كيف قرأ حزب الله كلام الرئيس الإيراني؟
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
عندما سمع كثيرون الرئيس الإيراني مسعود بازشكيان يقول إن "حزب الله" لا يستطيع وحده أن يحارب إسرائيل" لم يصدّقوا أن ما سمعوه صحيحًا أو هُيئ لهم. وما أدهش هؤلاء أقلق آخرين بالتأكيد، وبالأخص قيادة "حزب الله"، التي كانت تعّول كثيرًا على الدعم الإيراني في هذه الظروف الصعبة والقاسية، التي يتعرّض فيها الحزب لأبشع أنواع الحروب وأشدّها ضراوة، حيث يستهدف العدو أبرز قياداته العسكرية استنادًا إلى معلومات مخابراتية عن أماكن وجودهم وحركة تنقلاتهم، إضافة إلى استهداف المناطق، التي يُعتقد أنها تحوي على مخازن أسلحة.
على ما يبدو فإن الحرب طويلة. وقد تطول أكثر مما طالت الحرب على غزة، ونحن على مشارف طي صفحة سنتها الأولى. وإذا طالت الحرب المفتوحة والشاملة على لبنان، ولم يتمكّن أحد من الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها فإن ما تبقّى من مقومات صمود اجتماعي لدى اللبنانيين ستنهار تدريجيًا، خصوصًا أن "المال النظيف" لإعادة إعمار ما تهدّم لن يأتي على الأرجح هذه المرّة. هذا ما وصل إليه اللبنانيون من خلاصات بعدما سمعوا كلام الرئيس الإيراني. فإيران مشغولة اليوم، على ما يبدو، بأمور كثيرة لها علاقة بمصالحها الإقليمية قبل أي شي آخر. وكما تُركت غزة تواجه مصيرها لوحدها هكذا سيُترك لبنان يواجه الآلة الإسرائيلية المدّمرة باللحم الحي لوحده. وكما لم تستطع الولايات المتحدة الأميركية التأثير على تل أبيب لوقف عدوانها المستمر على غزة، على رغم محاولاتها المتكرّرة، فهي لن تتمكن من لَي الذراع الإسرائيلية في لبنان، لأن لنتنياهو حسابات أخرى غير الحسابات الأميركية والأوروبية. فكلام الرئيس الإيراني وصل إلى مسامع نتنياهو وأركان حكومة الحرب في تل أبيب، التي لها تفسير يختلف عن أي تفسير آخر، سواء في لبنان أو في العواصم المعنية بما يمرّ به اللبنانيون من أزمات وجودية. فالقراءة الإسرائيلية للكلام الإيراني غير المسبوق توحي بأن إيران بدأت تعيد حساباتها الجديدة في المنطقة، والتي تنطلق من انتهاج خط من شأنه أن يؤمّن لها مصالحها الإقليمية قبل أي شيء آخر. ويذهب البعض، سواء في الخارج أو الداخل، إلى حدّ القول بأن إيران قد أوصلت "حزب الله" إلى "نص البير وقطعت به الحبل". إلّا أن التفسير الذي يُعطى للكلام الإيراني السياسي من قبل بيئة "حزب الله" فهو يختلف اختلافًا جوهريًا عمّا يحاول البعض الاستفادة من كلام قيل وله ظروفه السياسية الموضعية، وله مبرراته الظرفية التي أملت على الرئيس الإيراني اتخاذ هذا الموقف السياسي، الذي يتعارض من حيث الشكل على الأقل مع موقف المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني، الذي لا تزال كلمتهم هي النافذة في المسائل العسكرية والأمور اللوجستية، التي لها علاقة مباشرة بمدى تأمين الدعم المعنوي والمادي لجميع حلفاء إيران في المنطقة، وبالأخصّ "حزب الله"، الذي ساند لوحده فلسطينيي غزة، وهو اليوم يواجه أعتى الغارات الجوية على مواقعه. ولكن إذا كان ما تم تسريبه عبر الإعلام الأميركي من أن طهران أبلغت "حزب الله" بأن الوقت غير مناسب الآن لخوض حرب مع إسرائيل صحيحًا، فإنه يصبح في الإمكان رسم صورة تقريبية للموقف الإيراني، بحيث يتضح للمراقبين الخلاصة، التي يمكن الخروج منها، وهي أن طهران غير معنية بالحرب المحتدمة في لبنان، وهو الموقف المشابه من حرب "حماس" في غزة، حين أعلن المرشد الروحي الإمام الخامنئي بأن "حماس" لم تبلغنا بعملية طوفان الأقصى مسبقاً. وكما كان الاسناد لغزة غير فاعل وغير مجدٍ، فإن أي اسناد لـ "حزب الله" في حربه مع إسرائيل من قبل إيران لن يبصر النور حتى يعرف المرء مدى فعاليته وجدواه. هذا ما يقوله المتشائمون، أو الذين قرأوا كلام الرئيس الإيراني مع ما يلائم رغباتهم أو تمنياتهم، الذين استعادوا كلامًا قاله الرئيس السابق ميشال عون لوفد من "حزب الله" الذي زاره في منزله، واستمع إلى وجهة نظر النائب محمد رعد وعن الدوافع التي أملت على "الحزب" الانخراط في حرب غزة عبر اشعال جبهة الجنوب، فقال له ما حرفيته: "وجهة النظر هذه بالنسبة إليّ ضعيفة غير مقنعة. أعتبرها معركة خاسرة. أنا خائف عليكم، لكنني خائف على لبنان أيضاً. لا أعرف إلى أي مدى يسع الحزب الاستمرار في هذه المعركة والمدى الذي سيصل إليه، بينما أخشى من النتائج لأن موازين القوى ليست في مصلحته ولا في مصلحتنا نحن". فالمعركة بالنسبة إليه "غير متكافئة". فهي ليست من واحد الى واحد، بل انخرط الغرب كله فيها بدءاً بالأميركيين وصولاً إلى الأوروبيين وراء إسرائيل التي تملك أكبر قوة تدميرية في الشرق الأوسط، في إمكانها أن تطاول الشرق الأوسط بأكمله بفضل جسور الدعم والتمويل والتسليح المقدّمة إليها، خصوصاً من الأميركيين. وانتهى إلى القول "لا أعرف إلى أي مدى يسع "حزب الله" الاستمرار في معركة موازين قواها ليست في مصلحته ولا في مصلحتنا". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
قبلان في رسالة الى الشعب والقوى السياسية: المطلوب اعتماد الرئيس بري لتمرير تسوية رئاسية ميثاقية
وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة الى الشعب والقوى السياسية اللبنانية جاء فيها:
"أيها اللبنانيون الشرفاء بعد شهرين ثقيلين بالدماء والأشلاء والدمار والنار والفظاعات الهائلة، جراء أخطر حرب أطلسية إسرائيلية، انتهت هذه الحرب بفشل إسرائيلي صارخ وإذعان كامل لوقف النار، ومعها بدا لبنان سيداً عزيزاً بفضل جهود وطنه وبسالة مقاومته الشريفة التي خاضت أكبر ملحمة دفاع سيادي سيتحدث عنها التاريخ طيلة قرون طويلة، وذلك لحماية البلد وشراكته الوطنية وهويته السياسية الميثاقية، واللحظة الآن للبنان بعائلته الوطنية ومقاومته الأبية وشراكته التاريخية وتعاليم كنيسته السماوية ونتاج مسجده الناهض بأكبر معاجز لبنان".
أضاف: "وما نحن فيه الآن، بلد منتصر بصموده وسيادته وتضحيات أبنائه التي كسرت طموح أخطر مشروع أميركي إسرائيلي وجودي، وكموقف للتاريخ أقول: انتهت أخطر حروب أميركا وإسرائيل بالإذعان لوقف النار وفق مرجعية الـ1701 بلا حرف زائد وبلا مناطق عازلة، ولا سلطة فوق تراب الجنوب اللبناني لأي قوة غير لبنانية، والمحسوم أن تطبيق التزامات القرار الدولي منوطة فقط بالجيش اللبناني الأمين على سيادة وطنه فقط، وكل ذلك نتيجة صمود المقاومة الأسطوري والرعاية الإلهية، والعين على لبنان بشراكته ونهوضه السياسي وميثاقيته الضامنة لعائلتنا اللبنانية".
وتابع: "واللحظة الآن لإعادة الإعمار ولمّ الشمل وانتخاب رئيس ميثاقي وتزخيم العمل الوطني، ولا للخصومة والتنكيل والإستفزاز، والتنوع جزء من واقعنا الوطني، والدولة مطالبة بحماية الإعلام من الإرتزاق، والميثاق السياسي يفترض تأكيد وطنيّتنا وعدم الإنزلاق نحو خطاب انتقامي".
أضاف: "ولكل قوى لبنان أقول: كان الصمود بعون الله أسطورياً، ومعه بدت المقاومة ضامناً استراتيجياً لا نظير له، كما بدا شعب لبنان عنواناً لأكبر إغاثة عابرة للطوائف، ومفروض من القوى السياسية أن تتعلم من شعب لبنان الشريف، والقضية قضية وطن متنوع، والمطلوب حماية هذه الميثاقية الوطنية المتنوعة دون لعبة أمم ومشاريع خراب، وخبز الصهاينة مسموم، وغرف واشنطن معدة للفتن، ولعبة الأمم تعتاش على العداوة والتقسيم ولا محل لها في هذا البلد العزيز، والنزق السياسي مدمر".
وقال: "واليوم، يوم تاريخي بحجم تاريخية أخطر حرب، فعل فيها الإسرائيلي المدجج أطلسياً كل ما بوسعه لإنهاء الواقع اللبناني السيادي والعقيدة الوطنية وفشل بفضل أسطورة المقاومة الإلهية التي أكدت مجدداً أنها كنز لبنان السيادي، ولا ترتيب جديد في الشرق الأوسط، ولا تغيير ببنية لبنان السياسية والوطنية، ولبنان اليوم ينهض مجدداً، وشهادة عزيز الروح الأمين العام السيد حسن نصر الله تاريخ فاصل بواقع لبنان والمنطقة، وقدرات الرئيس نبيه بري مدرسة أكبر من لبنان وعنوان للحظة التاريخ، وشكراً للشارع المسيحي الإسلامي، وشكراً للطريق الجديدة وبيروت وصيدا والشمال، وشكراً لجبل الموحدين الدروز، وشكراً للنازحين المقاومين العائدين بأعظم كرامة وأفخر تضحيات، شكراً لأبنائكم ودماء فلذاتكم، شكراً للمقاومة التي أكدت للدنيا أنّ أكبر مشاريع العالم تهزمها إرادة مقاوم مؤمن بالله العظيم".
أضاف: "وللأمين العام أخي سماحة الشيخ نعيم قاسم أقول: أنت على رأس مسيرة مخضّبة بدماء لهفة القلب والتاريخ، سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين وبقيّة أخوانهم الأبرار، فانهض بها فإنها أمانة الله والوطن بين يديك وأنت أهلٌ لها إن شاء الله. وللرئيس ميقاتي أقول: أنت في لحظة تاريخ وقد أحسنت الفعل الوطني واللحظة الآن لتحصين لبنان والمسؤولية كبيرة وخطيرة. وما قام به الأستاذ وليد جنبلاط خيار تاريخي وموقف مصيري لحماية لبنان وعيشه المشترك. والجيش اللبناني ضامن وطني لا طائفي، وقيمته من قيمة لبنان وميثاقيته السيادية، ومرجعيته بيروت لا العواصم، وثلاثية جيش شعب مقاومة قيمة سيادية ليس بعدها قيمة، والوصية للبنان كل لبنان الرئيس نبيه بري الذي أكد للتاريخ أنه قامة تاريخية ومدرسة سيادية عينها على لبنان بمشروعه الوطني وطائفته اللبنانية ومصالحه المنيعة وقدرته الإبداعية على استخلاص الحلول الكبرى".
ختم: "والمطلوب اعتماد الرئيس نبيه بري لتمرير تسوية رئاسية ميثاقية تليق بأسطورة صمود وثبات وتضحيات لبنان".