سواليف:
2024-09-27@00:20:30 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآيتين 3 و4 من سورة الزخرف: ” إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ”.
كما يقول تعالى في الآية 55 من سورة المائدة: “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ”.


قرنت بين هذين الموضعين في كتاب الله، كمثال على ليّ أعناق الآيات الكريمة لكي توافق هوى البعض، فيوردونها كدليل شرعي على صحة ادعائهم.
لقد جاء بذلك من ابتدع قضية الولاية في الدين، وقال بأن الولاية على الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وذريته من بعده.
أول دليل على بطلان زعمهم، أن علياً وهو الأعلم منهم بالقرآن ومراداته لم يقل بذلك أبدا، بل كل ما قيل في هذا الموضوع كان بعده، وعلى أزمان متعددة.
أما الآية الرابعة من سورة الزخرف، فالواضح من السياق أن الحديث هو عن القرآن الكريم وليس عن شخص، فالهاء في إنه ضمير متصل تعود على أقرب اسم معرف سبقها، وهو هنا (قرآناً)، ولا يستقيم المعنى إلا ان كان مكانة هذا القرآن العلية عن أي كتاب سماوي آخر، والتي جميعها محفوظة في أم الكتاب أي اللوح المحفوظ .
لذلك لا يصح أبدا القول أن هذه الآية نزلت في “علي” على أنه مسجل في أم الكتاب أنه حكيم.
أما في آية سورة المائدة، فهي تحدد من هم الذين يجب أن يتولاهم المؤمنون، ولا يوالوا أحدا غيرهم عليهم، والولاية هنا هي الرعاية والعناية من قبل الولي، بدليل قوله تعالى: “اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ: [البقرة:257]، أي ان المؤمنين، ولأنهم اتخذوا الله وليا ومستعانا، فهو لا يخيب ظنهم فيه، لذا يتولاهم الله برحمته، فيهديهم الى سبيل الرشاد، فيفوزوا فوزا عظيما، ولا يتولى الكافرين بل يتركهم للطواغيت الظلمة جزاء إعراضهم عن هديه، والذين سيودوا بهم الى التهلكة.
إذا فالله هو ولي المؤمنين، لكنه في هذه الآية قرن رسوله بذاته العلية بالولاية، لأن من يتبع الرسول ويطيعه فهو مطيع لله حكما، ولأنه تعالى لم ينزل هذا القرآن مقتصرا على زمن الدعوة، فقد أضاف العلماء المخلصين في كل الأزمنة القادمة ليظلوا الهداة المرشدين للأمة، لأن العلماء ورثة الأنبياء، بالطبع ليس في النبوة، بل بالأخذ عنهم والاسترشاد بعلمهم.
الذين قالوا بأن هذه الآية نزلت في “علي” هو خوض في آيات الله بغير علم وليّ لأعناقها، فجاءوا بقصة أن عليا كان يصلي في بيته حينما جاء سائل يطلب صدقة، فمد علي يده وهو في الركوع بخاتم في أصبعه ليأخذه السائل، ولذلك لتوافق القصة قوله تعالى “وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ” .
القصة من أصلها رواية، وليست حديثا نبويا لا يناقش متنه، وما ينقضها من أساسها:
1 – ان “عليا” التقي الورع لا يقطع صلاته لدخول سائل، وليس السائل على عجلة، بل الوقت الطويل، ولا يمكن لهذا السائل أن يطلب الصدقة وهو يراه قائما يصلي، بل ينتظر دقيقة لحين تسليمه.
2- لقد ذكر تعالى “الزكاة” وليس الصدقة، وهنالك اختلاف كبير بينهما، فالزكاة فريضة واجبة الأداء في وقت محدد، ولا يمكن أن تؤجل الى حين طلبها من محتاجيها، بينما الصدقة من النوافل التي تؤدى في أي وقت، كما ان الخواتم هي حلية، وليس متوقعا من (علي) التقي الورع أن يقتني الحلي، كما أنه ليس من المعهود أن تقدم الخواتم للسائلين كصدقات.
3- لا يمكن أن يكون قصد الله تعالى (والله أعلم بمراده) بالركوع أنه ذلك الركن بالصلاة، فأداء الزكاة لا يمكن أداؤها خلال وقت الصلاة، لأن احتساب قيمة الزكاة وتوزيعها وفق الشروط الشرعية يلزمها أن يكون المرء حاضر الذهن لها متفرغا لأداء أركانها، وفي الصلاة يكون انشغال تام عن كل ما عداها وحتى لو كانت عبادة أخرى، لذلك فلا بد أن يكون الركوع هنا يعني الخضوع والإذعان.
هكذا نتوصل الى أن كلي الاستدلالين باطل، وأنه لا سند شرعي لقضية ولاية الإمام الفقيه، لأنه إلغاء لمبدأي الشورى، وأن التفاضل بين المؤمنين بالتقوى وليس بالأنساب.

مقالات ذات صلة ضرب حزب الله في لبنان هل سيُثمر في حل ما بغزة..؟ 2024/09/26

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه لا یمکن

إقرأ أيضاً:

جامع الأزهر يعقد ملتقاه للقضايا المعاصرة

عقد الجامع الأزهر ملتقى الأزهر الأسبوعي للقضايا المعاصرة تحت عنوان"التصوف الحقيقي؛ توضيح مفاهيم"، وحاضر في الملتقى؛ الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، والدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين، والدكتور مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بالقاهرة.

فوز طلاب هندسة الأزهر بالمركز الثاني على مستوى الجمهورية في مشروعات التخرج طلاب جامعة الأزهر يسهمون في دعم مبادرة رئيس الجمهورية "بناء الانسان" عبد المنعم فؤاد: المتصوف الحق هو الذي يتبع تعاليم كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ

أوضح الدكتور عبدالمنعم فؤاد، أن التصوف وقواعده ومنابعة مستمدة من الدين الحنيف، فهي مستمدة من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله ﷺ، فالمتصوف الحق هو من اتبعهما، يقول الإمام الشافعي "إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة"، فمقامات وتعاليم التصوف من الزهد والورع والتقوى وحسن الخلق والكرم إلى غير ذلك مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، أما ما نراه اليوم من تصرفات غريبة يفعلها القلة من التراقص ولبس ملابس غريبة، لا يمت إلى التصوف بشئ، فالتصوف ليس مصطلح حدثي، فقد التزم صحابة رسول الله ﷺ بكتاب الله تعالى وبسنة رسول الله ﷺ، وحين بدأت الفتوحات الإسلامية وأطلق لفظ المتصوف على أبو هاشم الكوفي عام ١٥٠هجريا، الذي التزم بتعاليم الإسلام وبدأ يترجم أخلاق الإسلام من الزهد والورع والتقوى وحسن الخلق إلى واقع ملموس مُظهِرًا فيه محاسن الإسلام، ثم بدأ بعد ذلك التصوف العلمي وأخذ الناس يتكلمون عنه بالنظريات العلمية ثم النظريات الفلسفية، وأجمع العلماء على أن التصوف مبني على كتاب الله تعالى وسنة رسول الله ﷺ.

وتابع المشرف على الأروقة: إن التصوف خلق وليس بلبس ملابس خاصة، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف، والنبي ﷺ قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا".

مجدي عبد الغفار: التصوف يسمو بالأخلاق ليرتقي بها إلى أن يكون المتصوف عبدًا ربانيا

من جانبه ذكر الدكتور مجدي عبد الغفار، أن ديننا الوسط عُهد عليه أن يربي أبناءه، فقدم التربية على التعرية والتوصيف على التشخيص، موضحًا أن التصوف المعتدل يقوم على ثلاثة أصول معهودة ومنشودة التي ذكرها الإمام سهل بن عبد الله الدُستري: اتباع النبي ﷺ في الأقوال والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في كل الأحوال، فيجب على الفرد اتباع النبي ﷺ في الأقوال والأفعال بلا ابتداع، وقيل في ملخص ماهية التصوف: هو الدخول في كل خلق سَنِي والخروج من كل خلق دَنَي، وعليه فالتصوف يسمو بالأخلاق ليرتقي بها إلى أن يكون المتصوف ربانيا، لأنه استمد خلقه من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله ﷺ، قال تعالى"  وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ"، وفي قوله تعالى" أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (*) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ"، من جمع بين صفتي التقوى والإيمان، وصل أعلى المنازل وأُكرم بالجنتين وكان من أولياء الله تعالى وهاتين الصفتين هما المظهر والتاج لأصحاب التصوف، فالتصوف إيجابي وليس سلبي، يأخذ الناس بعد محراب الصلاة إلى محراب الحياة.

عبد الفتاح العواري: من ادعَى التصوف ولم يعمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، خرج عن قاعدة التصوف الأصيلة

وأشار الدكتور عبد الفتاح العواري، إلى أن التصوف ينطلق من من كتاب الله تعالى ومن هدي سيدنا محمد ﷺ، ومصطلح التصوف وإن كان قد ظهر مؤخرا إلا أنه كان جليًا في صحابة رسول الله ﷺ والتابعين، فظهر فيهم الصفاء والورع والخشية والزهد وإماته النفس والبعد عن الملذات والشهوات وملازمة الاستغفار، تلك المعاني التي أُخذ منها مصطلح التصوف، فإذا ما طالعنا سيَر أئمة التصوف من صفوة الصفوة لابن الجوزي الحنبلي أو الرسالة للقشيري، لا نرى فيهم من تنكر للشرع أومنص ترك الاتباع وسار في طريق الابتداع، لأنهم أمنوا بأن التخلية قبل التحلية وأبوا ان يرتدوا ملابس نظيفة على اتساخ، فطهروا بواطنهم لتنضح على ظاهرهم، فحين سأل أحد المريدين شيخه، كيف الطريق إلى الله؟ فأجابه الشيخ "طريقتنا هذه يا بني مقيدة بالكتاب والسنة"، ومن هنا كان المنطلق من كتاب الله الذي يمثل ذروة الأخلاق التي تحلى بها سيدنا محمد ﷺ، فمن حاد عن هذه الطريقة وادعى التصوف فلم يعمل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ فهو شاذ، وأن ما نراه اليوم من تصرفات بعض الأفراد الذين يسمون أنفسهم بالصوفيين يعد شذوذًا ولا يمثل القاعدة الكلية فهؤلاء أغواهم الشيطان وزين لهم أعمالهم فصدهم عن الطريق القويم، فالتصوف طريق شريعة توصل إلى حقيقة معرفة الله وإلى مقام الإحسان وهي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

مقالات مشابهة

  • عيد ميلادي الثالث والأربعون: تأملات قبل يوم خاص
  • الإفتاء تُحذر من المشاركة في ترويج الشائعات: تبث الفزع بين الناس
  • دار الإفتاء: ترويج الشائعات وبث الفزع بين الناس محرم شرعا
  • دار الإفتاء المصرية تؤكد: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا
  • هل نيل مصر له أفضلية ليست لغيره من الأنهار؟.. "الإفتاء" توضح
  • «الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ».. 7 آيات قرآنية تعالج النسيان| احرص عليها
  • جامع الأزهر يعقد ملتقاه للقضايا المعاصرة
  • باحث سياسي: إسرائيل تريد استهداف كل اللبنانيين وليس «حزب الله» فقط
  • حسن الخلق من صميم رسالة الإسلام