بغداد- تتداخل في العراق الكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل معقد ومتشابك، وتشهد الساحة السياسية توترات متزايدة بسبب عدة عوامل، منها تعثر اختيار رئيس للبرلمان، بالإضافة إلى التطورات الإقليمية المتسارعة، خصوصًا الحرب على غزة.

ولا يزال منصب رئيس مجلس النواب شاغرا، ويديره بالإنابة محسن المندلاوي النائب الأول لرئيس المجلس، وذلك بعد قرار المحكمة الاتحادية في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بإقالة رئيسه آنذاك محمد الحلبوسي، على خلفية "ثبوت التزوير بقضية استقالة النائب ليث الدليمي".

وللحديث عن هذه الملفات وغيرها، التقت الجزيرة نت السياسي البارز ونائب رئيس مجلس الوزراء بحكومة نوري المالكي ورئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك.

المطلك: النخب السياسية المشاركة بالحكم مسؤولة عن التصدع بينها وبين المواطنين (الجزيرة) كيف تنظرون للعدوان الإسرائيلي على غزة وما تأثيره على المنطقة بشكل عام؟ وكيف ترى ردود الفعل العراقية الرسمية والشعبية؟

ما يجري في قطاع غزة من عمليات إبادة جماعية وسحق للبشر والحجر يدمي القلوب، ولم نشهد مثله في أي من الحروب السابقة عالمياً أو إقليمياً.

ويظهر الموقف المزدوج للدول الغربية في التعامل مع القضية الفلسطينية بشكل غير مقبول، حيث يبدو أن هناك تحيزاً واضحاً لإسرائيل، دون التعامل بكفاءة مع الجرائم التي ترتكبها ضد الفلسطينيين.

أما بشأن موقف العراق الرسمي والشعبي فهو واضح في نصرة غزة ورفض العدوان، ولكن نحتاج إلى موقف أقوى من الدول العربية والإسلامية لوقف العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان.

كيف تنظر للصراعات الحالية في العراق؟ وهل تتوقع أن تؤدي لفوضى مستقبلية تفضي لانهيار العملية السياسية برمتها؟

يشهد العراق حالياً صراعات سياسية داخل البيت الشيعي والسني والكردي قد تؤدي إلى فوضى مستقبلية. وقد حذرنا من مسيرة العملية السياسية في العراق باتجاه خاطئ، حيث أصبح الوضع السياسي هشاً والجمهور رافضاً لما يجري، ويبدو أن الوضع غير مريح وبحاجة إلى تدارك القوى السياسية لوضعها قبل حصول المحظور.

الجميع يتحدث عن سياسة المحاور والولاءات، فكيف تعلل ذلك؟ وهل تعتقد أن العملية السياسية رغم مرور عقدين من الزمن من عمرها ما تزال أسيرة القرار الخارجي؟

يبدو أن سياسة المحاور والولاءات لهذا الطرف أو ذاك تلعب دوراً كبيراً في العملية السياسية بالعراق، ويبدو أن معظم من تناوب على الحكم في هذه البلد كان مرتبطاً قبل مجيئه إليه بدول معينة. واستمر هذا الولاء والارتباط حتى الآن، لكني أرى أن على هؤلاء القادة أن ينظروا إلى مصلحة البلد ونهوضه، وليس إلى مصالح الدول التي يتعلقون بها.

المطلك: الطرف السني لا يريد رئاسة جديدة للبرلمان (مواقع التواصل) هل لديك خشية من استغلال ثغرات الدستور الجديد لإقصاء الآخرين خصوصا ما يتعلق باجتثاث البعث وتعريف الكتلة الأكبر وصلاحيات الرئاسات بالدستور وغيرها؟

شاركنا بنشاط في المراحل الأولى من كتابة الدستور الجديد. ومع ذلك، فقد طالبنا الجمهور بعدم التصويت على المسودة الحالية بعد أن لمسنا فيها ملاحظات عديدة، وتضمنها لعدد من المواد الملغمة التي قد تنفجر على العراق وشعبه، وقد شددنا على ضرورة تعديل تلك المواد قبل الانتهاء من كتابة الدستور بشكل نهائي.

وثغرات الدستور كثيرة ويمكن للطرف الأقوى استغلالها لاضطهاد الأطراف الأخرى، وهذا الوضع يخلف فجوة وعدم رضا لدى العراقيين، مما يجعل العملية السياسية في العراق هشة ومعرضة للانهيار في أي وقت.

فمثلا المادة 142 حولت الدستور إلى دستور جامد يصعب تعديله مستقبلًا، وهذا الجانب يشكل تحديًا كبيرًا للبلاد، وقد يؤدي إلى عدم القدرة على تطبيق التعديلات اللازمة في المستقبل، حيث تضمنت المادة 5 فقرات:

يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه، ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي، مهمتها تقديم تقرير للمجلس خلال مدة لا تتجاوز 4 أشهر يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية. تعرض التعديلات المقترحة دفعة واحدة للتصويت عليها، وتعد مقرة بعد موافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس. تطرح المواد المعدلة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ إقرار التعديل. يكون الاستفتاء على المواد المعدّلة ناجحا بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في 3 محافظات أو أكثر. يستثنى ما ورد في المادة 126 المتعلقة بتعديل الدستور إلى حين الانتهاء من البت في التعديلات الواردة في هذه المادة. منصب رئيس البرلمان استحقاق فمن المسؤول عن خلوه حتى اللحظة؟ ومن المستفيد من بقاء الوضع على ما هو عليه؟

المستفيدون من خلو منصب رئيس البرلمان هم: أولاً الطرف السني الذي لا يريد رئاسة جديدة للبرلمان، كما يوجد طرف من الإطار التنسيقي الشيعي يريد بقاء إدارة المنصب بعهدته.

هناك أيضًا صراعات بين الأطراف الداخلية في الإطار الشيعي مع الحكومة ورئيسها، ويعتقد بعضهم أن مجيء شخص معين لرئاسة البرلمان سيكون متوافقًا مع رأس الحكومة، بينما يعتقد آخرون أنه من غير الصحيح مجيء رئيس للبرلمان في هذا الوقت.

من يتحمل مسؤولية الفجوة بين النخب السياسية والمواطن؟ وهل تتوقعون أنها ستكون البوابة لعزوف متزايد بالانتخابات المقبلة؟ أو ربما نشهد مظاهرات أكبر؟

النخب السياسية المشاركة في الحكم هي المسؤولة عن التصدع الحالي بينهم وبين المواطنين، وتتجلى هذه الفجوة في عدم التمكن من تقديم الخدمات الأساسية لهم، وعدم الاهتمام بمطالبهم المحلية.

وإذا استمر هذا الوضع، فإن العزوف عن الانتخابات سيتزايد، مما سيؤدي إلى فقدان المواطنين لثقتهم في العملية السياسية، كما قد يؤدي إلى فقدان معنى الديمقراطية في العراق، حيث يصبح النظام السياسي غير شفاف وغير مسؤول.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني (العراقية) كيف تقيم أداء حكومة السوداني؟ وهل نجحت في تغيير الصورة داخليا وخارجيا؟ وهل استطاع التحرر من قرار الأحزاب السياسية؟

يعمل محمد شياع السوداني بجدية، وبساعات متواصلة ليلاً ونهاراً لتقديم الخدمات للمواطنين، مؤكداً أنها حكومة خدمات.

ومع ذلك، يبدو أن النجاح يأتي مع ثمن وضريبة، حيث إن بعض الكتل السياسية لا ترى نجاح السوداني بنفس العين، لأن ذلك قد يؤدي إلى تحقيقه لنصيب أكبر في الانتخابات المقبلة، وسيطرته على جزء من جمهورهم.

وهنا يظهر الصراع غير المنطقي، حيث يُحسب نجاح رئيس الوزراء الشيعي كإنجاز للأطراف السنية، بينما يراهن التيار الصدري على فشلهم.

كيف تدعمون انسحاب التحالف الدولي من البلاد أم لديكم خشية من توسع نفوذ دول أخرى بعد الانسحاب؟

يجب أن نتساءل عما إذا كان وجود التحالف الدولي في العراق يُعتبر احتلالاً، الحقيقة أن هذه القوات جاءت بطلب من الحكومة في ظروف صعبة خلال دخول "تنظيم الدولة" وساهمت بمساعدة الحكومة في إنهاء خطر وجوده.

إن أي مطالبة بخروج تلك القوات بهذه الطريقة لا مبرر لها، وإن كان الإخراج بطريقة مهينة فسنكون على خلاف مع 82 دولة حول العالم. يجب أن تتم الأمور بالتفاهم، وعندما يصبح العراق مستعدًا فعليًا للعمل دون وجود التحالف الدولي، يمكننا التفكير في ذلك.

ومع ذلك، لا نزال بحاجة إلى خبرات التحالف ودعمه الاستخباري واللوجستي والغطاء الجوي لمساعدة الطيران العراقي، لقد تم الاتفاق مع القيادات السياسية عدة مرات لضمان عدم حدوث فراغ يمكن لجهات أخرى استغلاله، أو حدوث حالة فوضوية. ولا سيما أن وضعنا الاقتصادي صعب جدا وأموالنا لدى البنك الفدرالي.

ولكن إذا كان القرار بخروج التحالف الدولي عراقيًا دون أية إملاءات خارجية، فسنفتح النقاش حول أسبابه.

وبحسب إحصائيات غير رسمية، فإن عدد القوات الأميركية بالعراق كان بداية الغزو عام 2003 نحو 130 ألفا، وبقي عددها متذبذبا طوال سنوات بين 100 ألف و150 ألفا، إلا أنه عاد للارتفاع إلى نحو 170 ألفا مع اشتداد وتيرة العنف عام 2007.

ومع نهاية 2011 أنهت أميركا غزوها للعراق في عهد الرئيس باراك أوباما وسحبت قواتها من البلاد، باستثناء عدد قليل من المستشارين العسكريين.

ولكن مع اجتياح تنظيم الدولة لأجزاء واسعة من العراق عام 2014، ضاعفت واشنطن قواتها لتبلغ أكثر من 5 آلاف عنصر، قبل أن تخفضها مجددا إلى 3 آلاف عام 2021، ثم إلى نحو 2500 العام الجاري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العملیة السیاسیة التحالف الدولی فی العراق

إقرأ أيضاً:

معالم في طريق استقرار الحكم في السودان (5-10)

أ / محمد علي طه الملك
خبير قانوني وقاض سابق بالمحاكم السودانية

السلطات التشريعية والقضائية

(أ) السلطة التشريعية الاتحادية
لما كانت دولتنا لازالت في طور البحث عن دستور دائم منذ فجر الاستقلال ، إذن فإن الحاجة قائمة إلي إنشاء دستور ، لقد استقر العرف الدستوري على نمطين يتم بأي منهما اجازة الدستور الدائم ، الاستفتاء الشعبي العام ، أو عن طريق جمعية منتخبة انتخاب حر أصطلح على تسميتها بالجمعية التأسيسية ، بالنظر لما جرى عليه العمل في ظل النظم الديموقراطية التعددية التي حكمت السودان ، فإن نمط الجمعية التأسيسية كان هو السائد وعلى قرار ذلك يطرح المقترح درجتين في المستوى الاتحادي ، إحداهما تشريعية موقتة والآخرى رقابية متجدد دوريا.

الجمعية التأسيسية
ـ تمثل المستوى التشريعي الموقت ، يتم انتخاب عضويتها بالاقتراع الحر على نطاق الوطن مهمتها إجازة الدستور الدائم للبلاد في فترة يتم التوافق عليها ، وتنتهي مهمتها بذلك ثم يعقبها مجلس للرقابة الاتحادية.
كما تقدم يمكن الاستغناء عن الجمعية التأسيسية واستبدالها بالاستفتاء الشعبي العام ، هذا الخيار يمكن اللجوء إليه حال انعقاد مؤتمر دستوري يتم التوافق فيه على دستور يستفتى فيه الشعب ويجيزه كدستور دائم.
مجلس الرقابة الاتحادية أو مجلس الشيوخ يتم انتخابه دوريا مع الدورات الحكومية على النحو التالي:
ـ عشرة أعضاء من المجالس التشريعية المنتخبة في كل إقليم. ـ رؤساء النقابات و الاتحادات المهنية والنسوية الاتحادية .

ـ ثلاث أعضاء من المجلس التشريعي لولاية الخرطوم.
ـ يختار أعضاء مجلس الرقابة الاتحادية من بينهم بالاقتراع رئيس المجلس ونائبة .
(أ‌) مهام مجلس الرقابة الاتحادية :
ـ مراقبة ومراجعة أداء الحكومة الاتحادية ومجلس الدولة وبذل النصح والمشورة.

(ب‌) سلطة التشريع الإقليمية
ـ هي سلطة التشريع والرقابة الدورية الرئيسة في الإقليم ، يفصل القانون عدد عضويتها وإجراءات انتخابهم ومخصصاتهم.
(ج) مجالس المحليات :
يحدد القانون الإقليمي دوراتها ، مهامها وعدد عضويتها وإجراءات انتخابهم ومخصصاتهم.

الهيئات أو المجالس التشريعية هي إحدى قوائم السلطات الثلاثة في الدولة ، وقد تلاحظون أن المقترح يشير لدرجتين للهيئات التشريعية وثلاثة درجات للمجالس الرقابة يفصلها كما يلي:
في المقام الاتحادي : يقترح سلطة تشريعية واحدة مؤقتة يسميها ( الجمعية التأسيسية ) ، يتم انتخاب عضويتها من سائر السودانيين وتنظيماتهم في الداخل والخارج ، مهمتها محددة وموقوتة بإجازة الدستور الدائم ، بإنجازها تلك المهمة ينتهي دورها كسلطة تشريعية إلى امآبد ، ويحل محلها مجلس يسميه المقترح ( مجلس الرقابة الاتحادية) ، عضويته ومهامه يفصلها الدستور والقانون ، الحالة امآخرى وهي التي أشار لها المقترح بالاستفتاء الشعبي يكون ذلك في حالة الاتفاق على صيغة دستورية من خلال مؤتمر دستوري ، يعرض بعدها للاستفتاء الشعبي الذي يعتمده كدستور دائم.
يفهم من ذلك أن ( مجلس الرقابة الاتحادية ) ليس له دور تشريعي ، فالدور التشريعي على المستوى الاتحادي ، يكون قد أنجز سلفا بإجازة الدستور الدائم من قبل الجمعية التأسيسية أو الاستفتاء الشعبي ، فإن كان الآمر كذلك ـ ما الحاجة إذن لمجلس الرقابة الاتحادية و ما هي مهامه؟
صحيح على الرغم من عدم امتلاك مجلس الرقابة الاتحادية لسلطات تشريعية لقوانين تأخذ الطابع الاتحادي ، غير أن الحاجة تظل قائمة لجهاز شعبي منتخب ، يتولى مهمة الرقابة على أعمال الدولة في مقامها الاتحادي ، ودور شوري تحتاجه السلطة التنفيذية الاتحادية فيما يتعلق بالقرارات المهمة الكبرى ، أما عن المهام فالمقترح يترك تفاصيلها للدستور ويقدم فقط تصوره حول عدد العضوية والجهات التي يحق لها التمثيل.

هنالك سؤال آخر يتعلق بالكيفية التي يعدل بها الدستور الدائم ، حتى لا يعتريه جمود أبدي في غياب السلطات التشريعية الاتحادية؟
هذا الآمر يمكن علاجه بأحد طريقتين يتم النص عليها في الدستور ، الاستفتاء الشعبي على التعديلات ، أو باجتماع كل عضوية مجالس التشريع الإقليمية في تشكيلة واحدة ، بالإضافة لمجلس الحكم الاتحادي ومجلس الرقابة الاتحادية ، يصبح لهذا الجمع سلطة تعديل الدستور الدائم بأغلبية الثلثين.
في المسنوى الإقليمي : هنالك سلطة تشريعية إقليمية منتخبة دوريا يسميها ( مجلس التشريع الإقليمي ) ، وهي السلطة التشريعية الوحيدة في الإقليم ، تطلع بتشريع كافة القوانين بما يتفق ومبادئ العدالة ومواثيق حقوق الإنسان ونصوص الدستور الدائم ، ويتلاءم مع بيئة وثقافة وإرادة مواطني الإقليم ، ويكون نطاق سريان الاختصاص المحلي لتلك القوانين والتشريعات الحدود الجغرافية للإقليم .
يفهم من كل ذلك أنه بمجرد سريان الدستور الدائم ، تنتقل سلطات التشريع الحقيقية من الاتحادية إلى الآقاليم ، لتصبح هي سلطات التشريع والرقابة الدورية في حدود الإقليم ، الغاية التي يرمي إليها المقترح من وراء ذلك ، بجانب ما تعارفت عليه النظم الاتحادية ـ هو غل يد السلطة الاتحادية من التدخل في شؤون الإقليم ، إلا في حدود ما يسمح به الدستور الدائم ، الامر الذي يوفر للسلطة الإقليمية استقلالها ، سواء في الإطار التنفيذي أو التشريعي.
غني عن القول أن توفر سلطتي التنفيذ والتشريع بيد الحكومات الإقليمية ، هو ضمان استقلال سلطاتها عن الحكومة الاتحادية في إطار أحكام الدستور الدائم ، قصد بهذا التصور إعطاء مواطني كل إقليم الحق الكامل ، في وضع القوانين التي يتوافقون عليها بالآغلبية ومن ثم حرمان الحكومة الاتحادية ومجلسها الرقابي من فرض أي تشريعات على الآقاليم بعد إجازة الدستور الاتحادي الدائم ، وذلك حفاظا على مبدأ استقلال السلطة الإقليمية ، تلك هي السلطتان التشريعيتان في عموم هيكلة الدولة الاتحادية المقترحة ، إحداها اتحادية ينتهي دورها بإجازة الدستور الدائم ، والآخرى إقليمية دورية ثابتة ، بقية المجالس الولائية والمحلية طابعها العام شوري ورقابي ، سلطتها في التشريع لا تتعدى إجازة الآوامر المحلية والمنشورات التنظيمية والتنسيقية واللوائح ، التي تصدر عن السلطة التنفيذية الولائية والمحلية ممثلة في المعتمدية بما يتسق مع التشريع الاقليمي والدستور الاتحادي.

السلطة القضائية
ـ هي السلطة الثالثة في بنية الدولة القطرية الحديثة ، ينظمها المقترح في مستويين :
المحكمة الدستورية الاتحادية :

ـ هي الجهة المختصة بالفصل في دستورية القوانين ، وأي اختصاصات أخرى ينص عليها الدستور الدائم ، ويفصل بقانون عدد عضويتها ومخصصاتهم ومدة خدمتهم .

يتم الاختيار للمحكمة الدستورية من بين أفضل وأطول الخبرات المرشحة من قضاة المحاكم العليا ، بواسطة رئيس الجمهورية بالتشاور مع رئيس القضاة ، و مجلس الحكم الاتحادي ومستشار الدولة للعدل.

ـ يرس المحكمة الدستورية أطول المختارين خبرة في العمل القضائي.
. ـ مقر المحكمة الدستورية هو العاصمة الاتحادية
: السلطة القضائية الاتحادية
يرأسها رئيس يسمى رئيس القضاة ، ينتخبه القضاة من بين قضاة المحكمة العليا وتتبع لإدارته كافة الكوادر القضائية وإدارة المحاكم وتسجيلات الأراضي ، مقرها العاصمة الاتحادية.
: السلطة القضائية الإقليمية
تتبع لرئاسة القضاء الاتحادي إداريا ، ويرأسها رئيس المحكمة العليا الإقليمية
مقرها رئاسة الإقليم ، وتشمل المحكمة العليا الإقليمية والمحاكم العاملة بالإقليم وإداراتها.

السلطة القضائية هي الضلع الثالث من أضلاع الدولة ، ووفق ما استقر عليه تاريخ العمل القضائي ، فإن هناك صنفين للقضاء في السودان ، قضاء قانون وقضاء موضوع.
قضاء القانون معني به القضاء الذي ينعقد اختصاصه في نظر ومراجعة الآحكام الصادرة من محاكم الموضوع ، إذا كان الحكم مخالف للقانون ومبادئ العدالة ، أما قضاء الموضوع فتمثله المحاكم العادية بدرجاتها المختلفة ومحكمة الاستئناف ، ُعرفت بمحاكم موضوعية لآنها تنظر في موضوع الدعوى أي وقائعها ، وتصدر حكمها استنادا على معايير وزن البينات.
فيما مضى كانت المحاكم العليا وحدها الممثلة لقضاء القانون في السودان ، وفقا لتراتبية درج التقاضي آنذاك ، غير أن التطور الدستوري بعد اتفاق السلام الدائم ، أضاف محكمة أخرى لسلم القضاء في السودان لآول مرة سماها المحكمة الدستورية ، بهذه الإضافة أصبح للقضاء شقين في السودان ، شق تمثله المحكمة الدستورية ، على قمتها رئيس المحكمة الدستورية ، وشق آخر يمثله القضاء الاتحادي ،على قمته رئيس القضاء حدد الدستور الانتقالي في الباب الخامس حدود الاختصاص لكل منهما في المادة 122 في النقاط التالية :
ـ حراسة الدستور وتفسير نصوصه.
ـ الفصل في المنازعات التي يحكمها الدستور ودساتير الولايات.
ـ حماية حقوق الإنسان والحريات الآساسية. ـ الفصل في دستورية القوانين والنصوص.
ـ الفصل في النزاعات الدستورية فيما بين مستويات الحكم وأجهزته.
ـ للمحكمة الدستورية اختصاص جنائي في مواجهة كل من رئيس الجمهورية ونوابه وقضاة المحكمة العليا ورئيس الهيئة التشريعية القومية.
يفهم من ذلك أن المحكمة الدستورية مع أنها في الآصل قضاء قانون ، أضاف لها الدستور اختصاص موضوعي ، تمثل في الشق الجنائي عندما يكون الفعل الجنائي يتعلق برئيس الجمهورية ، أو أحد نوابه أو رئيس الهيئة التشريعية ، أو أي من قضاة المحكمة العليا ، وفي المادة 123 وما يليها حدد الدستور الشق الآخر ، وسماه بالسلطة القضائية القومية محددا اختصاصها بالفصل في الخصومات ، وإصدار املآحكام وفقا للقانون ، كما بين درجات التقاضي ، وسماها بالمحكمة العليا القومية ، ومحاكم الاستئناف القومية ومحاكم الموضوع القومية الآخرى بدرجاتها المختلفة .
لعلكم تلاحظون أن المقترح لم يتطرق للتفاصيل ، بحسبانها تفاصيل سوف تأتي بالضرورة عند صياغة الدستور ، واكتفى بالنص على شقي القضاء الدستوري والعادي مضيفا لفظ ( اتحادية) على السلطة القضائية بدلا من لفظ القومية ، بغية تمييزها عن السلطة القضائية الإقليمية ، كما أجرى تعديلا في طريقة اختيار أعضاء المحكمة الدستورية ورئيسها ورئيس السلطة القضائية الاتحادية ، خلافا لما عليه في الدستور الانتقالي ، واقترح لكل إقليم سلطة قضائية على قمتها
محكمة عليا، يكون لرئيسها سلطة إدارية على المحاكم الآخرى في الإقليم ، وتخضع جميع السلطات القضائية في الإقليم لإدارة رئيس القضاء الاتحادي ، بحسبانه رئيس الجسم الاتحادي المعني بتعين وتدريب وتأهيل وترقية وتنقلات القضاة ، ومحاسبتهم والعناية بكافة شؤونهم الآخرى .

medali51@hotmail.com

يتبع >>>>>>>>> 6  

مقالات مشابهة

  • اقرأ غدا في عدد جريدة البوابة.. حماس تصر على مفاوضات المرحلة الثانية.. مستشار رئيس المكتب السياسي للحركة: لقاءات القاهرة ناقشت دعم شعبنا وإدخال المساعدات
  • بغداد: انتهاء الإعفاء الأمريكي يعقد الوضع الطاقوي في العراق
  • إقليم الجنوب: جدل التقسيم في المشهد العراقي
  • مصدر حكومي عراقي للجزيرة: ننفي صحة الأخبار بشأن مغادرة ماهر الأسد أو وجوده
  • رفض الموظف المنتهية خدمته للانقطاع غير المتصل عن العمل من تقديم عذر يخالف الدستور
  • أمريكا لحكومة الإطار العراقية: كفاكم تهريب المال العراقي لإيران بتبرير شراء الغاز والكهرباء
  • عمران: مشروع الدستور يعالج الفيدرالية والمماطلة تعمّق الأزمة
  • معالم في طريق استقرار الحكم في السودان (5-10)
  • آراس حبيب يحذر: أزمة كهرباء وشيكة وعقوبات أمريكية تهدد الاقتصاد العراقي
  • ما موقف مقتدى الصدر من اسقاط النظام السياسي في العراق؟ - عاجل