موقع 24:
2024-11-22@01:07:47 GMT

استنزاف العالم

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

استنزاف العالم

الأطراف الفاعلة والمؤثرة في سعيها لبلوغ هدفها تلتقي في فضاء واحد


حين يعمُّ عدم اليقين كثيراً بين سكان عالمنا المعاصر، وينتابُهم الخوف، وتضطربُ العلاقات فيما بينهم، يكونون على شفا “حفرة الضياع الجماعي"، حتى إذا ما سقطوا فيها ـ باعتبارها فتنة عامّة ـ تحولت الحياة لديهم إلى "حالة عبثيَّة"، قد لا تكون مقصودة من الذين يصنعون القرار هنا أو هناك بالنسبة لشعوبهم، لكن بكل تأكيد هم يقصدون بها أذى الأخرين بما يحقق مصالح دولهم ومجتمعاتهم، مُتناسين أن المصالح مشتركة بين البشر حتى وإن بغت دولة على أخرى، وكانت مساوية لها أو غير مساوية في القوة، ومعاكسة لها في الاتجاه.


ولأن هذا الوضع مرفوض من الدول القوية والضعيفة، الكبيرة والصغيرة، الفاشلة والناجحة، المتقدمة والمتخلفة، فإن هناك محاولات متعددة ومتنوعة تبذلُ في الوقت الرّاهن من كل الأطراف للخروج من حال التَّيه إلى الرّشد، ولو بشكل نسبي وبطيء، لكنها لا تتسم بالجدية لجهة تحقيق العدالة، أو استرجاع حقوق المستضعفين، لذلك لا تحقق النتائج المرجوة، وتبعاً لذلك تعمق من الشك بين البشر في حياتهم المعاصرة.
الملاحظ هنا، أن الأطراف الفاعلة والمؤثرة في سعيها لبلوغ هدفها تلتقي في فضاء واحد على مستوى الأسلوب، وهو ما نعيشه اليوم ضن مواقف تكرس جميعها" حالة استنزاف عامة"، تشي بخوف مساوٍ من الناحية العملية للبشر في تعاملهم مع حالة" تخطف الطير"، أو لما "تهوي به الريح في مكان سحيق"، وكأن غياب الصدق في العلاقات، والتخلّي عن الخيرية، والدفع نحو تشكيل موقف رفض للآخر، جميعها عوامل مطلوبة لتحقيق استنزاف يقابل بمثله من الآخرين كلما اتسعت مساحة العداء.
عمليّاً، وحتى تاريخيّاً، فإن الاستنزاف ارتبط بالحروب، أي أنه نتاج الأعمال العسكرية ذات الديمومة الأطول من أزمنة الحروب والمعارك، لكن تلك الخلفية التاريخية لم تعد اليوم قاصرة عن الأعمال العسكرية، وإن كانت هذه الأخيرة هي الأساس، لذا فقد تكون دولة ليست شريكة في حرب ما بل بعيدة عنها، ومع ذلك يشملها "الاستنزاف"، على النحو الذي نراه اليوم في عدد من دول العالم، بل أنه يشمل كثيراً من الدول مُتّخذاً شكلاً مختلفاً عن نشأته الأولى، لدرجة يمكن أن نطلق عليه "الاستنزاف السّلمي"، الذي يشمل معظم مجالات الحياة.
في تعميم الاستنزاف اليوم على المستوى العالمي، تبدو الحروب مجرد مقدمات لنهايات كارثية، قد تستمر حتى حين تضع الحرب أوزارها، ونتيجة لذلك لا ينتظر تحقيق انتصار دائم للطرف الأقوى، وفي حال تحققه فإنه لا يتعدى انتصار في جولة، قد تظهر بعدها جولة أخرى تُحوِّل النصر العسكري إلى هزيمة، على النحو الذي رأيناه في حرب الولايات المتحدة في أفغانستان، فقد انهت الوجود الظاهري لطالبان، ثم عادت بعد سنوات، لتكرسها وجودها الحقيقي.. لقد تم استنزافها في الحرب والسلم.
الحالُ تلك تتكرر اليوم ـ بشكل آخر ـ في أوكرانيا، حيث تستنزف هذه الأخيرة، ومعها عدوها روسيا، وكذلك الأمر الدول الداعمة لها من مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاتحاد الأوروبي، وخاصة ألمانيا وفرنسا، أي اتساع مساحة الاستنزاف، وهو ما ينطبق أيضا على حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، وكذلك حربها ضد حزب الله في لبنان، وأيضا إيران، وهذه الأطراف جميعها ـ بغض النظر إن كانت على حق أو على باطل ـ هي في حرب استنزاف طويلة المدى.
وبعيداً عن ميادين القتال، فهناك استنزاف أيضا بطرق أخرى يتعلق بالطاقة والمناطق الجيوـ استراتيجية، وبالمياه، وبالعمل من أجل عالم متعدد الأقطاب، ولنا في الدور الصيني الاقتصادي في القارة الأفريقية وبعض الدول الآسيوية، والوجود العسكري الفرنسي ـ أو ما بقي منه ـ في دول الصحراء والسّاحل أمثلة دالة، وكذلك الأمر بالنسبة للصدام المحتمل بين مصر وأثيوبيا حول مياه النيل.
إذاً الاستنزاف يجتاح معظم دول العالم، بشكل مباشر أو غير مباشر، بل أنه يعد سمة عصرنا، وأكثر ما يخيف فيه أنه يجعلنا أقرب إلى الحرب من جهة، وأنه يشمل كل مجالات الحياة من جهة أخرى، والأكثر من هذا يُعيدنا إلى زمن النهب بقوة السلاح، وبمنظومة قانونية تُشرْعِن الأعمال الإجرامية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله أحداث السودان تفجيرات البيجر في لبنان

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن يُصوت اليوم على مشروع قرار يطالب بوقف الحرب على غزة

نيويورك - صفا يعقد مجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء، جلسة بشأن الوضع في قطاع غزة ولبنان. ويُصوت المجلس عند الساعة العاشرة صباحًا بتوقيت نيويورك، على مشروع قرار تقدمت به الدول الأعضاء غير الدائمة بالمجلس يطالب بوقف الحرب على غزة. ويدعو مشروع القرار الى التزام جميع الأطراف بمسؤولياتهم حسب القانون الدولي "بشأن الأشخاص المحتجزين لديهم"، وتأمين الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية لسكان غزة، إضافة إلى التزام الأطراف بالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين وممتلكاتهم المدينة. ويطالب الأطراف بتطبيق القرار الدولي رقم 2735، مؤكدًا أن "أونروا تظل العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة". وطالب المجلس، الأمين العام للأمم المتحدة، بققديم تقرير خطي عن تنفيذ هذا القرار في غضون 3 أسابيع وتقرير مفصل شامل في غضون 90 يومًا لتقييم الاحتياجات في غزة على المدى القصير والمتوسط والطويل، وتفصيل كامل عن العواقب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للصراع في غزة، إضافة الى لمحة عامة عن عمل نظام الأمم المتحدة الكامل في القطاع. 

مقالات مشابهة

  • متي سيتم اعتقال “نتنياهو” و"جالانت" ؟
  • الرئاسة الفلسطينية و«الجنائية الدولية» تناشدان الدول أعضاء المحكمة باعتقال نتنياهو
  • عاجل | المدعي العام للجنائية الدولية: نعول على تعاون كل الدول الأطراف في نظام روما بشأن تنفيذ مذكرات الاعتقال
  • جوتيريش يحث زعماء العشرين على إقرار أهداف تعود بالنفع ماليًا لصالح الدول المشاركة في مؤتمر الأطراف
  • "حُرُوب اليوم".. ليْسَت عَالميَّة
  • مجلس الأمن يُصوت اليوم على مشروع قرار يطالب بوقف الحرب على غزة
  • ليما: قدمنا أفضل مباراة وعلينا الاستمرار
  • بوجبا يفكر في «استراحة محارب» بعد عامين!
  • هل قدمت مؤتمرات كوب أي شيء لمناخ الأرض؟
  • حالة الطقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح على السواحل الشمالية مع تحذيرات للمحافظات