمتعها بكثافة سكانية شبابية عالية وسريعة النمو، وهي من الاستراتيجيات الرئيسية التي يجب أن يجرى تسخير إمكاناتها والتركيز على بناء رأس المال البشري، إلى جانب توفير نوع التعليم والمهارات والمعرفة التي من شأنها أن تسمح لهذا الحجم الضخم بالمساهمة في النمو الاقتصادي في مصر.
وأضافت "هولار" أن الجانب الآخر لتسخير إمكانات النمو هذه هو خلق فرص عمل عالية الجودة، وأعتقد أن هناك شيئًا واحدًا يستحق الذكر باعتباره سمة بارزة لنموذج النمو في مصر، وخاصة في السنوات الأخيرة، وهو القيادة حيث لعبت الدولة دورًا في العديد من القطاعات الاقتصادية، الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، والتي كانت جزءًا من تعزيز النمو، كما أن هناك جانبًا أدركته السلطات المصرية نفسها وهو إخراج الدولة من النشاط الاقتصادي.
وأضافت في بودكاست منشور على الموقع الإلكتروني لـ "صندوق النقد"، أدركت مصر أهمية إفساح المجال للقطاع الخاص ما دعا القيادة لوضع وثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي تحدد فيها خططها لسحب الدولة من القطاعات غير الاستراتيجية والسماح للقطاع الخاص بالتدخل، وخلق هذه الوظائف.
وفي الوقت نفسه، فإن الطموح في استخدام الموارد العامة هو محاولة لتحسين المالية العامة بحيث يتم توفير مساحة لإنفاق المزيد على التعليم، والصحة، الأمر الذي سيساعد في تعزيز رأس المال البشري.
وتابعت، أن قضية السماح للقطاع الخاص بالتنفس والنمو وخلق فرص العمل والنشاط الاقتصادي وخلق المنتجات تشكل أهمية حتى في سياق قطاع التجارة، فجزء كبير من التجارة في مصر يتمثل في الصادرات، وتتركز هذه الصادرات في قطاعات النفط والزراعة والمعادن.. والواقع أن الكثير من التعقيدات التجارية، وتعقيد المنتجات، منخفضة للغاية لأننا نتحدث عن مواد أولية، ومن ثم فإن إحدى الطرق لزيادة تعقيد الاقتصاد وجودة الوظائف هي محاولة إشراك القطاع الخاص، بما في ذلك من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر، وهي الطريقة التي يمكن بها الحصول على بعض هذه الدفعة السريعة للمعرفة التكنولوجية أيضاً، لتطوير منتجات تصديرية أكثر تطوراً، ويعد هذا جزء من الاستراتيجية الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال وإعطاء القطاع الخاص القدرة على التنفس.
صندوق النقد الدولي والسياحة في مصر
وأشارت إلى أن الخبراء توقعوا تأثر السياحة في مصر بالصراع في غزة حيث شهدت الأيام الأولى من شهر أكتوبر العام الماضي بعض الانخفاضات في الحجوزات المستقبلية، ولكن في الواقع كانت السياحة مرنة للغاية، وخاصة لأن السياحة تبدو وكأنها تستجيب إلى حد كبير للقدرة التنافسية لحزمة السياحة، وقالت: مع الانخفاض الكبير في قيمة الجنيه المصري، فقد أدى ذلك في الواقع إلى زيادة كبيرة في أحجام السياحة، لذا فإن السياحة كانت تسير على ما يرام كما كانت في العام الماضي، كما أنها ما تزال صامدة هذا العام، لذا فقد ثبت أنها لم تكن قناة مهمة لنقل الصدمة، ولكن ما كان قناة انتقال حاسمة إلى حد ما لتأثير الصراع في غزة هو الاضطراب في منطقة البحر الأحمر.
قناة السويس
وأتمت، أن إعادة توجيه طرق الشحن بعيدًا عن قناة السويس كان في الواقع التأثير الأكثر أهمية على مصر، كما له تأثير واضح على الشحن العالمي، سواء من حيث المدة التي يستغرقها نقل البضائع الآن بعد ابتعادها عن قناة السويس، أو من حيث تكلفة الشحن، فهناك تأثير إقليمي وعالمي لذلك، ولكن التأثيرات على مصر كانت عالية، نظرًا لأن قناة السويس تساهم بشكل مهم في تدفقات النقد الأجنبي إلى الاقتصاد المصري.
وقالت رئيسة بعثة الصندوق في مصر: إن تنفيذ السياسات الحازمة من شأنه أن يعيد الثقة الداخلية والخارجية خاصة وأن الصراع في غزة هو واحد من الصدمات الخارجية المتعاقبة التي واجهتها مصر ودول أخرى، كما أن الحرب في أوكرانيا هي مثال آخر على صدمة خارجية كبيرة حدثت قبل بضعة أشهر، ولكن لا يوجد بديل للسياسات الجيدة، وبالمعنى الذي يتعين علينا القيام به هو تصحيح الاختلالات الاقتصادية وكذلك التشكيك قليلاً في آلام التعديل، وجلب التمويل الإضافي، وهنا يتدخل صندوق النقد الدولي من خلال برامجه، كما يتدخل الشركاء الرسميون الذين يقدمون الدعم الرسمي والدعم الثنائي، بما يساهم في الحصول على تمويل متعدد الأطراف ورسمي يحل قليلاً محل نقص التمويل من القطاع الخاص وللسماح للسلطات ببعض المساحة لتصحيح السياسات.
رئيسة بعثة صندوق النقد في مصر: نحن الآن نتحدث عن انخفاض التضخم في مصر إلى جانب توافر النقد الأجنبي
وأضافت، "شهدنا اضطراباً كبيراً في النشاط الاقتصادي، وتدهوراً كبيراً في بعض المؤشرات لكننا الآن نتحدث عن انخفاض التضخم في مصر إلى جانب توافر النقد الأجنبي، وبالتالي فإن الجهود التي بذلتها السلطات حتى الآن نجحت في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.. ورغم أن التحديات لا تزال قائمة، فإنني أعتقد أن الشعب المصري يستطيع أن يتطلع إلى رؤية تحسن في النشاط الاقتصادي، وتحسن في توافر النقد الأجنبي، وتحسن في التضخم، وبدء التضخم في الانخفاض، ونحن نرى بعض هذه الأمور تحدث بالفعل، ولكن الآن هناك مهمة كبيرة تنتظرنا، وهي التحول الاقتصادي، فالنوع الخاص من البرامج المعمول به في مصر ليس في الواقع برنامجاً للاستقرار فقط أنما برنامجا للإصلاح الهيكلي".
مشروع رأس الحكمة والاحتياطيات الدولية في مصر
وتابعت، "إننا نستهدف الإصلاح، ونساعد السلطات في تنفيذه ومراقبته، ومن المهم أن يكون لدينا وسيلة لقياس التقدم، وهذه واحدة من المحادثات التالية حول كيفية مراقبتنا لهذا الأمر بشفافية على مدى ما تبقى من البرنامج.. إن مصر متحمسة للغاية لهذا المشروع التنموي الضخم على ساحلها الشمالي، مشروع رأس الحكمة، كما يُعرف، وهو أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر، وأعتقد أن الرقم يبلغ 35 مليار دولار في هذه المرحلة فقط، ويعد المشروع بجذب ملايين السياح، كما سيوفر منطقة اقتصادية حرة لصناعة تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن المدارس والمستشفيات، كما أن أحد الفوائد المباشرة جاءت عبر ضخ كميات كبيرة من سيولة النقد الأجنبي على الفور في وقت كان يشكل قيداً كبيراً على مصر".
وأكملت، " وبالتالي فإن هذا، إلى جانب الإجراءات السياسية التي اتخذتها السلطات، إلى جانب زيادة برنامج صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى حزمة أكبر من الدعم الدولي، أدى بالتأكيد إلى تغيير التوقعات بسرعة كبيرة جدًا من منظور سيولة النقد الأجنبي."
وأشارت إلى أن قيام مصر بأخذ السيولة ووضعها في الاحتياطيات لتوفير التدفقات كان خطوة حكيمة للغاية، وقالت: كان التحدي الآخر الذي واجهته السلطات يتعلق بتكلفة خدمة الدين، وبالتالي، تم استخدام نسبة كبيرة من هذه الموارد أيضًا لتقليص الديون باهظة الثمن لتقليل تكلفة خدمة الدين، لذا فمن كلا الجانبين، على الجانب الخارجي وعلى جانب الديون، كانت السلطات حكيمة في تخصيص نسبة كبيرة من هذه الموارد لتعزيز احتياطياتها.. وفي المستقبل، بطبيعة الحال، بالطريقة التي أفهمها من السلطات نفسها، كان تطوير منطقة رأس الحكمة دائمًا جزءًا من استراتيجية أوسع للتنمية الحضرية، لقد كان ذلك جزءًا من رؤية استراتيجية لعام 2052، حيث كانت منطقة رأس الحكمة هي التالية في خط التنمية الحضرية للطبيعة التي وصفتها، وهي كذلك بالفعل".
هولار: "إننا نخطط لتنفيذ هذا المشروع، ونتوقع أن يتم تنفيذه في الأمد القريب، بما في ذلك تعزيز القدرة الاستيعابية وقطاع السياحة، بل ووضع كل منهما في مكانة أفضل كوجهة سياحية، وخاصة إلى جانب الساحل الشمالي، وبالتالي، إذا تم تنفيذه بشكل جيد، فسوف يكون له تأثير في تعزيز النمو، وبشكل خاص تعزيز السياحة، وعائدات السياحة والأنشطة المرتبطة بالسياحة، ونأمل أن تنتقل إلى الاقتصاد الأوسع مع قدوم السياح".
السياسة النقدية
وأنهت، "إننا بحاجة إلى التأكد من أن السياسة النقدية والمالية تركزان في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وخاصة فيما يتعلق بالتضخم، بما في ذلك من خلال بناء القدرة على أن تكون بنكًا مركزيًا يمكنه تبني نظام استهداف التضخم، وهو تحول من سعر الصرف الثابت إلى حد ما في الماضي، والتأكد من أن السياسة المالية تركز على إدخال الديون من أجل الحد من تعرض الاقتصاد المصري للصدمات، ولكن أيضًا في نفس الوقت جلب إيرادات إضافية وخلق مساحة للإنفاق الإنتاجي، لقد تحدثنا عن الحاجة إلى تعزيز الإنفاق على رأس المال البشري، سواء من حيث التعليم أو الصحة، لذا فإن السياسات المستقبلية، على الأقل على المستوى الكلي، سوف تركز على هذه القضية الخاصة، كما أن هناك أجندة الإصلاح الأساسية وكل هذه العناصر هي جزء من برنامج الإصلاح الذي تتبناه السلطات وبرنامج صندوق النقد الدولي، والذي يهدف دائمًا إلى دعم جهود السلطات في تحقيق أهدافها لتحقيق الاستقرار".
اقرأ أيضاً«مدبولي»: مصر نجحت في سياستها النقدية وصندوق النقد أشاد بالاقتصاد
صندوق النقد الدولي يتوقع زيادة صافي الاحتياطيات الأجنبية لمصر لـ 50.6 مليار دولار
صندوق النقد: 150 مليار دولار استثمارات متوقعه في رأس الحكمة خلال 30 عاما
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصر قناة السويس صندوق النقد صندوق النقد الدولي قرض مصر قرض صندوق النقد الدولي لمصر صندوق النقد الدولي ومصر مشروع رأس الحكمة صندوق النقد الدولی النقد الأجنبی قناة السویس ملیار دولار رأس الحکمة فی الواقع دولار فی إلى جانب على مصر جانب ا کما أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
موريتانيا تحصل على قرض من صندوق النقد.. واتفاق مع الاتحاد الأوروبي
أعلن صندوق النقد الدولي، الموافقة على تقديم قرض لدولة موريتانيا بقيمة 47.4 مليون دولار، متوقعا تباطؤ نمو اقتصاد البلاد إلى نحو 4.6 بالمئة في 2024.
وقال صندوق النقد في بيان، إنه وافق على صرف دفعة فورية تعادل 36.16 مليون وحدة سحب خاصة (تعادل 47.4 مليون دولار) لموريتانيا.
وأشار إلى أن الاقتصاد الموريتاني حافظ على صلابته، "وإن كان يُتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي إلى حوالي 4.6 بالمئة في عام 2024".
وأوضح أنه "سيتسنى دعم النمو الشامل بقيادة القطاع الخاص، من خلال تعزيز تعبئة الإيرادات وتعزيز الرقابة المصرفية، ودعم تنفيذ خطة عمل الحكومة لتعزيز الحكامة".
ولفت الصندوق إلى أن "جهود الإصلاح وسلامة إدارة الاقتصاد الكلي في موريتانيا ساعدت على استمرارية القدرة على تحمل الدين ودعم الصلابة في مواجهة الصدمات، مع إتاحة الحيز اللازم في السياسات لتلبية احتياجات الإنفاق الملحة على البنية التحتية والقطاع الاجتماعي".
ويعيش تحت خط الفقر نحو 31 بالمئة من سكان موريتانيا البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، وفق بيانات رسمية.
ويصنف البنك الدولي موريتانيا ضمن "الدول الأقل تطورا"، حيث تحتل المرتبة 160 من أصل 189 دولة، حسب الترتيب العام المعتمد على مؤشر النمو البشري.
اتفاق مع الاتحاد الأوروبي
وفي سياق آخر، وقعت موريتانيا والاتحاد الأوروبي اتفاقا يقدم بموجبه الأخير 100 مليون يورو، من أجل تعزيز التنمية ومكافحة الهجرة غير النظامية.
جاء ذلك خلال لقاء في العاصمة نواكشوط بين وزير الاقتصاد والمالية سيدي أحمد ولد ابوه، ومفوض الشراكات الدولية بالاتحاد الأوروبي جوزيف سيكيلا، وفق وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية.
وقالت الوكالة إن الجانبين وقعا اتفاقا يقدم من خلاله الاتحاد الأوروبي 100 مليون يورو لصالح موريتانيا.
ونقل البيان عن الوزير الموريتاني قوله، إن الاتفاقية مخصصة لدعم التنمية وتعزيز التماسك الاجتماعي والاستقرار، من خلال التركيز على النمو الاقتصادي، وتعزيز الواقع الصحي، ومعالجة أسباب الهجرة.
وأكد أن الاتفاق يهدف إلى دعم قدرات الجهات المعنية بمكافحة الهجرة غير النظامية، وحماية الحقوق الأساسية للاجئين والمهاجرين.
واعتبر أن "تمرير هذا الدعم الأول من نوعه عبر ميزانية الدولة، يترجم مستوى الثقة التي باتت تحظى بها الآليات الوطنية".
بدوره، قال مفوض الشراكات الدولية بالاتحاد الأوروبي، إن التمويل سيركز على تطوير الهيدروجين الأخضر، بوصفه محركا للنمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل، وفتح الآفاق أمام موريتانيا والمستثمرين الأوروبيين، ودعم كل ما من شأنه الحد من الهجرة، وفق المصدر نفسه.
وأضاف سيكيلا أن "التمويل يعكس سرعة الاتحاد الأوروبي في الوفاء بوعوده لموريتانيا".
وتزايد الاهتمام الأوروبي بموريتانيا في الفترة الأخيرة، وسط توتر العلاقة بين عدد من دول الساحل الإفريقي والدول الغربية.
وتعد موريتانيا معبرا رئيسيا للمهاجرين الأفارقة، إذ تحولت مدينة نواذيبو (شمال غرب)، خلال السنوات الأخيرة، إلى وجهة مفضلة للمهاجرين الأفارقة غير النظاميين الراغبين في العبور إلى أوروبا.