السودان..تصاعد القتال بين الجيش والدعم السريع والأوبئة تفتك بالمئات
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
في تطور بارز بالمعارك في السودان التي بدأت قبل أكثر من عام وأدخلت البلاد في أزمة سياسية وإنسانية واقتصادية كبيرة، بدأ الجيش تحركات عسكرية، الخميس، تقدم خلالها عبر عدد من الجسور التي تربط مدن العاصمة الثلاث، نحو أهداف لقوات الدعم السريع.
ونقلت وسائل إعلام عالمية، أن”عملية عسكرية واسعة النطاق وغير مسبوقة، بدأت منذ الساعة الثانية من فجر اليوم بالتوقيت المحلي”، مضيفة أن “المشهد العملياتي في العاصمة تغيّر”.
وذكرت مصادر عسكرية لقناة الحرة، أن “الجيش السوداني يتحدث عن انفتاح بري بغرض السيطرة على مقرات وطرق استراتيجية وتفتيت تجمعات قوات الدعم السريع”. كما أفادت المصادر، بسماع دوي انفجارات عنيفة مع تحليق مكثف للطيران الحربي بالخرطوم.
وحذر المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، الأحد، من أن الوضع في السودان “يائس” والمجتمع الدولي “لا يلاحظ ذلك” “فالعالم منشغل بأزمات أخرى، من أوكرانيا إلى غزة”.
بدورها، قالت وزارة الصحة في السودان إن عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن وباء الكوليرا ارتفع بالتزامن مع زيادة تفشي الملاريا خصوصا في العاصمة الخرطوم.
وقال مركز عمليات الطوارئ بوزارة الصحة في بيان إنه تم تسجيل 282 إصابة جديدة بالكوليرا منها 95 حالة في كسلا، و72 حالة في نهر النيل، و57 إصابة في القضارف، و19 حالة في البحر الأحمر، و11 إصابة في سنار.
وأشار البيان إلى أن إجمالي عدد الإصابات التراكمي بالكوليرا في البلاد ارتفع إلى 13922 حالة، تشمل 433 حالة وفاة.
وذكرت وزارة الصحة بولاية نهر النيل شمالي السودان أنه تم تسجيل 121 حالة جديدة بالكوليرا ليرتفع عدد الإصابات بالوباء إلى 3811 حالة تشمل 91 حالة وفاة، في حين بلغ عدد المرضى في مراكز العزل 184 مريضا.
وبدأ تفشي وباء الكوليرا في السودان منذ 12 أغسطس الماضي، بعد اجتياح سيول جارفة وأمطار غزيرة لمناطق واسعة وسط مخاوف من أن تصبح المياه الراكدة بيئة خصبة لتكاثر نواقل الأوبئة والأمراض.
ويوم الاثنين، قررت السلطات المحلية في الدبة تعطيل الدراسة وإغلاق الأسواق وأماكن بيع الأطعمة في محاولة للحد من تفشي الوباء على نطاق أوسع.
إلى ذلك، كشف مركز عمليات الطوارئ عن زيادة في إصابات الملاريا خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، خصوصا في الخرطوم. وأفاد بأن عدد الحالات التراكمية لحمى الضنك بلغ 314 حالة بعد تسجيل 12 حالة جديدة في 8 محليات تتوزع على 4 ولايات.
ومنذ أبريل 2023، تدور حرب طاحنة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق، محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وخلّفت هذه الحرب عشرات آلاف القتلى، في حين يواجه حوالي 26 مليون سوداني انعداما حادا في الأمن الغذائي.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأربعاء،أن الحرب في السودان أدت إلى “ارتفاع معدلات الجوع” لملايين الأشخاص.
وقالت جويس مسويا، القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة الطارئة: “لقد أدت الحرب الوحشية في السودان إلى ارتفاع معدلات الجوع وانعدام الأمن الغذائي الحاد لملايين الأشخاص”.
وأُعلنت حالة المجاعة في مخيّم زمزم الواقع في إقليم دارفور قرب مدينة الفاشر، حيث شنّت قوات الدعم السريع، نهاية الأسبوع الماضي، هجوما “واسع النطاق” بعد حصار استم لعدة أشهر.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الجيش السوداني السودان قوات الدعم السريع مرض الكوليرا الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع
حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع، ولن يعني ما سيكتب في أوراقها وإعلاناتها أي شيء. سيعتمد الدعم السريع، كما فعل دائمًا، على سلاح مليشياته وأموال الذهب المهرب وأموال المواطنين من الغنائم، وعلى أموال ونفوذ الإمارات، وهي التي ستحدد لحميدتي ووزرائه وللذين اختاروا التحالف معه كل شيء.
ستضاف حكومة الجنجويد إلى مشاريع الإمارات في ليبيا واليمن والصومال، وهي المشاريع الانفصالية والاستقلالية، والتي تسعى عبرها إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية من موارد الشعوب المنهوبة، وإلى توسيع نفوذها في المنطقة واستخدامها كأدوات للمساومة على القضايا والملفات الإقليمية، ليصب كل ذلك في اتجاه تموضع تسعى إليه كلاعب سياسي واقتصادي وأمني رئيسي في المنطقة لا يمكن تخطيه من قبل اللاعبين الأساسيين في العالم. ولا يهمها في سبيل ذلك إن تقسمت الدول أو ماتت شعوبها أو تشردت.
ولكن السودان ليس كغيره، وربما ذلك أمر قد تمت ملاحظته مبكرا منذ بداية الحرب. فلقد خسرت الإمارات بسبب دعمها للجنجويد على مستوى الرأي العام العالمي كما لم يحدث في كل تجاربها السابقة، وستستمر في الخسارة. كما أن الدعم السريع يختلف عن كل المشاريع الأخرى، فهو مليشيا متهمة بأفظع جرائم الحرب، وفي مقدمتها الإبادة الجماعية. جماعة عسكرية أسسها النظام البائد لتحصين نفسه من التمرد والانقلابات وتضخمت تباعا لتصبح شركة أسرية تعمل من أجل المال والسلاح والسلطة بلا أي مشروع. في هذه الحرب ظل الدعم السريع يحاول في كل حين أن يعتنق مشروعًا جديدًا، بدءًا من حرب في سبيل الديمقراطية، إلى حرب ضد ما يسمى بـ “دولة 56” الظالمة، وصولًا إلى حرب ضد قبيلة أو قبيلتين. وكلها محاولات فاشلة لإضفاء شرعية على المشروع الأساسي، وهو دولة عائلة حميدتي المالكة.
لن تسمح الفظائع التي عايشها السودانيين من عنف المليشيا قديمًا، والآن في هذه الحرب التي دخلت كل البيوت بتغيير الرأي العام، الذي انحاز بصورة غير مسبوقة ضد الدعم السريع وفظائعه وانتهاكاته. ولن تؤثر في ذلك محاولات تجميل مصطنعة من مشاريع مستعارة بعضها عظيم كالسودان الجديد للزعيم الراحل جون قرنق، مشاريع قرر قادتها اليوم أن مصالحهم التكتيكية تتقاطع مع بنادق وذهب وأموال الجنجويد والإمارات، ليهزموا أنفسهم لا المشاريع. وستظل دولة المواطنة المتساوية والديمقراطية والسودان الجديد والجيش الواحد القومي البعيد عن الصراع السياسي أهداف نضال الملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني عبر السنين، وأهداف الثورة التي خرجت ضد النظام البائد الذي صنع الجنجويد ومكنهم وأرسلهم ليحاربوا خارج البلاد ومكنهم من صنع علاقاتهم الخارجية المستقلة و امبراطوريتهم الاقتصادية.
لن نستطيع بصورة عملية مقاومة الحرب واستمرارها وسيناريوهات تمزيق السودان بدون الحديث بوضوح عن الدول التي تتدخل في الصراع السوداني ومن قبله لعقود عبر استغلال هشاشة الأوضاع الداخلية، من الإمارات ومصر، إيران، تركيا والسعودية وغيرها من الدول التي تدعم الحرب بالسلاح والمال والنفوذ وتتجه بالحرب في السودان إلى حرب كاملة بالوكالة لا يملك السودانيين من العسكريين والمدنيين القرار في استمرارها أو إيقافها. لتستمر أو تتوقف حينها في سبيل أجندات تلك الدول الخاصة التي تسعى لتحقيقها من خلال دماء وأرواح ومقدرات السودانيين.
أخيرا، تمزيق السودان لن يتم عبر سلطة أو حكومة الجنجويد الموازية، بل يمكن أن يحدث فعليا فقط إذا لم تتوقف آلة الكراهية البغيضة التي أشعلتها الحرب والتي تستثمر فيها العديد من الجهات، هذه الكراهية التي تزيد بسببها الشقة الاجتماعية بين مكونات السودان، تلك التي تنفي مواطنة البعض والتي تصنف الناس على أساس مناطقهم، قبائلهم، إثنياتهم وأديانهم لتمنحهم الحقوق أو تنزعها عنهم، والتي تعتبرهم محاربين أو مسالمين إذا كانوا من هذه القبيلة أو تلك والتي تسترخص دماء بعض السودانيين وتجعلها أقل من دماء سودانيين آخرين. وهي عنصرية وكراهية وتعصب ليست وليدة الحرب، ولكنها أشعلتها وزادتها ضراما وهي بدورها تعود لتزيد من اشتعال وتأجيج الحرب. كراهية يتمزق السودان من خلالها كل يوم وبسلطة وحكومة موازية أو بدونها.
محمد ناجي الأصم
إنضم لقناة النيلين على واتساب