عاجل:- "مفاوضات تحت النار".. إسرائيل ترفض التهدئة مع حزب الله إلا بشروط صارمة
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصعيد جديد للتوترات على الحدود بين إسرائيل ولبنان، أن المفاوضات مع حزب الله لن تتم إلا في ظل "النيران المستعرة".
تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط موجة عنف واسعة، لا سيما في قطاع غزة ولبنان، حيث تلعب القوى الدولية دورًا متزايدًا في محاولة تهدئة الأوضاع.
في مشاورات أمنية مع أعضاء حكومته، أشار نتنياهو إلى أن إسرائيل "تواصل ضرب حزب الله بكل قوتها".
وقد نُقلت هذه التصريحات عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، حيث أوضح نتنياهو أن حكومته لا ترى أي جدوى من التفاوض في الوقت الحالي ما لم يكن حزب الله تحت الضغط العسكري المباشر.
يأتي هذا الموقف الإسرائيلي في ظل زيادة وتيرة الهجمات المتبادلة بين الجانبين على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، مما يرفع من احتمالية حدوث تصعيد إقليمي أوسع إذا لم يتم التوصل إلى تهدئة.
بيان دولي مشترك لوقف إطلاق الناروفي خطوة موازية لمحاولات التصعيد الإسرائيلي، صدر بيان مشترك من البيت الأبيض يؤيده عدد من الدول الأوروبية والعربية، أبرزها فرنسا، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يومًا على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وقد عبر البيان عن قلقه من التصعيد العسكري المستمر منذ الثامن من أكتوبر 2023، ووصف الوضع بأنه "غير محتمل ويشكل خطرًا على استقرار المنطقة".
البيان، الذي حظي بدعم قوى دولية متعددة، أشار إلى ضرورة منح فرصة للدبلوماسية والعمل على إيجاد حل سياسي يضع حدًا للتوترات. كما عبر عن دعم وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو محور آخر للتصعيد الإسرائيلي المتزامن مع جبهة لبنان.
مأساة لبنان والتدخل الدوليالوضع الحالي في لبنان لا يمكن فصله عن الأزمة الإنسانية والسياسية التي يعيشها منذ سنوات، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والانفجار الكبير في ميناء بيروت عام 2020.
وفي هذا السياق، علق وزير الخارجية اللبناني بأن المأساة التي يعيشها لبنان اليوم ترجع إلى "عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف حاسم من إسرائيل"، معتبرًا أن مجلس الأمن فشل في إيقاف الحرب الدائرة في غزة وتأثيراتها على لبنان.
التحركات الدبلوماسية التي تقودها القوى الدولية، بما في ذلك الاقتراح الفرنسي-الأمريكي، تشير إلى رغبة متزايدة في تهدئة الأوضاع ولو بشكل مؤقت، ما يعكس القلق المتزايد من أن يتسع نطاق النزاع ليشمل المزيد من الدول في المنطقة.
دور مجلس الأمن والأمم المتحدةفي ضوء استمرار العمليات العسكرية، دعا مندوب الصين لدى مجلس الأمن الدولي إسرائيل إلى "الامتناع عن انتهاك سيادة لبنان" ووقف الحرب على غزة.
وشددت الصين على أهمية التزام جميع الأطراف بالقرارات الدولية والعمل على تخفيف معاناة المدنيين في مناطق الصراع.
يأتي هذا التصريح في إطار الجهود الدولية المتزايدة لوقف التصعيد، حيث يعمل مجلس الأمن بالتعاون مع أطراف دولية أخرى على إيجاد حل وسط يسمح بتهدئة مؤقتة تمكن الأطراف من العودة إلى طاولة المفاوضات.
السيناريوهات المحتملة: تهدئة أم تصعيد؟بينما تدعو العديد من القوى الدولية إلى تهدئة فورية وإفساح المجال أمام الحلول الدبلوماسية، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية ليست مستعدة لتقديم أي تنازلات في الوقت الحالي، خاصة على جبهة حزب الله في لبنان.
وقد تكون الأسابيع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا النزاع سيستمر في التصعيد أو إذا كانت الجهود الدولية ستنجح في تحقيق تهدئة مؤقتة.
من جهة أخرى، يعتمد مدى نجاح الجهود الدبلوماسية على التزام كافة الأطراف بالتهدئة والعمل على التفاوض بعيدًا عن القوة العسكرية.
إلا أن تصريحات نتنياهو تشي بأن إسرائيل ترى في الضغط العسكري وسيلة لتحسين موقفها التفاوضي، مما يضعف فرص نجاح التهدئة المقترحة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: عاجل مفاوضات تحت النار النار مفاوضات حزب الله اسرائيل الاحتلال لبنان بنيامين نتنياهو وقف اطلاق النار التصعيد العسكري الحدود الاسرائيلية اللبنانية مجلس الأمن الحلول الدبلوماسية التهدئة مجلس الأمن حزب الله
إقرأ أيضاً:
مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات الدولية لاستئناف الهدنة في قطاع غزة، تبدو الفجوة بين طروحات الاحتلال الإسرائيلي ومطالب المقاومة الفلسطينية أوسع من أي وقت مضى، فالمقترح الإسرائيلي الأخير، الذي رُوّج له إعلاميًا باعتباره خطوة نحو التهدئة، لا يحمل في طياته سوى شروط تعكس أهدافًا استراتيجية تسعى لتفكيك قوة حماس وسحب أوراقها التفاوضية، في مقابل تقديم تنازلات شكلية لا تلبّي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.
هدنة مؤقتة لا تلبي الشروط الأساسية
الموقف الفلسطيني الرافض لمقترح الاحتلال لم يكن وليد رغبة في التصعيد، بل جاء كرد طبيعي على بنود تحمل نوايا خفية أكثر من كونها مبادرات سياسية، فحسب مصدر بارز في المقاومة، فإن جوهر الطرح الإسرائيلي لا يستجيب للمطالب الجوهرية المعلنة، وعلى رأسها وقف شامل ودائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من القطاع، وبدلًا من ذلك، يقترح الاحتلال “هدنة مؤقتة” مدتها 45 يومًا، يُسمح خلالها بمرور المساعدات الإنسانية عبر المعابر، ولكن بشروط يحددها الجانب الإسرائيلي، ما يُبقي قبضة الحصار مفروضة ولو بصيغة جديدة.
الهدف غير المعلن: نزع أوراق القوة من يد حماس
القراءة التحليلية لبنود المقترح تشير إلى أنه لا يُراد له أن يكون اتفاقًا لإنهاء الحرب، بل أداةً لفرض وقائع سياسية جديدة، فتركيز المقترح على استعادة تسعة أسرى إسرائيليين، بينهم جندي يحمل الجنسية الأمريكية، يعكس رغبة الاحتلال في استعادة “ورقة الأسرى” كأولوية تفوق أي اعتبار إنساني يتعلق بأهالي غزة، بل إن المصدر ذاته يؤكد أن الطرح يهدف إلى سحب هذه الورقة تدريجيًا من يد حماس، باعتبارها أحد أهم عناصر الضغط التي تملكها الحركة.
ويُضاف إلى ذلك، تضمّن المقترح بندًا ينص على إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي في غزة على نحو ما كان عليه قبل الثاني من مارس، وهي صيغة تعني استمرار الاحتلال الفعلي، سواء عبر التمركز العسكري المباشر أو السيطرة على المجالين الجوي والبحري، بما يفرغ أي حديث عن “التهدئة” من مضمونه الحقيقي.
استراتيجية “التهدئة المشروطة”.. إعادة إنتاج الحصار
من الناحية السياسية، يبدو أن “إسرائيل” تسعى لإعادة صياغة مفهوم الحصار عبر أدوات جديدة، فبدلًا من الحصار العسكري الصريح، يُطرح الآن “فتح مشروط للمعابر” لفترة مؤقتة، بما يُبقي مصير غزة بيد الاحتلال، وهذه الاستراتيجية تُعيد إلى الأذهان سيناريوهات التهدئة السابقة التي فشلت لأنها لم ترتكز على ضمانات دولية ملزمة، ولم تُحقق أي تغيير جوهري في حياة الفلسطينيين، بل إن هذا النوع من التهدئة المشروطة يُستخدم عادة لكسب الوقت، وإعادة التموضع، وتفكيك المقاومة من الداخل عبر خلق حالة إنهاك وإرباك سياسي وأمني.
إعادة التمركز لا تعني الانسحاب
البند المتعلق بـ”التمركز العسكري قبل الثاني من مارس” لا يمثل سوى عودة إلى مرحلة تصعيدية سابقة، فهذا التاريخ يُمثل ذروة العمليات البرية التي شنّها جيش الاحتلال داخل القطاع، وبالتالي فإن العودة إلى تلك الوضعية تُعدّ بمثابة تثبيت لواقع الاحتلال وليس العكس، كما أن المقترح لا يشير إلى أي نية للانسحاب الكامل من غزة، وهو مطلب جوهري لدى المقاومة، ما يُفقد المقترح أي جدية في تحقيق تهدئة حقيقية.
الرهان على الزمن.. تكتيك إسرائيلي مألوف
ما تقوم به “إسرائيل” ليس جديدًا؛ فالرهان على عامل الزمن، عبر مقترحات مؤقتة، هو جزء من تكتيكها المعروف لإدارة الصراع وليس حله، وقد استخدمت هذه الاستراتيجية في جولات سابقة من المواجهة، حيث تسعى لتجميد الوضع الميداني لفترة محددة، تسمح لها بإعادة ترتيب أوراقها العسكرية والسياسية، دون أن تُقدّم أي التزامات حقيقية للفلسطينيين، وفي هذا السياق، فإن ما يُطرح اليوم لا يختلف في جوهره عن مبادرات سابقة فشلت لأنها لم تكن سوى محاولات لفرض الاستسلام بغطاء دبلوماسي.
حماس بين الضغط والتريث
المعطى الجديد في المشهد هو موقف حماس، التي لم تُعلن رفضها الرسمي للمقترح لكنها لم تُقدّم ردًا نهائيًا أيضًا، ما يدل على أن الحركة تدير الموقف بتأنٍ شديد، في ظل توازن معقد بين الضغوط العسكرية والسياسية والإنسانية، فالحركة تدرك أن أي خطوة نحو قبول مقترح هشّ قد يُفقدها دعمًا شعبيًا واسعًا، وخاصة في ظل تصاعد الغضب الفلسطيني والعربي نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته، فإن التريث يسمح لحماس بقراءة المشهد الإقليمي والدولي، وخاصةً في ظل تنامي الأصوات المطالبة بوقف فوري للحرب، وارتفاع منسوب الإدانة للجرائم الإسرائيلية.
غياب الضمانات الدولية.. مأزق أي اتفاق محتمل
ما يفاقم هشاشة المقترح الإسرائيلي هو غياب أي آلية دولية تضمن تنفيذ بنوده. فحتى في حال قبول حماس بوقف مؤقت لإطلاق النار، فإن التجربة السابقة تُظهر أن الاحتلال لا يلتزم بأي تفاهمات ما لم تُقيدها قوة دولية قادرة على المحاسبة، وفي ظل تواطؤ بعض القوى الكبرى مع الرؤية الإسرائيلية، وتراجع فعالية المؤسسات الدولية، تبدو أي ضمانات مجرد وعود شفوية لا تلبث أن تنهار تحت ضغط التغيرات الميدانية.
الخشية من فخ النزع التدريجي للسلاح
أخطر ما في الطرح الإسرائيلي هو ما بين السطور.. فتح الطريق أمام مرحلة جديدة من الضغط السياسي والعسكري لنزع سلاح المقاومة، دون خوض معركة مباشرة، فالمقترح يُمهّد لحالة من التفكيك التدريجي لقدرات حماس، عبر إدخالها في مسارات تفاوض طويلة، تُستنزف خلالها سياسيًا وعسكريًا، ويُعاد فيها تشكيل البيئة الأمنية في غزة وفقًا للرؤية الإسرائيلية، وهذا ما يُفسر إصرار المقاومة على التمسك بشروطها الأساسية، ورفضها لأي صيغة تُعيد إنتاج الاحتلال أو تُفرّغ انتصاراتها الميدانية من مضمونها.
في النهاية، في ضوء ما تقدّمه “إسرائيل” من مقترحات ظاهرها التهدئة وباطنها الهيمنة، تبرز معادلة جديدة تُختبر فيها صلابة الموقف الفلسطيني وقدرته على الصمود السياسي بعد الصمود الميداني، فالعرض الإسرائيلي الأخير ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة من المحاولات التي يسعى من خلالها الاحتلال لتفكيك بنية المقاومة، ليس عبر الحرب المفتوحة فقط، بل من خلال ما يُروّج له كمساعٍ دبلوماسية وإنسانية.
تركيز الاحتلال على استعادة الأسرى، وإصراره على فتح المعابر بشروطه، وتحديده لفترة تهدئة مؤقتة، ثم الإبقاء على وجوده العسكري بطريقة أو بأخرى، كلها مؤشرات على أن المقترح يفتقر لأي نية حقيقية لإنهاء العدوان، بل يُراد له أن يكون وسيلة ضغط مركبة: استنزاف سياسي لحماس، وإنهاك مجتمعي لسكان غزة، وتلميع لصورة “إسرائيل” دوليًا على أنها تسعى لـ”السلام”، لكن ما يغفله الاحتلال أن المقاومة الفلسطينية، وبعد سنوات من المواجهة والخبرة، لم تعد أسيرة الأوهام الدبلوماسية، فقراءة الحركة للمقترح تعكس نضجًا في فهم أبعاد الصراع، وتؤكد أن الميدان ليس وحده من يحسم المعركة، بل الوعي بطبيعة الخصم وأدواته السياسية.