الإنجازات المزعومة للعنصريين في تركيا.. ماذا حققوا؟ وبماذا يفتخرون؟
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
تؤتي التطورات الصناعية والعلمية والتقنية ثمارا واضحة في تركيا في السنوات الـ20 الماضية، وهو وضوح يأتي من حقيقة أنها تنعكس مباشرة في أرقام يمكن قياسها، بعيدا عن الكلام المرسل والدعاوى الجوفاء التي تتباهى بإنجازات لم تحدث.
وفي مواجهة هذا النجاح، نحن أمام حالة مملة ومكررة من التباهي الفارغ من قبل قوميين علمانيين لم يدقوا مسمارا واحدا أو يضعوا حجرا على حجر، في مسيرة إصلاح هذا البلد، ولم يكونوا يملكون الرؤية ولا كانوا يستطيعون، ولكنهم -رغم ذلك- يتشدقون جيئة وذهابا بأمجاد وهمية، في بلد حكموه 80 عاما فلم يكن لهم إنجاز سوى إقامة نظام سلطوي شمولي، وجعل تركيا بين أفقر دول العالم، وأكثرها غيابا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد، فضلا عن العلم والصناعة والتقنية.
هؤلاء الذين لم يتوقفوا عن محاولة غرس قومية منزوعة الرأس، أوجدوا مناخا تنافسيا مريضا، يتلبسه وهم أن النصر يتحقق في المباريات يمكن أن يتحقق إذا كلت لخصمك أقذع أنواع السباب وأنت واقف في المدرجات، ولا يعي هؤلاء أن النصر الحقيقي يتحقق لأولئك الذين يكونون في الملعب.
يفترض أن تكون القومية في أي أمة هي الفكرة التي تعتز بشعبها وقيمه ومعتقداته لا أن تعاديه وتتعالى عليه متبنية فهما غريبا للعلمانية.
ومن السخف والعبث إنتاج خطاب قومي يقوم على القطيعة الواضحة بين الأمة والدولة. كانت المحصلة الحتمية لهذه الممارسة هي دولة عرجاء بين دول العالم، خالية من الحريات وحقوق الإنسان، ينهدم فيها المسار الديمقراطي مرة كل 10 سنوات بتدخل مباشر، وهو دائما تحت الوصاية، مرة من نخبة أيديولوجية، وأخرى من نخبة عسكرية. بلد لم تكن له مزية تميزه، وقانونه خاضع للوصاية الأيديولوجية، والعلمانية تفرض كدين جديد واجب الاتباع، وسط تعليم جامعي منخفض، وحرية صحافة مقيدة.
كانت النتيجة بلدا لا يحقق نجاحا ولا يحمل صفة إيجابية، ولا يملك فضيلة يمكنه أن يقدمها للعالم، لكنه يروج لنفسه أنه أفضل من جميع أمم العالم، دعنا نكرر أن هناك من يحاولون التستر على ما فقدوه في الميدان بالكلمات الرنانة والشعارات الجوفاء.
ومع ذلك، فخلال فترة قصيرة لا تزيد على 20 عاما من حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، تغير الحال، فقد افتتحت في تركيا 208 جامعات، ووصل معدل الالتحاق بالجامعة إلى أعلى مستوى في العالم حيث بلغ 8.5 ملايين طالب (10% من السكان). ومع الزيادة المنتظمة في الإنفاق على البحث والتطوير في القطاعين العام والخاص، قطعت تركيا خطوات كبيرة في مجالات لم يكن من الممكن تصورها من قبل، فأصبحت الدولة الـ12 في العالم في مجال صناعة الدفاع، وهي مرشحة لمزيد من الصعود في هذه القائمة لأن معدل نموها في هذا المجال أعلى من غيرها.
كشفت المنتجات التي عرضتها الشركات التركية في المعرض الدولي الـ16 للصناعات الدفاعية، الذي أقيم الأيام الماضية، عن الشوط الطويل الذي قطعته تركيا في وقت قصير. إذ أعلن جودت يلماز، نائب الرئيس، أن صادرات تركيا الدفاعية بلغت 2.5 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من العام، وستصل إلى 6 مليارات دولار في نهاية العام، وسترتفع إلى 10 مليارات دولار في العام القادم.
من الضروري أن ننظر إلى هذا المشهد متأملين كذلك ثقافة التكنوفست (المهرجان السنوي في تركيا للفضاء والتكنولوجيا) الذي أصبح يحظى بشعبية كبيرة منذ سنوات في البلاد تحت قيادة الإخوة بيرقدار (أصحاب شركة بايكار التي تنتج مسيرات بيرقدار). هذا مشهد يعيد إحياء الحلم بالجيل التركي المسلم المنشود، الذي يضع لنفسه هدفا واضحا يثير إعجاب ومتابعة "الجيل زد" الذي طالما ترددت الشكوى منه. إنه مشهد يجعلنا نستحق أن نشعر بالفخر كأمة، لأسباب ملموسة، لأول مرة منذ زمن طويل.
القضية، بالطبع ليست فقط الإنجازات التي تحققت في صناعة الدفاع، فهناك نجاحات في العديد من المجالات الأخرى، بما في ذلك الصحة والتعليم والنقل ودولة الرفاهية والبحث العلمي والديمقراطية وحرية التعبير. كل هذه يتغذى بعضها على بعض ويؤثر بعضها في بعض.
تعود تركيا إلى رشدها وتكسر قيود الوصاية الداخلية والخارجية. تاريخ تركيا، التي تعود إلى نفسها، يجد رموزه الثقافية الأصيلة، ويتمكن أخيرا من اكتشاف ذاته. والمحصلة النهائية لكل ذلك أن عادت تركيا إلى صدارة المشهد التاريخي. وأصبحت تملك أسبابا حقيقية للتباهي كأمة ذات إنجازات حقيقية، وتطور وتقدم ومكانة دولية لا يمكن تجاهلها عالميا.
الغريب والمضحك أن أولئك الذين لم يلعبوا دورا في تحقيق أسباب الفخر التي تملكها تركيا اليوم، بل على العكس هم من تركوها بلدا متخلفا طوال 80 عاما، أولئك أنفسهم هم من يبدون اليوم أكثر تغطرسا وعنصرية ممتطين صهوة نجاحات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولا يتوقفون عن إمطارنا بالشعارات الجوفاء.
يحاول هؤلاء استغلال إنجازات العقدين الماضيين للترويج للعلمانية والتغريب وبقية نماذجهم القديمة الغامضة. وكأن ما تحقق كان وليد تلك النماذج، وهم في ذلك يقارنون تركيا بدول عربية ومسلمة أخرى، وينظرون إليهم بدونية، متجاهلين -أو محاولين إخفاء- حقيقة أن تركيا السابقة التي حكموها لم تكن تختلف عن الدول التي يتباهون بالتفوق عليها الآن. والحقيقة، أن تركيا لم تتطور إلا لأنها خرجت من المأزق الذي وضعوها فيه.
ليس لهؤلاء أي دور في نجاحات تركيا الحالية، ولا في صعودها إلى مكانة مميزة في دوري أمم العالم، بل إنهم من حاولوا باستمرار منع تطورها ونجاحها وانفتاحها. لو كان الأمر بيدهم، لما تعدت تركيا أن تكون بلدًا أفضل -قليلًا- من الأنظمة البعثية في الشرق الأوسط. وبالطبع، لن يكون لخطابهم العنصري الحماسي في ذلك الوقت الخالي من الإنجازات أرضية يقف عليها. أما اليوم، فهم يعتبرون العيش في هذا البلد الذي لم يشاركوا في نجاحه، مزية، ويحاولون تغذية دعاياتهم العنصرية من خلالها.
لقد تمكنت هذه البلاد إلى الارتقاء إلى المستوى الذي هي عليه لأنها تجاوزت أفقهم الضيق ومشاعرهم العنصرية وطموحاتهم البعثية. ولكن هؤلاء العراة من أي نجاح أو إنجاز أو مزية، لا يشعرون بالخجل وهم يواصلون تغذية مزاعمهم بالتفوق الفاشي، مستخدمين منزلة تركيا الحالية وما حققته لشعبها من تقدم ورفاه.
على مثل هؤلاء ينطبق المثل التركي: "جاء من الجبل ليسطو على حديقة العنب".
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
تبادل زيارات التهاني بالعيد ركن أساسي من أركان الفرحة والبهجة
واحدة من أبرز العادات اليمنية في العيد والتي لم تتراجع ولم تخفت على مر السنين ورغم كل الظروف، هي الزيارات.
الزيارات وصلة الأرحام أمر حث عليه ديننا الإسلامي لكل المسلمين، الا ان تقلبات الحياة وظروفها وثورة الاتصالات وانتشار وسائل الاتصال الاجتماعي، كل ذلك جعل هذا السلوك يخفت في كثير من المجتمعات الإسلامية.
إذ اكتفى الكثيرون بتبادل التهاني عن طريق الاتصال التلفوني أو إرسال رسائل التهاني والتبريكات بكلمات منمقة مع مناظر طبيعية أو اثار أو معالم دينية.
الثورة / احمد السعيدي
في اليمن أيضا هناك تأثر بهذه العادة الدخيلة، الا انها لم تستطع ان تغلب على التواصل المباشر وتبادل الزيارات بين الأهل والأصدقاء، حيث تجد المنازل تستعد لقدوم الضيوف أكانوا من الأهل أو الجيران أو الأصدقاء بحلويات وعصائر العيد.
وتأخذ الزيارات مسار الأولويات، إذ يكون الأهل في المرتبة الأولى أي في اليوم الأول، ثم يكون في اليوم الثاني والثالث تبادل الزيارات مع الأهل والأصدقاء.
يقول عبده علي الوصابي: تحمل زيارات الأهل في العيد سواء عيد الفطر لو غيد الأضحى أهمية كبيرة في المجتمع الإسلامي، حيث تشكل جزءًا من التقاليد والعادات في هذه المناسبة السعيدة. فهي تعكس الود والإخاء والمحبة بين المسلمين وتعزز روح الألفة والتراحم. كما أن الزيارة والتهنئة بالعيد تعتبر عملًا تعبيريًا عن السعادة والفرحة، وتقوي الروابط الاجتماعية والعائلية. ولهذا السبب، يحرص الناس على زيارة وتهنئة بعضهم البعض في هذه المناسبة المباركة.
زيارة المرابطين
من الزيارات التي يتم القيام بها، في العيد زيارة المرابطين، سواء المرابطين في النقاط الأمنية ورجال المرور، أو زيارة المرابطين في جبهات القتال، وجبهات الحدود حيث لا يتركون مواقعهم حتى في الأعياد للقيام بمسؤولية حماية البلد والأمة من ضعاف النفوس ومل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطنين وممتلكاتهم.
الا ان من ليس بمقدوره زيارة الجبهات فانه يزور النقاط الأمنية داخل البلدة فيما يزور آخرون وخاصة من المسؤولين المرتبطين في جبهات العزة والكرامة
وهناك يتبادلون مع المجاهدين التهاني والتبريكات ويسلمونهم بعض الهدايا.
ويتحدث المجاهدون عن وقع هذه الزيارات في أنفسهم إذ أنها تبث فيهم الحيوية وتجعلهم يعيشون فرحة العيد الحقيقية مع الزائرين، كما ان هذه الزيارات تخفف عنهم الشعور بألآم الفراق عن عائلاتهم وأطفالهم وأمهاتهم.
زيارة المستشفيات
هناك أيضا سلوك أخلاقي يعمد اليه اليمنيون خلال أيام العيد، وهو زيارة المرضى في المستشفيات، وأحيانا يكون هناك أقارب للزائرين، الا ان ذلك ليس دائما فكثيرا ما تجد الزوار للمرضى من دون الأهل، ويتم توزيع الهدايا عليهم ورسم الابتسامة في شفاههم، وهو فعل فيه الكثير من الخير.
زيارة الإصلاحيات
خلال أيام العيد تنشط، زيارات بعض الناس لأقارب لهم في الإصلاحيات بما يخفف على النزلاء وطأة الفراق لأهلهم وأحبتهم.. ولأهمية هذا الأمر ومنطلقه الإنساني، راعت وزارة الداخلية وضع نظام يسهل الزيارات ولقاء النزلاء بذويهم.
وتشهد الإصلاحيات على مستوى الجمهورية خلال أيام العيد زيارات الكثير من الناس لأقاربهم فيما تعمل بعض المنظمات على مشاركة هؤلاء النزلاء فرحة العيد فتدعمهم ببعض المساعدات وتهديهم من حلويات العيد، لتصل بمشاعر الود والحب والتراحم إلى ذروتها في تلك اللحظات الإنسانية.
زيارة روضات الشهداء والمقابر
قد يكون أول مكان يبدأ فيه الكثيرون زياراتهم، زيارة روضات الشهداء والمقابر حيث تحتضن الشهداء والمتوفين من الأقارب والأصدقاء ليقرأوا على أرواحهم الفاتحة.
يؤكد صادق حرصه على زيارة قبر والدته المتوفية قبل ستة أعوام دائما، إلا أنه في الأعياد تكون هذه الزيارة مسألة حتمية ولازمة وأول شيء يعمله عقب صلاة العيد.
الاستثناء من هؤلاء
هناك استثناء غير حسن من الناس في العيد، في مسالة الزيارات حيث، تجد البعض يتسم بالفتور الشديد تجاه القيام بالزيارات ليس فقط للأصدقاء وإنما حتى للأرحام، ومثل هؤلاء يحرمون أنقسهم أجر وثواب هذا الفعل الذي يعزز من الفرح بالعيد لدى من يزورهم، بل إنه يشذ عن السلوك العام الذي ينزع إلى مثل هذا السلوك الحسن.
وكما انه لا يزور أحداً، فان لا أحد يزوره، الأمر الذي يتأثر به أيضا الأبناء فيتوارثون مثل هذا السلوك السيء، على عكس ذاك الذي يحرص على القيام بالزيارات ويصطحب معه أطفاله، فإنه بذلك يربي فيهم سلوك التواصل مع الآخرين وتجديد العلاقات بالناس وغسل أسباب الخلاف والبغضاء.
من أركان الفرحة
ولا شك أن التزاور في العيد يقوي الصلة، ويزيل الشحناء ويقطع التدابر.
وتمثل زيارات تبادل التهاني في العيد ركناً أساسياً من أركان الفرحة والبهجة، وتكتسب هذه الزيارات أهمية خاصة عندما تمتد لتشمل المحتاجين والفئات الأكثر حاجة للدعم المعنوي في المجتمع، فزيارة دور الأيتام والمسنين ومراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة تمثل فرصة ثمينة لإدخال البهجة والسرور إلى قلوب هؤلاء الأشخاص الذين قد يشعرون بالوحدة في مثل هذه المناسبات.
وتتجلى أهمية هذه الزيارات في عدة جوانب منها: تعزيز الروابط الاجتماعية وتقوية النسيج المجتمعي، وإشعار الفئات المحتاجة بأنهم جزء أصيل من المجتمع، وخلق فرص للتواصل الإنساني المباشر، وتبادل المشاعر الإيجابية والدعم المعنوي.
العيد فرصة لبناء علاقات إيجابية مع الجميع، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن التواصل المباشر بين الأفراد وبعضهم البعض يعمل على بناء علاقات قوية مع الآخرين، فضلاً عن اكتساب الإنسان الثقة بالنفس ومهارة التحدث بلباقة.
كما ان الزيارات العائلية ومقابلة الأهل ومشاركتهم الفكاهة والمرح، -حسب علماء- يحسن المزاج ويجعل الشخص أكثر قدرة على مواجهة الضغوط النفسية بمرونة وصبر.