بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
آخر تحديث: 26 شتنبر 2024 - 10:13 صبقلم: رشيد الخيّون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: «هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات الممدوحة، والشّمائل الموزونة، والبراعة في كلِّ صناعة»(المسعودي، التنبيه والإشراف).
لم يبق مِن هذا الوصف شيء، والملايين تُقاد إلى حتفها بعصا خطاب يعسرُ على الفهم والعلِم. لنسمع ما قاله أحدهم، صاحب السطوة على الاقتصاد والسّياسة والتّعليم: «لو رأيتُ رجلاً يطيرُ بين السّماء والأرض، وهو لا يؤمن بالمرجعيّة، لا يُساوي عندي قُلامة ظفرٍ»! معلوم أنَّ الطيران بين السّماء والأرض، يعني السّمو، فهذا عند صاحبنا أحقر مِن القُلامة، ولكم حِساب المصيبة. لا يدري صاحبنا أن ما يتذرع به مِن جذب طائفي، قد هان على الأئمة أنفسهم، الذين يتحدث بولايتهم، ويصف غير المؤمنين بوكلائهم أحقر مِن «قُلامة ظفره». فهذا ابنُ أخي علي بن أبي طالب عبد الله بن جعفر(ت: 80ه)، كان صديقاً لمعاوية بن أبي سُفيان، وسمى ابنه معاوية (المرزبانيّ، معجم الشّعراء)، وجدة معاوية هذا أمّ محمد بن أبي بكر نفسها، تزوجها علي بن أبي طالب، ليكون ابن أبي بكر أبرز خلصائه. يولدُ من تلك الصّلة جعفر الصّادق(ت: 148هجرية)، أمّه أمُّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وبالتالي فالصّادق حفيد أبي بكر(المفيد، كتاب الإرشاد). انظروا التَّداخل، فهل من المعقول أنَّ كلّ هؤلاء لا يساوون قُلامة ظِفْر، لأنَّ أمثالهم لا يقرون بمرجعيته؟ كان الخطيب يقصد الدَّولة، والرؤساء أبناء طائفته، فكيف الحال مع الآخرين، وأحوالهم ممَن ذكرنا. في عدم الإقرار بما أوردنا مِن الأنساب، قد يحتجون بأبي لهب، ويعتبرون عبد الله بن جعفر عدواً لعمه، لكنه واجه قاتله ابن ملجم(40 هجرية)، وقال: «دعوني حتّى أشفي منه، فقطع يديه ورجليه»(مروج الذَّهب). أمّا أولاد ابنه معاوية فناصروا حفيد الحسن، النَّفس الزَّكيَّة (145هجرية) عند خروجه (ابن الأثير، الكامل في التَّاريخ). في عُرف صاحبنا أنَّ فاطمة بنت الحُسين بن عليّ، لا تساوي أيضاً قُلامة ظِفر، لأنها كانت أمَّاً لمحمد الدِّيباج، حفيد عثمان بن عفان(قُتل: 35ه)، الذي واجه المصير مع أخوته لأمه، ومنهم عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب. كذلك حفيدة العباس بن علي لا تساوي قُلامة ظفره، لأنها تزوجت عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية، فولدت عليّاً أبا العميطر، وكان يقول عندما خرج بدمشق على العباسيين(195ه): «أنا ابن شيخي صفين، أنا عليّ بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وأمي نفيسة ابنة عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب»(ابن عساكر، تاريخ دمشق). كل هؤلاء، ومَن يأخذ هذا التَّاريخ على محمل الجد، لا يُساوون عند صاحبنا «قُلامة ظِفرهِ»، لأنَّهم كافة لا يقرون بمرجعيته. فمع الغرور، بالسُّلطة والمال وحشود التابعين، تتضخم قُلامة الظِّفر، لا تعادلها عقول العلماء، ولا بناة العراق، الذي منحه عزاً ومنبراً، يدمره من على أعواده بخطابه، صاحب هذا الخطاب، لا يذكر للعراق فضلاً، فهو الآخر عنده لا يعادل قُلامة ظفرٍ، كأنه لم يسمن «نحراً عنده». كانت كلمة صاحب قُلامة الظفر تحذيريّة، موجهة للشعب والدَّولة، إذا لم يتم التَّقيد بأوامر ونواهي مرجعيته، فهما إلا قُلامة، محذراً أي حراك اجتماعي، يعمل على إرجاع المرجعيات الدّينيَّة إلى مواقعها اللائقة بها، إدارة الدّين لا الدَّولة، لذا أخذت القوانين الطائفية تُشرع. أقول: تواضعوا، وإن غدت قُلامة الظِّفر عنقاء، فهناك مَن يعاند، «أرى العنقاء تكبرُ أنْ تُصادا/ فعاندْ مَن تطيق لهُ عِنادا»(المعري، سقط الزَّند)!
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: عبد الله بن بن أبی طالب أبی بکر بن علی ق لامة
إقرأ أيضاً:
"كان إنساناً".. أول رد من مؤلف "معاوية" على الانتقادات
خرج الكاتب المصري خالد صلاح عن صمته للرد على الانتقادات والجدل الواسع الذي أثاره مسلسل "معاوية"، الذي يُعرض خلال شهر رمضان 2025، والذي قررت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية منعه، للحفاظ على السلم المجتمعي.
وفي منشور عبر صفحته على فيسبوك، أوضح خالد صلاح أن العمل لا يسعى إلى ترسيخ رؤية عقائدية أو تبنّي موقف تاريخي محدد، بل يهدف إلى طرح شخصية معاوية بن أبي سفيان من منظور إنساني، متحرراً من فكرة "المنتصر والمهزوم".
رد مؤلف معاوية على الجدلوقال خالد صلاح في وصف شخصية معاوية: "كان إنساناً، صاغته الأيام كما تصوغ النار الحديد، قاسياً حين تستدعي الحاجة، وليناً حيث ينبغي التروي والتدبر".
وبدأ خالد صلاح في نقل رؤيته للعمل، من خلال حكايته عن بيت معاوية بن أبي سفيان، وما تعرض له من رياح قوية، تتمثل في هروب شقيقته "رملة" وزوجها إلى الحبشة، فضلاً عن مبررات انتقام والدته "المقيت"، بعد خسارتها لرجال عائلتها في "بدر".
وأكمل مؤلف المسلسل المثير للجدل: "لم يكن معاوية رجل سيف كخالد بن الوليد، ولا ناسكاً زاهداً كعلي بن أبي طالب، ولا قارئاً حافظاً كعبد الله بن مسعود، ولا أقرب للنبي مثل حذيفة بن اليمان أو عمار بن ياسر".
تابع: "لكنه كان رجل التدبر الطويل والانتظار الصامت، منذ طفولته، أدرك أن الانتصارات ليست كلها في ساحات القتال، وأن الحرب ليست دائماً حلًا، بل أحياناً تكون الحرب هي المصيدة التي يقع فيها المتعجلون".
وأضاف أن العمل يسلط الضوء على رحلة معاوية من بيت العظمة في قريش إلى مرحلة التحولات السياسية التي شهدها العالم الإسلامي بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان، وكيف وجد نفسه في مواجهة اضطرارية مع الإمام علي بن أبي طالب.
خسائر إنسانية في حياة معاوية
ولم يغفل المسلسل عن تناول الجوانب الشخصية في حياة معاوية، حيث يكشف عن فقدانه لزوجته الأولى وابنه عبد الرحمن، بالإضافة إلى التأثير النفسي الذي تركه وفاة أخيه يزيد، بسبب الطاعون.
كما تطرق إلى قصة حبه لميسون بنت بحدل، المرأة التي فضّلت حياة الصحراء على أروقة القصور، وهو ما عكس طبيعة التحديات التي واجهها معاوية بين العاطفة والمسؤولية السياسية.
منع عرض المسلسل في العراق
وكانت أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية أنها قررت منع عرض المسلسل خلال شهر رمضان، بسبب المخاوف من إثارة الجدل الطائفي وتأثيره على الوحدة الوطنية.
وأكدت الهيئة أن القرار جاء استناداً إلى الصلاحيات القانونية الممنوحة لها، مشددة على ضرورة تجنب الأعمال الدرامية التي قد تؤدي إلى تأجيج الخلافات التاريخية.
ودعت جميع المؤسسات الإعلامية إلى الالتزام بالمعايير المهنية، والتأكد من أن المحتوى المعروض لا يسبب إثارة الفتن أو التحريض الطائفي، خاصة خلال شهر رمضان.