توقع ثبات أسعار النفط فوق 60 دولارا للبرميل.. وموازنة سلطنة عُمان محمية رغم التقلبات
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
أشار عدد من خبراء قطاع الطاقة والنفط إلى أن أسعار النفط لا يتوقع انخفاضها إلى ما دون 60 دولارا للبرميل، مؤكدين أن هذا السعر سيحمي الموازنة العامة لسلطنة عمان ولن يكون له تأثير سلبي، وأشادوا بتحديد سعر التوازن فـي موازنة 2024 عند 60 دولارًا، معتبرين أن ذلك مؤشر قوي على قدرة الدولة فـي مواجهة تقلبات أسواق النفط.
وقالوا لـ«$»: إن النفط لا يزال مصدرًا مربحًا حيث أسهمت إيراداته فـي تحقيق إنجازات سلطنة عمان الحضارية رغم تذبذب أسعاره. كما أشاروا إلى أن الحكومة اكتسبت خبرات كبيرة فـي التعامل مع هذه التقلبات مؤكدين على ضرورة مواصلة جهود تنويع مصادر الدخل والاعتماد على موارد أخرى لتعزيز الاقتصاد الوطني.
العرض والطلب
قال سعادة الدكتور عبدالعزيز الهاشمي عضو اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى -أكاديمي وخبير فـي قطاع النفط والغاز-: إن النفط يسهم بحوالي ثلث الطاقة المنتجة على مستوى العالم بجانب المصادر الأخرى مثل الغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية والطاقة المتجددة، وهذه الأهمية تجعله يحظى بالاهتمام من قبل المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وكأي سلعة فإن أسعار النفط يحكمها العرض والطلب وإلى حد كبير أيضًا الأوضاع الجيوسياسية.
وأضاف: منذ تأسيس منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط أوبك (Opec) فـي سبعينيات القرن الماضي وهي تهدف إلى توافق هذه الدول على التحكم فـي العرض كون هذه الدول لها الحصة الكبرى من الاحتياطي النفطي والطاقة الإنتاجية فـي العالم، ويشكل تصدير النفط فـيها المصدر الرئيس للدخل.
وتابع: فـي العقدين الماضيين تضاعف الإنتاج أيضا خارج نطاق دول أوبك وخصوصًا من روسيا ويبلغ إنتاج النفط ما يقارب 100 مليون برميل يوميًا، ومع انهيار أسعار النفط منذ 2014 والتأثير السلبي على اقتصاديات الدول المنتجة تشكلت مجموعة أوبك بلس بانضمام دول مثل روسيا إلى اجتماعات أوبك للتوافق حول كمية العرض الذي يحافظ على أسعار تناسب الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء بهدف الحفاظ أيضا على النمو العالمي وبالتالي استقرار الطلب أو ارتفاعه، وقد أسهمت هذه الجهود فـي ارتفاع أسعار النفط بعد أزمة جائحة كورونا.
وبيّن عضو اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى أن أسعار النفط شهدت انخفاضًا ملحوظًا منذ بداية شهر يوليو من العام الجاري، إذ انخفض سعر النفط العماني من مستوى 86 دولارا للبرميل فـي الأول من يوليو إلى 71 دولارا للبرميل فـي العاشر من سبتمبر، فقد تراجعت توقعات الطلب العالمي حسب ما أصدرته منظمة أوبك بسبب ضعف الطلب من الصين ووجود فائض من المعروض العالمي، وعلى إثر ذلك أجّلت مجموعة أوبك بلس زيادة الإنتاج إلى نهاية نوفمبر القادم والذي كان مخططًا له بداية أكتوبر، فـي مسعى من هذه الدول لموازنة العرض والطلب.
وأوضح الهاشمي أن الإيرادات من النفط تشكّل فـي سلطنة عُمان أكثر من 55% من الإيرادات العامة للدولة، ويظل تصدير النفط مصدر الدخل الأساسي للدولة، علاوة على مساهمة الأنشطة النفطية بما نسبته 30-40% من الناتج المحلي الإجمالي، وبما أن سلطنة عمان تنتج حوالي مليون برميل يوميًا من النفط وهو ما يعادل حوالي فقط 1% من الإنتاج العالمي ولكنها تشارك فـي اجتماعات أوبك بلس وتطبق ما يتم الاتفاق عليه من نسبة تخفـيض للإنتاج.
مؤشر نجاح
وأضاف الهاشمي: عززت خطط التوازن المالي والاستدامة المالية متانة الاقتصاد العماني والذي كان ارتفاع أسعار النفط منذ عام 2021 عاملًا إيجابيًا فـي تحقيق أهداف خطط الحكومة فـي خفض الدين العام مما أدى إلى رفع التصنيف الائتماني للدولة، ومن وجهة نظر تحليلية فإن سعر التوازن فـي ميزانية الدولة لعام 2024 أصبح 66 دولارا للبرميل بعد أن كان أعلى من 80 دولارا للبرميل قبل عام 2021 ويعد هذا مؤشر نجاح كبيرا يعزز من قدرة الدولة على مواجهة تقلبات أسعار النفط ويعطيها مساحة من الطمأنينة فـي ظل الأسعار الحالية للنفط التي تتراوح بين 70 و75 دولارا للبرميل، ولقد وجهت الحكومة الفوائض المتحققة من أسعار النفط المرتفعة منذ عام 2021 إلى تخفـيض الدين العام وأيضا تمويل مشروعات تنموية إضافـية والاستمرار فـي دعم القطاعات الاجتماعية.
وأكد أنّ إنتاج النفط يظل مربحًا حتى فـي حال انخفاض أسعار النفط إلى 30 دولارا للبرميل وهو سعر يقترب من سعر التكلفة الكلي لاستخراج النفط فـي حقول النفط العمانية التي تتميز بتعقيداتها الجيولوجية وخصائص المكامن والنفط والذي يستدعي -فـي الكثير من الحالات- تقنيات متقدمة ومكلفة.
وأنهى الهاشمي حديثه بقوله: «سيظل النفط كما كان منذ بداية إنتاجه وتصديره تسهم إيراداته رغم تقلبات أسعاره فـي بناء كل المنجزات الحضارية على أرض سلطنة عمان، واكتسبت الحكومة خبرات متراكمة للتعامل مع التقلبات العالمية لأسعار النفط بشكل يحفظ للاقتصاد العماني متانته ونموه بشكل مستدام ويمتص التداعيات الناتجة عن انخفاض أسعار النفط ويحفظ للمواطن الحياة الكريمة فـي ظل منظومة متكاملة من الحماية الاجتماعية ونمو اقتصادي مستدام يوفّر فرص العمل ويشجع ريادة الأعمال والابتكار».
عمليات الإنتاج
من ناحيته قال الدكتور وضاح الطه خبير نفط وغاز وعضو الجمعية العالمية لاقتصاديات الطاقة IAEE: إن أسعار النفط تؤثر عليها عوامل فنية تتعلق بعمليات الإنتاج وعوامل أخرى اقتصادية تتعلق بالطلب، مشيرا إلى أن مجموعة أوبك وأوبك بلس تلتزم بخطط إنتاج تحاول أن تبقي الأسعار منضبطة وتكون أسعار معقولة من خلال تحديد وتخفـيض الإنتاج فـي حالة تقليل الطلب حتى تكون الأسعار مناسبة، فـي حين يحاول من هم خارج المجموعة استغلال الوضع لزيادة الإنتاج حيث يشكل إنتاج أوبك بلس ربما ما يقارب 40% من الإنتاج العالمي يقابله 60% إنتاج من خارج أعضاء أوبك بلس، وموضحا أن زيادة الإنتاج من المنتجيين الرئيسيين فـي العالم يؤدي إلى بقاء ضغوطات الإنتاج مع خشية انخفاض أو محدودية الطلب خلال عام 2024 حيث من المتوقع زيادة إنتاج بحدود مليون برميل يوميا.
ولا يتوقع الدكتور وضاح الطه أن يهبط النفط فـي ظل المعطيات الحالية إلى ما دون 60 دولارا حيث إن بعض الدول العربية المنتجة للنفط تحتاج فـي موازناتها إلى أسعار نفط عالية نسبيًا وعادة تخطط عند وضع الموازنة أسعارا تقديرية لعام 2024.
مبنية على تكهنات
وتابع وضاح الطه بقوله: «أعتقد أن الأسعار الحالية هي أسعار مبنية على تكهنات تتعلق بانخفاض الطلب من الصين والتي تعد أكبر مستورد للنفط فـي العالم مما أدى إلى نوع من المضاربات على تخفـيض أسعار النفط، وموضحا أنه من المتوقع أن تقع الولايات المتحدة الأمريكية فـي فخ الانكماش الاقتصادي وسيقوم الاحتياطي الفـيدرالي فـي الاجتماع القادم بخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد وتسهيل الحصول على الاقتراض للاستثمار، ويعتقد أن الصين والهند لا تزالان مستمرتين فـي استيراد النفط من الدول العربية المنتجة للنفط فـي الفترة القادمة ولن يهبط النفط إلى ما دون 60 دولارا».
وفـي السياق ذاته قال علي بن عبدالله الريامي خبير فـي أسواق الطاقة: شهدت أسعار النفط فـي الآونة الأخيرة تذبذبا كبيرا، والتذبذب كان فـي مستويات منخفضة واستقر سعر النفط عند ما يقارب 70 دولارا، ومن المتوقع أن يستمر التذبذب للفترات القادمة متأثرا بعدة عوامل من ضمنها عدم النمو الاقتصادي فـي الصين والتي تعد أكبر دولة مستوردة للنفط، والذي أدى إلى ضعف الطلب على النفط من الصين. ويتوقع الخبير فـي أسواق الطاقة أن تبقى الأسعار على حدود 75 دولارا فـي الفترة القادمة بالإضافة إلى عوامل أخرى متعلقة بانتخابات الرئاسة فـي الولايات المتحدة الأمريكية ومطالب الحزبين الجمهوري والديمقراطي بإرضاء الناخب الأمريكي والضغط على أسعار النفط، بالرغم من وجود عوامل إيجابية ولكن العوامل السلبية يمكن أن تؤثر على أسعار النفط أكثر من المتوقع، ومن المتوقع فـي العام المقبل وفقا لعدد من المؤسسات العلمية والمهتمين بالقطاع أن تتراوح الأسعار بين 70 و80 دولارا.
بوادر سلبية
وقال الريامي: إن الظروف الاقتصادية فـي آسيا بشكل عام والصين بشكل خاص غير مبشرة بتحسن الأسعار بشكل أكثر من 80 دولارا حيث من المتوقع أن تستمر الأسعار فـي التذبذب فـي حدود 80 و85 دولارا إلا إذا تحسنت الظروف فـي الصين والولايات المتحدة الأمريكية وانخفاض التضخم وقيام الاحتياطي الفـيدرالي بخفض أسعار الفائدة بشكل كبير يمكن أن يساعد فـي تحسن الأسعار وهو مرتبط بتحسن الاقتصاد الأمريكي والاقتصادي الآسيوي.
وأوضح علي الريامي أن تخفـيضات أوبك بلس لعبت دورا فـي إبقاء الأسعار فـي هذا المستوى وإذا كان هذا التخفـيض غير موجود يمكن قد يؤدي إلى انخفاضات أكبر فـي أسعار النفط، ويأمل الريامي أن تستمر أوبك بلس فـي قرار بتحديد فترة السماح للدول الثمانية المتطوعة فـي أوبك بلس بخفض الإنتاج مما يسهم فـي المحافظة على الأسعار.
وفـي سؤاله حول مدى تأثير أسعار النفط على الإيرادات العامة للدولة أوضح الريامي أن سلطنة عمان ودول المنطقة تعتمد بشكل كبير على الإيرادات النفطية وأي تذبذب فـي الأسعار يؤثر مباشرة على الإيرادات والموازنات فـي هذه الدول وليس هناك أي خطط بديلة، مشيرا إلى أن سلطنة عمان تأخرت فـي تنويع مصادر الدخل والاقتصاد، وعلى هذا الأساس فالوضع سوف يستمر لفترة من الزمن إلى أن يتم إدخال مشروعات وخطط أخرى لسد هذا النقص الكبير بينها وبين الإيرادات النفطية.
ويأمل الريامي أن تركز الخطط الخمسية القادمة لسلطنة عمان على تنويع مصادر الدخل بشكل واضح والاعتماد على مصادر أخرى مثل الزراعة والثروة السمكية والسياحة وأن تسهم بشكل أكبر فـي الموازنة وفـي الإيرادات.
ويرى خبير الطاقة علي الريامي أن الاعتماد على سعر النفط كمؤشر لاحتساب الميزانية لا يزال مستداما حيث لم يتجاوز أو يصل إلى مستوى 60 دولارا حيث لا يزال سعر النفط فوق 70 دولارا ويعتبر الوضع آمنا إلى الآن والميزانية العامة للدولة فـي مأمن من أي تقلبات خصوصا ونحن فـي نهاية الربع الثالث من العام الجاري 2024 ولن تتأثر الميزانية بتذبذب أسعار النفط الحالية حيث ستبقى الأسعار على المستوى نفسه 75 دولارًا وهو أعلى من احتساب متوسط سعر البرميل للميزانية عند 60 دولارا.
ويقول الريامي: إنه لا توجد أية بوادر سلبية لانخفاض أسعار النفط إلى أقل من 60 دولارا فـي 2025 ولكن تحوطا فـي هذه المسائل من الأفضل أن يحتسب متوسط سعر البرميل فـي الميزانية العامة لسلطنة عمان عند 55 دولارا تحسبا للظروف فـي العام القادم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: دولارا للبرمیل أسعار النفط سلطنة عمان من المتوقع هذه الدول سعر النفط النفط إلى النفط فـی النفط من أوبک بلس إلى أن
إقرأ أيضاً:
المخاوف بشأن مقدار الطلب وتحسن الدولار تدفع إلى خفض أسعار النفط
تراجعت أسعار النفط في التعاملات المبكرة الجمعة، وسط مخاوف بشأن نمو الطلب خلال عام 2025 خاصة في الصين أكبر مستورد للخام، مما يقرب الخامين القياسيين العالميين من إنهاء الأسبوع على تراجع بنحو ثلاثة بالمئة.
ونزلت العقود الآجلة لخام برنت 41 سنتا، أو 0.56 بالمئة، إلى 72.47 دولار للبرميل، بينما وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 39 سنتا، أو 0.56 بالمئة، إلى 68.99 دولار للبرميل، وذلك بحلول الساعة 04:20 بتوقيت غرينتش.
وأكدت شركة "سينوبك" الصينية للتكرير المملوكة للدولة في توقعاتها السنوية للطاقة، أن واردات الصين قد تبلغ ذروتها في عام 2025 وإن استهلاك البلاد من النفط سيبلغ ذروته بحلول عام 2027 مع ضعف الطلب على الديزل والبنزين، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
وقال الباحث في مجموعة بورصات لندن، إمريل جميل: إن "أسعار النفط الخام القياسية تمر بمرحلة استقرار طويلة وسط ضبابية بشأن نمو الطلب مع قرب نهاية العام".
وأضاف أن "أوبك+" سيحتاج لضبط الإمدادات لرفع الأسعار وتهدئة تقلب السوق جراء المراجعات المستمرة لتوقعاتها لنمو الطلب.
وخفضت دول منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك وحلفاؤها، المعروفة بتحالف أوبك+، مؤخرا توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في عام 2024 للشهر الخامس على التوالي.
وأثر ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوى في عامين على أسعار النفط، بعد أن أشار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) إلى أنه سيكون حذرا بشأن خفض أسعار الفائدة العام المقبل.
ويجعل ارتفاع الدولار النفط أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، كما أن إبطاء وتيرة خفض أسعار الفائدة قد تضعف النمو الاقتصادي وتقلص الطلب على الخام.
وتوقع بنك "جي.بي. مورجان" أن سوق النفط ستنتقل من التوازن في عام 2024 إلى تحقيق فائض قدره 1.2 مليون برميل يوميا في عام 2025، كما يتوقع البنك زيادة النمو خارج تحالف أوبك+ بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا في عام 2025، وبقاء إنتاج أوبك عند مستوياته الحالية.
وفي خطوة قد تؤدي إلى تقليص العرض، ذكرت بلومبرج أمس الخميس أن مجموعة السبع تدرس سبل تشديد سقف الأسعار على النفط الروسي، مثل فرض حظر تام أو تقليص سقف الأسعار.