دمشق-سانا

تقدم رواية “حوادث قصر العنكبوت” للدكتور إياد ناجي، الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب تجربة أدبية فريدة تجمع بين الرعب والغموض، والتاريخ السوري العريق.

وتتناول الرواية فترة مهمة من تاريخ دمشق في القرن الثامن عشر، معتمدة على مذكرات البديري الحلاق الشهيرة والمعروفة باسم حوادث دمشق اليومية، وهي مخطوطة تاريخية توثق أحداثا مهمة وتفاصيل حياة أهل دمشق في تلك الحقبة.

وتمثل هذه الرواية مزيجا من الأدب التاريخي وأدب الرعب والغموض، حيث يستخدم الدكتور ناجي مقتطفات من المخطوط الشهير لتقديم سياق تاريخي واقعي للأحداث الغامضة التي تدور في القصر، وهذا المزج بين الواقع والتخيل يخلق عالماً يتسم بالتشويق، حيث تتشابك الحوادث اليومية الموثقة مع قصة القصر الملعون والأحداث الغامضة التي تقع فيه.

وتمثل اللغة المستخدمة في الرواية جزءاً مهماً من تجربتها الأدبية، فقد اعتمد المؤلف على لغة الشام الشعبية في القرن الثامن عشر، وهي محاولة لإحياء روح ذلك العصر، ونقل القارئ إلى زمن دمشق القديمة، بما فيها من تفاصيل ثقافية واجتماعية.

كما تبرز الرواية التعابير الشعبية التي كانت مستخدمة في ذلك الوقت، وأحياناً يُستعان بعبارات مأخوذة حرفيا من مذكرات البديري الحلاق، ما يضفي على النص نكهة تاريخية خاصة تعزز من مصداقية التجربة الروائية.

وتتميز الرواية بسردها المتقن الذي يمزج بين الرعب والغموض، حيث تتتابع الأحداث داخل قصر غامض يشهد حوادث مريبة، يتمكن الدكتور إياد ناجي من خلق جو مشحون بالتوتر، معتمدا على توظيف الحوادث التاريخية التي تثير فضول القارئ وتربطه بالعالم الواقعي، ما يزيد من إثارة النص.

رواية حوادث قصر العنكبوت ليست مجرد قصة عن قصر غامض، بل هي رحلة إلى ماضي دمشق، واستعادة لروح المدينة في فترة زمنية مضطربة، واستكشاف للعوالم النفسية لشخصياتها، وتضع القارئ أمام تساؤلات حول الماضي وعلاقته بالحاضر، وتجسد مدى قدرة التاريخ على خلق حالة من الغموض والتشويق إذا ما أُعيد تقديمه بطريقة إبداعية كما فعل الدكتور إياد ناجي في هذا العمل.

ميس العاني

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلادها.. جين أوستن رائدة الرواية البريطانية وأيقونة الأدب النسوي

يصادف اليوم، 16 ديسمبر (كانون الأول)، ذكرى ميلاد الروائية البريطانية جين أوستن عام 1775، التي تُعد من مؤسسي فن الرواية باللغة الإنجليزية.

يرى عدد من النقاد أن جين أوستن تمثل مرحلة مميزة من فن الرواية البريطانية في القرن الثامن عشر، بفضل تميزها عن سابقيها في العناية بالشكل، والاهتمام بالمضمون، وتركيزها على القضايا الأخلاقية.

تجربة حب واحدة 

ولدت أوستن في بلدة ستيفنتن الصغيرة، حيث وفر لها والدها، بحكم عمله ومكانته الاجتماعية، فرصة الاختلاط بطبقة راقية من المجتمع، ما أتاح لها التعرف على أنماط متعددة من الشخصيات الإنسانية. كان والدها هو الأكثر تأثيراً في حياتها.

عاشت أوستن 25 سنة في بلدتها، قبل أن تنتقل مع أسرتها إلى بلدة باث السياحية بعد تقاعد والدها. وبعد وفاته، تنقلت بين عدة مدن حتى استقرت في تشوتن، مع زيارات مستمرة إلى لندن. عاشت تجربة حب واحدة لم تكلل بالزواج.

وفي عام 1816، استقرت في وينشستر للعلاج من مرض ألم بها، لكنها توفيت هناك عام 1817.

تحولات كبرى 

كانت حياة أوستن متزامنة مع تحولات سياسية واجتماعية كبرى في إنجلترا، مثل الثورة الصناعية والثورة الفرنسية وصعود الطبقة المتوسطة. ورغم أنها لم تعش في صخب المدن وصالوناتها الفكرية، كانت مطلعة على الأدب في عصرها، وكتبت ست روايات لم تحظَ بالشهرة إلا بعد وفاتها.

تدور معظم أعمالها حول فئة معينة من المجتمع البريطاني، وتميزت بأسلوب ساخر يجمع بين الواقعية والأخلاقية، بعيداً عن الأسلوب التعليمي المباشر. ومع ذلك، أخذ بعض النقاد عليها ضيق الأفق في عالمها الروائي، وهو ما اعترفت به في رسائلها، إذ ذكرت أنها لا تستطيع كتابة رواية تاريخية أو رسم شخصية ذات ثقافة واسعة أو عاطفة عميقة.

معرفة الذات 

من أبرز المواضيع التي تناولتها أوستن: معرفة الذات، التي ترى أنها محدودة بسبب تسلط الأنا الفردية، والعلاقة بين الرجل والمرأة، حيث تعاطفت مع المرأة وانتقدت الخضوع المطلق للرجل. جمعت في أعمالها بين تيارين متناقضين؛ تيار محافظ وآخر متحرر.

تظل أعمال جين أوستن محط اهتمام النقاد حتى اليوم، مما يعكس مكانتها في فن الرواية البريطانية. فهي تُعد رمزاً للأدب النسوي المكتوب بالإنجليزية، بجانب كونها من مؤسسي فن السرد الذين أحبهم القراء، مثل شكسبير وتشارلز ديكنز.

لم تعاصر أوستن اختراع الكاميرا، لكن دار سوذبيز للمزادات عرضت لوحة بورتريه أصلية لها، رسمها الفنان جيمس أندروز بالألوان المائية، وألهمت هذه اللوحة العديد من الرسومات اللاحقة.

تشمل أعمال جين أوستن: العقل والعاطفة (1811)، كبرياء وهوى (1813)، مانسفيلد بارك (1814)، إيمّا (1815)، دير نورثانجر (1817)، وإقناع (1817).

وقد ألهمت أعمالها إنتاج 21 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً.

مقالات مشابهة

  • بعد تعيينه مطران اللاتين بالأردن.. من هو الأب إياد طوال؟
  • ‏خارجية فرنسا: البعثة الفرنسية في دمشق قالت إن باريس مهتمة بقضايا الأمن التي تصب في صالح الجميع
  • تعيين الأب إياد طوال أسقفًا معاونًا للأردن
  • خبير : تصريحات غالي منفصلة عن الواقع والتاريخ
  • في ذكرى ميلادها.. جين أوستن رائدة الرواية البريطانية وأيقونة الأدب النسوي
  • عاجل - الغموض يكتنف مصير القواعد الروسية في سوريا بعد سقوط الأسد
  • رسالة كاتبة إلى أختها المعارضة التي ماتت قبل أن ترى سقوط بشار
  • لازم تروح للدكتور فورا.. هيئة الدواء تحذر من هذه الأعراض المنتشرة
  • البردوني وشجون الشؤون الثقافية
  • اللحظات الأخيرة التي سبقت رحيل الأسد إلى موسكو