إسرائيل تضرب الضاحية مجددا.. وتستهدف قياديا كبيرا في حزب الله
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
شن الطيران الإسرائيلي غارة جديدة على الضاحية الجنوبية لبيروت، الخميس، حيث استهدف مبنى سكنياً في حي القائم بمنطقة الجاموس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي شن "ضربات دقيقة في بيروت"، في حين أفاد مصدر مقرب من حزب الله بأن الغارة استهدفت قيادياً في الحزب.
وقال مصدر أمني لرويترز إن إسرائيل استهدفت قياديا كبيرا في حزب الله في الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت بعد ظهر اليوم الخميس.
وقتل الجيش الإسرائيلي خلال الأسبوع الأخير قيادات بارزة في حزب الله في استهداف مباشر لهم في الضاحية الجنوبية.
وقبل التصعيد العسكري الكبير بين حزب الله وإسرائيل الذي بدأ يوم الاثنين، لم تكن الضربات الإسرائيلية تقتصر على مراكز حزب الله وبنيته التحتية، بل تجاوزتها لتشمل عمليات اغتيال لقادته في لبنان وسوريا.
وتدحرجت كرة النار بين حزب الله وإسرائيل منذ يوم الاثنين الماضي، لتحرق معها كل قواعد الاشتباك التي كانت سائدة بين الطرفين. فقد أصبح جنوب لبنان وبقاعه تحت مرمى الغارات الجوية الإسرائيلية الكثيفة، في حين وسّع حزب الله نطاق ضرباته الصاروخية إلى حيفا وصفد وعكا، وصولاً إلى تل أبيب.
وتتزايد المخاوف من أن التصعيد المتبادل بين حزب الله وإسرائيل قد يكون مجرد بداية لـ"حلبات" صراع أشد عنفاً، حيث تسعى إسرائيل إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية بفصل جبهة لبنان عن غزة، وإبعاد حزب الله عن الحدود الجنوبية إلى ما وراء نهر الليطاني، وذلك لضمان عودة سكان المناطق الشمالية الإسرائيلية بأمان، وفي المقابل، يتمسك حزب الله بقراره عدم فصل جبهة جنوب لبنان عن غزة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
مجددا.. إسرائيل هي العدو الأكبر والأخطر لسوريا
يمثل الوقت معيارا أساسيا في تقييم التحليل السياسي وتقدير الموقف واستشراف المستقبل، فمع مرور الوقت تتهاوى بعض التقديرات ويظهر تهافتها وعدم صحتها، بينما تتأكد دقة أخرى وصوابها. وأحد أهم التقديرات المتعلقة بالمنطقة التي تعمقت في الآونة الأخيرة هو أن "إسرائيل" تمثل العدو الأكبر والمتربص الأخطر والمستهدِف المباشر لسوريا الدولة والشعب.
كانت دولة الاحتلال استغلت الساعات الأولى لسقوط نظام الأسد، بل ما قبل ذلك، لفرض أمر واقع جديد، فأعلنت إلغاء اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وتوغلت داخل المنطقة العازلة، ونفذت ما عدّته "أكبر عملية جوية" في تاريخها بعشرات الغارات ضد أهداف دفاعية واستراتيجية سورية.
حينها ردد البعض بأن دولة الاحتلال "شعرت بالقلق" للتغير الكبير في سوريا، وحاولت تأمين نفسها قدر الإمكان، مقللين من حجم التهديد الذي تمثله على "سوريا الجديدة"، ومستبعدين أن يكون لها أطماع في سوريا وإنما بعض الأهداف المرتبطة بإيران وحزب الله و"المحور" عموما. وكتبنا حينها أن ذلك غير صحيح فضلا عن أن يكون دقيقا، وأن دولة الاحتلال هي المهدد الأكبر لسوريا بعد تغيير النظام، ودللنا على ذلك بأدبيات الحركة الصهيونية وسنوات التأسيس في "دولة إسرائيل".
تسعى لسوريا مفككة ومقسمة، وتريد استمرار عدم الاستقرار في سوريا، لتبقى ضعيفة وتشعر بالتهديد المستمر، ما قد يدفعها للتفكير بالتطبيع معها، أو الشروع في مفاوضات لإبرام تفاهمات جديدة غير اتفاق فض الاشتباك المشار له (مما قد يوصل للتطبيع أو غير ذلك)، أو يدفعها لسياسات وتوجهات لا تُقلق دولة الاحتلال ولا تشكل لها أي تهديد بل ربما تسير في طريق "طمأنتها" فعليا، فضلا عن أنها -أي "إسرائيل"- تريد الإبقاء على تواجدها العسكري المستجد في سوريا
ما فات مَنْ قللوا من الخطر "الإسرائيلي" على سوريا متغيران كبيران؛ الأول الزلزال السوري الذي غيّر الكثير في توازنات المنطقة وفي نظر مختلف الأطراف لسوريا نفسها، وفي مقدمة هؤلاء "إسرائيل" التي ركزت هجومها بعد سقوط النظام على القيادة الجديدة وحرّضت عليها من باب أنها "شخصيات جهادية تقود حركة إرهابية".
وأما المتغير الثاني والأهم فهو الاستراتيجية الأمنية لدولة الاحتلال التي تعرضت لضربة قاصمة هزت جميع أركانها يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ثم أعادت الأخيرة تصميمها لتواجه وتقوض أي تهديدات محتملة (وليس قائمة) ولو على المدى البعيد، حتى ولو جاءت من أطراف لا تعلن العداء لها أو تهددها تصريحا ولا تلميحا، والقضاء على عناصر القوة في دول الجوار ولو لم تشكل تهديدا اليوم أو في المستقبل القريب، والتويل على إنشاء مناطق عازلة وآمنة، والتواجد العسكري والأمني المباشر خارج الحدود كما يحصل في لبنان وسوريا.
لا تحتاج "إسرائيل" هنا لأن تعلن عن أهدافها من الضغط على سوريا عسكريا وأمنيا بهذا الأسلوب وهذه الدرجة، فهي تسعى لعدة أهداف أيَّها تصل إليه أولا وربما لأكثر من هدف معا إن أمكن. إذ تسعى لسوريا مفككة ومقسمة، وتريد استمرار عدم الاستقرار في سوريا، لتبقى ضعيفة وتشعر بالتهديد المستمر، ما قد يدفعها للتفكير بالتطبيع معها، أو الشروع في مفاوضات لإبرام تفاهمات جديدة غير اتفاق فض الاشتباك المشار له (مما قد يوصل للتطبيع أو غير ذلك)، أو يدفعها لسياسات وتوجهات لا تُقلق دولة الاحتلال ولا تشكل لها أي تهديد بل ربما تسير في طريق "طمأنتها" فعليا، فضلا عن أنها -أي "إسرائيل"- تريد الإبقاء على تواجدها العسكري المستجد في سوريا بما يضمن لها تفوقا عسكريا وإمكانات تجسسية على كل من سوريا ولبنان، مضافا لذلك شعور الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بأن "الجيش الإسرائيلي" قريب جدا حين يقرر في السياسة الخارجية، على ما هدد مسؤولون في دولة الاحتلال.
كان كل ذلك يكفي لأن تكون دولة الاحتلال التهديد الأكبر والخطر الأعظم على سوريا، لكن تطورات الأسابيع الماضية حملت هذا المعطى نحو مساحات جديدة أكثر تأكيدا ورسوخا وخطرا.
فبعد أن أعلنت دولة الاحتلال عن تواصلها مع قوات سوريا الديمقراطية "الكردية" في الشمال السوري وعرضها دعمها في مواجهة كل من دمشق وأنقرة، باتت تتشدق بأنها ستحمي الدروز السوريين من أي "اعتداء" عليهم. وهو ما جسدته عمليا بالتدخل عسكريا في الأحداث الأخيرة في السويداء، والذي لم تتوقف عنده -على أهميته وخطورته- وإنما حطّت مروحياتها هناك لنقل مصابين إليها للعلاج ونقل أسلحة وعتاد لبعض القيادات الدرزية هناك، وفق بعض التقارير.
بهذا المعنى، فدولة الاحتلال تلعب في الأحشاء الداخلية لسوريا إن جاز التعبير، وتعمل على تعميق خطوط الصدع العرقي والمذهبي التي يمكن لها إن تعمقت ولم تعالَج أن تعزز سيناريوهات التشظي والتقسيم، وتعمل على ذلك بالتدخل العسكري المباشر والتهديد بالمزيد، بما في ذلك الإشارة الواضحة باستهداف محيط القصر الرئاسي في دمشق.
ويمكن أن نضيف لما سبق أن "إسرائيل" تضغط على مسارات تحالفات دمشق في السياسة الخارجية والشؤون الدفاعية والاستراتيجية، من خلال استهداف القواعد التي أشيع بأن تركيا ستنشر فيها منظومات دفاع جوي و/أو ستتعاون فيها مع الجيش السوري تسليحا وتنسيقا وتدريبا.
في سياقات واضحة مثل هذه، من البديهي القول إن اعتماد خطاب "الطمأنة" حصرا لا يفيد، وأن الرهان على مرور الوقت وتراجع التهديد فقط لا يجدي، وأن التعويل حصرا على ضغط أمريكي/ دولي على "إسرائيل" لن يحمي سوريا منها.
وإذا كان من المفهوم أن رفع العقوبات أولوية مهمة لدمشق، إلا أن إعلان الاستعداد النظري والعملي للتجاوب مع كل متطلبات وشروط الرفع -أمريكيا- لن يؤدي لرفع العقوبات وإنما سينقل سوريا على الأغلب من حزمة شروط إلى أخرى ومن مماطلة إلى مراوغة، كما حصل حتى اللحظة. وبالتالي ستتحول مسألة رفع العقوبات مع الوقت لعملية ضغط وابتزاز مستمرة ومتزايدة باضطراد، ما يؤكد الحاجة لعناصر ضغط وحماية ودفع إضافية ومختلفة.
المطلوب من سوريا اليوم ليس دخول حرب مفتوحة لا تقوى عليها مع دولة الاحتلال، وإنما التعامل مع الأخيرة كما هي، أي بعدِّها التهديد الأكبر والأخطر والمستهدف الأول لسوريا، دولة وأرضا وشعبا ووحدة واستقرارا وأمنا، وهو ما يستوجب تاليا العمل على هذا الأساس
وإذا كان زئيف جابوتنسكي، ملهم نتنياهو وصاحب نظرية "الجدار الحديدي"، دعا سابقا لإقامة "كومونولث عبري" تكون "إسرائيل" فيه القوة الإقليمية العظمى المسيطرة لتقود "دويلات عربية ضعيفة ومقسمة على أسس إثنية ودينية وطائفية ومذهبية"، وإذا كان أرييل شارون وصف عام 1982 أمام الكنيست ما أسماه "المجال الحيوي لإسرائيل" بأنه "المنطقة التي تضم مصالحنا الاستراتيجية" بما يشمل كامل العالم العربي، فإن التوجه المستجد لـ"إسرائيل" بعد "طوفان الأقصى" يتجاوز هذا التنظير بمراحل، ويضع سوريا في عين العاصفة.
وبالتأكيد فإن المطلوب من سوريا اليوم ليس دخول حرب مفتوحة لا تقوى عليها مع دولة الاحتلال، وإنما التعامل مع الأخيرة كما هي، أي بعدِّها التهديد الأكبر والأخطر والمستهدف الأول لسوريا، دولة وأرضا وشعبا ووحدة واستقرارا وأمنا، وهو ما يستوجب تاليا العمل على هذا الأساس.
والعمل يعني تعزيز عناصر القوة والمنعة وعلاج عوامل الضعف والثغرات داخليا وخارجيا، وبناء عقيدة الدولة الاستراتيجية بما يشمل تعريف الذات والحليف والصديق والمنافس والخصم والعدو، وبناء منظومة العلاقات الخارجية بين التحالف والعداء على هذا الأساس، وفي مقدمة ذلك النظر والبحث والسعي لمن يمكن أن يسند سوريا ويدعمها في مواجهة الأطماع والاعتداءات "الإسرائيلية".
ومن البديهي أن هذه النظرة العميقة القائمة على أسس سليمة هي ما سيبني عقيدة الدولة ومنظومة علاقاتها وتحالفاتها، والتي قد لا تكون بالضرورة ذات المعادلات السابقة التي كانت قائمة أيام الثورة قبل سقوط النظام، فلكل مقام مقال كما يقال، وهو أمر يحتاج بسطه وتفصيله مساحة إضافية لا يحتملها حجم المقال الحالي على أي حال.
x.com/saidelhaj