أسباب عدة قد تدفع الإنسان إلى تبني أفكار مغلوطة عن الدين، ما يصل بها إلى الإلحاد وإنكار وجود الخالق، ومن أبرز تلك الأسباب الاضطرابات النفسية التي غالبًا ما يكون سببها التنشئة الخاطئة من قبل الأسرة، لذا أطلقت جريدة «الوطن» حملة تستهدف محاربة الإلحاد تحت مسمى «تعزيز قيم الهوية الدينية»، والتي تحمل شعار «الإيمان قوة.

. واعبد ربك حتى يأتيك اليقين». 

اضطرابات نفسية في الطفولة 

معظم المتبنين للأفكار الإلحادية لديهم مشكلات أسرية واضطرابات نفسية، حسب ما قالته الدكتورة إيمان الريس، استشاري نفسي وتربوي، إذ يؤدي العنف الأسري الذي يمارسه بعض الآباء والأمهات على أبنائهم في الطفولة إلى خلق أجيال هشة فاقدة للثقة بالنفس، ما قد يجعلهم أكثر عُرضة للإيمان بأفكار إلحادية تنكر وجود الخالق، متابعة أن قلة ثقتهم في أنفسهم تدفعهم للإيمان بأي أفكار غريبة رغبة منهم في الظهور ولفت الانتباه لتعويض النقص والتهميش الذي يعانون منه.

وأضافت الريس، لـ«الوطن»، أنّ التنمر والإيذاء النفسي الذي يتعرض له الإنسان في مرحلة الطفولة سواء من أهله أو أقرانه من العوامل التي تشعره أنه بلا قيمة، وبالتالي قد يلجأ إلى تبني أفكار إلحادية تجعله محل انتباه ممن حوله: «فيه جماعات أوربية تستهدف الشباب ضعيفة الشخصية على السوشيال ميديا علشان تلعب على أفكارهم وتفقدهم قيمهم الدينية وإيمانهم».

التعنيف الأسري 

كما يُعتبر الضغط الأسري والتعنيف الذي يتعرض له الابن من أبيه وأمه من أجل إجباره على الصلاة أو أداء الطقوس الدينية من الأسباب التي تدفعه للبعد عن الدين، بل وتجعله يتبنى سلوك العند ورفض كل ما يطلبه منه أفراد أسرته.

من جانبه، أوضح الدكتور علاء الغندور، استشاري العلاج النفسي السلوكي، أنه كثيرًا ما يتردد على العيادات النفسية شباب ملحدين تعرضوا لقهر نفسي وعنف أسري في مرحلة الطفولة، أدى بهم إلى الإصابة بالاضطرابات النفسية وفقدان الثقة بالنفس، ودائمًا ما يتبنى الشاب أفكارا إلحادية بعدما يفقد ثقته في أحد الأشخاص المقربين إليه الذي يُقدره ويثق به: «لما الشاب بياخد شخص ما قدوة دينية ليه ويتفاجأ فيما بعد أن أفعاله ضد أقواله بيحصلّه خلل نفسي ممكن يوصل للاكتئاب والوقوع في دائرة الإلحاد».

ولحماية الأبناء من الإلحاد وتبني أفكار مشوهة عن الدين، نصح استشاري العلاج النفسي السلوكي، بضرورة تجنب الأسرة أساليب العنف في التربية، وأن يكون الآباء قدوة لأبنائهم من خلال رؤية الطفل لأبيه وأمه ملتزمين بالعادات والقيم الدينية قبل فرضها عليه بالعنف: «أعرفهم دينهم بأنّي أكون قدوة ليهم بالأفعال وليس التعنيف والأمر»، كما ينبغي على الآباء مراقبة الدوائر التي يختلط بها أبنائهم سواء في المدرسة أو النادي أو على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لحمايتهم من أي أفكار مغلوطة عن الدين».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حملة الوطن تعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية عن الدین

إقرأ أيضاً:

فيلم انفلوانزا الثراء: تراجيديا التخلص من المال تدفع إلى هجرة معاكسة

عبر تاريخ السينما، كانت هناك الكثير من الأفلام التي عالجت موضوع الجائحات والعوارض التي تضرب المجتمعات البشرية، بما في ذلك الأوبئة والفيروسات والأمراض، وكل ذلك في سياق سينما الخيال العلمي، مما عمّق هذا النوع من الأفلام وجعل له مميزاته التي ميّزته عن سواه من الأنواع الفيلمية.

لكن القصة ما لبثت أن اكتسبت شكلًا آخر منذ تفشي جائحة كوفيد-19 قبل ثلاث سنوات، حيث صار موضوع إنفلونزا كورونا واقعيًا ومعاشًا، وليس فيه مبالغات سوى ربطه، مثلًا، بإنفلونزا أخرى كانت قد ضربت البشرية عبر التاريخ، ومنها تلك التي ظهرت في أمريكا بين الأعوام 1918-1920، وأدت إلى إصابة وموت أكثر من نصف مليون إنسان، بينما ظهرت ما عُرف بالإنفلونزا الإسبانية في الفترة نفسها تقريبًا، والتي أدت إلى وفاة أكثر من 20 مليون إنسان.

وقد استوحت السينما هذه الجائحة من خلال سلسلة أفلام، نذكر منها: فيلم التفشي (1995)، فيلم العدوى (2011)، فيلم الحرب العالمية زد (2013)، فيلم بعد 28 يومًا (2002)، فيلم 12 قردًا (1995)، فيلم الموت الأسود (2010)، فيلم فلو (2013)، فيلم العدوى (2019)، فيلم العمى (2008)، فيلم صندوق العصافير (2018)، فيلم الناقل (2009)، فيلم أرض الزومبي (2009)، فيلم الحجر (2008)، وأفلام أخرى.

في هذا الفيلم للمخرجة غالدر غازتيلو-أوروتيا، هناك استمرارية على نفس وتيرة أفلام الجوائح، ولكن من خلال مقاربة أخرى مختلفة، إذ إنها تحاكي موضوع الإنفلونزا التي صارت تستهدف الأثرياء فقط، مما يثير حالة من الذعر بينهم، فيسعون للتخلص من أموالهم أو مناقلتها تفاديًا للكارثة التي تنتظرهم. وتفترض قصة الفيلم أن أعراض الإصابة بالوباء تتجلى من خلال نصوع الأسنان وصدور شعاع منها، وهو دليل على إصابة الشخص.

هذا الواقع سوف تواجهه شخصية إعلامية وسينمائية، وهي لورا—تؤدي الدور الممثلة ماري إليزابيث وينستيد—الغارقة في عوالم هوليوود، حتى تتصدع حياتها الزوجية وتنقطع عن ابنتها الوحيدة. وخلال ذلك، تتم مكافأتها بأموال ضخمة، لكن وقع الجائحة، وموت تسعة من أغنى 400 شخص في قائمة فوربس لأغنياء العالم في غضون أيام، وظهور الأعراض فقط في أسنانهم، التي تصبح بيضاء بشكل غير طبيعي، يجعل لورا تتجه إلى لندن لملاقاة ابنتها، ثم الانتقال سريعًا، هربًا من لندن إلى برشلونة، حيث تلاحقها السلطات على أمل حجرها، لكونها من ضمن قائمة الأثرياء المتوقع إصابتهم بالوباء.

يشغل هذا التحول قرابة نصف الزمن الفيلمي، ليتسارع إيقاع الأحداث بشكل متلاحق، وتلامس لورا مشكلاتها الشخصية ملامسة سطحية، فضلًا عن عدم إشباع الثيمات الأساسية في الفيلم، ومنها عدم تفسير الجائحة، ولماذا تفشت، ولماذا تستهدف الأثرياء تحديدًا، وهي أسئلة طرحها العديد من النقاد، ومن بينهم الناقد ماثيو تيرنر في موقع نيردلي، الذي يقول في مقالته عن الفيلم:

"إن أقوى عنصرٍ في هذا الفيلم هو إحساسه بالأجواء وتجسيد الشخصيات التي تمر بحالة الذعر، بالتزامن مع الامتداد المتزايد للوباء، الذي يستهدف إفساد الثروات بين أيدي الأغنياء، حيث القوة المُفسدة للثروة."

بينما تكمن المشكلة الرئيسية في الفيلم في أن الفيروس نفسه غير معروف بشكل كافٍ، ولا يوجد توضيح دقيق لكيفية تطوره أو كيفية انتقاله، وبما أن لورا أصبحت من أغنى أغنياء البلاد، كان من المفترض أن تكون مريضة، لكنها، وكما يبدو، مستثناة من الإصابة، ولهذا تمضي في قيادة المغامرة إلى النهاية.

على أن المسار السردي للفيلم ما يلبث أن يتشعب، فلا تبقى مشكلة لورا هي الثروة التي صارت في يدها، ولا كيفية التخلص منها لغرض النجاة بنفسها، بل شبكة من الاعتبارات، منها: إنقاذ طفلتها، والهدنة في نزاعها مع طليقها، وهكذا وصولًا إلى عمليات نزوح مكاني متتالية.

تعمد المخرجة في معالجتها الفيلمية إلى مقاربة أرادت من خلالها التأكيد على أن الجائحة والوباء بإمكانهما أن يكونا سببًا في توحيد البشرية، إذ إنهما لا يفرقان بين لون وعرق وقومية، ولهذا، سرعان ما نجدها مع حشد من الهاربين من الوباء على الساحل الليبي. وهنا، سوف تجد لورا وابنتها وأمها جميعًا وسط أفواج من المهاجرين واللاجئين من مختلف الأعراق، وهو تحول استثنائي ملفت للنظر، بحيث إن الخطوط السردية تتجه نحو ذلك النوع من المعاناة ومواجهة مخاطر الجوع والابتزاز وغير ذلك من أشكال التحديات.

يقول الناقد السينمائي في موقع كات ذي تايك بهذا الصدد:

"إن الفيلم يلامس بشكل عميق وحشية مخيمات اللاجئين ومدى فظاعة وصعوبة حياة طالبي اللجوء. مع أنه ليس بالأمر الجديد على صعيد السينما، إلا أن التحول يكمن في رؤية عائلة بيضاء تمر بمحنة التشرد، ومشاركة اللاجئين مكابداتهم. لكنها معالجة افتراضية ليست مضمونة النتائج، كمن يخلط الماء بالزيت، أي مراعاة قدر من المجازفة في اعتماد تلك الخلطة الاستثنائية."

واقعيًا، نحن أمام تمدد جغرافي ملفت للنظر ومربك في بعض الأحيان، لرحلة تمتد من لندن إلى تنزانيا، وذلك في سياق إنقاذ الذات، وتحول المال إلى وسيلة غير مرغوبة في سياق سردي، وبثّ للحبكات الثانوية، أفضى إلى أن ذلك المال غير المرغوب فيه كان مطلوبًا وأساسيًا لتغطية تكاليف الرحلات الجوية من مناطق العدوى—مما أدى، بلا شك، إلى أحد أكثر مشاهد الفيلم طرافة، حيث يتشاجر المليونيرات بشراسة في ملعب غولف مليء بطائرات الهليكوبتر حول من يمكنه الصعود إلى الطائرة—بينما تبقى كيفية انتقال الفيروس، وكيفية استجابة الناس له بأي طريقة أخرى غير الخوف، غامضة طوال الوقت.

وما دمنا بصدد البناء الدرامي والتوظيف السردي، فكما ذكرنا من قبل، فإن نقطة التحول ما تلبث أن تقع في منتصف الزمن الفيلمي، إذ تتغير أحداث إنفلونزا الأغنياء فجأةً، وتتحول إلى قصة هروب عكسي: فجأةً، هناك أوروبيون بيض أثرياء يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط على متن قوارب متهالكة. وجهتهم: أفريقيا. هناك بؤرٌ للأمل، حيث لا يتفشى الوباء، وهنا تقع المفارقة الساخرة.

هذه المفارقة عمّقتها المشاهد التي يظهر فيها أولئك المهاجرون قدرًا من البساطة والاندفاع في مساعدة نظرائهم من البيض الأوروبيين، ومن ذلك تقاسم الماء والطعام معهم، وهم المترفون الذين لم يسبق لهم أن عاشوا محنة التشرد عن الأوطان والبحث عن اللجوء في أرض أخرى، وما تنطوي عليه من مخاطر. كل ذلك كان الوباء سببًا رئيسيًا فيه، وغطاءً غلّف أحداث الفيلم في إطار تباينت فيه مستويات الإقناع في السرد الفيلمي.

-------------

إخراج: غالدر غازتيلو-أوروتيا

سيناريو: ديفيد ديسولا، سام شتينر

مدير التصوير: جون دومينغيز

تمثيل: ماري إليزابيث وينستيد في دور لورا، توني في دور راف سبال.

مقالات مشابهة

  • مخاوف الرسوم الجمركية تدفع الذهب إلى قمة جديدة
  • تضارب مثير بين أرقام المسابقات الدينية بمصر خلال رمضان.. وخبراء: مؤشر خطير
  • حسب دراسة.. العمل عن بعد يُعرّض الموظفين “لمخاطر نفسية واجتماعية جديدة”
  • "الطفولة والأمومة" يشكر صناع مسلسل "لام شمسية" على الرسالة التي حملها طوال مدة عرضه
  • كنيسة العذراء مريم بجاردن سيتي تشهد الاجتماع الشهري لشباب مرحلة الجامعة لكنائس
  • المجلس الأعلى للشباب: قريباً إطلاق مبادرة أفكار الرقمية
  • صلاح الدين عووضه.. ميني حكاية: الرجل الذي فقد نفسه!!….
  • الأنبا باخوميوس.. الحكيم الذي قاد الكنيسة في مرحلة انتقالية
  • والي الخرطوم ووزير الشئون الدينية يدشنان برنامج الزكاة بتوزيع الدعم النقدي على المرضى بالمستشفيات
  • فيلم انفلوانزا الثراء: تراجيديا التخلص من المال تدفع إلى هجرة معاكسة