الدور الأمريكي الخفي في السودان- قراءة تحليلية
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
تحليل السياسة الأميركية تجاه الأزمة السودانية يعكس تبايناً واضحاً بين رؤية الديمقراطيين والجمهوريين، ويتداخل مع المصالح الاستراتيجية لأميركا في المنطقة، بجانب تفاعلها مع منافسيها مثل روسيا والصين وإيران.
من وجهة نظر الديمقراطيين، كما يتضح في موقف نائبة الرئيس كامالا هاريس، التركيز ينصب على دعم حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي في السودان.
على الجانب الآخر، يتسم الموقف الجمهوري براغماتية أكبر. الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الحالي للرئاسة، قد يتبنى مقاربة أكثر تساهلاً مع الحكومات العسكرية أو الأمر الواقع، كما يتجلى في التاريخ السياسي للحزب الجمهوري، حيث سعى الرئيس جورج بوش الابن إلى التعاون الاستخباراتي مع السودان رغم النظام الاستبدادي. هذه الرؤية تركز على الاستقرار والأمن الإقليمي حتى وإن تطلب ذلك التعامل مع جهات عسكرية.
فيما يخص المصالح الأميركية في السودان، يتضح أن الأهمية الاستراتيجية للبلاد تكمن في موقعها الجغرافي على البحر الأحمر ودورها في مكافحة الإرهاب. الولايات المتحدة تشعر بالقلق من توسع النفوذ الروسي في السودان، خاصة بعد إعادة إحياء اتفاقية القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر. هذه المنافسة الدولية تزيد من أهمية الملف السوداني للإدارة الأميركية، والتي قد تشهد تعديلات جوهرية في حال فوز ترامب أو هاريس في الانتخابات المقبلة.
السياسة الأمريكية بين الديمقراطيين والجمهوريين
هناك فرق واضح بين رؤية الحزبين الديمقراطي والجمهوري تجاه السودان. بينما يركز الديمقراطيون، مثل إدارة كامالا هاريس، على التحول الديمقراطي ودعم حقوق الإنسان، كما يظهر في فرض العقوبات في عهد كلينتون، يميل الجمهوريون، بقيادة شخصيات مثل دونالد ترامب، إلى البراغماتية. تعامل الجمهوريون مع أنظمة استبدادية عبر التاريخ مثلما فعل بوش الابن، ما يعكس تفضيلهم للاستقرار الإقليمي على حساب الديمقراطية.
المصالح الاقتصادية الأمريكية
الولايات المتحدة ترى في السودان فرصة استثمارية كبيرة بفضل موارده الطبيعية الوفيرة مثل النفط والذهب. في الوقت نفسه، تشعر واشنطن بالقلق من النفوذ المتزايد للصين في البنية التحتية، وروسيا في القطاع العسكري. هذا يدفع الإدارة الأمريكية لمحاولة تعزيز وجودها في السودان عبر دعم استثمارات وشراكات مع الشركات الأميركية.
الأمر المؤكد هو أن السياسة الأميركية تجاه السودان لا تقتصر على الجانب الإنساني فحسب، بل تتأثر بتوازنات القوى العالمية وبالمصالح الاقتصادية والأمنية في المنطقة، مما يجعل التعامل مع هذه الأزمة معقداً ومتشابكاً.
أن التحليل الأمريكي للسودان يجمع بين مصالح سياسية واقتصادية وأهداف استخباراتية مركزة، مما يُظهر صورة واضحة لاستراتيجية واشنطن في المنطقة. أمريكا تسعى إلى تعزيز نفوذها في السودان من خلال عدة محاور
المرامي السياسية والاقتصادية الأمريكية في السودان
التحول الديمقراطي تسعى الولايات المتحدة لدعم الانتقال السياسي في السودان لتحقيق الاستقرار، حيث يشكل دعمها للتحول الديمقراطي جزءاً أساسياً من استراتيجيتها. واشنطن تهدف إلى إنشاء شريك ديمقراطي مستقر يمكن أن يكون حليفًا لها في المنطقة، مما يعزز الاستقرار السياسي في القرن الإفريقي.
محاربة الإرهاب السودان خرج من قائمة الدول الراعية للإرهاب عام 2020، ولكن واشنطن ما زالت تتابع عن كثب الأنشطة الإرهابية المحتملة في السودان. هذه الجهود تسعى إلى منع السودان من أن يصبح أرضاً خصبة للجماعات الإرهابية.
التوازن الإقليمي السودان يُعتبر محورًا مهمًا للأمن الإقليمي، خاصة في البحر الأحمر وأفريقيا، لذا فإن تعزيز استقراره يهدف إلى منع نفوذ روسيا والصين من التوسع في المنطقة.
الاستثمار في الموارد السودان غني بالموارد الطبيعية كالنفط والمعادن، والولايات المتحدة تسعى للاستثمار في هذه القطاعات، مما يعزز علاقتها الاقتصادية مع الخرطوم ويقلل من نفوذ الدول المنافسة مثل الصين وروسيا.
قضية المياه والطاقة التعاون في ملف سد النهضة وقضايا المياه الإقليمية يُعد أحد النقاط التي توليها الولايات المتحدة اهتمامًا كبيرًا. السودان يشكل عنصراً مهماً في هذا الصراع الذي يشمل إثيوبيا ومصر.
التحليل الاستخباراتي الأمريكي للسودان
التحليل الاستخباراتي الذي تقوم به الولايات المتحدة يعتمد على مراقبة السودان عبر عدة جوانب وهي
المراقبة السياسية واشنطن تتابع عن كثب التغيرات السياسية الداخلية، خاصة ما يتعلق بعلاقة الجيش بالقوى المدنية. هذا يشمل تقييم استقرار السلطة وتحليل طبيعة التحالفات السياسية في البلاد.
مراقبة المنافسين الدوليين وهي الأهم روسيا والصين تعتبران منافسين رئيسيين في السودان، حيث تسعى روسيا لتعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر، بينما تتوسع الصين في الاستثمارات والبنية التحتية.
التحديات الأمنية القضايا الأمنية، بما في ذلك التهديدات المتزايدة من الميليشيات المسلحة وتهريب الأسلحة، تحظى باهتمام كبير من قبل الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية.
الدور الدبلوماسي الدولي تركز الولايات المتحدة على جمع المعلومات وتنسيق الجهود الدبلوماسية مع المجتمع الدولي، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، للضغط على الأطراف المتنازعة في السودان.
الاستفادة من السودانيين الأميركيين لماذا وكيف ؟
يمكن للسودانيين الأميركيين أن يلعبوا دوراً مهماً في دعم المصالح الأميركية في السودان -
الدبلوماسية الشعبية السودانيون في الولايات المتحدة يمكنهم أن يكونوا وسطاء بين واشنطن والخرطوم، مما يعزز جسور التفاهم بين البلدين.
التأثير السياسي السودانيون الأميركيون يمكنهم لعب دور في الضغط على الكونغرس لتمرير سياسات تدعم مصالح الولايات المتحدة في السودان.
الاستثمارات السودانيون في الخارج يمكنهم المساعدة في جلب استثمارات أميركية إلى السودان وتعزيز العلاقة الاقتصادية.
السياسة الخارجية الأميركية تجاه السودان
السياسة الأميركية تجاه السودان تعتمد على مزيج من العقوبات والمساعدات. واشنطن تستخدم العقوبات كأداة للضغط على الجهات التي تُعتبر تهديدًا للاستقرار، وتقديم مساعدات مالية لدعم الحكومة الانتقالية في إطار دعم التحول الديمقراطي.
كما أنها تسعى إلى التنسيق مع الحلفاء الإقليميين مثل مصر والسعودية لتحقيق أهدافها في المنطقة.
بالتالي، يُمكن القول إن أهداف الولايات المتحدة في السودان تتراوح بين تحقيق الاستقرار، منع التهديدات الإرهابية، تعزيز النفوذ الاقتصادي، وموازنة التنافس الدولي في المنطقة.
أما السودانيون الأميركيون فيمكن استغلالهم كأداة لتعزيز المصالح الأميركية في الخرطوم عبر بناء جسور دبلوماسية وتعزيز الاستثمارات والمصالح التجارية.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمیرکیة تجاه البحر الأحمر تجاه السودان فی المنطقة فی السودان
إقرأ أيضاً:
المحكمة العليا الأميركية تصدر حكما بشأن تطبيق تيك توك
رفضت المحكمة العليا الأميركية، اليوم الجمعة، طعن منصة "تيك توك" على قانون اتحادي يلزم شركة "بايت دانس" الصينية المالكة للتطبيق ببيعه أو مواجهة حظره في الولايات المتحدة في 19 يناير الجاري.
وقضت المحكمة بأن القانون، الذي أقره الكونغرس الأميركي بأغلبية ساحقة من الحزبين العام الماضي ووقعه الرئيس جو بايدن، لا ينتهك مواد الدستور الأميركي المتعلقة بحماية حرية التعبير.
يعد تطبيق "تيك توك" من أبرز منصات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة حيث يستخدمه نحو 270 مليون أميركي، أي ما يقرب من نصف السكان.
ويعارض ترامب حظر "تيك توك".
وقال إن التطبيق له "مكانة خاصة في قلبه"، إذ يعتقد أن المنصة ساعدته في جذب الناخبين الشباب في انتخابات 2024.
وفي ديسمبر الماضي، طلب ترامب من المحكمة العليا تعليق القانون لمنح إدارته الجديدة "الفرصة للتوصل إلى حل سياسي".
وقال مايك والتس مستشار الأمن القومي لترامب، أمس الخميس، إن الإدارة الجديدة ستُبقي على أنشطة "تيك توك" في الولايات المتحدة إذا تم التوصل إلى اتفاق قابل للتطبيق.
وأضاف أن الإدارة الجديدة "ستضع تدابير لمنع توقف تيك توك عن العمل"، مشيرا إلى بند في القانون يسمح بتمديد لمدة 90 يوما في حال تحقيق "تقدم كبير" نحو التخارج.
وقال تشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، أمس الخميس، إنه يتعين منح "تيك توك" المزيد من الوقت للعثور على مشتر أميركي وإنه سيعمل مع إدارة ترامب "للإبقاء على تيك توك فاعلا مع حماية أمننا القومي".
وقالت مصادر مطلعة لوكالة رويترز للأنباء، يوم الأربعاء، إن شركة "تيك توك" تعتزم إغلاق التطبيق في الولايات المتحدة يوم الأحد ما لم يتم التوصل إلى حل في اللحظات الأخيرة.