هل تعاني الجامعات الرسمية أزمات مالية؟
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
الدكتور محمد الزبيدي
لقد حظي التعليم في الأردن باهتمام منقطع النظير على جميع المستويات من قبل القيادة الهاشمية الحكيمة، حيث تم إنشاء عدد من الجامعات الرسمية، التي امتازت بسمعتها الممتازة على مستوى العالم والوطن العربي، رغم حداثتها بالمقارنة ببعض الجامعات العربية. إن خريجي الجامعات الأردنية، يشهد لهم القاصي والداني بالكفاءة والقدرة العلمية والعملية، وهذا ما نفتخر به دائمًا.
إن الوضع المالي للجامعات الحكومية يحتاج إلى تحليل شامل للأسباب والحلول، حيث إن أساس التحديات المالية في الجامعات الحكومية يكمن في الرواتب للهيئات التدريسية والموظفين معًا. وفي ظل التحديات المالية التي تواجه الجامعات الحكومية، يتعين علينا التوقف لحظة للتأمل في الأسباب العميقة التي أدت إلى تفاقم هذه الأزمات. بينما تسجل الجامعات الخاصة أرباحها السنوية، تواصل الجامعات الحكومية مواجهتها للديون والضغوط المالية، مع ملاحظة مهمة أن الجامعات الحكومية ليس من غاياتها تحقيق الربح، لكن الوفر المالي لها يدعم نوعية التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وهذا ما يدفعنا نحو البحث عن العوامل المؤثرة في تلك الأزمات.
ومن هذه العوامل الرواتب الفلكية والامتيازات الممنوحة لأعضاء الهيئات التدريسية التي تثقل كاهل الجامعات، خاصة بعد تعديل قانون الجامعات الذي زاد من عمر تقاعد المدرسين في دولة عدد العاطلين فيها بتزايد مستمر. فهذه الأعباء المالية لا تؤثر فقط على قدرة الجامعات على تطوير بنيتها التحتية، بل تتسبب أيضًا في تأخير صرف الرواتب للمدرسين والموظفين على حد سواء، مما ينعكس سلبًا على أدائهم. وهذا التأثير يمتد ليشمل التصنيف العالمي للجامعات، حيث تعتمد المؤسسات الأكاديمية على سمعتها كعامل جذب للطلاب والباحثين.
لقد زاد النقاش حول أزمة مديونية الجامعات الحكومية على مدار العقدين الماضيين، حيث يشير البعض إلى نقص التمويل الحكومي، وانخفاض الرسوم الجامعية. علمًا بأن بعض الجامعات قامت برفع الرسوم في الفترة الماضية، لكن دون جدوى. رغم أهمية هذه النقاط، إلا أن الكثير من الجامعات الحكومية رسومها متقاربة أو أعلى من رسوم بعض الجامعات الخاصة التي تحقق ربحًا سنويًا، لذا فإن السبب الجذري للأزمة المالية قد يعود إلى القرارات الإدارية الخاطئة التي اتُخذت تحت ضغوط شعبوية، والتي قد لا تظهر آثارها الفورية، لكنها تؤدي إلى نتائج وخيمة على المدى الطويل.
إن الحلول لهذه الأزمات، وأنا جزء من الجسم الأكاديمي، تتطلب شجاعة في اتخاذ القرارات وإعادة تقييم السياسات المالية والإدارية. وأنه لمن الضروري أن تعيد الجامعات رسم استراتيجياتها المالية وهيكلة الرواتب الفلكية والمكافآت وبدل العمل الإضافي وبدل الموازي. وقد لوحظ مؤخرًا أن بعض المدرسين في الجامعات الخاصة ممن يحملون درجات أكاديمية عليا تقدموا للتعيين في الجامعات الحكومية متنازلين عن درجاتهم الأكاديمية مقابل تعيينهم مدرس أستاذ مساعد، للاستفادة من الرواتب الفلكية في تلك الجامعات. كما ينبغي أن تتوجه جهود الحكومة لدعم الجامعات الحكومية بطريقة تعزز من استقلاليتها المالية، مع التركيز على تشجيع الاستثمارات الجامعية وتحسين الإدارة المالية. كما يمكن أن تلعب الجامعات الخاصة دورًا في تطوير بيئة التعليم العالي من خلال التعاون مع الجامعات الحكومية، مما يسهم في تبادل الخبرات وتقديم برامج مشتركة تسهم في رفع مستوى التعليم وتحسين الجودة.
علينا جميعًا أن نتصارح ونقول الحقيقة، وهذا يتطلب تكاتف الجهود من جميع الأطراف المعنية. يجب أن يكون لدينا رؤية مشتركة تسعى إلى تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الاستثمار في التعليم كمحرك رئيسي للتنمية المستدامة. إن التعامل مع هذه القضايا بجدية وشفافية سيمكن الجامعات من الخروج من دائرة الأزمات المالية إلى آفاق جديدة من النجاح والتميز.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الجامعات الحکومیة الجامعات الخاصة
إقرأ أيضاً:
النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
الأثنين, 10 يونيو 2024 10:05 ص
متابعة/ المركز الخبري الوطني
قال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في العراق غازي شبيكات، إن الصندوق يدعم الإصلاحات العراقية التي تحقق استدامة مالية تبعد العراق عن أي أزمات تتعرض لها السوق النفطية والتي يعتمدها العراق في تغطية نفقاته السنوية، متوقعاً حصول نموّ في الاقتصاد العراقي خلال السنوات المقبلة.
*ماذا يتوقع الصندوق لمستقبل الاقتصاد العراقي؟
– الصندوق يتوقع حصول نمو في الاقتصاد الكلي العراقي، بالتزامن مع الإصلاحات التي تتبناها الحكومة بهدف خلق معالجات واقعية لمجمل المشكلات الاقتصادية، ولمسنا جدية من الحكومة العراقية في مجال تحقيق إصلاحات اقتصادية توطد العلاقة مع الصندوق وهذا يشجع على ترصين التعاون بالشكل الذي يخدم الاقتصاد العراقي الذي يعاني مشكلات مزمنة.
*كيف يدعم الصندوق الاقتصاد العراقي وما وجه الدعم؟
إنَّ صندوق النقد الدولي يدعم الإصلاحات العراقية التي تحقق استدامة مالية تبعد العراق عن أي أزمات تتعرض لها السوق النفطية والتي يعتمدها العراق في تغطية نفقاته السنوية، لاسيما أنَّ بلداً مثل العراق يحتاج إلى إيرادات كبيرة لتغطية حاجة جميع القطاعات، وهذا يحتاج إلى خلق استدامة مالية حقيقية من خلال إحياء القطاعات الإنتاجية والخدمية وجعل دورة رأس المال في إطار محلي.
*بماذا تنصحون بشأن تخفيف معدلات البطالة؟
العراق يجب أن يركز على سوق العمل وأن تُخلق مزايا في القطاع الخاص توازي ما يحصل عليه في القطاع العام، ليتم التوجه إلى التوظيف في القطاع الخاص الذي يجب أن ينشّط بحدود تتناسب وقدرات العراق الاقتصادية.
*ماذا تحتاج سوق العمل العراقية؟
- لابد من العمل على تدريب وتأهيل الموارد البشرية في جميع الاختصاصات في ظل وجود ثروة بشرية يمكن أن توظف بالشكل الذي يخدم العراق، مع ضرورة خلق أيدي عمل ماهرة في جميع القطاعات وبالشكل الذي يتناسب مع السياسة الحكومية الإصلاحية.
*برأيكم أين مكامن القوة في الاقتصاد؟
– إنَّ القطاع الخاص يمثل قوة اقتصادية يمكنها أن تقهر التحديات وتنهض بالاقتصاد الوطني بشكل تدريجي فهو يعالج كثيراً من المشكلات، لا سيما أنَّ العراق يمكنه تحقيق تعدد في الإيرادات من القطاعات ومنها يتميز بتحقيق إيرادات مستدامة.
*ماذا عن القطاع المالي؟
إنَّ التنافسية في قطاع المال يمكنها أن تخلق قطاعاً مالياً رصيناً ذا خدمات متطورة وبمسارات أموال آمنة وشفافة داعمة للاقتصاد ومراحل النهوض التي ينشدها ويعمل على بلوغها ويصل إلى أهم الأهداف المتمثلة بالاستدامة المالية.