عربي21:
2024-12-27@04:38:51 GMT

طموحات إيران الإقليمية ودوافعها.. هل من جديد؟

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

طموحات إيران الإقليمية ودوافعها.. هل من جديد؟

الكتاب: الولي الفقيه والخليج العربي، دراسة في سياسة إيران الخارجية 1979-1988
المؤلف: ظافر العاني
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر


يكرس ظافر العاني، أستاذ العلاقات الدولية، بحثه هذا لدراسة الأسس العامة لسلوك إيران الخارجي في الخليج العربي. وعبر فصول كتابه، الذي وضعه كرسالة ماجستير في العام 1988، يحاول الإجابة عن أسئلة مركزية هي: ما نوعية المتغيرات الداخلية المؤثرة في سلوك إيران الخارجي؟، وتلك الفاعلة في عملية صنع واتخاذ القرار السياسي الخارجي؟ والكيفية والدوافع التي حدت بإيران للتصرف إزاء دول الخليج العربي بالشكل الذي تصرفت به؟

ورغم مضي كل هذه السنوات على دراسته هذه يرى العاني أن أغلب توقعاته بخصوص السلوك الإيراني قد تحققت، باستثناء أمر واحد يعتبره خطيرا وكبيرا فشل في توقع أن تنجح إيران بتحقيقه، وهو أن تستطيع تصدير ثورتها إلى المنطقة العربية.

وبحسب ما يقول لم يكن يتخيل أن تجد "لهوسها الديني المقترن بالعنف والتطرف مناصرين في مجتمعنا العربي، وبأن أولى القلاع التي ستنهار أمامها هو العراق، لتنفتح البوابة الشرقية على مصراعيها أمام طموحات إيران الإقليمية، بابتلاع الأمة العربية من النهر (دجلة) إلى البحر الأبيض المتوسط"، مضيفا أن هذا " الانزياح الجيوبولتيكي هو ثمرة التعاون الأمريكي الإيراني، وغفلة النظم السياسية العربية، وقبل ذلك الأخطاء الكارثية التي ارتكبها النظام العراقي السابق".

إن وقوع إيران تحت حماية "المظلة النووية ثنائية القطبية" (الاتحاد السوفييتي سابقا، والولايات المتحدة) "حرر صانع القرار من كثير من الضغوط في سياسته الخارجية تجاه الخليج العربي على وجه الخصوص، ووسع أمامه الخيارات والبدائل التي يستخدمها في تصريف أهدافه الإقليمية".تتوزع موضوعات الدراسة على ثلاثة فصول، في الأول منها يبحث العاني في مقومات القوة الوطنية المؤثرة في السياسة الخارجية الإيرانية مثل العامل الجيوبولتيكي، والتكوين القومي، والقدرة العسكرية. ليناقش في الفصل الثاني أهم المتغيرات المؤثرة في عملية صنع القرار وهي المؤسسة الدينية-السياسية، ويحلل مكونات الأيديولوجيا الإيرانية الخاصة بمضامين السلوك الخارجي. ثم ينتقل في الفصل الثالث لدراسة نماذج من السلوك الإيراني الخارجي تجاه الخليج العربي.

مقومات القوة

يرى العاني أن السلوك الخارجي لأي دولة يتأثر، وإن بنسب متفاوتة، بموقعها الجغرافي من حيث الحجم والحدود والتضاريس، التي تفرض عليها مسالك معينة وقيود في الحركة الخارجية. وبالنسبة لإيران فإن جغرافيتها تبدو كسلاح ذو حدين لصانع القرار فيها. فهي مصدر ضعف لأنها بين قوى ثلاث لا يمكنها أن تعاديها، روسيا أو الاتحاد السوفييتي شمالا، والدول العربية غربا، وشبه القارة الهندية. ولذلك فإن صانع القرار الإيراني كان ملزما دائما بخلق حالة من التوازن في العلاقات مع هذه القوى.

لكن في الوقت ذاته فإن وقوع إيران تحت حماية "المظلة النووية ثنائية القطبية" (الاتحاد السوفييتي سابقا، والولايات المتحدة) "حرر صانع القرار من كثير من الضغوط في سياسته الخارجية تجاه الخليج العربي على وجه الخصوص، ووسع أمامه الخيارات والبدائل التي يستخدمها في تصريف أهدافه الإقليمية".

وفي سياق متصل فإن هذا الموقع الجغرافي انعكس في التركيبة القومية لإيران، فسكانها يتوزعون على خمس قوميات ما زالوا يعيشون في الأقاليم نفسها التي قطن فيها أسلافهم من قبل.

فالفرس يتركزون في المنطقة الوسطى ومنخفضات بحر قزوين، والأكراد في المناطق الغربية والغربية الشمالية من جبال زاكروس، والأتراك في الشمال وشمال غرب إيران، والبلوش إلى الشرق والجنوب الشرقي، والعرب في الجنوب وجنوب الغرب. وهذا أدى إلى أن تحافظ كل قومية على تقاليدها القومية الموروثة، وضيّق عملية الاندماج فيما بينها، بحسب ما يقول العاني، الذي يعتبر هذا التكوين من أهم عوامل الضعف في سياسة إيران الخارجية، فقد دفع الدول المجاورة لها لاستغلال هذه الظاهرة كلما تأزمت العلاقات معها بهدف تشتيت قوة السلطة السياسية.

أما فيما يخص القدرة العسكرية فيركز العاني على دراسة المتغيرات التي طرأت على القوات المسلحة الإيرانية منذ العام 1979، من خلال موقف النظام الجديد من الجيش النظامي، ودور التشكيلات العسكرية الجديدة (الحرس الثوري) التي أوجدها- ومن بعد صهر في داخلها تشكيلات الجيش- سيما في تنفيذ السياسات الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربي، وتحديدا في مسألة تصدير الثورة الإيرانية.

فلسفة الهيمنة

يقول العاني أن إيران بدون شك هي دولة إيديولوجيا، فلحكومة الولي الفقيه "تصوراتها الفلسفية القائمة على أساس ثيوقراطي والتي تستقر في إدراك صانعي القرار لتفسير ما كان وما هو كائن، وما يجب أن يكون، وتحديد الدور الذي تؤديه إيران في النظام العالمي، فضلا عن استخدام الأيديولوجيا في تبرير السلوك الخارجي، وتعبئة الشعب للحصول على مساندته.. وهذه الأيديولوجيا أحد أهم مصادر شرعية النظام السياسي" لكنها مع ذلك أيديولوجيا "ضبابية" إذ تصور إيران على أنها مركز الحكم الحقيقي للإسلام، وبأن لها مهمة إلهية تتمثل في ضرورة إسقاط الحكومات الجائرة وتنصيب حكومات تدين بالولاء ل"الولي الفقيه"، ولأسباب عدة بدت دول الخليج العربي المجال الحيوي الأول الذي تسعى لتصدير نموذجها السياسي إليها. ومع ذلك، يضيف العاني، لم تمنع هذه الايديولوجيا إيران من التراجع عن الكثير من المبادئ والطروحات أمام دواعي المصلحة السياسية البراغماتية.

وفي بحثه لأثر السياسات الخارجية الإيرانية على دول الخليج العربي يشرح العاني كيف أن السياسة الخارجية لإيران هدفت لعقود تحت حكم الشاه والخميني إلى إيجاد نظام إقليمي خليجي يتمركز حولها. لكن في الوقت الذي وجد فيه الشاه أن إمكانيات إيران الاقتصادية والعسكرية كافية لوحدها لتحقيق التفوق والهيمنة الإقليمية، أضاف الخميني لذلك البعد الديني فجعل من الهيمنة أمرا طبيعيا لأنها استجابة لأمر إلهي.. وفي الوقت الذي قدم فيه الشاه نفسه للغرب كضامن للمصالح الغربية، أظهر الخميني عداءه، بعدما وجد أن خلق نظام إقليمي إسلامي في الخليج لا يتحقق إلا بإبعاد النفوذ والوجود الدولي الذي يشكل حماية لدول الخليج، حتى يمكنه الانفراد بها. 

إن الولايات المتحدة أدركت أن مصداقيتها في حماية حلفائها أضحت في أدنى درجاتها، بعد أن نظر القادة الخليجيون إلى مسألة سقوط الشاه وكأنها سابقة لانهيار دعائم حكمهم القائم على المعونة الغربية.يقول العاني إن الولايات المتحدة أدركت أن مصداقيتها في حماية حلفائها أضحت في أدنى درجاتها، بعد أن نظر القادة الخليجيون إلى مسألة سقوط الشاه وكأنها سابقة لانهيار دعائم حكمهم القائم على المعونة الغربية. وكان من الممكن أن تتصور خضوع الدول الخليجية للضغوط الإيرانية، أو اندفاعها صوب الاتحاد السوفييتي لتعويض المظلة الأمنية التي كانت توفرها لها. ولتفادي ذلك أعلنت سياستها الجديدة في منطقة الخليج عبر ما عرف ب "مبدأ كارتر" 1980. ونص على أن "أي محاولة أجنبية للسيطرة على منطقة الخليج ستعتبر بمثابة هجوم موجه إلى المصالح الحيوية للولايات المتحدة".

ومع تزايد العمليات العسكرية الإيرانية ضد أقطار الخليج العربي والمصالح الغربية فيه، كضرب البواخر التجارية والبترولية، وعمليات زرع الألغام البحري، والتهديد بغلق مضيق هرمز، وضرب المنشآت الحيوية الخليجية، إضافة إلى مخاطر انتشار رقعة الحرب مع العراق، وجدت الولايات المتحدة الأمريكية فرصتها المناسبة للزج بقطعاتها العسكرية ومعها الأساطيل الغربية إلى داخل منطقة الخليج العربي. ولم يقتصر الأمر على النفوذ الغربي، بل إن الاتحاد السوفييتي حقق لنفسه أكثر من نجاح سياسي في اقتحام المنطقة التي كانت خلال السنوات السابقة مغلقة أمامه، سواء كان على صعيد إقامة علاقات ثنائية متطورة أو في دخول قطع عسكرية من أساطيله البحرية لمياه الخليج العربي. ي

قول العاني إن السياسة الخارجية الإيرانية، وعلى عكس ما هدفت إليه، رتبت أوضاعا مهيأة تماما لتزايد الوجود والنفوذ الدولي العسكري بشكل كبير، تحت غطاء حماية المصالح الاقتصادية الغربية، وصيانة النظم السياسية الخليجية من الاعتداءات الإيرانية، فعملت على تقويض واحد من مبادئ الأمن الإقليمي الخليجي، والذي تعد هي ذاتها جزءا منه.

بحسب العاني فإن سياسة إيران الخارجية اليوم أصبحت أدواتها أوسع، وسقوفها أعلى، وإمكانياتها أكبر، أما خططها فهي ذاتها لم ينلها تغيير كبير. وهي تتحصن بموقع جغرافي فريد، وعقيدة مرنة، وقدرات عسكرية محاطة بالمبالغة والغموض. كانت تريد الخليج العربي فتوسعت طموحاتها لما هو أبعد من ذلك، وكانت تريد العراق فنالت إلى جانبه مساحات أخرى، وكانت تريد الريادة الإقليمية فأصبحت أقرب ما تكون إلى الهيمنة. فإيران اليوم ليست إيران 1988، لقد انتعشت آمال النخبة الدينية فيها، وهم يرون تقدما لم يكونوا ليحلموا بتحقيقه في هذا الزمن القياسي، وقد عادت إلى الشغب السياسي في سلوكها الخارجي ـ على حد قول العاني ـ في ظل غياب مشروع عربي، ومناخ طائفي زرعته وحصدت ثماره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب إيران السياسات إيران كتاب عرض سياسات كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخارجیة الإیرانیة الاتحاد السوفییتی دول الخلیج العربی إیران الخارجی

إقرأ أيضاً:

رئيس الدولة ووزير الخارجية التركي يبحثان علاقات البلدين والتطورات الإقليمية

بحث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومعالي هاكان فيدان، وزير خارجية الجمهورية التركية، تعزيز التعاون والعمل المشترك بين دولة الإمارات وتركيا في المجالات المختلفة في إطار العلاقات الإستراتيجية التي تجمع البلدين.
ونقل معالي وزير الخارجية، إلى صاحب السمو رئيس الدولة، في بداية اللقاء، تحيات فخامة رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية وتمنياته لدولة الإمارات مزيداً من التقدم والازدهار، فيما حمله سموه تحياته إلى الرئيس رجب طيب أردوغان، وتمنياته لبلده دوام النماء والتطور.
واستعرض الجانبان خلال اللقاء، تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط مؤكدين ضرورة تكثيف الجهود والمساعي من أجل منع اتساع الصراع في المنطقة، والذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين إضافة إلى إيجاد مسار واضح للسلام الذي يضمن تحقيق الاستقرار والأمن للجميع.
كما بحث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية التركي، المستجدات في الجمهورية العربية السورية الشقيقة، مؤكدين في هذا السياق موقف البلدين الثابت تجاه استقرار سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها، بجانب دعم كل ما يحقق تطلعات شعبها نحو الأمن والاستقرار والتنمية.
حضر اللقاء، سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، ومعالي علي بن حماد الشامسي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، ومعالي خليفة شاهين المرر، وزير دولة.وام


مقالات مشابهة

  • وزارة الخارجية الإيرانية تدين العدوان الصهيوني على المنشآت المدنية في اليمن
  • الخارجية الإيرانية تدين العدوان الصهيوني على البنية التحتية في اليمن
  • الخارجية الإيرانية ترفض اتهامات بالتدخل في سوريا
  • مشروع مدينة سماء الخليج العربي في أبين بين الحلم والواقع ..!
  • جدول ترتيب هدافي كأس الخليج العربي لكرة القدم
  • عاجل.. وزير الخارجية يستقبل عمرو موسى لمناقشة التطورات الإقليمية والدولية
  • محمد بن زايد يبحث مع وزير الخارجية التركي تعزيز العلاقات والتطورات الإقليمية
  • محمد بن زايد يبحث مع وزير الخارجية التركي العلاقات والتطورات الإقليمية
  • رئيس الدولة ووزير الخارجية التركي يبحثان علاقات البلدين والتطورات الإقليمية
  • الخارجية تصدر بيانا هاما للمترشحين لمسابقات التوظيف الخارجي