من الممكن مستقبلاً إجراء مكالمات فيديو تنقل لك الصوت والصورة والرائحة معاً عبر هاتفك النقال

التغيير ــ وكالات

يتساءل الكثير من الناس حالياً عما إذا كان من الممكن للهواتف الذكية أن تنقل الروائح قريباً، وذلك بعد أن بدأت في نقل الصوت فقط، ثم تطورت لتصبح صوتاً ونصاً، ثم انتقلت إلى مكالمات الفيديو التي تنقل الصوت والصورة معاً.

وبحسب تقرير نشرته مجلة “ديسكفر مغازين”، فإن من الممكن مستقبلاً إجراء مكالمات فيديو تنقل لك الصوت والصورة والرائحة معاً عبر هاتفك النقال.

وقال جيان ليو، وهو أستاذ مساعد في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في جامعة “تينيسي” الأميركية: “عندما تستمع إلى الموسيقى أو تتحدث إلى شخص ما على هاتفك، يمكنك سماع الصوت من خلال مكبرات الصوت المدمجة. تحول هذه السماعات الإشارات الرقمية إلى اهتزازات مادية باستخدام مكون صغير يسمى الحجاب الحاجز. وتستشعر أذنيك هذه الاهتزازات كموجات صوتية”.

ويقول إن الهاتف النقال الذكي يحتوي أيضاً على شاشة تعرض الصور ومقاطع الفيديو، وتستخدم الشاشة نقاطاً صغيرة تُعرف بالبكسل تتكون من ثلاثة ألوان أساسية: الأحمر والأخضر والأزرق. ومن خلال مزج هذه الألوان بطرق مختلفة، يمكن لهاتفك أن يُظهر لك كل شيء من مشاهد الشاطئ الجميلة إلى الجراء اللطيفة.

ويقول ليو إنه بالنسبة لحاسة الشم، فإن الروائح تتكون من جزيئات صغيرة وهي الجزيئات التي تطفو في الهواء وتصل إلى الأنف، ثم يُرسل أنفك إشارات إلى دماغك، الذي يحدد الرائحة. إذن، هل يمكن لهاتفك أن يرسل إليك جزيئات الرائحة هذه؟ العلماء يعملون على ذلك حالياً.

ويقول ليو إن علينا التفكير في كيفية عمل شاشة الهاتف، فهي لا تحتوي على كل لون في العالم مخزناً بداخلها، وإنما بدلاً من ذلك تستخدم ثلاثة ألوان فقط لإنشاء ملايين الألوان والظلال المختلفة.

ويضيف: “تخيل الآن شيئاً مشابهاً للروائح. حيث يطور العلماء تقنية الروائح الرقمية التي تستخدم عدداً صغيراً من الخراطيش المختلفة، كل منها يحتوي على رائحة معينة، وتماماً مثل كيفية خلط البكسلات من ثلاثة ألوان لإنشاء صور، يمكن خلط خراطيش الروائح هذه لإنشاء روائح مختلفة”.
ويتابع: “تماماً مثل الصور الموجودة على هاتفك المصنوعة من أكواد رقمية تمثل مجموعات من البكسلات، يمكن إنشاء الروائح التي ينتجها هاتف مستقبلي باستخدام أكواد رقمية. يمكن أن يكون لكل رائحة وصفة محددة تتكون من كميات مختلفة من المكونات الموجودة في الخراطيش. وعندما تتلقى رمز رائحة رقمي، يمكن لهاتفك خلط كميات صغيرة من الروائح المختلفة من الخراطيش لإنشاء الرائحة المطلوبة.

إن هذا المزيج سوف يتم إطلاقه من خلال فتحة صغيرة في الهاتف، مما يسمح لك بشم رائحته. وباستخدام عدد قليل من الخراطيش، يمكن لهاتفك أن ينتج مجموعة كبيرة ومتنوعة من الروائح، تماماً كما يمكن للبكسلات الحمراء والخضراء والزرقاء أن تنتج ألواناً لا حصر لها”.

ويقول تقرير “ديسكفر مغازين” إن الباحثين والشركات يعملون بالفعل حالياً على إنشاء أجهزة رقمية لصنع الروائح مثل هذه، لكن هذه التقنية التي يجري تطويرها لا زالت تواجه العديد من التحديات.

وبحسب التقرير فان من بين هذه التحديات تصميم نظام يمكنه إنتاج آلاف الروائح المختلفة باستخدام عدد قليل فقط من الخراطيش، والتحدي الآخر هو كيفية التحكم في مدى قوة الرائحة ومدة انبعاثها من الهاتف، كما ستحتاج الهواتف أيضاً إلى استشعار الروائح بالقرب منها وتحويلها إلى أكواد رقمية حتى تتمكن هواتف أصدقائك من إرسال الروائح إليك.

الوسومالراوئح الهواتف تقنية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الهواتف تقنية

إقرأ أيضاً:

في ذكرى احتفالها بالعيد القومي.. قنا أحبطت مخطط الفرنسيين بتقسيم مصر والشرق الأوسط لدويلات صغيرة منذ 225 عامًا

- قبل مخطط اليهودي موشيه شاريت عام 1954 والمخطط الصهيوأمريكي عام 1983 قنا أحبطت مخطط الفرنسيين بتقسيم مصر والشرق الأوسط لدويلات صغيرة منذ 225 عامًا

- فشل مخطط موشيه شاريت عام1954 بتقسيم الشرق الأوسط بعد 155 عامًا من إحياء المخطط الفرنسي بالتقسيم ونجحوا في لبنان

- فشل مخطط برنارد لويس من إحياء المخطط الفرنسي بتقسـيم مصر لثلاث دويلات عام 1983 ونجحوا في تفتيت بعض الدول العربية

- معركة "البارود" بقنا شهدت وحدة الأمة العربية بمشاركة عرب الحجاز وتونس والمغرب

- فرنسا احتلت إيطاليا وحاصرت عكا لإخضاع سوريا وفشلت في احتلال الصعيد

- نابليون بونابرت سمع بهزيمة الفرنسيين في قنا فقال: هذا نذير شؤم واليوم فرنسا فقدت إيطاليا التي احتلتها

- الجنرال الفرنسي بليار: إننا نعيش في قنا معيشة ضنكا ولا نجد فلاحًا واحدًا ليتجسس لنا

- الجنرال الفرنسي دينون: أهالي قنا كانوا يخوضون النيران كأنهم الشياطين خرجت من الجحيم

- ست معارك خاضتها قنا عجلت برحيل الفرنسيين عن مصر

لم يكن "مشروع الشرق الأوسط الجديد" الذي اقترحه موشيه شاريت رئيس الوزراء الإسرائيلي وبن جوريون عام 1954 ومن بعده مشروع برنارد لويس عام 1983 بتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة طائفية، وتقسيم مصر إلى ثلاث دويلات هو المشروع الأول من نوعه، بل سبقه المشروع الفرنسي عام 1799م، فمنذ أكثر من 225 عامًا وتحديدًا عام 1799 م، حاول المستعمر الفرنسي تقسيم مصر إلى ثلاث دويلات، دولة إسلامية في الشرق، ومسيحية في الصعيد، ونوبية في جنوب مصر، وفشل في ذلك، وما فعله موشيه شاريت رئيس الوزراء الإسرائيلي وبن جوريون عام 1954 ومن بعدهم الأمريكان عام 1983 ما هو إلا إحياء للمخطط الفرنسي القديم.

فكرة التقسيم الأولى التي تبناها الفرنسيون منذ 225 عامًا اختمرت في عقل الجنرال "ديزيه" وهو على أرض قنا عندما أصدر قرارًا في 12 أبريل 1799 يقضى بتقسيم الصعيد الأعلى إلى ثلاثة أقاليم، وهي: إقليم أسيوط في الشمال ويحكمه الجنرال "دافو"، وإقليم جرجا في الوسط ويحكمه الجنرال "فريان"، وإقليم طيبة في الجنوب ويحكمه الجنرال "بليار"، وقام الجنرال "ديزيه" برسم الحدود لكل إقليم من الأقاليم الثلاثة، لكن شعب قنا استطاع في ست معارك ضارية إجهاض كل أحلام المستعمر الفرنسي وطموحاته بتقسيم البلاد بعد إخضاعها.

ومن بعد فشل مخطط المحتل الفرنسي عام 1799 م بتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة، جاء إحياء المشروع على يد موشيه شاريت رئيس الوزراء الإسرائيلي وبن جوريون الأب الروحي للكيان الصهيوني عام1954، وعرف " شاريت" بالرجل المعتدل في المفاوضات السياسية، وكان له دور محوري في الهدنة العربية الإسرائيلية التي عقبت حرب 1948، لكن بضغط من راعي الكيان الصهيوني بن جوريون، ألقى "شاريت" بمبادئه ونهجة عرض الحائط، وبدأ في إحياء مشروع مخطط تقسيم الشرق الوسط الجديد ولتكن الانطلاقة من لبنان بالبحث عن ضابط لبناني ماروني وإقناعه بلعب دور المنقذ للسكان الموارنة، وبحسب مقال للكاتب الكويتي حسام سويلم الذي أشار أن موشيه شاريت آنذاك قال: "إن الأمور ستسير على أحسن ما يرام بعد أن تضم الأراضي اللبنانية الواقعة جنوب الليطاني نهائياً لإسرائيل".

وقد تحقق هذا بالفعل بعد ثلاثين عاماً عندما عثر الكيان اليهودي على الرائد الماروني سعد حداد ومن بعده أنطوان لحد اللذين قادا جيش ما يسمى "جنوب لبنان العميل" الذي أقامه الكيان اليهودي ولا زال يدعمه بعد أن فصل جنوب لبنان عن جسد الدولة اللبنانية تحت ما أسماه (الحزام الأمني) بعمق حوالي (45) كم وأصبحت المليشيات العميلة هي التي تحمي وتؤمن حدود دولة العدو اليهودي الشمالية.

ومن بعد مخطط موشيه شاريت رئيس الوزراء الإسرائيلي وبن جوريون عام1954 لإحياء المخطط الفرنسي عام 1799 بتقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة ومتناحرة ولم ينجحوا إلى إلا في لبنان، جاء مشروع برنارد لويس عام 1983 بتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة طائفية ونجحوا في تفتيت دول عربية كثيرة.

يهدف مشروع المستشرق اليهودي الصهيوني الإنجليزي الأصلِ برنارد لويس والذي وافق عليه الكونجرس الأمريكي عام 1983 إلى تفتيت البلادِ العربية والإسلامية إلى أكثر من 50 دويلة، خاصة بعد سقوط الاتّحاد السوفيتي، لتبقى أمريكا القطب الأوحد في العالم، وتتمكن من تنفيذ مخططها، بإشعال الحروب والثورات ودعم التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش، والذِي قدِمَ إلى واشنطن عام 1974م، ليكون مستشارًا لوزير الدفاع لشؤونِ الشرقِ الأوسط، والمتخصص في ملفات الشرقِ الأوسط بجامعة برنستون، وسلّم برنارد لويس مخطط الشرق الأوسط الجديد إلى "بريجنسكي" مستشار الأمنِ القومي في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. وقد وافق الكونجرس الأمريكي في جلسة سرية عام 1983 على مشروع برنارد لويس، وحدد عام 2018 عاما لانطلاق المخطط.

واستهدف مخطط برنارد لويس لتفتيت الشرق الأوسط والدول العربية: تكوين دويلات سنية داخلية، تكون منافذها البحرية منعدمة وهي: مصر الإسلامية عاصمتها القاهرة ولها شريط ساحلي محدود على البحر المتوسط، وتكون تحت النفوذ الإسرائيلي ودويلتَانِ سنية في حلب، وأخرى حول دمشق، ودويلة سنية في شمالِ لبنان عاصمتها طرابلس، ودويلة إسلامية في شمالِ السودانِ، بعد اقتطاعِ دارفور منها لتكون دويلة مستقلة، تكوين دويلات شيعية واحدة في جنوب العراقِ حول البصرة ودويلتين -علوية شيعية واحدة على ساحلِ البحر المتوسط مقتطعة من سوريَا، وأخرى على البقاع اصمتُهَا بعلبك، خاضعة للنفوذ السوري شرق لبنان، وتكوين دولتَين مسيحيتين، واحدة منها في جنوبِ السودانِ، والثانية منح الدولة المسيحية في مصر الجزء الأكبر من مصر، وأربع كانتونات مسيحية في لبنان منها كانتون يخضع للسلطة الفلسطينية وآخر يخضع للنفوذ الإسرائيلي. ثم إنشاء دويلة كردية غنية بالبترولِ، تشمل الشمال، والشمال الشرقي حول الموصل، وأجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية، وإنشاء دويلة النوبة المتكاملة مع الأراضي الشمالية السودانية عاصمتها أسوان تربط الجزء الجنوبي الممتد من صعيد مصر حتى شمالِ السودانِ باسمِ بلاد النوبة لتلتحم مع دولة البربر التي يحلمون بامتدادها من جنوب المغرب حتى البحر الأحمرِ، وإنشاء دويلات للفلسطينين بتصفية الأردن وهو ما تسعى إليه أمريكا الآن بمحاولة تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن ونقل السلطة للفلسطينيين وإنشاء دويلة فلسطينية شمالِ سيناء، وإنشاء دويلة للبربر، وأُخرى للأمازيغ، وثالثةٌ للبوليساريُو مقتطعة من ليبيا وتونس والمغرب والجزائر.

ولم تيأس أمريكا من فشلها في إحياء مخطط الفرنسيين عام 1779 ومخطط برنارد لويس في عام 1983 ومن قبلها مخطط موشيه شاريت عام 1954، بتقسيم المنطقة العربية ومصر إلى دويلات صغيرة طائفية، فاستثمروا وجود الإخوان على رأس السلطة، حيث رصدت المخابرات المصرية ﻳﻮﻡ 20 إﺑﺮﻳﻞ 2012 رسالة ﻣﻦ ﺳﻴﻨﺎﺀ ﺗﻘﻮﻝ "ﻛﻠﻪ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﺟﺎﻫﺰ ﻭﺍﻟﻌﺮﻳﺲ ﻗﺎﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺯﻳﻢ ﻣﻦ ﺳﻴﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﻭﺍلأﻫﻞ ﺳﻮﻑ ﻳﺤﻀﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﻗﻄﺮ، ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﺮﺳﺎلة للمشير طنطاوي في وجود ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺷﻔﻴﻖ فقرًا، ﺍﻟﻤﺸﻴﺮ ﻗﺎﻝ للفريق أﺣﻤﺪ ﺷﻔﻴﻖ: "أﻧﺖ ﻣﻌﺰﻭﻡ ﻓﻰ ﺍﻟﻔﺮﺡ "، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺷﻔﻴﻖ: ﻓﺮﺡ إﻳﻪ؟ قال المشير، ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍلإﺳﻼمية ﻋﺎملة ﻓﺮﺡ.

ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺷﻔﻴﻖ ﻭأﻧﺎ ﺍﻟﻌﺮﻳﺲ؟ ﻀﺤﻚ ﺍﻟﻤﺸﻴﺮ ﻭﻗﺎﻝ ﻻ، ﻓﻴﻪ ﻟﻌﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻳﺤﺪﺙ ﻋﻠﻰ أﺭﺽ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﻭﺳﻴﻨﺎﺀ.

ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺭﺳﺎلة أﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺳﻴﻨﺎﺀ هي الأخطر نصها: "ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ، ﺍﻟﻌﺮﻭسة ﻣﻮﺟﻮﺩة (أﻯ ﺳﻴﻨﺎﺀ) ﻭأﻫﻞ ﺍﻟﻌﺮﻳﺲ ﺣﻀﺮﻭﺍ ﻛﻠﻬﻢ ﻭﻋﺪﺩﻫﻢ ﻛﺒﻴﺮ ﺟﺪًﺍ ﻭﻛﻠﻬﻢ ﺑﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻔﺮﺡ (أي ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮية) ﻭﻣﻌﻬﻢ ﺍلأﺳﻠحة، وحين عرض المشير طنطاوي الرسالة على الفريق شفيق الفائز بفارق 750 ألف صوت قال، شفيق "ﻟﺴﺖ على ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ أﻥ ﺗﻨﺰﻑ ﻗﻄﺮة ﺩﻡ ﻭﺍﺣﺪة ﻣﻦ أي ﻣﺼﺮي ﻣﻦ أجلي، وتم إعلان فوز مرسي برضاء الفريق شفيق.

وصعد الإخوان إلى السلطة برضاء المشير ورجال مصر الشرفاء حقنا لدماء المصريين، وكانت كل تحركاتهم تحت سمع وبصر رجال شرفاء يتقدمهم المشير طنطاوي والفريق أحمد شفيق واللواء عبد الفتاح السيسي (آنذاك) وﺭﺟاﻞ ﺍﻟﻤﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﻭﺑﺎﻗﻰ ﺮﺟﺎﻝ مصر ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ، حتى انتهى دورهم وفشلت معه كل مخططات تقسيم مصر.

وعودة إلى المخطط الفرنسي عام 1799م بتقسيم الشرق الأوسط الجديد ومصر لدويلات متناحرة فقد انتهى المخطط برحيل الفرنسيين بعد ست معارك دارت رحاها على أرض الصعيد بقنا في الموقعة الشهيرة بمعركة البارود بقفط جنوبي قنا، حيث جاء الفرنسيون للصعيد لمطاردة المماليك الذين صاروا يشكلون خطرًا على الاستعمار الفرنسي بمصر، ولرغبة الفرنسيين في التهام الغنيمة بمفردهم بعيدا عن مطامع المماليك، وكانت المعركة الفاصلة التي مُنى فيها الفرنسيين بهزيمة ساحقة في الثالث من مارس عام 1799 على ضفاف نهر النيل بقرية "البارود" بمدينة قفط جنوبي قنا بمشاركة عرب الحجاز وتونس، والمغرب الذين جاءوا لنصرة أبناء قنا بعد أن بلغهم خبر وصول الحملة الفرنسية لقنا، هذا اليوم أصبح عيدًا قومياً للمحافظة تحتفل به في الثالث من مارس من كل عام.

انتهت المعارك الست بتعجيل رحيل نابليون وجنوده عن مصر، بعد أن فقد على أرض قنا الجنرال "موراندى" أعظم قواده، كما تم تدمير 12 سفينة حربية محملة بالجنود، والعتاد بما فيها سفينة القيـادة "إيطاليا" وهى سفينة نابليون الخاصة، التي سماها بهذا الاسم تيمنًا بذكرى استيلائه على "إيطاليا"، وعندما علم نابليون أخبار الهزيمة الساحقة التي تلقتها قواته على أرض قنا وغرق سفينة القيادة "إيطاليا" خاصته بنيل قرية "البارود" بقفط، اعتبر ذلك نذير شؤم وتعجيل مبكر برحيله عن مصر.

وطالب أهالي البارود والمثقفين من أبناء محافظة قنا بانتشال السفن الفرنسية الغارقة، وتخصيص متحف لها يقام على جزيرة البارود لتحويل هذه المنطقة إلى مزار سياحي، أو عرضها بمتحف الآثار، وسيحمل متحف محتويات السفن الفرنسية الغارقة إلى جانب قيمته الأثرية، معنى نضالي لتاريخ شعب قنا الذي حطم أسطورة المستعمر، ليؤكد مقولة "مصر مقبرة الغزاة".

وتعتبر "بقطر" وهو الاسم الفرعوني لقرية البارود أقدم ميناء فرعوني على النيل، حيث كانت الملكة الفرعونية حتشبسوت تستخدم هذا الميناء في رحلاتها إلى بلاد "بونت" (الصومال) وكانت القوافل تأتى عبر السفن في النيل حتى ميناء البارود، ثم تحمل على ظهور الدواب، والخيل إلى ميناء القصير بالبحر الأحمر، لذلك قامت صناعة السفن وإصلاحها والتي كانت تشتهر بها مدينة قفط حتى وقت قريب في هذا الميناء.

المعارك الست ووحدة الأمة العربية

ست معارك طاحنة دارت رحاها على أرض قنا بين المقاومة الشعبية لأبناء قنا وجنود الاحتلال الفرنسي، أرخ لتلك المعارك ابن قنا ومدينة قفط التي شهدت تلك المعارك، المؤرخ الراحل والبرلماني المخضرم كمال الدين حسين عبد الرحيم، الشهير كمال أبو علي، ووثق لتلك المعارك مستعيناً بمخطوطات وصور من المكتبة المركزية بجامعة القاهرة، وتاريخ الجبرتي، والرافعي، وكتاب وصف مصر لعلماء الحملة الفرنسية.

رغم مساوئ الاستعمار وحملته المغرضة لإخضاع البلاد والسيطرة على ثروات المصريين، إلا أن المعارك الست التي شهدتها قنا، كشفت عن حقيقة معدن ووحدة الشعوب العربية منذ القدم، حيث جاء عرب الحجاز من السعودية، وتونس، والمغرب لنجدة أشقاءهم أبناء قنا، ومكافحة المستعمر الغاصب الذي جاء ليحتل وطنهم، ودحره حتى يعود من حيث أتى وسط استبسال ومقاومة أذهلت المستعمر، وقال فيهم الجنرال الفرنسي دينون: "أهالي قنا بمعاونة أشقاءهم العرب كانوا يخوضون النيران وكأنهم الشياطين خرجت من الجحيم".

المعركة الأولى: معركة سمهود بفرشوط 22 يناير 1799

علم الجنرال "ديزيه" من أحد جواسيسه باتساع دائرة المقاومة لحملة الفرنسية بزيادة قوات مراد بك، عندما قدم إليه الأهالي الثائرون، والعرب القادمون لنجدته من ينبع، وجدة، وتونس، والمغرب، وكذلك انضمام عثمان بك، وحسن بك الجداوي وهما من البكوات المماليك، وكان معروف عن المماليك الجبن وعدم الإقدام فكانوا يصدرون أهل قنا لمقاومة المستعمر، فأخذت هذه القوات بالتمركز بقرية فرشوط بقنا، والتقى قوات مراد بك بمعاونة عرب جدة وينبع بقوات الاحتلال الفرنسي في قرية سمهود التابعة لفرشوط، فى مطلع نهار 22 يناير 1799 ووقعت خسائر من الجانبين وانتهت المعركة بانسحاب مراد بك إلى فرشوط رغم استبسال أهالي قنا وعرب الحجاز في المقاومة.

المعركة الثانية: قنا 12 فبراير1799

قبل وصول "الجنرال" فريان إلى قنا، سبقه إليها طلائع جنوده بقيادة الجنرال "كونرو"، وما أن علم الأهالي باحتلال الفرنسيين للمدينة، حتى هجموا عليها قبل منتصف ليلة 13 فبراير 1799، ولكن الفرنسيين ردوا هجومهم على المدينة، وجرح القائد "كونرو" في هذه المعركة جرحاً خطيراً وتولى القيادة بعده الجنرال "دروسن" الذى لقى نفس مصير سابقه.

ثم وصل الجنرال "فريان" إلى قنا بعد انتهاء المعركة، فأقام المخافر حول المدينة والطرق المؤدية للنيل لمنع المصريين وحلفائهم من استئناف الهجوم.

المعركة الثالثة: قفط "البارود" 3 مارس 1799

قبل سفر الجنرال "ديزيه" من قوص في 2 مارس 1799، كان الأسطول الفرنسي قد سبقه لأسيوط، ووجد أهالي قنا الفرصة سانحة بعد أن بعدت الشقة بين الأسطول والجيش، وبالقرب من قرية البارود بقفط جنوبي قنا بنحو عشرين كيلو مترًا، وعلى الشاطئ الشرقي للنيل، هاجم الأهالي السفن الفرنسية، فردت عليهم سفينة القيادة "إيطاليا" النيران، وقتلت عددًا كبيراً من أبناء قنا، لكن الأهالي ومعهم العرب القادمون لنجدتهم تجمعوا وسبحوا في النيل، وتمكنوا من السيطرة على السفن الفرنسية، وأفرغوا شحنتها من الذخائر على شاطئ النيل، ثم قصدوا سفينة القيادة "إيطاليا" للاستيلاء عليها فضاعف القومندان "موراندي" إطلاق المدفعية عليهم، لكنهم استبسلوا واضطر موراندي للهروب بعد أن أثخنت الجراح جنوده، وجنحت سفينته فلحق بها أهالي البارود والعرب المنضمين إليهم، وصعدوا للسفينة وعندما تيقن "موراندي" بالخطر المحدق به وجنوده أشعل النيران في مستودع البارود وقفز ورجاله في النيل هاربين وقاصدين النجاة، بعد أن انفجر البارود وقتل المئات من المقاومة القنائية وعرب الحجاز، لحقت المقاومة بالجنرال "موراندي" وأثخنوه بالجراح حتى لفظ أنفاسه بنيل "البارود" بقفط ودمرت السفينة "إيطاليا" الخاصة بنابليون التي تركها مع أسطوله بالصعيد واتجه لحصار عكا لإخضاع سوريا، ولما بلغ ذلك نابليون بونابرت وهو يحاصر عكا، حزن حزنًا كبيرًا وقال في لهجة يسودها التشاؤم لسكرتيره: "يا عزيزى بوريين، إن فرنسا فقدت إيطاليا التي احتلتها، وإن شعوري لا يكذب".

حاول بوريين سكرتير نابليون الخاص تهدئة قائده نابليون بأنه لا علاقة بين فقد فرنسا لإيطاليا الدولة العظمى التي احتلتها وبين السفينة إيطاليا التي دمرتها المقاومة على ضفاف نيل قرية "البارود" بقنا بصعيد مصر، فرد نابليون على سكرتيره بقوله: "شعوري لا يكذب، وبالفعل تحقق شعور نابليون وفقدت فرنسا إيطاليا".

المعركة الرابعة: قفط 8 مارس 1799

رغم التحذير الذى وجهه شيخ البلد بقوص إلى الجنرال بليار بعد هزيمة الفرنسيين في موقعة البارود، إلا أن بليار واصل زحفه على مقربة من قفط، وفى 8 مارس 1799التقى الجمعان في سهل قفط، فكانت معركة حامية الوطيس، اشتبك فيها المقاتلون وجهًا لوجه، واستبسل فيها الأهالي والعرب المساندون لهم استبسالا شديدًا، حتى أُنهكوا واتجهوا لأبنود.

المعركة الخامسة: 8، 9، 10 مارس 1799

بعد معركة قفط، واصل الأهالي والعرب انسحابهم من سهل قفط وهم يستميتون في الدفاع عن أبنود تحصنوا فيها ونصبوا المدافع التي غنموها في معركة "البارود" وأنزلوا بالفرنسيين خسائر فادحة، واشتد القتال من شارع إلى شارع ومن بيت إلى بيت، ولما يئس الفرنسيون من بسالة الأهالي، أضرموا النيران في منازل أبنود كلها وأصبحت القرية شعلة من الجحيم.

وتحصن الأهالي بدار كانت مقرًا لكشاف المماليك وركز الفرنسيون توجيه مدافعهم على تلك الدار والمسجد المجاور لها، واستبسل أهالي قنا فيما لاذ المماليك بالفرار، وتركوا أهالي قنا في مواجهة الفرنسيين.

وكانت معركة أبنود من أشد معارك الحملة الفرنسية هولاً وأطولها مدة، استمرت أيام 8، 9، 10 مارس 1799، وكان حريق أبنود أفظع مأساة، وقعت في معارك الحملة الفرنسية.

المعركة السادسة: معركة بئر عنبر 2أبريل 1799

مكث الجنرال "ديزيه" في أسيوط عشرة أيام، ثم غادرها عائدًا إلى قنا، باعتبارها نهاية طريق القوافل القادمة من القصير على البحر الأحمر، والذي تأتى منه الإمدادات الواردة للمقاومة الشعبية بقنا من أهل الحجاز، كان ديزيه يستهدف قطع الطريق على المقاومة، حتى لا يصلوا إلى النيل بأحد الطريقين الموصلين إليه من وادى اللقيطة بقفط، وهما طريق "بئر عنبر" وطريق "حجازة" لذا احتل ديزيه قرية بئر عنبر بقفط وعهد إلى الجنرال بليار باحتلال قرية حجازة ليتمكن الفرنسيون من احتلال رأسي الجسر الموصلين إلى نهر النيل، فدارت معركة شديدة بين الجانبين بالقرب من قرية "بئر عنبر" وتعرض ديزيه للخطر وكاد يفقد حياته في هذه المعركة، لولا أن أنقذه الكولونيل دوبليسي ودفع حياته ليفدي قائده، كما شهدت معركة بئر عنبر مقتل عدد من الضباط الفرنسيين، وانتهت المعركة بتخلي المماليك كعادتهم عن المقاومة تاركين الأهالي يواجهون مصيرهم في مواجهة الفرنسيين.

الآثار الغارقة

أشار بعض الباحثين أن أسطول نابليون الغارق بنيل البارود بقنا، كان يحمل عشرات القطع الأثرية، التي استولى عليها قيادات الحملة ونهبوها من المتاحف المصرية، وما استخرجته البعثات الفرنسية من المناطق الأثرية، حيث كانت تُحمل تلك القطع الأثرية إلى فرنسا، مثلما تم نقل المسلة الفرعونية المرابضة بميدان الكونكورد بباريس، وسبقها ثلاث مسلات أخرى، واحدة تتوسط ساحة "الونتابلو" انتقلت مع نابليون أثناء الحملة الفرنسية مما يؤكد سلب الفرنسيون عشرات القطع الأثرية التي كان يحملها أسطولهم الغارق.

مزار سياحي بـ "البارود"

كل ما يحمل ذكرى انتصار أهالي قنا على الحملة الفرنسية في موقعة "البارود"، هو ذلك النصب التذكاري المشيد بمدخل قرية البارود منذ عدة سنوات، حيث يصطف المحافظ وقيادات المحافظة لوضع إكليل الزهور على رمز قبر الجندي المجهول، وسط حضور شعبي وجماهيري لمدة دقائق، ثم ينصرف الجميع، وكأن الاحتفال بذكرى انتصار شعب قنا على المستعمر ينحصر في هاتين الدقيقتين، حيث ينصرف الجميع كل إلى حال سبيله، ولم يفكر أحد من المحافظين المتناوبين على قنا في التنسيق مع هيئة الآثار لانتشال الآثار الغارقة بمياه النيل، وتشييد متحفاً يضم الآثار الغارقة، واستكمال الجدارية التي تحكى تاريخ المقاومة الشعبية لأهل قنا والتي دحرت الاستعمار وجعلته يعود من حيث أتى يجر أذيال الخزي والعار.

إحياء الميناء تاريخي

تضم قرية "البارود" والتي شهدت انتصار أبناء قنا على الحملة الفرنسية أقدم ميناء مصري، يرجع هذا الميناء إلى عهد الفراعنة عندما كان اسمها "بقطر" وكانت الملكة الفرعونية "حتشبسوت" تستخدم هذا الميناء في رحلاتها التي كانت تقوم بها إلى بلاد الصومال، وكانت القوافل تأتى عبر السفن في النيل حتى ميناء البارود، ثم تحمل على ظهور الدواب والخيل إلى ميناء القصير بالبحر الأحمر.

مقالات مشابهة

  • بتصميم أنيق وميزات استثنائية.. إليك أفضل سماعة لاسلكية في 2025
  • في ذكرى احتفالها بالعيد القومي.. قنا أحبطت مخطط الفرنسيين بتقسيم مصر والشرق الأوسط لدويلات صغيرة منذ 225 عامًا
  • شكّل قرية صغيرة.. عائلة رجل من تنزانيا تتجاوز 200 ولد وحفيد!
  • شكّل قرية صغيرة من عائلته فقط.. رجل تنزاني لديه 104 أبناء و144 حفيدا!
  • هنادي الكندري: تزوجت في سن صغيرة وأم لـ9 أبناء.. فيديو
  • دراسة تكشف تأثير الروائح العطرية على الحالة المزاجية والأداء
  • ستنعقد قريباً.. من سيضم وفد لبنان إلى قمة القاهرة؟
  • المسجد الحرام منظومة تشغيلية متكاملة لخدمة ملايين القاصدين
  • الليمون والزعتر هما الافضل.. كيف تؤثر الروائح على الحالة المزاجية للإنسان؟
  • برنامج الأغذية العالمي: وقف إطلاق النار في غزة لا يمكن التراجع عنه