موقع 24:
2025-01-23@19:02:21 GMT

استنزاف العالم

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

استنزاف العالم

الأطراف الفاعلة والمؤثرة في سعيها لبلوغ هدفها تلتقي في فضاء واحد


حين يعمُّ عدم اليقين كثيراً بين سكان عالمنا المعاصر، وينتابُهم الخوف، وتضطربُ العلاقات فيما بينهم، يكونون على شفا “حفرة الضياع الجماعي"، حتى إذا ما سقطوا فيها ـ باعتبارها فتنة عامّة ـ تحولت الحياة لديهم إلى "حالة عبثيَّة"، قد لا تكون مقصودة من الذين يصنعون القرار هنا أو هناك بالنسبة لشعوبهم، لكن بكل تأكيد هم يقصدون بها أذى الأخرين بما يحقق مصالح دولهم ومجتمعاتهم، مُتناسين أن المصالح مشتركة بين البشر حتى وإن بغت دولة على أخرى، وكانت مساوية لها أو غير مساوية في القوة، ومعاكسة لها في الاتجاه.


ولأن هذا الوضع مرفوض من الدول القوية والضعيفة، الكبيرة والصغيرة، الفاشلة والناجحة، المتقدمة والمتخلفة، فإن هناك محاولات متعددة ومتنوعة تبذلُ في الوقت الرّاهن من كل الأطراف للخروج من حال التَّيه إلى الرّشد، ولو بشكل نسبي وبطيء، لكنها لا تتسم بالجدية لجهة تحقيق العدالة، أو استرجاع حقوق المستضعفين، لذلك لا تحقق النتائج المرجوة، وتبعاً لذلك تعمق من الشك بين البشر في حياتهم المعاصرة.
الملاحظ هنا، أن الأطراف الفاعلة والمؤثرة في سعيها لبلوغ هدفها تلتقي في فضاء واحد على مستوى الأسلوب، وهو ما نعيشه اليوم ضن مواقف تكرس جميعها" حالة استنزاف عامة"، تشي بخوف مساوٍ من الناحية العملية للبشر في تعاملهم مع حالة" تخطف الطير"، أو لما "تهوي به الريح في مكان سحيق"، وكأن غياب الصدق في العلاقات، والتخلّي عن الخيرية، والدفع نحو تشكيل موقف رفض للآخر، جميعها عوامل مطلوبة لتحقيق استنزاف يقابل بمثله من الآخرين كلما اتسعت مساحة العداء.
عمليّاً، وحتى تاريخيّاً، فإن الاستنزاف ارتبط بالحروب، أي أنه نتاج الأعمال العسكرية ذات الديمومة الأطول من أزمنة الحروب والمعارك، لكن تلك الخلفية التاريخية لم تعد اليوم قاصرة عن الأعمال العسكرية، وإن كانت هذه الأخيرة هي الأساس، لذا فقد تكون دولة ليست شريكة في حرب ما بل بعيدة عنها، ومع ذلك يشملها "الاستنزاف"، على النحو الذي نراه اليوم في عدد من دول العالم، بل أنه يشمل كثيراً من الدول مُتّخذاً شكلاً مختلفاً عن نشأته الأولى، لدرجة يمكن أن نطلق عليه "الاستنزاف السّلمي"، الذي يشمل معظم مجالات الحياة.
في تعميم الاستنزاف اليوم على المستوى العالمي، تبدو الحروب مجرد مقدمات لنهايات كارثية، قد تستمر حتى حين تضع الحرب أوزارها، ونتيجة لذلك لا ينتظر تحقيق انتصار دائم للطرف الأقوى، وفي حال تحققه فإنه لا يتعدى انتصار في جولة، قد تظهر بعدها جولة أخرى تُحوِّل النصر العسكري إلى هزيمة، على النحو الذي رأيناه في حرب الولايات المتحدة في أفغانستان، فقد انهت الوجود الظاهري لطالبان، ثم عادت بعد سنوات، لتكرسها وجودها الحقيقي.. لقد تم استنزافها في الحرب والسلم.
الحالُ تلك تتكرر اليوم ـ بشكل آخر ـ في أوكرانيا، حيث تستنزف هذه الأخيرة، ومعها عدوها روسيا، وكذلك الأمر الدول الداعمة لها من مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاتحاد الأوروبي، وخاصة ألمانيا وفرنسا، أي اتساع مساحة الاستنزاف، وهو ما ينطبق أيضا على حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، وكذلك حربها ضد حزب الله في لبنان، وأيضا إيران، وهذه الأطراف جميعها ـ بغض النظر إن كانت على حق أو على باطل ـ هي في حرب استنزاف طويلة المدى.
وبعيداً عن ميادين القتال، فهناك استنزاف أيضا بطرق أخرى يتعلق بالطاقة والمناطق الجيوـ استراتيجية، وبالمياه، وبالعمل من أجل عالم متعدد الأقطاب، ولنا في الدور الصيني الاقتصادي في القارة الأفريقية وبعض الدول الآسيوية، والوجود العسكري الفرنسي ـ أو ما بقي منه ـ في دول الصحراء والسّاحل أمثلة دالة، وكذلك الأمر بالنسبة للصدام المحتمل بين مصر وأثيوبيا حول مياه النيل.
إذاً الاستنزاف يجتاح معظم دول العالم، بشكل مباشر أو غير مباشر، بل أنه يعد سمة عصرنا، وأكثر ما يخيف فيه أنه يجعلنا أقرب إلى الحرب من جهة، وأنه يشمل كل مجالات الحياة من جهة أخرى، والأكثر من هذا يُعيدنا إلى زمن النهب بقوة السلاح، وبمنظومة قانونية تُشرْعِن الأعمال الإجرامية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله أحداث السودان تفجيرات البيجر في لبنان

إقرأ أيضاً:

دراسة: تلوث الهواء الناجم عن الحرائق يسبب 1.5 مليون وفاة سنويا حول العالم

كشفت دراسة جديدة أن تلوث الهواء الناتج عن الحرائق يسبب أكثر من 1.5 مليون وفاة سنويا في جميع أنحاء العالم، حيث تحدث غالبية هذه الوفيات في الدول النامية.

وتتوقع الدراسة التي نشرتها مجلة "ذا لانسيت"، أن يتزايد عدد الوفيات في السنوات القادمة مع ازدياد تواتر وشدة الحرائق نتيجة لتغير المناخ.

وقام فريق دولي من الباحثين بمراجعة البيانات الحالية المتعلقة بـ"حرائق المناظر الطبيعية" (landscape fires)، وهو مصطلح يستخدم لوصف الحرائق التي تحدث في الغابات الطبيعية والحرائق المفتعلة في الأراضي الزراعية.

وأشارت الدراسة إلى أن نحو 450 ألف وفاة سنويا نتيجة لأمراض القلب كانت مرتبطة بتلوث الهواء الناتج عن الحرائق بين عامي 2000 و2019. كما تم ربط نحو 220 ألف وفاة أخرى بأمراض الجهاز التنفسي بسبب الدخان والجسيمات الدقيقة التي تنبعث من الحرائق.

وبحسب الدراسة، فإن إجمالي الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء الناتج عن "حرائق المناظر الطبيعية" بلغ 1.53 مليون وفاة سنويا على مستوى العالم. ومن بين هذه الوفيات، كان أكثر من 90% في دول منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث شهدت منطقة إفريقيا جنوب الصحراء نحو 40% من هذه الوفيات.

وتشمل الدول التي سجلت أكبر عدد من الوفيات بسبب تلوث الهواء الناتج عن الحرائق الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية والهند وإندونيسيا ونيجيريا.

وتم إلقاء اللوم جزئيا على الحرائق المفتعلة في شمال الهند في تراكم الدخان السام الذي أغرق العاصمة نيودلهي في الآونة الأخيرة.

ودعا مؤلفو الدراسة إلى "تحرك عاجل" للتعامل مع عدد الوفيات الكبير الناتج عن "حرائق المناظر الطبيعية". كما أشاروا إلى أن التفاوت بين الدول الغنية والفقيرة يعزز من مفهوم "الظلم المناخي"، حيث يعاني أولئك الذين ساهموا أقل في تغير المناخ من آثاره الأكثر ضررا.

وأوضح الباحثون أن بعض الطرق التي يمكن للناس من خلالها تجنب دخان الحرائق، مثل الابتعاد عن المناطق المتأثرة، واستخدام أجهزة تنقية الهواء والكمامات، أو البقاء في المنازل، غير متاحة للناس في البلدان الفقيرة. لذا، طالبوا بتوفير المزيد من الدعم المالي والتكنولوجي للدول الأكثر تضررا.

وتأتي هذه الدراسة بعد أسبوع من مفاوضات مناخية للأمم المتحدة حيث تم الاتفاق على زيادة التمويل المناخي، وهو ما اعتبرته الدول النامية غير كاف. كما جاء ذلك، بعد إعلان الإكوادور حالة الطوارئ الوطنية بسبب حرائق الغابات التي دمرت أكثر من 10 آلاف هكتار في جنوب البلاد.

العالم شهد العديد من الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والجفاف والفيضانات، بالإضافة إلى أحداث الطقس المتطرفة الأخرى في هذا العام الذي يتوقع أن يكون الأشد حرارة في تاريخ البشرية.

مقالات مشابهة

  • دراسة: تلوث الهواء الناجم عن الحرائق يسبب 1.5 مليون وفاة سنويا حول العالم
  • ترامب.. و "خطاب العالمثالثيَّة"
  • السفير ألميدا ريبيرو أمينًا عامًا مكلفًا لـ«كايسيد»
  • هذه الدول التي لديها أطول وأقصر ساعات عمل في العام 2024 (إنفوغراف)
  • «كوب 30» في ضيافة البرازيل .. في محاولة لإعادة محادثات المناخ 2025 إلى المسار الصحيح
  • حروب التطبيقات الرقمية
  • «عاصفة أوامر تنفيذية».. ترامب يضع بصمته منذ اللحظة الأولى (فيديو)
  • زيلينسكي يتساءل: كيف ستكون شكل علاقة أوكرانيا بالولايات المتحدة مع عودة ترامب؟
  • دخول 260 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة اليوم.. بينها 23 وقود 
  • مؤشرات انقسام جنرالات الاحتلال: خلافات واتهامات وحرب استنزاف داخلية