سودانايل:
2025-03-10@16:06:27 GMT

جيش الحكم الثنائي المغتصب.!!

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

من غرائب السودان وعجائبه أن مؤسسة الجيش هي الأسبق وجوداً من الدولة بثلاثين عاماً، 1925-1955، ومن هنالك جاء الجنين الشائه للدولة، ولأن الجيش هو نتاج الحكم الثنائي الإنجليزي – المصري، كان لابد وأن تكون أولى أولوياته حماية مصالح ملكة بريطانيا العظمى والملك فاروق (ملك مصر ام الدنيا والسودان)، ولما لم نسمع أو نقرأ عن تعديل قانون الجيش المؤسس أجنبياً عبر برلمانات الحكومات الديمقراطية الثلاث التي تلت (الاستقلال)، يظل منهج الجيش (قوة دفاع السودان) هو القتال تحت التاجين البريطاني والمصري، والدليل على ذلك المشاركة الفاعلة لكتائب الجيش السوداني في الحروب التي شنتها مصر على إسرائيل، وخوض كتائب الجيش من أبناء النوبة للمعارك الضارية في صف المستعمر البريطاني بليبيا، من أجل محو الوجود الإيطالي وكبح جماح النفوذ الفرنسي، تلك الكتيبة التي بفضلها منح السودان استقلالاً صورياً بعد ثلاثة عقود من تأسيس الجيش، بعدها ظلت المؤسسة تعمل على قدم وساق لوأد الأجنة الناشئة للحكومات المدنية خدمةّ لأجندة المؤسسين، والناظر لمنهج التدريب العسكري للجيش سواء كان الخاص بالجنود المستجدين أو الضبّاط المستوعبين بالكلية الحربية، يلحظ تدريبات تعديل السلوك المستهدف به المجند في خمسة وأربعين يوماً، المدة التي يطلق عليها المعلمون اسم (العسكرة) – الانتقال من المدنية إلى العسكرية، ومن أهم ركائز هذه المدرسة الإذلال والحط من قيمة الانسان وازدراءه، ليتحول إلى روبوت يطيع أوامر من هو أعلى رتبة، فالقهر يصنع المقهور، والمقهور بالضرورة أن يمارس كل ما من شأنه شفاء غله ممن أوجد فيه هذه الحالة الشعورية المؤلمة، لذلك رأينا المشاهد البشعة للجنود وضباطهم وهم يغتصبون النساء والفتيات بالجنوب وجبال النوبة ودارفور – قرية تابت وحي (رجال ما في).


أهلنا الذين خدموا كجنود بازنقر تحت قيادة ضباط الكلية الحربية – مصنع (المغتصبين) بكسر الصاد أو فتحها، حكوا لنا عن الفظائع التي كانوا هم أنفسهم جزء منها، لقد استباحوا جنوب السودان أرضاً وشعباً، منذ العهد الأول للحرب (تمرد توريت 1955)، حتى العهد الظلامي الأخير، وما يجري الآن من حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع بمثابة سداد للدين القديم، الذي استدانته القوات المسلحة من شرف وكرامة سكان الجنوب وجبال النوبة ودارفور، وهذا يتطابق مع الكارما، بأن الطير الذي يأكل النمل سيأكله النمل بعد أن يموت، أو كما تدين تدان، فحينما كانت وكالات الأنباء العالمية تتحدث عن تجاوزات الحرب في دارفور من جميع الأطراف، كان الحكّام في الخرطوم يقللون من شأن تلك الجرائم، متجاهلين دورة التاريخ وتربص دوائر الكون، بكل بن أنثى وان طالت سلامته يمشي بقدمين على سطح البسيطة، بأن يتجرع ذات السم ومن نفس الكأس، ليُحمل بعد ذلك على الآلة الحدباء، فما توعّد به الجنرالان توفيق أبو كدوك وحسن بشير نصر من مسح لجنوب السودان بشراً وشجراً، عاد وبالاً على شمال السودان الكبير الذي كان يغط في نوم عميق، إبان متحركات كتائب صيف العبور والفتح المبين والمغيرات صبحا، المبيدة للشعب الجنوبي الجميل، فالاغتصاب كان وما يزال يمثل سلوكاً غير مستهجناً من جنود وضباط الجيش، بل كانت الدولة المتوارثة من المستعمر تمجد المرتكبين لهذه الجريمة غير الأخلاقية بحق المكونّات الجنوبية والغربية، فاغتصاب الغربية والجنوبية في العقل الجمعي لجنرالات جيش الحكم الثنائي، لا يعتبر جريمة من الأساس، طالما أن الضحايا يختلفون عرقياً عن الجناة، لذلك لم يتورع الدكتاتور حينما قال بأن المغتصبة من هذه المكونات الجهوية والاجتماعية يجب أن يكسو وجهها الفخار، أن حظيت بوطء جندي من جنوده، ومحصلة كل هذا الفساد العظيم هو طوفان منتصف أبريل قبل عام وأشهر.
لقد قتل المئات من ضباط الكلية الحربية وتم أسر آلاف الجنود وضباط الصف في هذه الحرب، وسقطت الحاميات والمقرات العسكرية تحت قبضة قوات الدعم السريع، واستسلمت أهم الفرق العسكرية، وسقط صنم الجيش الذي ما فتئ يقتل ويغتصب شعبه منذ أن أسسه المستعمران البريطاني والمصري، وبدأت ملامح تكوين الجيش الوطني تلوح في الأفق المكدس بدخان متفجرات الطيران العميل، وقد نعى الناعي أسطورة الترسانة العسكرية القديمة الخادمة والراعية لمصالح جارة السوء الخديوية، باستلام كتائب الإرهاب الإقليمي والدولي لقيادة معارك الجيش الخاسر أمام جحافل الأشاوس، لقد انهار الجيش الليبي بعد أن دخل الإرهابيون ليبيا، فنتج عن ذلك جيشاً وطنياً غير كتائب القذافي، خاض حرب استرداد الدولة المختطفة من قبل المتطرفين، فأينما حل الإرهابيون حلت الفوضى وشاع الدمار واشتعلت النيران، ومن محاسن الصدف أن الذين وضعوا بذرة فناء جيش الحكم الثنائي هم المتطرفون، حينما انقلبوا على الشرعية قبل ثلاثة عقود ونصف العقد، لقد فعلوها بأيديهم فارتدت عليهم سهامهم، وهم الآن يحصدون ما زرعوا، ويعيبون زمان تأسيس منظومة قوات الدعم السريع والعيب في زمانهم، الذي تمكنوا فيه سلطوياً ثم أجهزوا على جيش الخديوية المصرية، عندما رفدوه بمليشيات الدفاع الشعبي وكتائبهم الإرهابية، وهكذا حدثت نظرية الانهيار الداخلي، فالحضارات تزدهر ثم تحتضر بأسباب داخلية، فيا سودانيين اقرأوا الفاتحة على روح جيش الحكم الثنائي، واشرعوا في تأسيس جيشكم الوطني المؤتمر بأمركم لا بأصبع الملك فاروق.

إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟

اتهم السودان الإمارات بـ"التواطؤ في الإبادة الجماعية" في شكوى تقدّم بها الخميس أمام محكمة العدل الدولية، في خطوة تسلّط الضوء على دور مفترض للدولة الخليجية في الحرب المدمّرة التي يشهدها منذ نحو عامين. ولطالما اتهمت الخرطوم وأطراف أخرى أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ العام 2023، وهو ادعاء لطالما نفته الإمارات. فأي دور للإمارات في السودان، وما هي علاقتها بقوات الدعم السريع؟

ما أهمية السودان للإمارات؟
يُعد السودان، إحدى أكبر دول أفريقيا، غنياً بالموارد الطبيعية بما في ذلك الأراضي الزراعية الشاسعة والغاز. كما أنه ثالث أكبر منتج للذهب في القارة. ويتشارك السودان حدوداً غربية طويلة مع ليبيا حيث تدعم الإمارات موالين لها في بنغازي، ويطل شرقاً على البحر الأحمر، الممر المائي الحيوي للنفط.

وفي العام 2021، استولى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على السلطة في السودان، بعد تنفيذ انقلاب مع نائبه حينها محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع. وبعد عامين، اندلعت الحرب بين البرهان وحميدتي، وسط اتهامات لقوى عدة، بما في ذلك الإمارات ومصر وتركيا وإيران وروسيا، بدعم أحدهما أو الآخر.

ويقول الباحث المتخصص في القضايا الأمنية في الشرق الأوسط أندرياس كريغ إنّ الهدف الأساسي للإمارات في السودان "يتعلق بالتأثير السياسي في بلد استراتيجي يكتسي أهمية كبيرة للغاية". وتنظر شركات مرتبطة بالإمارات إلى السودان باعتباره مركزاً للاستثمار في الموارد والمعادن والتجارة، بحسب كريغ.

من جهته، يقول الباحث السوداني حميد خلف الله إنّ "دولة الإمارات الصحراوية مهتمة بالموارد الطبيعية التي تفتقر إليها بما فيها المعادن والأراضي الصالحة للزراعة". ويضيف أنه من ليبيا إلى الصومال، "تتّبع الإمارات نمطاً للعمل مع القوات شبه العسكرية" لاستغلال موارد القارة.

وقدّرت منظمة "سويس إيد" في تقرير العام الماضي أنّ 66,5% من صادرات الذهب الأفريقية إلى الإمارات في العام 2022 تمّت عن طريق التهريب. وتُعد الإمارات، وهي مركز رئيسي لتجارة الذهب، المشتري الأكبر عالمياً لهذا المعدن الثمين من السودان، وهو قطاع يسيطر عليه دقلو إلى حد كبير.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ترييستي الإيطالية فيديريكو دونيلي أنّ حصر اهتمامات الدولة الخليجية بالذهب هو أمر "تبسيطي للغاية". وأضاف أنّ الإمارات تسعى أيضاً إلى "مواجهة النفوذ السعودي" في السودان و"منع انتشار الإسلام السياسي" الذي ترى فيه تهديداً لأمنها.

ما علاقة الإمارات بـ"الدعم السريع"؟
ترتبط دول خليجية بعلاقات مع الجيش السوداني منذ انضمام الخرطوم إلى التحالف الذي تقوده السعودية منذ العام 2015 لدعم الحكومة اليمنية في مواجهة جماعة الحوثيين. وقاد البرهان السودانيين الذين قاتلوا تحت مظلة السعودية، بينما قاتلت قوات الدعم السريع إلى جانب جنود من الإمارات، بحسب دونيلي.

منذ ذلك الحين، نشبت خلافات بين الحليفين الخليجيين التقليديين. ويشرح دونيلي أن دعم الإمارات دقلو، رغم نفيها ذلك، يهدف إلى "تحدي أهداف السعودية". من جهته، يرى كريغ بعداً أيديولوجياً للعلاقة، موضحاً أن الإمارات "اعتمدت على قوات الدعم السريع لاحتواء الشبكات المرتبطة بالإخوان المسلمين"، في حين يُربط بين الجيش وقيادات إسلامية من عهد النظام المخلوع للرئيس عمر البشير.

وواجه الجانبان مزاعم بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب التي أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليوناً. وفي يناير/ كانون الثاني 2025، اتهمت واشنطن قوات الدعم السريع بـ"الإبادة الجماعية" لارتكابها القتل والاغتصاب الجماعيين بحق جماعات عرقية.

وخلال الشهر نفسه، قال المشرعون الأميركيون إنّ الإمارات "خرقت" وعودها بوقف الدعم العسكري لقوات الدعم السريع. وتُدار الشؤون المالية الخاصة بدقلو من الإمارات، وفق كريغ، مضيفاً أنه بات رهن علاقة "اعتماد متبادل" مع أبوظبي. كما حصلت قوات الدعم السريع على دعم حيوي من الإمارات، بما في ذلك شحنات أسلحة عبر تشاد المجاورة، بحسب دبلوماسيين ومحللين ومنظمات حقوقية. وتنفي الإمارات تلك الاتهامات.

أي تأثير لشكوى السودان على الإمارات؟
رفع السودان، أول من أمس الخميس، شكوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، على خلفية "التواطؤ في إبادة جماعية" بسبب دعمها المفترض للدعم السريع. وندّدت الإمارات بالشكوى التي وصفتها "حيلة دعائية خبيثة" مؤكدة أنها ستعمل على ردّها.

وتُعد قرارات محكمة العدل، التي تتخذ من لاهاي الهولندية مقراً، ملزمة قانوناً، لكنها لا تملك وسائل لفرض تنفيذها. لكن من شأن الخطوة أن تضرّ بسمعة الإمارات بحسب دونيلي الذي قال لوكالة فرانس برس إنه بات يُنظر لأبوظبي بشكل متزايد على الصعيد الدولي، وفي أفريقيا، على أنها "جهة مزعزعة للاستقرار". لكنه يضيف أن "الأهمية المالية والسياسية" التي اكتسبتها الدولة الخليجية خلال العقد الماضي "ستحميها على الأرجح من أي عواقب خطرة".

(فرانس برس)  

مقالات مشابهة

  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • حرب العاشر من رمضان.. القوات الجوية تدمر مواقع العدو والبحرية تفرض حصارا والدفاع الجوي يسقط ثلث طائرات الجيش الذي لا يقهر
  • ذكرى انتصارات العاشر من رمضان.. جنود مصر يحطمون أسطورة «الجيش الذي لايقهر»
  • معالم في طريق استقرار الحكم في السودان (6 – 10)
  • حكايات المؤسسين (4): حكاية جيش التأسيس – الحلم الذي اقترب من أن يصبح حقيقة
  • إذ أراد الجيش انتصار بالخرطوم عليه التصدي بشكل حاسم لظاهرة الشفشفة في المناطق التي يستعيدها
  • عمليات سرقة ونهب لبيوت المواطنيين في المناطق التي حررها الجيش
  • هل تلاحظون الصمت الذي ضرب على خيمة خالد سلك؟!
  • أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
  • ماذا نعرف عن المساعدات العسكرية التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا قبل قرار ترامب بإيقافها؟