المرأة وفلسفة التناقضات
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
آخر تحديث: 26 شتنبر 2024 - 11:25 صعدنان الفضلي
يواصل الباحث والناقد الدكتور سمير الخليل مشروعه النقدي الفلسفي عبر أطروحات نقديَّة سيسيوثقافيَّة مغايرة، متخذاً من المرأة ثيمة جديدة في اشتغالاته البحثيَّة.فقد صدر مؤخراً عن منشورات اتحاد الأدباء كتاب جديد يعنى بالفلسفة بعنوان “المرأة وفلسفة التناقضات” وهو دراسة سيسيوثقافية مغايرة.
الكتاب الذي جاء بـ 370 صفحة من القطع الكبير تضمن ثلاثة عشرة فصلاً متنوعاً يقدم من خلالها الباحث تأويلات فلسفية للمرأة وتناقضاتها عبر رؤى فلسفية وثقافية ونقدية مع تقديم تضمن سؤالاً استهلالياً عن الخطاب الجمالي للمرأة.ومما جاء في هذه المقدمة “تقديم هذه القراءة المغايرة عن المرأة ليس طعناً بها، أو تقديم صورة سلبيّة عنها، او اللجوء الى منطق التعميم السلبي على حساب الإيجابي، ليس في الأمر أي إشكالية، أو خلط مما ذكرنا، ولكن المنطق التحليلي والنظرة الواقعيَّة والانتماء الى البراهين والعلل ومنطق التفكيك في السلوك والمشاعر والتراكمات هو الذي جعل منظورنا أكثر دقة وواقعية وتجرداً، ويبعده عن المدح والتبجيل والانطواء أو التمركز حول الخطاب المثالي وتقديم صورة ملائكية عن المرأة”.
في مبحث جاء بعنوان” الذات الأنثويَّة بين الصورة المتخيلة ودلالة المفاهيم” يشتغل الباحث على استقراء سير العظماء والمشاهير والتوقف عند المرأة بينهم، فهو لا يريد إبعادها عن هذه الخانة بل يؤكد على حضورها القوي وبراعة الدور الذي تؤديه في حركة الحياة، متخذاً من حضورها الطاغي في الميثولوجيا والأديان مثالاً يمكن التوقف عنده.وفي هذا المبحث يقول المؤلف “الصورة المثالية والرومانسية للمرأة هي التي تضعها في هذا التأطير الجمالي كونها كائناً عاطفياً ورقيقاً، وهي منبع الحنان والرقّة والتعاطف، كل هذه الملامح للصورة المتخيلة عنها السبب فيها أنها تبدو على هذه الشاكلة لإحداث التوازن داخلها”.
أما مبحث “المرأة والنزعة الباطنية” فيشتغل على سلوكيات ومزاج المرأة المتقلّب، فهو على سبيل المثال يؤكد أن نزعتها الباطنية هي التي تجعل موقفها وشعورها متدرّجاً، فهي لا تظهر مشاعرها دفعة واحدة، كما يؤكد الباحث على أن تطوّر الحياة كان سبباً في تحويل ضعف المرأة الى قوّة.ومما يؤكد ما يريد قوله هو ما جاء بهذا المبحث، حيث يقول “عبر الزمن وتطوّرات” الحياة وتعقّد المراحل والأزمات أتقنت المرأة فن الدفاع عن ذاتها وتحويل ضعفها المعهود” الى قوّة “داخلية “عبر لعبة “الباطنية، وعدم الوضوح، وأنها تبطن كثيراً من الغايات وتجيد لعبة اخفاء مشاعرها الحقيقيّة، ونجد في مشاهد الحياة أنها توافق على كثيرٍ من الأمور والمواقف لكنها في حقيقة شعورها تبطن “الرفض “حتى يختلط عند الآخر تداخل النعم “عندها مع “اللا” وتستثمر الزمن للكشف عن حقيقة شعورها رويداً رويداً”.
مبحث آخر جاء في هذا الكتاب يؤكد من خلاله الباحث على أمور جديدة نكتشفها في المرأة من وجهة نظر المؤلف واستناداً الى مراجعه حيث وفي المبحث الذي جاء تحت عنوان “المرأة كائن سمعي” يرى الباحث ان الصوت يشكل أحد مهيمنات السيطرة على المرأة، كما يذهب في اعتقاده أنها توظف الصوت كشفرة فيزيائية تتمركز حولها “الذات الأنثوية” كما يشرح في كثير من سطور البحث عن علاقات أخرى تربط المرأة بالصوت، ومما جاء بهذا المبحث ما نصّه حاسة السمع عند المرأة هي الحاسة الفاعلة والمؤثرة في تشكيل ليس فقط شخصيتها وعلاقاتها وتوجهاتها، بل أنها الحاسة التي تزودها بكل ما تريد في حياتها الاجتماعية، وحتى تكوين الجانب الثقافي في شخصية المرأة نجده قائماً على الثقافة الشفوية، فهي مصدر معلوماتها والمعطيات التي تستند إليها”.
المرأة وجسدها كان محور آخر جاء تحت عنوان “المرأة وإشكالية الجسد” حيث يؤكد الباحث فيه على أن جسد المرأة قد يتسبب بشقائها وتعاستها، حين ينظر إليها الرجل أو المجتمع عموماً على أنها مجرد جسد، لكن المؤلف لا ينكر أن جسد المرأة قد يجلب لها السعادات والمسرات، ولذلك تقع المرأة تحت الضغط بين الفرح والشقاء، كونها شديدة التحسس في ما يتعلق بأجزاء جسدها.وفي المبحث ذاته نرى أن الباحث يضع المرأة في صراع داخلي وخارجي بسبب جسدها حيث يقول “المرأة دوماً تريد أن تثبت أنّها ليست جسداً وغرائز أو كائناً بيولوجياً، فتلك هي الصورة التي ترسخت في المجتمع عنها لأسباب تاريخيّة وتحولات وتشكلات أسهمت فيها العقائد والتقاليد والأعراف وسلبيات وتركات التقييم الثنائي القيمي التي تعاني منها المجتمعات عموماً”.هنالك مباحث كلها تتعلق بالمرأة فهنالك مبحث يخوض في “المرأة والحب” وآخر في “المرأة والكراهية” و “المرأة والغيرة”، كما يتساءل الكتاب ويجيب عن بعض الأسئلة منها “هل المرأة كائن نهلستي؟، وماذا تريد المرأة؟، “ثم يحدثنا أخيراً عن “فن اجتذاب المرأة” وفيه يقول “المرأة تنطوي على توق جسدي وهي تجد في ذلك متعة لا تضاهيها متعة أخرى، ولكن المرأة تحتاج إلى أمور ومشاعر أخرى هي أكثر متعة وتوقاً من كل ذلك، فإن الحاجة الأساسية للمرأة في التواصل النفسي أو الجسدي هو سعيها الغريب والمبالغ فيه الى الحنان، فهذه المفردة تعني لها الحياة بكاملها”.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
ترانزيت الحياة
فايزة بنت سويلم الكلبانية
faizaalkalbani1@gmail.com
الحياة ليست سوى سلسلة من المحطات المتلاحقة، تشبه رحلات الطيران التي لا تنتهي؛ لكل منها إقلاعها وهبوطها، وكل وجهة تحمل في طياتها حكاية تختلف عن سابقتها. أمضي في رحلتي الخاصة حاملةً بين جنباتي شغفًا يلهب قلبي، وسفرًا يوسع آفاقي، وعلمًا يروي ظمأ روحي، وعملًا يضع على كتفي أعباءً تصقل شخصيتي.
كان الشغف المحطة الأولى في رحلتي، ذلك الشرر الذي أشعل في داخلي نار الفضول والاكتشاف، وجدت نفسي منجذبةً إلى عالم الكلمة المكتوبة، حيث تحولت الصحافة والكتابة إلى مرآة تعكس ذاتي، هذا الشغف جعلني أرى العالم بعينين لا تملان البحث، ولا تكلان من التطلع إلى ما هو أبعد، ومن بين ثمار هذا الشغف وُلد كتابي "ترانزيت" الذي يمزج بين حبي للكتابة وتجربتي في استكشاف عوالم الاقتصاد والحياة، ليس مجرد صفحات مطبوعة بل جسر بين الأرقام والقلوب، بين النظرية والتجربة الإنسانية، والذي تجدونه في أروقة معرض مسقط الدولي للكتاب بركن مُؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر .
لم يكن السفر مجرد تنقل بين البلدان، بل كان رحلة إلى أعماق الذات، في كل مدينة زارها قلبي قبل أن تزرها قدمي، التقيت وجوهًا تحمل قصصًا مختلفة، كصفحات من كتاب الحياة المفتوح، بعضها يحمل ابتسامة صادقة تُشرق كالشمس، وبعضها يخفي خلفها تعبًا طويلًا أو حكاية مُؤلمة، في زحمة المطارات وضجيج الرحلات، كنت أجد لحظات صفاء أتأمل فيها تناقضات الحياة، وكأن الكون يهمس في أذني بأننا جميعًا مسافرون في رحلة واحدة وإن اختلفت وجهاتنا.
أما العلم فكان المحطة التي أعادت تشكيل وعيي وفتحت أمامي أبوابًا لم أكن أعرف وجودها. اليوم وأنا أخطو أولى خطواتي نحو درجة الدكتوراه في فلسفة الاتِّصال، أجد نفسي بين كتب تهمس بحكمة العصور، وأفكار تتحدى توقعاتي، العلم علمني أنَّ المعرفة ليست وسيلة للنجاح المادي فقط، بل طريق لفهم أعمق للإنسان والوجود.
ووسط هذه الرحلة، كان العمل هو الجسر الذي يربط بين المحطات جميعها. علمني أن الحياة لا تسير كما نخطط دائمًا، بل تأخذنا إلى حيث لا نتوقع. في كل تحد واجهته، اخترت المضي قدمًا لأني أؤمن بأنَّ وراء كل صعوبة وجهًا جديدًا للحياة يستحق الاكتشاف.
اليوم وأنا أقف عند محطة جديدة من محطات الترانزيت، أدركت أن الحياة لوحة مرسومة بألوان مُتغيرة، بين الشغف الذي يلهب القلب، والسفر الذي يُوسع الأفق، والعلم الذي يُنير العقل، والعمل الذي يبني الشخصية، تعلمت أنَّ الرحلة لا تنتهي إلا عندما نُقرر أن نتوقف عن السير.
فالحياة في النهاية محطات عابرة، لكن الأثر الذي نتركه في كل محطة هو ما يجعل رحلتنا تستحق أن تُحكى.
همسة لرفقاء الرحلة..
لكل من شاركني رحلة الشغف والسفر والعلم، أقول: لنكن كالنجوم التي تضيء لبعضها في ظلمة الطريق، نتبادل الحكمة والدفء، ونصنع من رحلتنا سيمفونية إنسانية تبقى بعد أن نُغادر المحطات؛ ففي النهاية، نحن مجرد مسافرين نتبادل الحكايات والأحلام، نترك وراءنا أثرًا جميلًا، ونحمل في قلوبنا ذكرى كل وجه التقيناه وكل فكرة شاركناها.
رابط مختصر