موقع 24:
2025-02-16@14:02:34 GMT

جمال الشعر لا يتناغم مع طائفية البرغوثي

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

جمال الشعر لا يتناغم مع طائفية البرغوثي

لقد سطعت حضارة بني أمية، رغم بساطة أصولها، كمنارة للعلم والمعرفة، شاهدة على انفتاح العرب على الثقافات الأخرى وتقديرهم للعلم والعلماء. ولكن، في مشهد مؤسف، تكشّف وجه قبيح للتعصب المقيت، متجسداً في تميم البرغوثي، الذي انتهز فرصة وجوده على منبر عريق في معرض بغداد الدولي للكتاب ليُطلق سموم الطائفية، محاولاً النيل من إرث بني أمية الزاهر، وإرضاء أسياده من ميليشيات إيران.


إن بني أمية، بل العرب جميعاً، لغنِيّون عن أي دفاع يسوّق لهم، فمكانتهم التاريخية الراسخة وحضارتهم الواسعة التي أثْرت البشرية في شتى المجالات، لأبلغ من أي كلام. لقد أقاموا حضارة نهل منها الشرق والغرب، حضارة تشع علماً وجمالاً ومحبة وانفتاحاً على الآخر. فمن مشارق الأرض إلى مغاربها، بسطوا نفوذهم، ونشروا لغتهم وثقافتهم، وتركوا إرثاً خالداً من الأدب والعلم والفكر، ما زلنا ننهل منه حتى يومنا هذا.
أما البرغوثي، فقد أَراد بحجته الباهتة أن يفر من سخط الجماهير، زاعماً أن القصيدة قيلت في البيت الذي اقتطعوه بصوت السيدةِ زينب بنت علي - رضي الله عنها - وهو زعم باطل، فما كانت لتقول ما نسب إليها، وإنما هو تَقَوُّلٌ عليها لأغراض أيديولوجية وطائفية، يكمن وراء القناع حقد دفين على العرب.
كان الأَولى به أن يعتذر، فالاعتذار فضيلة، وأن يقر بخطئه، لا أن يزيد الطين بلة، ويسيء إلى سيدة عربية تعتز بحضارتها وقيمها العربية الأصيلة.
إن البرغوثي، اليتيم شعراً وخُلقاً، لم يقتصر غدره على خيانة العرب فحسب، بل خان الشعرية العربية نفسها، تلك الشعرية التي لطالما انحازت لحضارة العرب ودولتهم الأموية، منذ ما قبل المتنبي إلى أحمد شوقي والجواهري وبدر شاكر السياب ومحمود درويش وغيرهم كثير، فهؤلاء جميعا تغنوا بمجد العرب وتاريخهم، واحتفوا بدمشق والشام، مهد الحضارة العربية الأموية.
وإذا كانت قصيدته أتت في شكلها وزناً وقافية لتذكر بقصائد شعراء العراق في مدح المدينة التي وصفها الفاروق عمر بن الخطاب بأنها "جمجمة العرب وكنز الرجال ومادة الأمصار ورمح الله في الأرض"، فما أبعد المسافة بينه وبين أبي الطيب الذي أكد إجلاله للعرب، ضد الفرس وغيرهم من الأعاجم، فقال في غير مرة:
وَإِنَّما الناسُ بِالمُلوكِ وَما
تُفلِحُ عُربٌ مُلوكُها عَجَمُ
لا أَدَبٌ عِندَهُم وَلا حَسَبٌ
وَلا عُهودٌ لَهُم وَلا ذِمَمُ
بل أكد غربته في بلاد فارس حين زارها، فلم تبهره أموالها ولم يقع في هواها وهوى ميليشياتها كما فعل البرغوثي، بل قال بيتاً خالداً يصلح لكل زمان ومكان، ويكشف رؤية عبقرية للعلاقة بين العرب وتلك البلاد:
وَلَكِنَّ الفَتى العَرَبِيَّ فيها
غَريبُ الوَجهِ وَاليَدِ وَاللِسانِ
إن انحياز الشعرية العربية إلى بني أمية فنيا وجماليا، ثابت لدى كل الشعراء، ولكن البرغوثي، على عكسهم، اختار طريق الخيانة والذلّة، ساعياً للارتماء في أحضان الميليشيات، مطلقاً لسانه بسباب العرب أجمعين، وهذا ليس بغريبٍ عليه، فقد أَلف دروب الغدر والانقلاب على الأَصل.
أما في العراق، فقد خاب سعيه وباء بالخيبة، فلم تنطل مماحكاته على أحد من شباب العراق وشعرائه، الذين ردوا عليه مدافعين عن تاريخهم وحضارتهم العربية، فصدح الشاعر أنس الدغيم بِقصيدته الرائعة رداً على البرغوثي:
خلّوا الحسينَ وآلَ البيتِ وانصرفوا
فدهركم كسروي ما به شرفُ
ويثير السخرية أن ينحاز البرغوثي، على نحو مخز، إلى سردية بغيضة متشدّدة، سردية لا تليق بجمال الشعر ولا بروح الإبداع، مشوّها بها الحضارة العربية العريقة. وذلك في الوقت الذي يتجلى فيه للعيان زيف ميليشيا حزب الله الإيرانية التي كُشِفَت سوءتها في أيام معدودات، فأضحت فضيحتها بجلاجل أمام العالم كله.
لقد بان عجز الميليشيات الإرهابية، بعد أن كلّ اللبنانيون من شعاراتها الزائفة عن تحرير فلسطين، وأدرك الجميع أن المدافع الحقيقي عن غزة وشعبها هم العرب أنفسهم، أولئك الذين يتهمهم البرغوثي ظلماً وبهتاناً بأنهم بلا شرف! لكن، ماذا عسانا أن ننتظر من أمثاله حين يتحدثون عن الشرف؟!
إن هذا الذي يتحدث عن الشرف، سبق له أن مدح حسن نصر الله، وهو يعرف ما فعلته ميليشياته في سوريا ولبنان والعراق، ويدرك انتماءاته الأيديولوجية، وانحيازه ضد لبنان واللبنانيين لصالح الملالي، لكن انحيازنا نحن للبنان وحده، "لبنان" الحضارة العربية، لبنان أهلنا وأحبابنا وإخوتنا، لبنان الذي ينبذ الطائفية، لبنان الذي زاره أبو الطيب واستمتع بصيفه وشتائه وقال عنه:
وَعِقابُ لُبنانٍ وَكَيفَ بِقَطعِها
وَهُوَ الشِتاءُ وَصَيفُهُنَّ شِتاءُ
إنها لسخرية القدر أن يحاول هذا الشخص تشويهَ صورة حضارة عربية أصيلة، تغنى بها أعظم شعراء العرب، وتغنى العراقيون أنفسهم بمجدها على مر التاريخ. لقد وقف على ذات المنبر الذي شهد أصوات "عصافير العربية"، لينكر فضائل من أسسوا للحضارة والتسامح، وليغذي بذور الفرقة والكراهية.
لكن، سيبقى إرث بني أمية خالداً، وشعلة العلم متقدة، وستزهر بغداد من جديد بأصوات العقل والحكمة، رافضة كل أشكال التعصب والظلام.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية مقالات بنی أمیة

إقرأ أيضاً:

وصول وزير الداخلية الى تونس

وصل وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجّار، إلى تونس، للمشاركة في الدورة ٤٢ لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي ينعقد اليوم الأحد.

وكان في استقباله، وزير الداخلية التونسي خالد النوري، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان، رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الامنية عبدالمجيد بن عبدالله البنيان وسفير لبنان لدى تونس طوني فرنجية.

هذا وسيلقي الوزير الحجّار كلمة لبنان خلال انعقاد المجلس، على أن يجري محادثات مشتركة مع نظرائه العرب، للبحث في سبل تعزيز التنسيق الأمني والملفات ذات الاهتمام المشترك.

مقالات مشابهة

  • مليشيا الحوثي تفرض دورات طائفية إجبارية على المعلمات بصنعاء
  • وصول وزير الداخلية الى تونس
  • المملكة تدعم الإجراءات التي اتخذتها لبنان لمواجهة العبث بأمن مواطنيها
  • التحدي الوجودي الذي يواجه العرب!
  • علوم العرب القديمة وقضاياهم المعاصرة بعيون أبرز العقول العربية المهاجرة
  • قمة الشعوب العربية ترفض خطة ترامب.. فلسطين ستظل قضية العرب الأولى
  • ابن وكيع التنيسي... أحدث إصدارات ديوان الشعر بهيئة الكتاب
  • خبراء أردنيون: القمة العربية التي دعت لها مصر رسالة للعالم بوحدة الصف العربي ضد التهجير
  • مشروع رفيق الحريري... الذي انتقم له التاريخ!
  • ما هي التلال الاستراتيجية التي تنوي اسرائيل البقاء فيها؟